بيان
يلوح من سياق آيات السورة و خاصة ما في صدرها من الآيات أن بعضا ممن آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة قبل الهجرة رجع عنه خوفا من فتنة كانت تهدده من قبل المشركين فإن المشركين كانوا يدعونهم إلى العود إلى ملتهم و يضمنون لهم أن يحملوا خطاياهم إن اتبعوا سبيلهم فإن أبوا فتنوهم و عذبوهم ليعيدوهم إلى ملتهم.
يشير إلى ذلك قوله تعالى: «و قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم» الآية، و قوله: «و من الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله» الآية.
و كان في هؤلاء الراجعين عن إيمانهم من كان رجوعه بمجاهدة من والديه على أن يرجع و إلحاح منهما عليه في الارتداد كبعض أبناء المشركين على ما يستشم من قوله تعالى: «و وصينا الإنسان بوالديه حسنا و إن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما» الآية، و قد نزلت السورة في شأن هؤلاء.
فغرض السورة على ما يستفاد من بدئها و ختامها و السياق الجاري فيها أن الذي يريده الله سبحانه من الإيمان ليس هو مجرد قولهم: آمنا بالله بل هو حقيقة الإيمان التي لا تحركها عواصف الفتن و لا تغيرها غير الزمن و هي إنما تتثبت و تستقر بتوارد الفتن و تراكم المحن، فالناس غير متروكين بمجرد أن يقولوا: آمنا بالله دون أن يفتنوا و يمتحنوا فيظهر ما في نفوسهم من حقيقة الإيمان أو وصمة الكفر فليعلمن الله الذين صدقوا و يعلم الكاذبين.
فالفتنة و المحنة سنة إلهية لا معدل عنها تجري في الناس الحاضرين كما جرت في الأمم الماضين كقوم نوح و عاد ثمود و قوم إبراهيم و لوط و شعيب و موسى فاستقام منهم من استقام و هلك منهم من هلك و ما ظلمهم الله و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.
فعلى من يقول: آمنت بالله أن يصبر على إيمانه و يعبد الله وحده فإن تعذر عليه القيام بوظائف الدين فليهاجر إلى أرض يستطيع فيها ذلك فأرض الله واسعة و لا يخف عسر المعاش فإن الرزق على الله و كأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها و إياه.
و أما المشركون الذين يفتنون المؤمنين من غير جرم أجرموه إلا أن يقولوا ربنا الله فلا يحسبوا أنهم يعجزون الله و يسبقونه فأما فتنتهم للمؤمنين و إيذاؤهم و تعذيبهم فإنما هي فتنة لهم و للمؤمنين غير خارجة عن علم الله و تقديره، فهي فتنة و هي محفوظة عليهم إن شاء أخذهم بوبالها في الدنيا و إن شاء أخرهم إلى يوم يرجعون فيه إليه و ما لهم من محيص.
و أما ما لفقوه من الحجة و ركنوا إليه من باطل القول فهو داحض مردود إليهم و الحجة قائمة تامة عليهم.
فهذا محصل غرض السورة و مقتضى ذلك كون السورة كلها مكية، و قول القائل: إنها مدنية كلها أو معظمها أو بعضها - و سيجيء في البحث الروائي التالي - غير سديد، فمضامين آيات السورة لا تلائم إلا زمن العسرة و الشدة قبل الهجرة.
قوله تعالى: «الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون» الحسبان هو الظن، و جملة «أن يتركوا» قائمة مقام مفعوليه، و قوله: «أن يقولوا» بتقدير باء السببية، و الفتنة الامتحان و ربما تطلق على المصيبة و العذاب، و الأوفق للسياق هو المعنى الأول، و الاستفهام للإنكار.
و المعنى: أ ظن الناس أن يتركوا فلا يتعرض لحالهم و لا يمتحنوا بما يظهر به صدقهم أو كذبهم في دعوى الإيمان بمجرد قولهم: آمنا؟ و قيل: المعنى: أ ظن الناس أن يتركوا فلا يبتلوا ببلية و لا تصيبهم مصيبة لقولهم: آمنا بأن تكون لهم على الله كرامة بسبب الإيمان يسلموا بها من كل مكروه يصيب الإنسان مدى حياته؟ و لا يخلو من بعد بالنظر إلى سياق الآيات.
قوله تعالى: «و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين» اللامان للقسم، و قوله: «و لقد فتنا الذين من قبلهم» حال من الناس في قوله: «أ حسب الناس» أو من ضمير الجمع في قوله «لا يفتنون» و على الأول فالإنكار و التوبيخ متوجه إلى ظنهم أنهم لا يفتنون مع جريان السنة الإلهية على الفتنة و الامتحان و على الثاني إلى ظنهم الاختلاف في فعله تعالى حيث يفتن قوما و لا يفتن آخرين، و لعل الوجه الأول أوفق للسياق.
فالظاهر أن المراد بقوله: «و لقد فتنا الذين من قبلهم» أن الفتنة و الامتحان سنة جارية لنا و قد جرت في الذين من قبلهم و هي جارية فيهم و لن تجد لسنة الله تبديلا.
و قوله: «فليعلمن الله الذين صدقوا» إلخ تعليل لما قبله، و المراد بعلمه تعالى بالذين صدقوا بالكاذبين ظهور آثار صدقهم و كذبهم في مقام العمل بسبب الفتنة و الامتحان الملازم لثبوت الإيمان في قلوبهم حقيقة و عدم ثبوته فيها حقيقة فإن السعادة التي تترتب على الإيمان المدعو إليه و كذا الثواب إنما تترتب على حقيقة الإيمان الذي له آثار ظاهرة من الصبر عند المكاره و الصبر على طاعة الله و الصبر عن معصية الله لا على دعوى الإيمان المجردة.
و يمكن أن يكون المراد بالعلم علمه تعالى الفعلي الذي هو نفس الأمر الخارجي فإن الأمور الخارجية بنفسها من مراتب علمه تعالى، و أما علمه تعالى الذاتي فلا يتوقف على الامتحان البتة.
و المعنى: أ حسبوا أن يتركوا و لا يفتنوا بمجرد دعوى الإيمان و إظهاره و الحال أن الفتنة سنتنا و قد جرت في الذين من قبلهم فمن الواجب أن يتميز الصادقون من الكاذبين بظهور آثار صدق هؤلاء و آثار كذب أولئك الملازم لاستقرار الإيمان في قلوب هؤلاء و زوال صورته الكاذبة عن قلوب أولئك.
و الالتفات في قوله: «فليعلمن الله» إلى اسم الجلالة قيل: للتهويل و تربية المهابة و الظاهر أنه في أمثال المقام لإفادة نوع من التعليل و ذلك أن الدعوة إلى الإيمان و الهداية إليه و الثواب عليه لما كانت راجعة إلى المسمى بالله الذي منه يبدأ كل شيء و به يقوم كل شيء و إليه ينتهي كل شيء بحقيقته فمن الواجب أن يتميز عنده حقيقة الإيمان من دعواه الخالية و يخرج عن حال الإبهام إلى حال الصراحة و لذلك عدل عن مثل قولنا: فلنعلمن إلى قوله: «فليعلمن الله».
قوله تعالى: «أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون» أم منقطعة، و المراد بقوله: «الذين يعملون السيئات» المشركون الذين كانوا يفتنون المؤمنين و يصدونهم عن سبيل الله كما أن المراد بالناس في قوله: «أ حسب الناس» هم الذين قالوا: آمنا و هم في معرض الرجوع عن الإيمان خوفا من الفتنة و التعذيب.
و المراد بقوله: «أن يسبقونا» الغلبة و التعجيز بسبب فتنة المؤمنين و صدهم عن سبيل الله - على ما يعطيه السياق.
و قوله: «ساء ما يحكمون» تخطئة لظنهم أنهم يسبقون الله بما يمكرون من فتنة و صد فإن ذلك بعينه فتنة من الله لهم أنفسهم و صد لهم عن سبيل السعادة و لا يحيق المكر السيىء إلا بأهله.
و قيل: مفاد الآية توبيخ العصاة من المؤمنين و هم المراد بقوله: «الذين يعملون السيئات» و المراد بالسيئات المعاصي التي يقترفونها غير الشرك، و أنت خبير بأن السياق لا يساعد عليه.
و قيل: المراد بعمل السيئات أعم من الشرك و اقتراف سائر المعاصي فالآية عامة لا موجب لتخصيصها بخصوص الشرك أو بخصوص سائر المعاصي دون الشرك.
و فيه أن اعتبار الآية من حيث وقوعها في سياق خاص من السياقات أمر و اعتبارها مستقلة في نفسها أمر آخر و الذي يقتضيه الاعتبار الأول و هو العمدة بالنظر إلى غرض السورة هو ما قدمناه من المعنى، و أما الاعتبار الثاني: فمقتضاه العموم و لا ضير فيه على ذلك التقدير.
قوله تعالى: «من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت و هو السميع العليم» إلى تمام ثلاث آيات.
لما وبخ سبحانه الناس على استهانتهم بأمر الإيمان و رجوعهم عنه بأي فتنة و إيذاء من المشركين و وبخ المشركين على فتنتهم و إيذائهم المؤمنين و صدهم عن سبيل الله إرادة لإطفاء نور الله و تعجيزا له فيما شاء و خطأ الفريقين فيما ظنوا.
رجع إلى بيان الحق الذي لا معدل عنه و الواجب الذي لا مخلص منه، فبين في هذه الآيات الثلاث أن من يؤمن بالله لتوقع الرجوع إليه و لقائه فليعلم أنه آت لا محالة و أن الله سميع لأقواله عليم بأحواله و أعماله فليأخذ حذره و ليؤمن حق الإيمان الذي لا يصرفه عنه فتنة و لا إيذاء و ليجاهد في الله حق جهاده، و ليعلم أن الذي ينتفع بجهاده هو نفسه و لا حاجة لله سبحانه إلى إيمانه و لا إلى غيره من العالمين و ليعلم أنه إن آمن و عمل صالحا فإن الله سيكفر عنه سيئاته و يجزيه بأحسن أعماله، و العلمان الأخيران يؤكدان العلم الأول و يستوجبان لزومه الإيمان و صبره على الفتن و المحن في جنب الله.
فقوله: «من كان يرجوا لقاء الله» رجوع إلى بيان حال من يقول: آمنت فإنه إنما يؤمن لو صدق بعض الصدق لتوقعه الرجوع إلى الله سبحانه يوم القيامة إذ لو لا المعاد لغا الدين من أصله، فالمراد بقوله: «من كان يرجوا لقاء الله» من كان يؤمن بالله أو من كان يقول: آمنت بالله، فالجملة من قبيل وضع السبب موضع المسبب.
و المراد بلقاء الله وقوف العبد موقفا لا حجاب بينه و بين ربه كما هو الشأن يوم القيامة الذي هو ظرف ظهور الحقائق، قال تعالى: «و يعلمون أن الله هو الحق المبين».
و قيل: المراد بلقاء الله هو البعث، و قيل: الوصول إلى العاقبة من لقاء ملك الموت و الحساب و الجزاء، و قيل: المراد ملاقاة جزاء الله من ثواب أو عقاب و قيل: ملاقاة حكمه يوم القيامة، و الرجاء على بعض هذه الوجوه بمعنى الخوف.
و هذه وجوه مجازية بعيدة لا موجب لها إلا أن يكون من التفسير بلازم المعنى.
و قوله: «فإن أجل الله لآت» الأجل هو الغاية التي ينتهي إليها زمان الدين و نحوه و قد يطلق على مجموع ذلك الزمان و الغالب في استعماله هو المعنى الأول.
و «أجل الله» هو الغاية التي عينها الله تعالى للقائه، و هو آت لا ريب فيه و قد أكد القول تأكيدا بالغا، و لازم تحتم إتيان هذا الأجل و هو يوم القيامة أن لا يسامح في أمره و لا يستهان بأمر الإيمان بالله حق الإيمان و الصبر عليه عند الفتن و المحن من غير رجوع و ارتداد، و قد زاد في تأكيد القول بتذييله بقوله: «و هو السميع العليم» إذ هو تعالى لما كان سميعا لأقوالهم عليما بأحوالهم فلا ينبغي أن يقول القائل: آمنت بالله إلا عن ظهر القلب و مع الصبر على كل فتنة و محنة.
و من هنا يظهر أن ذيل الآية: «فإن أجل الله لآت» إلخ، من قبيل وضع السبب موضع المسبب كما كان صدرها: «من كان يرجوا لقاء الله» أيضا كذلك، و الأصل من قال: آمنت بالله.
فليقله مستقيما صابرا عليه مجاهدا في ربه.
و قوله: «و من جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين» المجاهدة و الجهاد مبالغة من الجهد بمعنى بذل الطاقة، و فيه تنبيه لهم أن مجاهدتهم في الله بلزوم الإيمان و الصبر على المكاره دونه ليست مما يعود نفعه إلى الله سبحانه حتى لا يهمهم و يلغو بالنسبة إليهم أنفسهم بل إنما يعود نفعه إليهم أنفسهم لغناه تعالى عن العالمين فعليهم أن يلزموا الإيمان و يصبروا على المكاره دونه.
فقوله: «و من جاهد فإنما يجاهد لنفسه» تأكيد لحجة الآية السابقة، و قوله: «إن الله لغني عن العالمين» تعليل لما قبله.
و الالتفات من سياق التكلم بالغير إلى اسم الجلالة في الآيتين نظير ما مر من الالتفات في قوله: «فليعلمن الله الذين صدقوا» الآية.
و قوله: «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم و لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون» بيان لعاقبة إيمانهم حق الإيمان المقارن للجهاد و يتبين به أن نفع إيمانهم يعود إليهم لا إلى الله سبحانه و أنه عطية من الله و فضل.
و على هذا فالآية لا تخلو من دلالة ما على أن الجهاد في الله هو الإيمان و العمل الصالح فإنها في معنى تبديل قوله في الآية السابقة: «و من جاهد» من قوله في هذه الآية: «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات».
و تكفير السيئات هو العفو عنها و الأصل في معنى الكفر هو الستر، و قيل: تكفير السيئات هو تبديل كفرهم السابق إيمانا و معاصيهم السابقة طاعات، و ليس بذاك.
و جزاؤهم بأحسن الذي كانوا يعملون هو رفع درجتهم إلى ما يناسب أحسن أعمالهم أو عدم المناقشة في أعمالهم عند الحساب إذا كانت فيها جهات رداءة و خسة فيعاملون في كل واحد من أعمالهم معاملة من أتى بأحسن عمل من نوعه فتحتسب صلاتهم أحسن الصلاة و إن اشتملت على بعض جهات الرداءة و هكذا.
قوله تعالى: «و وصينا الإنسان بوالديه حسنا و إن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما» إلخ، التوصية العهد و هو هاهنا الأمر، و قوله: «حسنا» مصدر في معنى الوصف قائم مقام مفعول مطلق محذوف و التقدير: و وصينا الإنسان بوالديه توصية حسنة أو ذات حسن أي أمرناه أن يحسن إليهما و هذا مثل قوله: «و قولوا للناس حسنا» أي قولا حسنا أو ذا حسن، و يمكن أن يكون وضع المصدر موضع الوصف للمبالغة نحو زيد عدل، و ربما وجه بتوجيهات أخر.
و قوله: «و إن جاهداك لتشرك بي» إلخ، تتميم للتوصية بخطاب شفاهي للإنسان بنهيه عن إطاعة والديه إن دعواه إلى الشرك و الوجه في ذلك أن التوصية في معنى الأمر فكأنه قيل: و قلنا للإنسان أحسن إلى والديك و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما.
و لم يقل: و أن لا يطيعهما إن جاهداه على أن يشرك إلخ، لما في الخطاب من الصراحة و ارتفاع الإبهام و لذلك قال أيضا: «لتشرك بي» بضمير المتكلم وحده فافهمه و يئول معنى الجملة إلى أنا نهيناه عن الشرك طاعة لهما و رفعنا عنه كل إبهام.
و في قوله: «ما ليس لك به علم» إشارة إلى علة النهي عن الطاعة فإن دعوتهما إلى الشرك بعبادة إله من دون الله دعوة إلى الجهل و عبادة ما ليس له به علم افتراء على الله و قد نهى الله عن اتباع غير العلم قال: «و لا تقف ما ليس لك به علم»: إسراء: 38، و بهذه المناسبة ذيلها بقوله: «إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون» أي سأعلمكم ما معنى أعمالكم و منها عبادتكم الأصنام و شرككم بالله سبحانه.
و معنى الآية: و عهدنا إلى الإنسان في والديه عهدا حسنا - و أمرناه أن أحسن إلى والديك - و إن بذلا جهدهما أن تشرك بي فلا تطعهما لأنه اتباع ما ليس لك به علم.
و في الآية - كما تقدمت الإشارة إليه - توبيخ تعريضي لبعض من كان قد آمن ثم رجع عن إيمانه بمجاهدة من والديه.
قوله تعالى: «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين» معنى الآية ظاهر، و في وقوعها بعد الآية السابقة و في سياقها، دلالة على وعد جميل منه تعالى و تطييب نفس لمن ابتلي من المؤمنين بوالدين مشركين يجاهدانه على الشرك فعصاهما و فارقهما، يقول سبحانه: إن جاهداه على الشرك فعصاهما و هجرهما ففاتاه لم يكن بذلك بأس فإنا سنرزقه خيرا منهما و ندخله بإيمانه و عمله الصالح في الصالحين و هم العباد المنعمون في الجنة، قال تعالى: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي»: الفجر: 30.
و أما إرادة المجتمع الصالح في الدنيا فبعيد من السياق.
قوله تعالى: «و من الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله» إلى آخر الآية، لما كان إيمان هؤلاء مقيدا بالعافية و السلامة مغيى بالإيذاء و الابتلاء لم يعده إيمانا بقول مطلق و لم يقل: و من الناس من يؤمن بالله بل قال: «و من الناس من يقول آمنا بالله» فالآية بوجه نظيرة قوله: «و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه»: الحج: 11.
و قوله: «فإذا أوذي في الله» أي أوذي لأجل الإيمان بالله بناء على أن في للسببية كما قيل و فيه عناية كلامية لطيفة بجعله تعالى - أي جعل الإيمان بالله - ظرفا للإيذاء و لمن يقع عليه الإيذاء ليفيد أن الإيذاء منتسب إليه تعالى انتساب المظروف إلى ظرفه و ينطبق على معنى السببية و الغرضية و نظيره قوله: «يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله»: الزمر: 56، و قوله: «و الذين جاهدوا فينا»: العنكبوت: 69.
و قيل: معنى الإيذاء في الله هو الإيذاء في سبيل الله و كأنه مبني على تقدير مضاف محذوف.
و فيه أن العناية الكلامية مختلفة فالإيذاء في الله ما كان السبب فيه محض الإيمان بالله و هو قولهم: ربنا الله، و الإيذاء في سبيل الله ما كان سببه سلوك السبيل التي هي الدين قال تعالى: «فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي»: آل عمران: 195 و من الشاهد على تغاير الاعتبارين قوله في آخر السورة: «و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا» حيث جعل الجهاد في الله طريقا إلى الاهتداء إلى سبله و لو كانا بمعنى واحد لم يصح ذلك.
و قوله: «جعل فتنة الناس كعذاب الله» أي نزل العذاب و الإيذاء الذي يصيبه من الناس في وجوب التحرز منه منزلة عذاب الله الذي يجب أن يتحرز منه فرجع عن الإيمان إلى الشرك خوفا و جزعا من فتنتهم مع أن عذابهم يسير منقطع الآخر بنجاة أو موت و لا يقاس ذلك بعذاب الله العظيم المؤبد الذي يستتبع الهلاك الدائم.
و قوله: «و لئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم» أي لئن أتاكم من قبله تعالى ما فيه فرج و يسر لكم من بعد ما أنتم فيه من الشدة و العسرة من قبل أعداء الله ليقولن هؤلاء إنا كنا معكم فلنا منه نصيب.
و «ليقولن» بضم اللام صيغة جمع، و الضمير راجع إلى «من» باعتبار المعنى كما أن ضمائر الإفراد الأخر راجعة إليها باعتبار اللفظ.
و قوله: «أ و ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين» استفهام إنكاري فيه رد دعواهم أنهم مؤمنون بأن الله أعلم بما في الصدور و لا تنطوي قلوب هؤلاء على إيمان.
و المراد بالعالمين الجماعات من الإنسان أو الجماعات المختلفة من أولي العقل إنسانا كان أو غيره كالجن و الملك، و لو كان المراد به جميع المخلوقات من ذوي الشعور و غيرهم كان المراد بالصدور البواطن و هو بعيد.
قوله تعالى: «و ليعلمن الله الذين آمنوا و ليعلمن المنافقين» من تتمة الكلام في الآية السابقة و المحصل أن الله مع ذلك يميز بين المؤمنين و المنافقين بالفتنة و الامتحان.
و في الآية إشارة إلى كون هؤلاء منافقين و ذلك لكون إيمانهم مقيدا بعدم الفتنة و هم يظهرونه مطلقا غير مقيد و الفتنة سنة إلهية جارية لا معدل عنها.
و قد استدل بالآيتين على أن السورة أو خصوص هذه الآيات مدنية و ذلك أن الآية تحدث عن النفاق و النفاق إنما ظهر بالمدينة بعد الهجرة و أما مكة قبل الهجرة فلم يكن للإسلام فيها شوكة و لا للمسلمين فيها إلا الذلة و الإهانة و الشدة و الفتنة و لا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المجتمع العربي يومئذ و خاصة عند قريش عزة و لا منزلة فلم يكن لأحد منهم داع يدعوه إلى أن يتظاهر بالإيمان و هو ينوي الكفر.
على أن قوله في الآية: «و لئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم» يخبر عن النصر و هو الفتح و الغنيمة و قد كان ذلك بالمدينة دون مكة.
و نظير الآيتين قوله السابق: «و من جاهد فإنما يجاهد لنفسه» ضرورة إن الجهاد و القتال إنما كان بالمدينة بعد الهجرة.
و هو سخيف: أما حديث النفاق فالذي جعل في الآية ملاكا للنفاق و هو قولهم: آمنا بالله حتى إذا أوذوا في الله راجعوا عن قولهم كان جائز التحقق في مكة كما في غيرها و هو ظاهر بل الذي ذكر من الإيذاء و الفتنة إنما كان بمكة فلم تكن في المدينة بعد الهجرة فتنة.
و أما حديث النصر فالنصر غير منحصر في الفتح و الغنيمة فله مصاديق أخر يفرج الله بها عن عباده.
على أن الآية لا تخبر عنه بما يدل على التحقق فقوله: «فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله و لئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم» يدل على تحقق الإيذاء و الفتنة حيث عبر بإذا الدالة على تحقق الوقوع بخلاف مجيء النصر حيث عبر عنه بأن الشرطية الدالة على إمكان الوقوع دون تحققه.
و أما قوله تعالى: «و من جاهد» إلخ فقد اتضح مما تقدم أن المراد به جهاد النفس دون مقاتلة الكفار فالحق أن لا دلالة في شيء من الآيات على كون السورة أو بعضها مدنية.
قوله تعالى: «و قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم و ما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون» المراد بالذين كفروا مشركوا مكة الذين أبدوا الكفر أول مرة بالدعوة الحقة، و بالذين آمنوا المؤمنون بها أول مرة و قولهم لهم: «اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم» نوع استمالة لهم و تطييب لنفوسهم أن لو رجعوا إلى الشرك و اتبعوا سبيلهم لم تكن عليهم تبعة على أي حال: إذ لو لم تكن في ذلك خطيئة فهو، و إن كانت فهم حاملون لها عنهم، و لذلك لم يقولوا: و لنحمل خطاياكم لو كانت بل أطلقوا القول من غير تقييد.
فكأنهم قالوا: لنفرض أن اتباعكم لسبيلنا خطيئة فإنا نحملها عنكم و نحمل كل ما يتفرع عليه من الخطايا أو أنا نحمل عنكم خطاياكم عامة و من جملتها هذه الخطيئة.
و قوله: «و ما هم بحاملين من خطاياهم من شيء» رد لقولهم: «و لنحمل خطاياكم» و هو رد محفوف بحجة إذ لو كان اتباعهم لسبيلهم و رجوعهم عن الإيمان بالله خطيئة كان خطيئة عند الله لاحقة بالراجعين و انتقالها عن عهدتهم إلى غيرهم يحتاج إلى إذن من الله و رضى فهو الذي يؤاخذهم به و يجازيهم و هو سبحانه يصرح و يقول: «ما هم بحاملين من خطاياهم من شيء» و قد عمم النفي لكل شيء من خطاياهم.
و قوله: «إنهم لكاذبون» تكذيب لهم لما أن قولهم: «و لنحمل خطاياكم» يشتمل على دعوى ضمني أن خطاياهم تنتقل إليهم لو احتملوها و أن الله يجيز لهم ذلك.
قوله تعالى: «و ليحملن أثقالهم و أثقالا مع أثقالهم و ليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون» من تمام القول السابق في ردهم و هو في محل الاستدراك أي إنهم لا يحملون خطاياهم بعينها فهي لازمة لفاعليها لكنهم حاملون أثقالا و أحمالا من الأوزار مثل أوزار فاعليها من غير أن ينقص من فاعليها فيحملونها مضافا إلى أثقال أنفسهم و أحمالها لما أنهم ضالون مضلون.
فالآية في معنى قوله تعالى: «ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة و من أوزار الذين يضلونهم بغير علم»: النحل: 25.
و قوله: «و ليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون» فشركهم افتراء على الله سبحانه و كذا دعواهم القدرة على إنجاز ما وعدوه و أن الله يجيز لهم ذلك.
بحث روائي
في الدر المنثور، أخرج ابن الضريس و النحاس و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس و أيضا ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قالا: نزلت سورة العنكبوت بمكة.
أقول: و قد نقل في روح المعاني، عن البحر عن ابن عباس أن السورة مدنية.
و في المجمع،: قيل نزلت الآية يعني قوله تعالى: «أ حسب الناس أن يتركوا» في عمار بن ياسر و كان يعذب في الله. عن ابن جريج.
و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن الشعبي: في قوله: «الم أ حسب الناس أن يتركوا» الآية، قال: أنزلت في أناس بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة لما نزلت آية الهجرة أنه لا يقبل منكم إقرار و لا إسلام حتى تهاجروا. قال: فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فردوهم فنزلت فيهم هذه الآية فكتبوا إليهم أنه نزل فيكم آية كذا و كذا فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل و منهم من نجا فأنزل الله فيهم: «ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا و صبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم» و فيه، أخرج ابن جرير عن قتادة: «و من الناس من يقول آمنا بالله إلى قوله و ليعلمن المنافقين» قال هذه الآيات نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة، و هذه الآيات العشر مدنية.
و فيه، أخرج ابن جرير عن الضحاك: في قوله: «و من الناس من يقول آمنا بالله» قال: ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون فإذا أوذوا و أصابهم بلاء من المشركين رجعوا إلى الكفر و الشرك مخافة من يؤذيهم و جعلوا أذى الناس في الدنيا كعذاب الله.
و فيه، أخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: قالت أمي: لا آكل طعاما و لا أشرب شرابا حتى تكفر بمحمد فامتنعت من الطعام و الشراب حتى جعلوا يسجرون فاها بالعصا فنزلت هذه الآية «و وصينا الإنسان بوالديه حسنا» الآية.
و في المجمع، قال الكلبي: نزل قوله: «و من الناس من يقول» الآية في عياش بن أبي ربيعة المخزومي و ذلك أنه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فحلفت أمه أسماء بنت مخرمة بن أبي جندل التميمي أن لا تأكل و لا تشرب و لا تغسل رأسها و لا تدخل كنا حتى يرجع إليها فلما رأى ابناها أبو جهل و الحارث ابنا هشام و هما أخوا عياش لأمه جزعها ركبا في طلبه حتى أتيا المدينة فلقياه و ذكرا له القصة فلم يزالا به حتى أخذ عليهما المواثيق أن لا يصرفاه عن دينه و تبعهما و قد كانت أمه صبرت ثلاثة أيام ثم أكلت و شربت. فلما خرجوا من المدينة أخذاه و أوثقاه كتافا و جلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى برىء من دين محمد جزعا من الضرب و قال ما لا ينبغي فنزلت الآية و كان الحارث أشدهما عليه فحلف عياش لئن قدر عليه خارجا من الحرم ليضربن عنقه. فلما رجعوا إلى مكة مكثوا حينا ثم هاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنون إلى المدينة و هاجر عياش و حسن إسلامه و أسلم الحارث بن هشام و هاجر إلى المدينة و بايع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الإسلام و لم يحضر عياش فلقيه عياش يوما بظهر قبا و لم يشعر بإسلامه فضرب عنقه فقيل له: إن الرجل قد أسلم فاسترجع عياش و بكى ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بذلك فنزل: «و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ» الآية.
أقول: و أنت ترى اختلاف الروايات في سبب نزول الآيات و قد تقدم أن الذي يعطيه سياق آيات السورة أنها مكية محضة.
و في الكافي، عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا - و هم لا يفتنون». ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الفتنة في الدين فقال: «يفتنون كما يفتن الذهب. ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب.
و في المجمع،: قيل: إن معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم و أموالهم: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).
و فيه،: في قوله تعالى: «أو يلبسكم شيعا»: و في تفسير الكلبي،: أنه لما نزلت هذه الآية قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتوضأ و أسبغ وضوءه ثم قام و صلى فأحسن صلاته ثم سأل الله سبحانه أن لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا و لا يذيق بعضهم بأس بعض. فنزل جبرئيل و لم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا جبرئيل ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام و عاد إلى الدعاء فنزل: «الم أ حسب الناس أن يتركوا» الآيتان فقال: لا بد من فتنة يبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب لأن الوحي انقطع و بقي السيف و افتراق الكلمة إلى يوم القيامة.
و في نهج البلاغة،: و قام إليه رجل فقال أخبرنا عن الفتنة و هل سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها؟ فقال (عليه السلام): لما أنزل الله سبحانه قوله: «الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون» علمت أن الفتنة لا تنزل بنا و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أظهرنا فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال: يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي.
و في التوحيد، عن علي (عليه السلام) في حديث طويل: و قد سأله رجل عن آيات من القرآن و قوله: «من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت» يعني بقوله: من كان يؤمن بأنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب و العقاب فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية و اللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فإنه يعني بذلك البعث.
أقول: مراده (عليه السلام) نفي الرؤية الحسية و التفسير بلازم المعنى.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «من كان يرجوا لقاء الله» الآية قال: من أحب لقاء الله جاءه الأجل «و من جاهد» نفسه عن اللذات و الشهوات و المعاصي «فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين». «و وصينا الإنسان بوالديه حسنا» قال: هما اللذان ولداه.
و فيه،: في قوله تعالى: «و قال الذين كفروا للذين آمنوا - اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم» قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا فإن الذي تخافون أنتم ليس بشيء فإن كان حقا نتحمل عنكم ذنوبكم، فيعذبهم الله عز و جل مرتين: مرة بذنوبهم و مرة بذنوب غيرهم.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة في المصنف و ابن المنذر عن ابن الحنفية قال: كان أبو جهل و صناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يسلمون يقولون: إنه يحرم الخمر و يحرم الزنا و يحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم فنزلت هذه الآية: «و ليحملن أثقالهم و أثقالا مع أثقالهم» و فيه، أخرج أحمد عن حذيفة قال: سأل رجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمسك القوم ثم إن رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سن خيرا فاستن به كان له أجره و من أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا، و من سن شرا فاستن به كان عليه وزره و من أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا.
أقول: و في هذا المعنى روايات أخر و في بعضها تفسير قوله: «و ليحملن أثقالهم و أثقالا مع أثقالهم» بذلك.
|