بيان
الآيات تفرق بين المؤمنين بحقيقة معنى الإيمان و بين الفاسقين و الظالمين و تذكر لكل ما يلزمه من الآثار و التبعات ثم تنذر الظالمين بعذاب الدنيا و تأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بانتظار الفتح و عند ذلك تختم السورة.
قوله تعالى: «إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا و سبحوا بحمد ربهم و هم لا يستكبرون» لما ذكر شطرا من الكلام في الكفار الذين يجحدون لقاءه و يستكبرون في الدنيا عن الإيمان و العمل الصالح أخذ في صفة الذين يؤمنون بآيات ربهم و يخضعون للحق لما ذكروا و وعظوا.
فقوله: «إنما يؤمن بآياتنا» حصر للإيمان بحقيقة معناه فيهم و معناه أن علامة التهيؤ للإيمان الحقيقي هو كذا و كذا.
و قوله: «الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا» ذكر سبحانه شيئا من أوصافهم و شيئا من أعمالهم، أما ما هو من أوصافهم فتذللهم لمقام الربوبية و عدم استكبارهم عن الخضوع لله و تسبيحه و حمده و هو قوله: «إذا ذكروا بها» أي الدالة على وحدانيته في ربوبيته و ألوهيته و ما يلزمها من المعاد و الدعوة النبوية إلى الإيمان و العمل الصالح «خروا سجدا» أي سقطوا على الأرض ساجدين لله تذللا و استكانة «و سبحوا بحمد ربهم» أي نزهوه مقارنا للثناء الجميل عليه.
و السجدة و التسبيح و التحميد و إن كانت من الأفعال لكنها مظاهر لصفة التذلل و الخضوع لمقام الربوبية و الألوهية، و لذا أردفها بصفة تلازمها فقال: «و هم لا يستكبرون».
قوله تعالى: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون» هذا معرفهم من حيث أعمالهم كما أن ما في الآية السابقة كان معرفهم من حيث أوصافهم.
فقوله: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع» التجافي التنحي و الجنوب جمع جنب و هو الشق، و المضاجع جمع مضجع و هو الفراش و موضع النوم، و التجافي عن المضاجع كناية عن ترك النوم.
و قوله: «يدعون ربهم خوفا و طمعا» حال من ضمير جنوبهم و المراد اشتغالهم بدعاء ربهم في جوف الليل حين تنام العيون و تسكن الأنفاس لا خوفا من سخطه تعالى فقط حتى يغشيهم اليأس من رحمة الله و لا طمعا في ثوابه فقط حتى يأمنوا غضبه و مكره بل يدعونه خوفا و طمعا فيؤثرون في دعائهم أدب العبودية على ما يبعثهم إليه الهدى و هذا التجافي و الدعاء ينطبق على النوافل الليلية.
و قوله: «و مما رزقناهم ينفقون» عمل آخر لهم و هو الإنفاق لله و في سبيله.
قوله تعالى: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون» تفريع لما لهم من الأوصاف و الأعمال يصف ما أعد الله لهم من الثواب.
و وقوع نفس و هي نكرة في سياق النفي يفيد العموم، و إضافة قرة إلى أعين لا أعينهم تفيد أن فيما أخفي لهم قرة عين كل ذي عين.
و المعنى: فلا تعلم نفس من النفوس - أي هو فوق علمهم و تصورهم - ما أخفاه الله لهم مما تقر به عين كل ذي عين جزاء في قبال ما كانوا يعملون في الدنيا.
قوله تعالى: «أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون» الإيمان سكون علمي خاص من النفس بالشيء و لازمه الالتزام العملي بما آمن به و الفسق هو الخروج عن الالتزام المذكور من فسقت التمرة إذا خرجت عن قشرها و مآل معناه الخروج عن زي العبودية.
و الاستفهام في الآية للإنكار، و قوله: «لا يستون» نفي لاستواء الفريقين تأكيدا لما يفيده الإنكار السابق.
قوله تعالى: «أما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون» المأوى المكان الذي يأوي إليه و يسكن فيه الإنسان، و النزل بضمتين كل ما يعد للنازل في بيت من الطعام و الشراب، ثم عمم كما قيل لكل عطية، و الباقي ظاهر.
قوله تعالى: «و أما الذين فسقوا فمأواهم النار» إلى آخر الآية، كون النار مأواهم لازمه خلودهم فيها و لذلك عقبه بقوله: «كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها»، و قوله: «و قيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون» دليل على أن المراد بالذين فسقوا هم منكرو المعاد و خطابهم و هم في النار بهذا الخطاب شماتة بهم و كثيرا ما كانوا يشمتون في الدنيا بالمؤمنين لقولهم بالمعاد.
قوله تعالى: «و لنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون» لما كان غاية إذاقتهم العذاب رجوعهم المرجو و الرجوع المرجو هو الرجوع إلى الله بالتوبة و الإنابة كان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب الدنيا النازل بهم للتخويف و الإنذار ليتوبوا دون عذاب الاستئصال و دون العذاب الذي بعد الموت و حينئذ المراد بالعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة.
و المعنى: أقسم لنذيقنهم من العذاب الأدنى أي الأقرب مثل السنين و الأمراض و القتل و نحو ذلك قبل العذاب الأكبر يوم القيامة لعلهم يرجعون إلينا بالتوبة من شركهم و جحودهم.
قيل: سمي عذاب الدنيا أدنى و لم يقل: الأصغر، حتى يقابل الأكبر لأن المقام مقام الإنذار و التخويف و لا يناسبه عد العذاب أصغر، و كذا لم يقل دون العذاب الأبعد حتى يقابل العذاب الأدنى لعدم ملاءمته مقام التخويف.
قوله تعالى: «و من أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون» كأنه في مقام التعليل لما تقدم من عذابهم بالعذاب الأكبر بما أنهم مكذبون فعلله بأنهم ظالمون أشد الظلم بالإعراض عن الآيات بعد التذكرة فيكونون مجرمين و الله منتقم منهم.
فقوله: «و من أظلم» إلخ تعليل لعذابهم بأنهم ظالمون أشد الظلم ثم قوله: «إنا من المجرمين منتقمون»، تعليل لعذاب الظالمين بأنهم مجرمون و العذاب انتقام منهم، و الله منتقم من المجرمين.
قوله تعالى: «و لقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه و جعلناه هدى لبني إسرائيل» المراد بالكتاب التوراة و المرية الشك و الريب.
و قد اختلفوا في مرجع الضمير في قوله: «من لقائه» و معنى الكلمة فقيل: الضمير لموسى و هو مفعول اللقاء و التقدير فلا تكن في مرية من لقائك موسى و قد لقيه ليلة المعراج كما وردت به الروايات فإن كانت السورة نازلة بعد المعراج فهو تذكرة لما قد وقع و إن كانت نازلة قبله فهو وعد منه تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سيراه.
و قيل: الضمير لموسى و المعنى: فلا تكن في مرية من لقائك موسى يوم القيامة.
و قيل: الضمير للكتاب و التقدير فلا تكن في مرية من لقاء موسى الكتاب.
و قيل: التقدير من لقائك الكتاب أو من لقاء الكتاب إياك.
و قيل: الضمير لما لقي موسى من الأذى من قومه و المعنى: فلا تكن في مرية من لقاء الأذى كما لقيه موسى من قومه و أنت خبير بأن الطبع السليم لا يقبل شيئا من هذه الوجوه - على أنها لا تفي لبيان وجه اتصال الآية بما قبلها.
و من الممكن - و الله أعلم - أن يرجع ضمير لقائه إليه تعالى و المراد بلقائه البعث بعناية أنه يوم يحضرون لربهم لا حجاب بينه و بينهم كما تقدم، و قد عبر عنه باللقاء قبل عدة آيات في قوله: «بل هم بلقاء ربهم كافرون»، ثم عبر عنه بما في معناه في قوله: «ناكسوا رءوسهم عند ربهم».
فيكون المعنى: و لقد آتينا موسى الكتاب كما آتيناك القرآن فلا تكن في مرية من البعث الذي ينطق به القرآن بالشك في نفس القرآن و قد أيد نزول القرآن عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) بنزول التوراة على موسى في مواضع من القرآن، و يؤيده قوله بعد: «و جعلناه هدى لبني إسرائيل و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا» إلخ.
و يمكن أن يكون المراد بلقائه الانقطاع التام إليه تعالى عند وحي القرآن أو بعضه كما في بعض الروايات، فيكون رجوعا إلى ما في صدر السورة من قوله: «تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين»، و ذيل الآية أشد تأييدا لهذا الوجه من سابقه و الله أعلم.
و قوله: «و جعلناه هدى لبني إسرائيل» أي هاديا فالمصدر بمعنى اسم الفاعل أو بمعناه المصدري مبالغة.
قوله تعالى: «و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون» أي و جعلنا من بني إسرائيل أئمة يهدون الناس بأمرنا و إنما نصبناهم أئمة هداة للناس حين صبروا في الدين و كانوا قبل ذلك موقنين بآياتنا.
و قد تقدم البحث عن معنى الإمامة و هداية الإمام بأمر الله في تفسير قوله: «قال إني جاعلك للناس إماما»: البقرة: 124، و قوله: «و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا»: الأنبياء: 73، و غير ذلك من الموارد المناسبة.
و قد تضمنت هاتان الآيتان من الرحمة المنبسطة بالتوراة أنها هدى في نفسه يهدي من اتبعه إلى الحق، و أنها أنشأت في حجر تربيتها أناسا اجتباهم الله للإمامة فصاروا يهدون بأمره فهي مباركة للعمل بها و مباركة بعد العمل.
قوله تعالى: «إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» يريد اختلافهم في الدين و إنما كان ذلك بغيا بينهم كما يذكره في مواضع من كلامه كقوله: «و لقد آتينا بني إسرائيل الكتاب - إلى أن قال - فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون»: الجاثية: 17.
فالمراد بقوله: «يفصل بينهم» القضاء الفاصل بين الحق و الباطل و المحق و المبطل و الباقي ظاهر.
قوله تعالى: «أ و لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم» إلخ، العطف على محذوف كأنه قيل: أ لم يبين لهم كذا و كذا، أ و لم يهد لهم إلخ، و الهداية بمعنى التبيين أو هو مضمن معنى التبيين و لذا عدي باللام.
و قوله: «كم أهلكنا من قبلهم من القرون» مشير إلى الفاعل قائم مقامه، و المعنى: أ و لم يبين لهم كثرة من أهلكنا من القرون و الحال أنهم يمشون في مساكنهم.
و قوله: «إن في ذلك لآيات أ فلا يسمعون» المراد بالسمع سمع المواعظ المؤدي إلى طاعة الحق و قبوله.
قوله تعالى: «أ و لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم و أنفسهم» إلخ، قال في المجمع:، السوق الحث على السير من ساقه يسوقه، و قال: الجرز الأرض اليابسة التي ليس فيها نبات لانقطاع الأمطار عنها.
انتهى.
و الزرع مصدر في الأصل و المراد به هنا المزروع.
و الآية تذكر آية أخرى من آيات الله سبحانه تدل على حسن تدبيره للأشياء و خاصة ذوي الحياة منها كالأنعام و الإنسان، و المراد بسوق الماء إلى الأرض الخالية من النبات سوق السحب الحاملة للأمطار إليها، ففي نزول ماء المطر منها حياة الأرض و خروج الزرع و اغتذاء الإنسان و الأنعام التي يسخرها و يربيها لمقاصد حياته.
و قوله: «أ فلا يبصرون» تنبيه و توبيخ و تخصيص هذه الآية بالإبصار، و الآية السابقة بالسمع لما أن العلم بإهلاك الأمم الماضين إنما هو بالأخبار التي تنال من طريق السمع و أما العلم بسوق الأمطار إلى الأرض الجرز و إخراج الزرع و اغتذاء الأنعام و الإنسان فالطريق إليه حاسة البصر.
قوله تعالى: «و يقولون متى هذا الفتح - إلى قوله - و لا هم ينظرون» قال الراغب: الفتح إزالة الإغلاق و الإشكال - إلى أن قال - و فتح القضية فتاحا فصل الأمر فيها و أزال الإغلاق عنها، قال: «ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين» انتهى.
و قد تقدم في الآيات السابقة مما يصدق عليه الفتح بمعنى الفصل أمران: أحدهما فصل بينهم يوم القيامة، و الآخر إذاقة العذاب الأدنى أو الانتقام منهم في الدنيا و لذا فسر الفتح بعضهم بيوم القيامة فيكون معنى قولهم: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين هو معنى قولهم المحكي كرارا في كلامه تعالى: «متى هذا الوعد إن كنتم صادقين».
و فسره بعضهم بيوم بدر فإنه لم ينفع الذين قتلوا من المشركين إيمانهم بعد القتل.
و ذكر بعضهم أن المراد به فتح مكة و لا يلائمه الجواب المذكور في قوله: «قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم و لا هم ينظرون» إلا أن يقول قائل: إن إيمانهم يومئذ - و قد عاندوا الحق و قاتلوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سنين و جاهدوا في إطفاء نور الله - لم يكن إيمانا إلا نفاقا من غير أن يدخل في قلوبهم و ينتفع به نفوسهم و قد ألزموا بالإيمان و لم ينظروا.
و يمكن أن يكون المراد هو القضاء بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و بين الأمة و يكون ذلك في آخر الزمان كما تقدمت الإشارة إليه في تفسير قوله: «و لكل أمة رسول» الآية،: يونس: 47.
و كيف كان فالمراد بالآيتين استعجال المشركين بالفتح و الجواب أنه فتح لا ينفع حال الذين كفروا إيمانهم لأنه ظرف لا ينفع نفسا إيمانها و لا أن العذاب يمهلهم و ينظرهم.
قوله تعالى: «فأعرض عنهم و انتظر إنهم منتظرون» أمر بالإعراض عنهم و انتظار الفتح كما أنهم ينتظرون و إنما كانوا منتظرين موته أو قتله (صلى الله عليه وآله وسلم) و بالجملة انقطاع دابر دعوته الحقة فلينتظر هو كما هم ينتظرون حتى يظهر الله الحق على الباطل و المحق على المبطل.
و من هذا السياق يظهر أن المراد بالفتح الفتح الدنيوي.
بحث روائي
في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع»، قال: هم الذين لا ينامون قبل العشاء فأثنى عليهم فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير و يكسل الكبير. أقول: و رواها أيضا فيه بطرق أخر موصولة و موقوفة، و روى صدر الحديث الشيخ في أماليه بالإسناد عن الصادق (عليه السلام) في الآية و لفظه كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.
و في الكافي، بإسناده عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أ لا أخبرك بالإسلام أصله و فرعه و ذروة سنامه؟ قلت: بلى جعلت فداك. قال: أما أصله فالصلاة و فرعه الزكاة و ذروة سنامه الجهاد. ثم قال: إن شئت أخبرتك بأبواب الخير: قلت: نعم جعلت فداك. قال: الصوم جنة و الصدقة تذهب بالخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يذكر الله ثم قرأ: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع» أقول: و روى هذا المعنى في المحاسن، بإسناده عن علي بن عبد العزيز عن الصادق (عليه السلام) و في المجمع، عن الواحدي بالإسناد عن معاذ بن جبل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و رواه في الدر المنثور، عن الترمذي و النسائي و ابن ماجة و غيرهم عن معاذ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
و في الدر المنثور، أخرج ابن جرير عن مجاهد قال: ذكر لنا رسول الله قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه فقال: تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
و فيه، أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و مسلم و الطبراني و ابن جرير و الحاكم و صححه و ابن مردويه و محمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق أبي صخر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو يصف الجنة حتى انتهى. ثم قال: فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ثم قرأ: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع» الآيتين.
و في المجمع، و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ما من حسنة إلا و لها ثواب مبين في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها قال: «فلا تعلم نفس» الآية.
و في تفسير القمي، حدثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من عمل حسن يعمله العبد إلا و له ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله عز و جل لم يبين ثوابها لعظيم خطره عنده، فقال جل ذكره: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع - يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون -» إلى قوله يعملون» ثم قال: إن لله عز و جل كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلتان فينتهي إلى باب الجنة فيقول: استأذنوا لي على فلان فيقال له هذا رسول ربك على الباب فيقول لأزواجه: أي شيء ترين علي أحسن؟ فيقلن يا سيدنا و الذي أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا الذي قد بعث إليك ربك فيتزر بواحدة و يتعطف بالأخرى فلا يمر بشيء إلا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد. فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك و تعالى فإذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رءوسكم ليس هنا يوم سجود و لا عبادة قد رفعت عنكم المئونة فيقولون: يا ربنا و أي شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين مرة. فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه و هو قوله: «و لدينا مزيد» و هو يوم الجمعة إن ليلها ليلة غراء و يومها يوم أزهر فأكثروا من التسبيح و التهليل و التكبير و الثناء على الله عز و جل و الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: فيمر المؤمن فلا يمر بشيء إلا أضاء له حتى ينتهي إلى أزواجه فيقلن: و الذي أباحنا الجنة، يا سيدنا ما رأيناك أحسن منك الساعة. فيقول: إني نظرت إلى نور ربي إلى أن قال: قلت جعلت فداك زدني. فقال: إن الله تعالى خلق جنة بيده و لم يرها عين و لم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول: ازدادي ريحا ازدادي طيبا و هو قول الله: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين - جزاء بما كانوا يعملون».
أقول: ذيل الرواية تفسير لصدرها و قوله: أي إلى رحمة ربه.
من كلام الراوي.
و في الكافي، بإسناده عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله جل و عز ما له من الأجر في الآخرة لا ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا الله رب العالمين.
و في تفسير القمي، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله تعالى: «أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون» قال: إن علي بن أبي طالب و الوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا فقال الفاسق وليد بن عقبة: أنا و الله أبسط منك لسانا و أحد منك سنانا و أمثل منك جثوا في الكتيبة. فقال علي (عليه السلام): اسكت إنما أنت فاسق فأنزل الله «أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون». أقول: و رواه في المجمع، عن الواحدي عن ابن عباس و في الدر المنثور، عن كتاب الأغاني و الواحدي و ابن عدي و ابن مردويه و الخطيب و ابن عساكر عنه و أيضا عن ابن إسحاق و ابن جرير عن عطاء بن يسار و عن ابن أبي حاتم عن السدي عنه و أيضا عن ابن أبي حاتم عن ابن أبي ليلى مثله.
و في الاحتجاج، عن الحسن بن علي (عليهما السلام): في حديث يحاج فيه رجالا عند معاوية: و أما أنت يا وليد بن عقبة فوالله ما ألومك أن تبغض عليا و قد جلدك في الخمر ثمانين جلدة و قتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه و قد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن و سماك فاسقا و هو قول الله عز و جل: «أ فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون». و في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي إدريس الخولاني قال: سألت عبادة بن الصامت عن قول الله: «و لنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر» فقال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها فقال: هي المصائب و الأسقام و الأنصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا؟ قال: زكاة و طهور.
و في المجمع، في الرواية عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام): أن العذاب الأدنى الدابة و الدجال.
|