بيان
القصة الثالثة مما أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يصبر و يذكرها و هي قصة أيوب النبي (عليه السلام) و ما ابتلي به من المحنة ثم أكرمه الله بالعافية و العطية.
ثم الأمر بذكر إبراهيم و خمسة من ذريته من الأنبياء (عليهم السلام).
قوله تعالى: «و اذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب و عذاب» دعاء منه (عليه السلام) و سؤال للعافية و أن يكشف عنه ربه ما أصابه من سوء الحال، و لم يصرح بما يريده و يسأله تواضعا و تذللا غير أن نداءه تعالى بلفظ ربي يشعر بأنه يناديه لحاجة.
و النصب التعب، و قوله: «إذ نادى» إلخ بدل اشتمال من «عبدنا» أو «أيوب» و قوله: «أني مسني» إلخ حكاية ندائه.
و الظاهر من الآيات التالية أن مراده من النصب و العذاب ما أصابه من سوء الحال في بدنه و أهله و هو الذي ذكره عنه (عليه السلام) في سورة الأنبياء من ندائه أني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين بناء على شمول الضر مصيبته في نفسه و أهله و لم يشر في هذه السورة و لا في سورة الأنبياء إلى ذهاب ماله و إن وقع ذكر المال في الروايات.
و الظاهر أن المراد من مس الشيطان له بالنصب و العذاب استناد نصبه و عذابه من الشيطان بنحو من السببية و التأثير و هو الذي يظهر من الروايات، و لا ينافي استناد المرض و نحوه إلى الشيطان استناده أيضا إلى بعض الأسباب العادية الطبيعية لأن السببين ليسا عرضيين متدافعين بل أحدهما في طول الآخر و قد أوضحنا ذلك في تفسير قوله تعالى: «و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء:» الأعراف: - 96 في الجزء الثامن من الكتاب.
و لا دليل يدل على امتناع وقوع هذا النوع من التأثير للشيطان في الإنسان و قد قال تعالى: «إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان:» المائدة: - 90 فنسبها أنفسها إليه، و قال حاكيا عن موسى (عليه السلام): «هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين:» القصص: - 15 يشير إلى الاقتتال.
و لو أغمض عن الروايات أمكن أن يحتمل أن يكون المراد بانتساب ذلك إلى الشيطان إغراؤه الناس بوسوسته أن يتجنبوا من الاقتراب منه و ابتعادهم و طعنهم فيه أن لو كان نبيا لم تحط به البلية من كل جانب و لم يصر إلى ما صار إليه من العاقبة السوأى و شماتتهم و استهزائهم به.
و قد أنكر في الكشاف، ما تقدم من الوجه قائلا: لا يجوز أن يسلط الله الشيطان على أنبيائه (عليهم السلام) ليقضي من تعذيبهم و إتعابهم وطره و لو قدر على ذلك لم يدع صالحا إلا و قد نكبه و أهلكه، و قد تكرر في القرآن أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب.
انتهى.
و فيه أن الذي يخص الأنبياء و أهل العصمة أنهم لمكان عصمتهم في أمن من تأثير الشيطان في نفوسهم بالوسوسة، و أما تأثيره في أبدانهم و سائر ما ينسب إليهم بإيذاء أو إتعاب أو نحو ذلك من غير إضلال فلا دليل يدل على امتناعه، و قد حكى الله سبحانه عن فتى موسى و هو يوشع النبي (عليه السلام): «فإني نسيت الحوت و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره:» الكهف: - 63.
و لا يلزم من تسلطه على نبي بالإيذاء و الإتعاب لمصلحة تقتضيه كظهور صبره في الله سبحانه و أوبته إليه أن يقدر على ما يشاء فيمن يشاء من عباد الله تعالى إلا أن يشاء الله ذلك و هو ظاهر.
قوله تعالى: «اركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب» وقوع الآية عقيب ندائه و مسألته يعطي أنه إيذان باستجابة دعائه و أن قوله تعالى: «اركض برجلك» إلخ حكاية لما أوحي إليه عند الكشف عن الاستجابة أو هو بإضمار القول و التقدير فاستجبنا له و قلنا: اركض «إلخ» و سياق الأمر مشعر بل كاشف عن أنه كان لا يقدر على القيام و المشي بقدميه و كان مصابا في سائر بدنه فأبرأ الله ما في رجليه من ضر و أظهر له عينا هناك و أمره أن يغتسل منها و يشرب حتى يبرأ ظاهر بدنه و باطنه و يتأيد بذلك ما سيأتي من الرواية.
و في الكلام إيجاز بالحذف و التقدير فركض برجله و اغتسل و شرب فبرأه الله من مرضه.
قوله تعالى: «و وهبنا له أهله و مثلهم معهم رحمة منا و ذكرى لأولي الألباب» ورد في الرواية أنه ابتلي فيما ابتلي بموت جميع أهله إلا امرأته و أن الله أحياهم له و وهبهم له و مثلهم معهم، و قيل: إنهم كانوا قد تفرقوا عنه أيام ابتلائه فجمعهم الله إليه بعد برئه و تناسلوا فكانوا مثلي ما كانوا عددا.
و قوله: «رحمة منا و ذكرى لأولي الألباب» مفعول له أي فعلنا به ما فعلنا ليكون رحمة منا و ذكرى لأولي الألباب يتذكرون به.
قوله تعالى: «و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب» في المجمع،: الضغث ملء الكف من الشجرة و الحشيش و الشماريخ و نحو ذلك انتهى، و كان (عليه السلام) قد حلف لئن عوفي أن يجلد امرأته مائة جلدة لأمر أنكره عليها على ما سيأتي من الرواية فلما عافاه الله تعالى أمره أن يأخذ بيده ضغثا بعدد ما حلف عليه من الجلدات فيضربها به و لا يحنث.
و في سياق الآية تلويح إلى ذلك و إنما طوي ذكر المرأة و سبب الحلف تأدبا و رعاية لجانبه.
و قوله: «إنا وجدناه صابرا» أي فيما ابتليناه به من المرض و ذهاب الأهل و المال، و الجملة تعليل لقوله: «و اذكر» أو لقوله: «عبدنا» أي لتسميته عبدا و إضافته إليه تعالى، و الأول أولى.
و قوله: «نعم العبد إنه أواب» مدح له (عليه السلام).
قوله تعالى: «و اذكر عبادنا إبراهيم و إسحاق و يعقوب أولي الأيدي و الأبصار» مدحهم بتوصيفهم بأن لهم الأيدي و الأبصار و يد الإنسان و بصره إنما يمدحان إذا كانا يد إنسان و بصر إنسان و استعملا فيما خلقا له و خدما الإنسان في إنسانيته فتكتسب اليد صالح العمل و يجري منها الخير على الخلق و يميز البصر طرق العافية و السلامة من موارد الهلكة و يصيب الحق و لا يلتبس عليه الباطل.
فيكون كونهم أولي الأيد و الأبصار كناية عن قوتهم في الطاعة و إيصال الخير و تبصرهم في إصابة الحق في الاعتقاد و العمل و قد جمع المعنيين في قوله تعالى: «و وهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحين و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين:» الأنبياء: - 73 فجعلهم أئمة و الأمر و الوحي لأبصارهم و فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة لأيديهم 1 و إليه يئول ما في الرواية من تفسير ذلك بأولي القوة في العبادة و البصر فيها.
قوله تعالى: «إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار» الخالصة وصف قائم مقام موصوفه، و الباء للسببية و التقدير بسبب خصلة خالصة، و ذكرى الدار بيان للخصلة و الدار هي الدار الآخرة.
و الآية أعني قوله: «إنا أخلصناهم» إلخ لتعليل ما في الآية السابقة من قوله: «أولي الأيدي و الأبصار» أو لقوله: «عبادنا» أو لقوله: «و اذكر» و أوجه الوجوه أولها، و ذلك لأن استغراق الإنسان في ذكرى الدار الآخرة و جوار رب العالمين و ركوز همه فيها يلازم كمال معرفته في جنب الله تعالى و إصابة نظره في حق الاعتقاد و التبصر في سلوك سبيل العبودية و التخلص عن الجمود على ظاهر الحياة الدنيا و زينتها كما هو شأن أبنائها قال تعالى: «فأعرض عمن تولى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم:» النجم: - 30.
و معنى الآية و إنما كانوا أولي الأيدي و الأبصار لأنا أخلصناهم بخصلة خالصة غير مشوبة عظيمة الشأن هي ذكرى الدار الآخرة.
و قيل: المراد بالدار هي الدنيا و المراد بالآية بقاء ذكرهم الجميل في الألسن ما دامت الدنيا كما قال تعالى: «و وهبنا له إسحاق و يعقوب - إلى أن قال - و جعلنا لهم لسان صدق عليا:» مريم: - 50 و الوجه السابق أوجه.
قوله تعالى: «و إنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار» تقدم أن الاصطفاء يلازم الإسلام التام لله سبحانه، و في الآية إشارة إلى قوله تعالى: «إن الله اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين:» آل عمران: - 33.
و الأخيار جمع خير مقابل الشر على ما قيل، و قيل: جمع خير بالتشديد أو التخفيف كأموات جمع ميت بالتشديد أو بالتخفيف.
قوله تعالى: «و اذكر إسماعيل و اليسع و ذا الكفل و كل من الأخيار» معناه ظاهر.
كلام في قصة أيوب (عليه السلام)
في فصول
1 - قصته في القرآن:
لم يذكر من قصته في القرآن إلا ابتلاؤه بالضر في نفسه و أولاده ثم تفريجه تعالى بمعافاته و إيتائه أهله و مثلهم معهم رحمة منه و ذكرى للعابدين «الأنبياء: 83 - 84.
(عليهم السلام): 41 - 44».
2 - جميل ثنائه:
ذكره تعالى في زمرة الأنبياء من ذرية إبراهيم (عليه السلام) في سورة الأنعام و أثنى عليهم بكل ثناء جميل «الأنعام: 84 - 90» و ذكره في سورة ص فعده صابرا و نعم العبد و أوابا «ص: 44».
قصته في الروايات:
في تفسير القمي، حدثني أبي عن ابن فضال عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عز و جل عليه بها في الدنيا و أدى شكرها و كان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش فلما صعد و رأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس. فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا و لو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لم يؤد إليه شكر نعمة أبدا فقيل له: قد سلطتك على ماله و ولده. قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، و قال: فسلطني على زرعه يا رب. قال: قد فعلت فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق فازداد أيوب لله شكرا و حمدا فقال: يا رب سلطني على غنمه فأهلكها فازداد أيوب لله شكرا و حمدا. فقال: يا رب سلطني على بدنه فسلطه على بدنه ما خلا عقله و عينيه فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله و يشكره حتى وقع في بدنه الدود فكانت تخرج من بدنه فيردها فيقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، و نتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية و ألقوه في المزبلة خارج القرية. و كانت امرأته رحمة بنت أفراييم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهما السلام) و عليها يتصدق من الناس و تأتيه بما تجده. قال: فلما طال عليه البلاء و رأى إبليس صبره أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال و قال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته فركبوا بغالا شهبا و جاءوا فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه فنظر بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه و كان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله يهلكنا إذا سألناه، و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره. فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيم أو ضعيف يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة الله إلا أخذت بأشدهما على بدني. فقال الشاب: سوأة لكم عيرتم نبي الله حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها. فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدل بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم و ها أنا ذا قريب و لم أزل. فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي. أ لم أحمدك؟ أ لم أشكرك؟ أ لم أسبحك؟. قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون؟ و تحمده و تسبحه و تكبره و الناس عنه غافلون؟ أ تمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟ قال: فأخذ التراب و وضعه في فيه ثم قال: لك العتبى يا رب أنت فعلت ذلك بي. فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء فغسله بذلك الماء فعاد أحسن ما كان و أطرأ، و أنبت الله عليه روضة خضراء، و رد عليه أهله و ماله و ولده و زرعه و قعد معه الملك يحدثه و يؤنسه. فأقبلت امرأته معها الكسرة 1 فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير و إذا رجلان جالسان فبكت و صاحت و قالت: يا أيوب ما دهاك؟ فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته و قد رد الله عليه بدنه و نعمه سجدت لله شكرا. فرأى ذؤابتها مقطوعة و ذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام و كانت حسنة الذوائب فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك؟ فقطعتها و دفعتها إليهم و أخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب و حلف عليها أن يضربها مائة فأخبرته أنه كان سببه كيت و كيت. فاغتم أيوب من ذلك فأوحى الله عز و جل إليه «خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث» فأخذ عذقا مشتملا على مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.
أقول: و روي عن ابن عباس ما يقرب منه، و عن وهب أن امرأته كانت بنت ميشا بن يوسف، و الرواية - كما ترى - تذكر ابتلاءه بما تتنفر عنه الطباع و هناك من الروايات ما يؤيد ذلك لكن بعض الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ينفي ذلك و ينكره أشد الإنكار كما يأتي.
و عن الخصال،: القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال: إن أيوب (عليه السلام) ابتلي سبع سنين من غير ذنب و إن الأنبياء لا يذنبون لأنهم معصومون مطهرون لا يذنبون و لا يزيغون و لا يرتكبون ذنبا صغيرا و لا كبيرا. و قال: إن أيوب من جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة، و لا قبحت له صورة و لا خرجت منه مدة من دم و لا قيح، و لا استقذره أحد رآه، و لا استوحش منه أحد شاهده، و لا تدود شيء من جسده و هكذا يصنع الله عز و جل بجميع من يبتليه من أنبيائه و أوليائه المكرمين عليه. و إنما اجتنبه الناس لفقره و ضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد و الفرج، و قد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أعظم الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. و إنما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، و ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله على ضربين: استحقاق و اختصاص، و لئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه و لا فقيرا لفقره و لا مريضا لمرضه، و ليعلموا أنه يسقم من يشاء، و يشفي من يشاء متى شاء كيف شاء، بأي سبب شاء و يجعل ذلك عبرة لمن شاء، و شقاوة لمن شاء، و سعادة لمن شاء، و هو عز و جل في جميع ذلك عدل في قضائه و حكيم في أفعاله لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم و لا قوة لهم إلا به.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و وهبنا له أهله و مثلهم معهم» الآية قال: فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، و رد عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله له فعاشوا معه. و سئل أيوب بعد ما عافاه الله: أي شيء كان أشد عليك مما مر؟ فقال: شماتة الأعداء.
و في المجمع،: في قوله تعالى: «أني مسني الشيطان» الآية قيل: إنه اشتد مرضه حتى تجنبه الناس فوسوس الشيطان إلى الناس أن يستقذروه و يخرجوه من بينهم و لا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم فكان أيوب يتأذى بذلك و يتألم به و لم يشك الألم الذي كان من أمر الله سبحانه. قال قتادة: دام ذلك سبع سنين: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).
خبر اليسع و ذي الكفل «(عليه السلام)
» ذكر سبحانه اسمهما في كلامه و عدهما من الأنبياء و أثنى عليهما و عدهما من الأخيار «ص: 48» و عد ذا الكفل من الصابرين «الأنبياء: 85» و لهما ذكر في الأخبار.
ففي البحار، عن الإحتجاج و التوحيد و العيون في خبر طويل رواه الحسن بن محمد النوفلي عن الرضا (عليه السلام) فيما احتج به على جاثليق النصارى أن قال (عليه السلام): إن اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى (عليه السلام) مشى على الماء و أحيا الموتى و أبرأ الأكمه و الأبرص فلم يتخذه أمته ربا، الخبر.
و عن قصص الأنبياء،: الصدوق عن الدقاق عن الأسدي عن سهل عن عبد العظيم الحسني قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني أسأله عن ذي الكفل ما اسمه؟ و هل كان من المرسلين؟. فكتب (عليه السلام) بعث الله جل ذكره مائة ألف نبي و أربعة و عشرين ألف نبي. مرسلون منهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، و إن ذا الكفل منهم، و كان بعد سليمان بن داود، و كان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود، و لم يغضب إلا لله عز و جل و كان اسمه عويديا و هو الذي ذكره الله جلت عظمته في كتابه حيث قال: «و اذكر إسماعيل و اليسع و ذا الكفل و كل من الأخيار».
أقول: و هناك روايات متفرقة أخر في قصصهما (عليهما السلام) تركنا إيرادها لضعفها و عدم الاعتماد عليها.
|