بيان
الآيات بالنسبة إلى ما تقدمها - كما ترى - بمنزلة ذي المقدمة بالنسبة إلى المقدمة و هي تحث و تستنهض المؤمنين للجهاد في سبيل الله، و قد كانت المحنة شديدة على المؤمنين أيام كانت تنزل هذه الآيات، و هي كأنها الربع الثاني من زمن إقامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة كانت العرب هاجت عليهم من كل جانب لإطفاء نور الله، و هدم ما ارتفع من بناية الدين يغزو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشركي مكة و طواغيت قريش، و يسري السرايا إلى أقطار الجزيرة، و يرفع قواعد الدين بين المؤمنين، و في داخلهم جمع المنافقين و هم ذو قوة و شوكة، و قد بان يوم أحد أن لهم عددا لا ينقص من نصف عدة المؤمنين بكثير.
و كانوا يقلبون الأمور على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و يتربصون به الدوائر، و يثبطون المؤمنين و فيهم مرضى القلوب سماعون لهم، و حولهم اليهود يفتنون المؤمنين و يغزونهم و كانت عرب المدينة تحترمهم، و تعظم أمرهم من قديم عهدهم فكانوا يلقون إليهم من باطل القول و مضلات الأحاديث ما يبطل به صادق إرادتهم، و ينتقض به مبرم جدهم، و من جانب آخر كانوا يشجعون المشركين عليهم، و يطيبون نفوسهم في مقاومتهم، و البقاء و الثبات على كفرهم و جحودهم، و تفتين من عندهم من المؤمنين.
فالآيات السابقة كالمسوقة لإبطال كيد اليهود للمسلمين، و إمحاء آثار إلقاءاتهم على المؤمنين، و ما في هذه الآيات من حديث المنافقين هو كتتميم إرشاد المؤمنين، و تكميل تعريفهم حاضر الحال ليكونوا على بصيرة من أمرهم، و على حذر من الداء المستكن الذي دب في داخلهم، و نفذ في جمعهم، و ليبطل بذلك كيد أعدائهم الخارجين المحيطين بهم، و يرتد أنفاسهم إلى صدورهم، و ليتم نور الدين في سطوعه، و الله متم نوره و لو كره المشركون و الكافرون.
قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا» الحذر بالكسر فالسكون ما يحذر به و هو آلة الحذر كالسلاح، و ربما قيل: إنه مصدر كالحذر بفتحتين، و النفر هو السير إلى جهة مقصودة، و أصله الفزع، فالنفر من محل السير فزع عنه و إلى محل السير فزع إليه، و الثبات جمع ثبة، و هي الجماعة على تفرقة، فالثبات الجماعة بعد الجماعة بحيث تتفصل ثانية عن أولى، و ثالثة عن ثانية، و يؤيد ذلك مقابلة قوله: «فانفروا ثبات» قوله: «أو انفروا جميعا».
و التفريع في قوله: فانفروا ثبات، على قوله: خذوا حذركم، بظاهره يؤيد كون المراد بالحذر ما به الحذر على أن يكون كناية عن التهيؤ التام للخروج إلى الجهاد و يكون المعنى: خذوا أسلحتكم أي أعدوا للخروج و اخرجوا إلى عدوكم فرقة فرقة سرايا أو اخرجوا إليهم جميعا عسكرا.
و من المعلوم أن التهيؤ و الإعداد يختلف باختلاف عدة العدو و قوته فالترديد في قوله: أو انفروا، ليس تخييرا في كيفية الخروج و إنما الترديد بحسب تردد العدو من حيث العدة و القوة أي إذا كان عددهم قليلا فثبة، و إن كان كثيرا فجميعا.
فيئول المعنى - و خاصة بملاحظة الآية التالية: و إن منكم لمن ليبطئن، - إلى نهيهم عن أن يضعوا أسلحتهم، و ينسلخوا عن الجد و بذل الجهد في أمر الجهاد فيموت عزمهم و يفتقد نشاطهم في إقامة أعلام الحق، و يتكاسلوا أو يتبطئوا أو يتثبطوا في قتال أعداء الله، و تطهير الأرض من قذارتهم.
قوله تعالى: «و إن منكم لمن ليبطئن»، قيل: إن اللام الأولي لام الابتداء لدخولها على اسم إن، و اللام الثانية لام القسم لدخولها على الخبر و هي جملة فعلية مؤكدة بنون التأكيد الثقيلة، و التبطئة و الإبطاء بمعنى، و هو التأخير في العمل.
و قوله: «و إن منكم»، يدل على أن هؤلاء من المؤمنين المخاطبين في صدر الآية بقوله: يا أيها الذين آمنوا، على ما هو ظاهر كلمة «منكم» كما يدل عليه ما سيأتي من قوله: أ لم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم، فإن الظاهر أن هؤلاء أيضا كانوا من المؤمنين، مع قوله تعالى بعد ذلك: فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس، و قوله: و إن تصبهم حسنة «إلخ» و كذا قوله: فليقاتل في سبيل الله الذين، و قوله: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، و قوله: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، كل ذلك تحريض و استنهاض للمؤمنين و فيهم هؤلاء المبطئون على ما يلوح إليه اتصال الآيات.
على أنه ليس في الآيات ما يدل بظاهره على أن هؤلاء المبطئين من المنافقين الذين لم يؤمنوا إلا بظاهر من القول، مع أن في بعض ما حكى الله عنهم دلالة ما على إيمانهم في الجملة كقوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي، و قوله تعالى: ربنا لم كتبت علينا القتال «إلخ».
نعم ذكر المفسرون أن المراد بقوله: و إن منكم لمن، المنافقون، و أن معنى كونهم منهم دخولهم في عددهم، أو اشتراكهم في النسب فهم منهم نسبا أو اشتراكهم مع المؤمنين في ظاهر حكم الشريعة بحقن الدماء و الإرث و نحو ذلك لتظاهرهم بالشهادتين، و قد عرفت أن ذلك تصرف في ظاهر القرآن من غير وجه.
و إنما دعاهم إلى هذا التفسير حسن الظن بالمسلمين في صدر الإسلام كل من لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و آمن به و البحث التحليلي فيما ضبطه التاريخ من سيرتهم و حياتهم مع النبي و بعد يضعف هذا الظن، و الخطابات القرآنية الحادة في خصوصهم توهن هذا التقدير.
و لم تسمح الدنيا حتى اليوم بأمة أو عصابة طاهرة تألفت من أفراد طاهرة من غير استثناء مؤمنة واقفة على قدم صدق من غير عثرة قط إلا ما نقل في حديث الطف بل مؤمنو صدر الإسلام كسائر الجماعات البشرية فيهم المنافق و المريض قلبه و المتبع هواه و الطاهر سره.
و الذي يمتاز به الصدر الأول من المسلمين هو أن مجتمعهم كان مجتمعا فاضلا يقدمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و يغشاهم نور الإيمان، و يحكم فيهم سيطرة الدين، هذا حال مجتمعهم من حيث إنه مجتمع، و إن كان يوجد بينهم من الأفراد الصالح و الطالح جميعا، و في صفاتهم الروحية الفضيلة و الرذيلة معا و كل لون من ألوان الأخلاق و الملكات.
و هذا هو الذي يذكره القرآن من حالهم، و يبينه من صفاتهم قال تعالى: محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله و رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود - إلى أن قال -: وعد الله الذين آمنوا و عملوا الصالحات منهم مغفرة و أجرا عظيما: «الفتح: 29»، فقد بدأ تعالى بذكر صفاتهم و فضائلهم الاجتماعية مطلقة، و ختم بذكر المغفرة و الأجر لأفرادهم مشروطة.
قوله تعالى: «فإن أصابتكم مصيبة» أي من قتل أو جرح «قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا» حتى أبتلى بمثل ما ابتلي به المؤمنون.
قوله تعالى: «و لئن أصابكم فضل من الله» من قبيل غنيمة الحرب و نحوها، و الفضل هو المال و ما يماثله، و قوله: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة يا ليتني كنت معهم، تشبيه و تمثيل لحالهم فإنهم مؤمنون، و المسلمون يد واحدة يربط بعضهم ببعض أقوى الروابط، و هو الإيمان بالله و آياته الذي يحكم على جميع الروابط الأخر من نسب أو ولاية أو بيعة أو مودة لكنهم لضعف إيمانهم لا يرون لأنفسهم أدنى ربط يربطهم بالمؤمنين فيتمنون الكون معهم و الحضور في جهادهم كما يتمنى الأجنبي فضلا ناله أجنبي فيقول أحدهم: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما، و من علائم ضعف إيمانهم إكبارهم أمر هذه الغنائم، و عدهم حيازة الفضل و المال فوزا عظيما، و كل مصيبة أصابت المؤمنين في سبيل الله من قتل أو جرح أو تعب نقمة.
قوله تعالى: «فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون»، قال في المجمع: يقال شريت أي بعت، و اشتريت أي ابتعت، فالمراد بقوله يشرون الحياة الدنيا بالآخرة أي يبيعون حياتهم الدنيا و يبدلونها بالآخرة.
و الآية تفريع على ما تقدم من الحث على الجهاد، و ذم من يبطىء في الخروج إليه ففيها تجديد للحث على القتال في سبيل الله بتذكير أن هؤلاء جميعا مؤمنون، قد شروا بإسلامهم لله تعالى الحياة الدنيا بالآخرة كما قال: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة: «التوبة: 111»، ثم صرح على فائدة القتال الحسنة و أنها الأجر العظيم على أي حال بقوله: و من يقاتل في سبيل الله «إلخ».
فبين أن أمر المقاتل في سبيل الله ينتهي إلى إحدى عاقبتين محمودتين: أن يقتل في سبيل الله، أو يغلب عدو الله، و له أي حال أجر عظيم، و لم يذكر ثالث الاحتمالين - و هو الانهزام - تلويحا إلى أن المقاتل في سبيل الله لا ينهزم.
و قدم القتل على الغلبة لأن ثوابه أجزل و أثبت فإن المقاتل الغالب على عدو الله و إن كان يكتب له الأجر العظيم إلا أنه على خطر الحبط باقتراف بعض الأعمال الموجبة لحبط الأعمال الصالحة، و استتباع السيئة بعد الحسنة بخلاف القتل إذ لا حياة بعده إلا حياة الآخرة فالمقتول في سبيل الله يستوفي أجره العظيم حتما، و أما الغالب في سبيل الله فأمره مراعى في استيفاء أجره.
قوله تعالى: «و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين» «إلخ» عطف على موضع لفظ الجلالة، و الآية تشتمل على حث و تحريض آخر على القتال في لفظ الاستفهام بتذكير أن قتالكم قتال في سبيل الله سبحانه، و هو الذي لا بغية لكم في حياتكم السعيدة إلا رضوانه، و لا سعادة أسعد من قربه، و في سبيل المستضعفين من رجالكم و نسائكم و ولدانكم.
ففي الآية استنهاض و تهييج لكافة المؤمنين و إغراء لهم: أما المؤمنون خالصو الإيمان و طاهرو القلوب فيكفيهم ذكر الله جل ذكره في أن يقوموا على الحق و يلبوا نداء ربهم و يجيبوا داعيه، و أما من دونهم من المؤمنين فإن لم يكفهم ذلك فليكفهم أن قتالهم هذا على أنه قتال في سبيل الله قتال في سبيل من استضعفه الكفار من رجالهم و نسائهم و ذراريهم فليغيروا لهم و ليتعصبوا.
و الإسلام و إن أبطل كل نسب و سبب دون الإيمان إلا أنه أمضى بعد التلبس بالإيمان الأنساب و الأسباب القومية فعلى المسلم أن يفدي عن أخيه المسلم المتصل به بالسبب الذي هو الإيمان، و عن أقربائه من رجاله و نسائه و ذراريه إذا كانوا على الإسلام فإن ذلك يعود بالآخرة إلى سبيل الله دون غيره.
و هؤلاء المستضعفون الذين هم أبعاضهم و أفلاذهم مؤمنون بالله سبحانه بدليل قوله: الذين يقولون ربنا «إلخ»، و هم مع ذلك مذللون معذبون يستصرخون و يستغيثون بقولهم: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، و قد أطلق الظلم، و لم يقل: الظالم أهلها على أنفسهم، و فيه إشعار بأنهم كانوا يظلمونهم بأنواع التعذيب و الإيذاء و كذلك كان الأمر.
و قد عبر عن استغاثتهم و استنصارهم بأجمل لفظ و أحسن عبارة فلم يحك عنهم أنهم يقولون: يا للرجال، يا للسراة، يا قوماه، يا عشيرتاه بل حكى أنهم يدعون ربهم و يستغيثون بمولاهم الحق فيقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ثم يشيرون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و إلى من معه من المؤمنين المجاهدين بقولهم: و اجعل لنا من لدنك وليا و اجعل لنا من لدنك نصيرا، فهم يتمنون وليا، و يتمنون نصيرا لكن لا يرضون دون أن يسألوا ربهم الولي و النصير.
كلام في الغيرة و العصبية
انظر إلى هذا الأدب البارع الإلهي الذي أتى به الكتاب العزيز و قسه إلى ما عندنا من ذلك بحسب قضاء الطبع ترى عجبا.
لا شك أن في البنية الإنسانية ما يبعثه إلى الدفاع عما يحترمه و يعظمه كالذراري و النساء و الجاه و كرامة المحتد و نحو ذلك و هو حكم توجبه الفطرة الإنسانية و تلهمه إياه لكن هذا الدفاع ربما كان محمودا إذا كان حقا و للحق، و ربما كان مذموما يستتبع الشقاء و فساد أمور الحياة إذا كان باطلا و على الحق.
و الإسلام يحفظ من هذا الحكم أصله و هو ما للفطرة، و يبطل تفاصيله أولا ثم يوجهه إلى جهة الله سبحانه بصرفه عن كل شيء ثم يعود به إلى موارده الكثيرة فيسبك الجميع في قالب التوحيد بالإيمان بالله فيندب الإنسان أن يتعصب لرجاله و نسائه و ذراريه و لكل حق بإرجاع الجميع إلى جانب الله فالإسلام يؤيد حكم الفطرة، و يهذبه من شوب الأهواء و الأماني الفاسدة و يصفي أمره في جميع الموارد، و يجعلها جميعا شريعة إنسانية يسلكها الإنسان على الفطرة، و يخلصها من ظلمة التناقض إلى نور التوافق و التسالم، فما يدعو إليه الإسلام و يشرعه لا تناقض و لا تضاد بين أجزائه و أطرافه، يشترك جميعها في أنها من شئون التوحيد، و يجتمع كلها في أنها اتباع للحق فيعود جميع الأحكام حينئذ كلية و دائمة و ثابتة من غير تخلف و اختلاف.
قوله تعالى: «الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله» إلى قوله «الطاغوت» مقايسة بين الذين آمنوا و الذين كفروا من جهة وصف قتالهم، و بعبارة أخرى من جهة نية كل من الطائفتين في قتالهم ليعلم بذلك شرف المؤمنين على الكفار في طريقتهم و أن سبيل المؤمنين ينتهي إلى الله سبحانه و يعتمد عليه بخلاف سبيل الكفار ليكون ذلك محرضا آخر للمؤمنين على قتالهم.
قوله تعالى: «فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا» الذين كفروا لوقوعهم في سبيل الطاغوت خارجون عن ولاية الله فلا مولى لهم إلا ولي الشرك و عبادة غير الله تعالى، و هو الشيطان فهو وليهم، و هم أولياؤه.
و إنما استضعف كيد الشيطان لأنه سبيل الطاغوت الذي يقابل سبيل الله، و القوة لله جميعا فلا يبقى لسبيل الطاغوت الذي هو مكيدة الشيطان إلا الضعف، و لذلك حرض المؤمنين عليهم ببيان ضعف سبيلهم، و شجعهم على قتالهم، و لا ينافي ضعف كيد الشيطان بالنسبة إلى سبيل الله قوته بالنسبة إلى من اتبع هواه، و هو ظاهر.
بحث روائي
في المجمع، في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم الآية، قال: سمي الأسلحة حذرا لأنها الآلة التي بها يتقى الحذر: قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام): قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المراد بالثبات السرايا، و بالجميع العسكر.
و في تفسير العياشي، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام): يا أيها الذين آمنوا فسماهم مؤمنين و ليس هم بمؤمنين و لا كرامة، قال: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم - فانفروا ثبات أو انفروا جميعا إلى قوله: فأفوز فوزا عظيما، و لو أن أهل السماء و الأرض قالوا: قد أنعم الله علي إذ لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكانوا بذلك مشركين، و إذا أصابهم فضل من الله قال: يا ليتني كنت معهم فأقاتل في سبيل الله.
أقول: و روى هذا المعنى الطبرسي في المجمع، و القمي في تفسيره عنه (عليه السلام) و المراد بالشرك في كلامه (عليه السلام) الشرك المعنوي لا الكفر الذي يسلب ظاهر أحكام الإسلام عمن تلبس به، و قد تقدم بيانه.
و فيه، عن حمران عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال الآية قال: نحن أولئك: أقول: و رواه أيضا عن سماعة عن الصادق (عليه السلام)، و لفظه: فأما قوله: و المستضعفين الآية، فأولئك نحن، الحديث، و الروايتان في مقام التطبيق و الشكوى من بغي الباغين من هذه الأمة، و ليستا في مقام التفسير.
و في الدر المنثور، أخرج أبو داود في ناسخه و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس: في سورة النساء «خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا» عصبا و فرقا، قال: نسخها: «و ما كان المؤمنون لينفروا كافة» الآية.
أقول: الآيتان غير متنافيتين حتى يحكم بنسخ الثانية للأولى، و هو ظاهر بل لو كان فإنما هو التخصيص أو التقييد.
و الحمد لله.
|