بيان
فصل رابع من الآيات يعرف الوحي الإلهي بأن الدين النازل به كتاب مكتوب على الناس و ميزان يوزن به أعمالهم فيجزون بذلك يوم القيامة، و الجزاء الحسن من الرزق ثم يستطرد الكلام في ما يستقبلهم يوم القيامة من الثواب و العقاب، و فيها آية المودة في القربى و ما يلحق بذلك.
قوله تعالى: «الله الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان» إلخ، كان مفتتح الفصول السابقة في سياق الفعل إخبارا عن الوحي و غرضه و آثاره «كذلك يوحي إليك» «و كذلك أوحينا إليك» «شرع لكم من الدين» و قد غير السياق في مفتتح هذا الفصل فجيء بالجملة الاسمية المتضمنة لتوصيفه تعالى بإنزال الكتاب و الميزان «الله الذي أنزل الكتاب» إلخ، و لازمه تعريف الوحي بنزول الكتاب و الميزان به.
و لعل الوجه فيه ما تقدم في الآية السابقة من ذكر المحاجة في الله «و الذين يحاجون في الله» فاستدعى ذلك تعريفه تعالى للمحاجين فيه بأنه الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان، و لازمه تعريف الوحي بأثره كما عرفت.
و كيف كان فالمراد بالكتاب هو الوحي المشتمل على الشريعة و الدين الحاكم في المجتمع البشري، و قد تقدم في تفسير قوله تعالى: «كان الناس أمة واحدة» الآية: البقرة: 213 أن هذا المعنى هو المراد بالكتاب في الكتاب، و كون إنزاله بالحق نزوله مصاحبا للحق لا يخالطه اختلاف شيطاني و لا نفساني.
و الميزان ما يوزن و يقدر به الأشياء، و المراد به بقرينة ذيل الآية و الآيات التالية هو الدين المشتمل عليه الكتاب حيث يوزن به العقائد و الأعمال فتحاسب عليه و يجزي بحسبه الجزاء يوم القيامة فالميزان هو الدين بأصوله و فروعه، و يؤيده قوله تعالى: «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان»: الحديد: 25، على ما هو ظاهر قوله: «معهم».
و قيل: المراد به العدل و سمي العدل ميزانا لأن الميزان آلة الإنصاف و التسوية بين الناس و العدل كذلك و أيد بسبق ذكر العدل في قوله: «و أمرت لأعدل بينكم».
و فيه أنه لا شاهد يشهد عليه من اللفظ، و قد تقدم أن المراد بالعدل في «لأعدل» هو التسوية بين الناس في التبليغ و في جريان الحكم دون عدل الحاكم و القاضي.
و قيل: المراد به الميزان المعروف المقدر للأثقال.
و هو كما ترى.
و قيل: المراد به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و يمكن إرجاعه إلى ما قدمناه من الوجه لأن النبي مصداق كامل و مثل أعلى للدين بأصوله و فروعه و لكل فرد من أمته من الزنة الدينية قدر ما يشابهه و يماثله لكن لا يلائم هذا الوجه ما تقدم نقله آنفا من آية سورة الحديد كثير ملاءمة.
و قوله: «و ما يدريك لعل الساعة قريب» لما كان الميزان المشعر بالحساب و الجزاء يومىء إلى البعث و القيامة انتقل إلى الكلام فيه و إنذارهم بما سيستقبلهم فيه من الأهوال و التبشير بما أعد فيه للصالحين.
و الإدراء الإعلام، و المراد بالساعة - على ما قيل - إتيانها و لذا جيء بالخبر مذكرا، و المعنى: ما الذي يعلمك لعل إتيان الساعة قريب و الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعنوان أنه سامع فيشمل كل من له أن يسمع و يعم الإنذار و التخويف.
قوله تعالى: «يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها و الذين آمنوا مشفقون منها» إلخ المراد استعجالهم استعجال سخرية و استهزاء و قد تكرر في القرآن نقل قولهم: «متى هذا الوعد إن كنتم صادقين».
و الإشفاق نوع من الخوف، قال الراغب: الإشفاق عناية مختلطة بخوف لأن المشفق يحب المشفق عليه و يخاف ما يلحقه، قال تعالى: «و هم من الساعة مشفقون» فإذا عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر، و إذا عدي بفي فمعنى العناية فيه أظهر، قال تعالى: «إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين» «مشفقون منها» انتهى.
و قوله: «ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد» المماراة الإصرار على الجدال، و المراد إلحاحهم على إنكارها بالجدال، و إنما كانوا في ضلال بعيد لأنهم أخطئوا طريق الحياة التي أصابتها أهم ما يتصور للإنسان فتوهموها حياة مقطوعة فانية انكبوا فيها على شهوات الدنيا و إنما هي حياة خالده باقية يجب عليهم أن يتزودوا من دنياهم لأخراهم لكنهم ضلوا عن سبيل الرشد فوقعوا في سبيل الغي.
قوله تعالى: «الله لطيف بعباده يرزق من يشاء و هو القوي العزيز» في معنى اللطف شيء من الرفق و سهولة الفعل و شيء من الدقة في ما يقع عليه الفعل فإذا تم الرفق و الدقة و كان الفاعل يفعل برفق و سهولة و يقع فعله على الأمور الدقيقة كان لطيفا كالهواء النافذ في منافذ الأجسام برفق و سهولة المماس لدقائق أجزائها الباطنة.
و إذا ألقيت الخصوصيات المادية عن هذا المعنى صح أن يتصف به الله سبحانه فإنه تعالى ينال دقائق الأمور بإحاطته و علمه و يفعل فيها ما يشاء برفق فهو لطيف.
و قد رتب الرزق في الآية على كونه تعالى لطيفا بعباده قويا عزيزا دلالة على أنه تعالى بلطفه لا يغيب عنه أحد ممن يشاء أن يرزق و لا يعصيه و بقوته عليه لا يعجز عنه و بعزته لا يمنعه مانع عنه.
و المراد بالرزق ما يعم موهبة الدين الذي يتلبس بها من يشاء من عباده على ما يشهد به الآية التالية، و لذا ألحق القول فيه بقوله: «الله الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان».
قوله تعالى: «من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه» إلخ، الحرث الزرع و المراد به نتيجة الأعمال التي يؤتاها الإنسان في الآخرة على سبيل الاستعارة كان الأعمال الصالحة بذور و ما تنتجه في الآخرة حرث.
و المراد بالزيادة له في حرثه تكثير ثوابه و مضاعفته، قال تعالى: «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها»: الأنعام: 160، و قال: «و الله يضاعف لمن يشاء»: البقرة: 261.
و قوله: «و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها و ما له في الآخرة من نصيب» أي و من كان يريد النتائج الدنيوية بأن يعمل للدنيا و يريد نتيجة ما عمله فيها دون الآخرة نؤته من الدنيا و ما له في الآخرة نصيب، و في التعبير بإرادة الحرث إشارة إلى اشتراط العمل لما يريده من الدنيا و الآخرة كما قال تعالى: «و أن ليس للإنسان إلا ما سعى»: النجم: 39.
و قد أبهم ما يعطيه من الدنيا إذ قال: «نؤته منها» إشارة إلى أن الأمر إلى المشية الإلهية فربما بسطت الرزق و ربما قدرت كما قال تعالى: «من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد»: إسراء: 18.
و الالتفات من الغيبة إلى التكلم بالغير في قوله «نزد له» و «نؤته منها» للدلالة على العظمة التي يشعر بها قوله: «و هو القوي العزيز».
و المحصل من معنى الآيتين: أن الله سبحانه لطيف بعباده جميعا ذو قوة مطلقة و عزة مطلقة يرزق عباده على حسب مشيته و قد شاء في من أراد الآخرة و عمل لها أن يرزقه منها و يزيد فيه، و فيمن أراد الدنيا و عمل لها فحسب أن يؤتيه منها و ما له في الآخرة من نصيب.
و يظهر من ذلك أن الآية الأولى عامة تشمل الفريقين، و المراد بالعباد ما يعم أهل الدنيا و الآخرة، و كذا الرزق و أن الآية الثانية في مقام تفصيل ما في قوله: «يرزق من يشاء» من الإجمال.
قوله تعالى: «أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله» إلى آخر الآية لما بين أن الله سبحانه هو الذي أنزل الكتاب بالحق و شرع لهم الدين الذي هو ميزان أعمالهم و أنه بلطفه و قوته و عزته يرزق من أراد الآخرة و عمل لها ما أراده منها و يزيد، و إن من أراد الدنيا و نسي الآخرة لا نصيب له فيها سجل على من كفر بالآخرة عدم النصيب فيها بإنكار أن لا دين غير ما شرعه الله يدين به هؤلاء حتى يرزقوا بالعمل به مثل ما يرزق أهل الإيمان بالآخرة فيها إذ لا شريك لله حتى يشرع دينا غير ما شرعه الله من غير إذن منه تعالى فلا دين إلا لله و لا يرزق في الآخرة رزقا حسنا إلا من آمن بها و عمل لها.
فقوله: «أم لهم شركاء» إلخ، في مقام الإنكار، و قوله: «و لو لا كلمة الفصل لقضي بينهم» إشارة إلى الكلمة التي سبقت منه تعالى أنهم يعيشون في الأرض إلى أجل مسمى، و فيه إكبار لجرمهم و معصيتهم.
و قوله: «و إن الظالمين لهم عذاب أليم» وعيد لهم على ظلمهم، و إشارة إلى أنهم لا يفوتونه تعالى فإن لم يقض بينهم و لم يعذبهم في الدنيا فلهم في الآخرة عذاب أليم.
قوله تعالى: «ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا و هو واقع بهم» إلخ، الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعنوان أنه سامع فيشمل كل من من شأنه أن يرى، و المراد بالظالمين التاركون لدين الله الذي شرعه لعباده المعرضون عن الساعة، و المعنى: يرى الراءون هؤلاء الظالمين يوم القيامة خائفين مما كسبوا من السيئات و هو واقع بهم لا مناص لهم عنه.
و الآية من الآيات الظاهرة في تجسم الأعمال، و قيل: في الكلام مضاف محذوف و التقدير مشفقين من وبال ما كسبوا، و لا حاجة إليه.
و قوله: «و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات» في المجمع،: أن الروضة الأرض الخضرة بحسن النبات، و الجنة الأرض التي تحفها الشجر فروضات الجنات الحدائق المشجرة المخضرة متونها.
و قوله: «لهم ما يشاءون عند ربهم» أي إن نظام الأسباب مطوي فيها بل السبب الوحيد هو إرادتهم وحدها يخلق الله لهم من عنده ما يشاءون ذلك هو الفضل الكبير.
و قوله: «ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا و عملوا الصالحات» تبشير للمؤمنين الصالحين، و إضافة العباد تشريفية.
قوله تعالى: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى» الذي نفي سؤال الأجر عليه هو تبليغ الرسالة و الدعوة الدينية، و قد حكى الله ذلك عن عدة ممن قبله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرسل كنوح و هود و صالح و لوط و شعيب فيما حكي مما يخاطب كل منهم أمته: «و ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين» الشعراء و غيرها.
و قد حكي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك إذ قال: «و ما تسألهم عليه من أجر»: يوسف: 104، و قد أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب الناس بذلك بتعبيرات مختلفة حيث قال: «قل ما أسألكم عليه من أجر»: ص 86، و قال: «قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله»: سبأ: 47، و قال: «قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين»: الأنعام: 90، فأشار إلى وجه النفي و هو أنه ذكرى للعالمين لا يختص ببعض دون بعض حتى يتخذ عليه الأجر.
و قال: «قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا»: الفرقان: 57، و معناه على ما مر في تفسير الآية: إلا أن يشاء أحد منكم أن يتخذ إلى ربه سبيلا أي يستجيب دعوتي باختياره فهو أجري أي لا شيء هناك وراء الدعوة أي لا أجر.
و قال تعالى في هذه السورة: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى» فجعل أجر رسالته المودة في القربى، و من المتيقن من مضامين سائر الآيات التي في هذا المعنى أن هذه المودة أمر يرجع إلى استجابة الدعوة إما استجابة كلها و إما استجابة بعضها الذي يهتم به و ظاهر الاستثناء على أي حال أنه متصل بدعوى كون المودة من الأجر و لا حاجة إلى ما تمحله بعضهم بتقريب الانقطاع فيه.
و أما معنى المودة في القربى فقد اختلف فيه تفاسيرهم: فقيل - و نسب إلى الجمهور - أن الخطاب لقريش و الأجر المسئول هو مودتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقرابته منهم و ذلك لأنهم كانوا يكذبونه و يبغضونه لتعرضه لآلهتهم على ما في بعض الأخبار فأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسألهم: إن لم يؤمنوا به فليودوه لمكان قرابته منهم و لا يبغضوه و لا يؤذوه فالقربى مصدر بمعنى القرابة، و في للسببية.
و فيه أن معنى الأجر إنما يتم إذا قوبل به عمل يمتلكه معطي الأجر فيعطي العامل ما يعادل ما امتلكه من مال و نحوه فسؤال الأجر من قريش و هم كانوا مكذبين له كافرين بدعوته إنما كان يصح على تقدير إيمانهم به (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم على تقدير تكذيبه و الكفر بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتى يقابلوه بالأجر، و على تقدير الإيمان به - و النبوة أحد الأصول الثلاثة في الدين - لا يتصور بغض حتى تجعل المودة أجرا للرسالة و يسأل.
و بالجملة لا تحقق لمعنى الأجر على تقدير كفر المسئولين و لا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتى يسألوا المودة.
و هذا الإشكال وارد حتى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا فإن سؤال الأجر منهم على أي حال إنما يتصور على تقدير إيمانهم و الاستدراك على الانقطاع إنما هو عن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه.
و قيل: المراد بالمودة في القربى ما تقدم و الخطاب للأنصار فقد قيل: إنهم أتوه بمال ليستعين به على ما ينوبه فنزلت الآية فرده، و قد كان له منهم قرابة من جهة سلمى بنت زيد النجارية و من جهة أخوال أمه آمنة على ما قيل.
و فيه أن أمر الأنصار في حبهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوضح من أن يرتاب فيه ذو ريب و هم الذين سألوه أن يهاجر إليهم، و بوءوا له الدار، و فدوه بالأنفس و الأموال و البنين و بذلوا كل جهدهم في نصرته و حتى في الإحسان على من هاجر إليهم من المؤمنين به، و قد مدحهم الله تعالى بمثل قوله: «و الذين تبوءوا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفهسم و لو كان بهم خصاصة»: الحشر: 9، و هذا مبلغ حبهم للمهاجرين إليهم لأجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فما هو الظن في حبهم له؟.
و إذا كان هذا مبلغ حبهم فما معنى أن يؤمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتوسل إلى مودتهم بقرابته منهم هذه القرابة البعيدة؟.
على أن العرب ما كانت تعتني بالقرابة من جهة النساء ذاك الاعتناء و فيهم القائل: بنونا بنو أبنائنا و بناتنا.
بنوهن أبناء الرجال الأباعد.
و القائل: و إنما أمهات الناس أوعية.
مستودعات و للأنساب آباء.
و إنما هو الإسلام أدخل النساء في القرابة و ساوى بين أولاد البنين و أولاد البنات و قد تقدم الكلام في ذلك.
و قيل: الخطاب لقريش و المودة في القربى هي المودة بسبب القرابة غير أن المراد بها مودة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا مودة قريش كما في الوجه الأول، و الاستثناء منقطع، و محصل المعنى: أني لا أسألكم أجرا على ما أدعوكم إليه من الهدى الذي ينتهي بكم إلى روضات الجنات و الخلود فيها و لا أطلب منكم جزاء لكن حبي لكم بسبب قرابتكم مني دفعني إلى أن أهديكم إليه و أدلكم عليه.
و فيه أنه لا يلائم ما يخده الله سبحانه له (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريق الدعوة و الهداية فإنه تعالى يسجل عليه في مواضع كثيرة من كلامه أن الأمر في هداية الناس إلى الله و ليس له من الأمر شيء و أن ليس له أن يحزن لكفرهم و ردهم دعوته و إنما عليه البلاغ فلم يكن له أن يندفع إلى هداية أحد لحب قرابة أو يعرض عن هداية آخرين لبغض أو كراهة و مع ذلك كله كيف يتصور أن يأمره الله بقوله: «قل لا أسألكم» الآية أن يخبر كفار قريش أنه إنما اندفع إلى دعوتهم و هدايتهم بسبب حبه لهم لقرابتهم منه لا لأجر يسألهم إياه عليه.
و قيل: المراد بالمودة في القربى مودة الأقرباء و الخطاب لقريش أو لعامة الناس و المعنى: لا أسألكم على دعائي أجرا إلا أن تودوا أقرباءكم.
و فيه أن مودة الأقرباء على إطلاقهم ليست مما يندب إليه في الإسلام قال تعالى: «لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح منه»: المجادلة: 22، و سياق هذه الآية لا يلائم كونها مخصصة أو مقيدة لعموم قوله: «إلا المودة في القربى» أو إطلاقه حتى تكون المودة للأقرباء المؤمنين هي أجر الرسالة على أن هذه المودة الخاصة لا تلائم خطاب قريش أو عامة الناس.
بل الذي يفيده سياق الآية أن الذي يندب إليه الإسلام هو الحب في الله من غير أن يكون للقرابة خصوصية في ذلك، نعم هناك اهتمام شديد بأمر القرابة و الرحم لكنه بعنوان صلة الرحم و إيتاء المال، على حبه ذوي القربى لا بعنوان مودة القربى فلا حب إلا لله عز اسمه.
و لا مساغ للقول بأن المودة في القربى في الآية كناية عن صلتهم و الإحسان إليهم بإيتاء المال إذ ليس في الكلام ما يدفع كون المراد هو المعنى الحقيقي غير الملائم لما ندب إليه الإسلام من الحب في الله.
و قيل: معنى القربى هو التقرب إلى الله، و المودة في القربى هي التودد إليه تعالى بالطاعة و التقرب فالمعنى: لا أسألكم عليه أجرا إلا أن توددوا إليه تعالى بالتقرب إليه.
و فيه أن في قوله: «إلا المودة في القربى» على هذا المعنى إبهاما لا يصلح به أن يخاطب به المشركون فإن حاق مدلوله التودد إليه - أو وده تعالى - بالتقرب إليه و المشركون لا ينكرون ذلك بل يرون ما هم عليه من عبادة الآلهة توددا إليه بالتقرب منه فهم القائلون على ما يحكيه القرآن عنهم: «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»: الزمر: 3، «هؤلاء شفعاؤنا عند الله»: يونس: 18.
فسؤال التودد إلى الله بالتقرب إليه من غير تقييده بكونه بعبادته وحده، و جعل ذلك أجرا مطلوبا ممن يرى شركة نوع تودد إلى الله بالتقرب إليه، و خطابهم بذلك على ما فيه من الإبهام - و المقام مقام تمحيضه (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه في دعوتهم إلى دين التوحيد لا يسألهم لنفسه شيئا قط - مما لا يرتضيه الذوق السليم.
على أن المستعمل في الآية هو المودة دون التودد فالمراد بالمودة حبهم لله في التقرب إليه و لم يرد في كلامه تعالى إطلاق المودة على حب العباد لله سبحانه و إن ورد العكس كما في قوله: «إن ربي رحيم ودود»: هود: 90، و قوله: «و هو الغفور الودود»: البروج: 14، و لعل ذلك لما في لفظ المودة من الإشعار بمراعاة حال المودود و تعاهده و تفقده، حتى قال بعضهم - على ما حكاه الراغب - أن مودة الله لعباده مراعاته لهم.
و الإشكال السابق على حاله و لو فسرت المودة في القربى بموادة الناس بعضهم بعضا و محابتهم في التقرب إلى الله بأن تكون القربات أسبابا للمودة و الحب فيما بينهم فإن للمشركين ما يماثل ذلك فيما بينهم على ما يعتقدون.
و قيل: المراد بالمودة في القربى، مودة قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و هم عترته من أهل بيته (عليهم السلام) و قد وردت به روايات من طرق أهل السنة و تكاثرت الأخبار من طرق الشيعة على تفسير الآية بمودتهم و موالاتهم، و يؤيده الأخبار المتواترة من طرق الفريقين على وجوب موالاة أهل البيت (عليهم السلام) و محبتهم.
ثم التأمل الكافي في الروايات المتواترة الواردة من طرق الفريقين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتضمنة لإرجاع الناس في فهم كتاب الله بما فيه من أصول معارف الدين و فروعها و بيان حقائقه إلى أهل البيت (عليهم السلام) كحديث الثقلين و حديث السفينة و غيرهما لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم و جعلها أجرا للرسالة إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إليهم فيما كان لهم من المرجعية العلمية.
فالمودة المفروضة على كونها أجرا للرسالة لم تكن أمرا وراء الدعوة الدينية من حيث بقائها و دوامها، فالآية في مؤداها لا تغاير مؤدى سائر الآيات النافية لسؤال الأجر.
و يئول معناها إلى أني لا أسألكم عليه أجرا إلا أن الله لما أوجب عليكم مودة عامة المؤمنين و من جملتهم قرابتي فإني أحتسب مودتكم لقرابتي و أعدها أجرا لرسالتي، قال تعالى: «إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا»: مريم: 96 و قال: «و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض»: التوبة: 71.
و بذلك يظهر فساد ما أورد على هذا الوجه أنه لا يناسب شأن النبوة لما فيه من التهمة فإن أكثر طلبة الدنيا يفعلون شيئا و يسألون عليه ما يكون فيه نفع لأولادهم و قراباتهم.
و أيضا فيه منافاة لقوله تعالى: «و ما تسألهم عليه من أجر»: يوسف: 104.
وجه الفساد أن إطلاق الأجر عليها و تسميتها به إنما هو بحسب الدعوى و أما بحسب الحقيقة فلا يزيد مدلول الآية على ما يدل عليه الآيات الآخر النافية لسؤال الأجر كما عرفت و ما في ذلك من النفع عائد إليهم فلا مورد للتهمة.
على أن الآية على هذا مدنية خوطب بها المسلمون و ليس لهم أن يتهموا نبيهم المصون بعصمة إلهية - بعد الإيمان به و تصديق عصمته - فيما يأتيهم به من ربهم و لو جاز اتهامهم له في ذلك و كان ذلك غير مناسب لشأن النبوة لا يصلح لأن يخاطب به، لاطرد مثل ذلك في خطابات كثيرة قرآنية كالآيات الدالة على فرض طاعته المطلقة و الدالة على كون الأنفال و الغنائم لله و لرسوله، و الدالة على خمس ذوي القربى، و ما أبيح له في أمر النساء و غير ذلك.
على أنه تعالى تعرض لهذه التهمة و دفعها في قوله الآتي: «أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك» الآية على ما سيأتي.
و هب أنا صرفنا الآية عن هذا المعنى بحملها على غيره دفعا لما ذكر من التهمة فما هو الدافع لها عن الأخبار التي لا تحصى كثرة الواردة من طرق الفريقين في إيجاب مودة أهل البيت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)؟.
و أما منافاة هذا الوجه لقوله تعالى: «و ما تسألهم عليه من أجر» فقد اتضح بطلانه مما ذكرناه، و الآية بقياس مدلولها إلى الآيات النافية لسؤال الأجر نظيره قوله تعالى: «قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا»: الفرقان: 57.
قال في الكشاف بعد اختياره هذا الوجه: فإن قلت: هلا قيل: إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى، و ما معنى قوله: إلا المودة في القربى؟ قلت: جعلوا مكانا للمودة و مقرا لها كقولك: لي في آل فلان مودة، و لي فيهم هوى و حب شديد، تريد أحبهم و هم مكان حبي و محله.
قال: و ليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت: إلا المودة للقربى.
إنما هي متعلقه بمحذوف تعلق الظرف به في قولك: المال في الكيس، و تقديره: إلا المودة ثابتة في القربى و متمكنة فيها.
انتهى.
قوله تعالى: «و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور» الاقتراف الاكتساب، و الحسنة الفعلة التي يرتضيها الله سبحانه و يثيب عليها، و حسن العمل ملاءمته لسعادة الإنسان و الغاية التي يقصدها كما أن مساءته و قبحه خلاف ذلك، و زيادة حسنها إتمام ما نقص من جهاتها و إكماله و من ذلك الزيادة في ثوابها كما قال تعالى: «و لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون»: العنكبوت: 7، و قال: «ليجزيهم الله أحسن ما عملوا و يزيدهم من فضله»: النور: 38.
و المعنى: و من يكتسب حسنة نزد له في تلك الحسنة حسنا - برفع نقائصها و زيادة أجرها - إن الله غفور يمحو السيئات شكور يظهر محاسن العمل من عامله.
و قيل: المراد بالحسنة مودة قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و يؤيده ما في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أن قوله: «قل لا أسألكم عليه أجرا» إلى تمام أربع آيات نزلت في مودة قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و لازم ذلك كون الآيات مدنية و أنها ذات سياق واحد و أن المراد بالحسنة من حيث انطباقها على المورد هي المودة، و على هذا فالإشارة بقوله: «أم يقولون افترى» إلخ، إلى بعض ما تفوه به المنافقون تثاقلا عن قبوله و في المؤمنين سماعون لهم، و بقوله: «و هو الذي يقبل التوبة» إلى آخر الآيتين إلى توبة الراجعين منهم و قبولها.
و في قوله: «إن الله غفور شكور» التفات من التكلم إلى الغيبة و الوجه فيه الإشارة إلى علة الاتصاف بالمغفرة و الشكر فإن المعنى: أن الله غفور شكور لأنه الله عز اسمه.
قوله تعالى: «أم يقولون افترى على الله كذبا» إلى آخر الآية أم منقطعة، و الكلام مسوق للتوبيخ و لازمه إنكار كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) مفتريا على الله كذبا.
و قوله: «فإن يشإ الله يختم على قلبك» معناه على ما يعطيه السياق أنك لست مفتريا على الله كذبا فإنه ليس لك من الأمر شيء حتى تشاء الفرية فتأتي بها و إنما هو وحي من الله سبحانه من غير أن يكون لك فيه صنع و الأمر إلى مشيته تعالى فإن يشأ يختم على قلبك و سد باب الوحي إليك، لكنه شاء أن يوحي إليك و يبين الحق، و قد جرت سنته أن يمحو الباطل و يحق الحق بكلماته.
فقوله: «فإن يشإ الله يختم على قلبك» كناية عن إرجاع الأمر إلى مشية الله و تنزيه لساحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأتي بشيء من عنده.
و هذا المعنى - كما سترى - أنسب للسياق بناء على كون المراد بالقربى قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و التوبيخ متوجها إلى المنافقين و مرضي القلوب.
و قد ذكروا في معنى الجملة وجوها أخر: منها: ما ذكره الزمخشري في الكشاف حيث فسر قوله: «فإن يشإ الله يختم على قلبك» بقوله: فإن يشإ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يفتري على الله الكذب إلا من كان في مثل حالهم.
و هذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله و أنه في البعد مثل الشرك بالله و الدخول في جملة المختوم على قلوبهم، و مثال هذا أن يخون بعض الأمناء فيقول: لعل الله خذلني لعل الله أعمى قلبي و هو لا يريد إثبات الخذلان و عمى القلب و إنما يريد استبعاد أن يخون مثله و التنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم.
انتهى.
و منها ما قيل: إن المعنى لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله الكذب لطبع الله على قلبك و لأنساك القرآن فكيف تقدر أن تفتري على الله، و هذا كقوله: «لئن أشركت ليحبطن عملك».
و منها ما قيل: إن معناه فإن يشإ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك قولهم: إنه مفتر و ساحر، و هي وجوه لا تخلو من ضعف.
و منها ما قيل: إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلبك كما ختم على قلوبهم و هو تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليشكر ربه على ما آتاه من النعمة.
و منها ما قيل: إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلوب الكفار و على ألسنتهم و يعاجلهم بالعذاب، و عدل عن الغيبة إلى الخطاب و عن الجمع إلى الإفراد، و المراد: يختم على قلبك أيها القائل: أنه افترى على الله كذبا.
و قوله: «و يمح الله الباطل و يحق الحق بكلماته» الإتيان بالمضارع - يمحو و يحق - للدلالة على الاستمرار، فمحو الباطل و إحقاق الحق بالكلمات سنة جارية له تعالى و المراد بالكلمات ما ينزل على الأنبياء من الوحي الإلهي و التكليم الربوبي و يمكن أن يكون المراد نفوس الأنبياء من حيث أنها مفصحة عن الضمير الغيبي.
و قوله: «إنه عليم بذات الصدور» تعليل لقوله: «و يمح الله الباطل إلخ أي أنه يمحو الباطل و يحق الحق بكلماته لأنه عليم بالقلوب و ما انطوت عليه فيعلم ما تستدعيه من هدى أو ضلال أو شرح أو ختم بإنزال الوحي و توجيه الدعوة.
قيل: و في الآية إشعار بوعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنصر و لا يخلو من وجه.
قوله تعالى: «و هو الذي يقبل التوبة عن عباده و يعفوا عن السيئات و يعلم ما تفعلون» يقال: قبل منه و قبل عنه قال في الكشاف: يقال: قبلت منه الشيء و قبلته عنه فمعنى قبلته منه أخذته منه و جعلته مبدأ قبولي و منشأه، و معنى قبلته عنه عزلته و أبنته عنه.
انتهى.
و في قوله: «و يعلم ما تفعلون» تحضيض على التوبة و تحذير عن اقتراف السيئات و المعنى ظاهر.
قوله تعالى: «و يستجيب الذين آمنوا و عملوا الصالحات و يزيدهم من فضله و الكافرون لهم عذاب شديد» فاعل «يستجيب» ضمير راجع إليه تعالى و «الذين آمنوا» إلخ، في موضع المفعول بنزع الخافض و التقدير و يستجيب للذين - آمنوا على ما قيل - و قيل: فاعل «يستجيب» هو «الذين» و هو بعيد من السياق.
و الاستجابة إجابة الدعاء و لما كانت العبادة دعوة له تعالى عبر عن قبولها بالاستجابة لهم، و الدليل على هذا المعنى قوله: «و يزيدهم من فضله» فإن ظاهره زيادة الثواب و كذا مقابلة استجابة المؤمنين بقوله: «و الكافرون لهم عذاب شديد».
و قيل: المراد أنه يستجيب لهم إذا دعوه و أعطاهم ما سألوه و زادهم على ما طلبوه و هو بعيد من السياق.
على أن استجابة الدعاء لا يختص بالمؤمن.
بحث روائي
في المجمع، روى زادان عن علي (عليه السلام) قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن. ثم قرأ «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى».
قال الطبرسي: و إلى هذا أشار الكميت في قوله: وجدنا لكم في آل حم آية.
تأولها منا تقي و معرب.
و فيه، و صح عن الحسن بن علي (عليهما السلام): أنه خطب الناس فقال في خطبته: إنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى».
و في الكافي، بإسناده عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: «قل لا أسألكم عليه أجرا - إلا المودة في القربى» قال: هم الأئمة.
أقول: و الأخبار في هذا المعنى من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة جدا مروية عنهم.
و في الدر المنثور، أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و الترمذي و ابن جرير و ابن مردويه من طريق طاووس عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: «إلا المودة في القربى» فقال سعيد بن جبير: هم قربى آل محمد فقال ابن عباس: عجلت إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال: إلا أن تصلوا ما بيني و بينكم من القرابة.: أقول: و رواه أيضا عن ابن عباس بطرق أخرى غير هذا الطريق، و قد تقدم في بيان الآية أن هذا المعنى غير مستقيم و لا منطبق على سياق الآية، و من العجيب ما في بعض هذه الطرق أن الآية منسوخة بقوله تعالى: «قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله».
و فيه، أخرج أبو نعيم و الديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى أن تحفظوني في أهل بيتي و تودوهم لي.
و فيه، أخرج ابن المنذر، و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية «قل لا أسألكم عليه أجرا - إلا المودة في القربى» قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم قال: علي و فاطمة و ولداها:. أقول: و رواه الطبرسي في المجمع،: و فيها «و ولدها» مكان «و ولداها».
و فيه، أخرج ابن جرير عن أبي الديلم قال: لما جيء بعلي بن الحسين أسيرا فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم و استأصلكم فقال له علي بن الحسين: أ قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أ قرأت آل حم؟ قال: نعم قال: أ ما قرأت «قل لا أسألكم عليه أجرا - إلا المودة في القربى»؟ قال: فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم.
و فيه، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس «و من يقترف حسنة» قال: المودة لآل محمد: أقول: و روي ما في معناه في الكافي، بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام).
و في تفسير القمي، حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: في قول الله عز و جل: «قل لا أسألكم عليه أجرا - إلا المودة في القربى» يعني في أهل بيته. قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: إنا قد آوينا و نصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك فأنزل الله عز و جل «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى» أي في أهل بيته. ثم قال: أ لا ترى أن الرجل يكون له صديق و في نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد الله عز و جل أن لا يكون في نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء على أمته ففرض الله عليهم المودة في القربى فإن أخذوا أخذوا مفروضا، و إن تركوا تركوا مفروضا. قال: فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا فقال: لا. قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي، و قال طائفة: ما قال هذا رسول الله و جحدوه و قالوا كما حكى الله عز و جل: «أم يقولون افترى على الله كذبا» فقال عز و جل: «فإن يشإ الله يختم على قلبك» قال: لو افتريت «و يمح الله الباطل» يعني يبطله «و يحق الحق بكلماته» يعني بالأئمة و القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) «إنه عليم بذات الصدور»:. أقول: و روى قصة الأنصار السيوطي في الدر المنثور، عن الطبراني و ابن مردويه من طريق ابن جبير و ضعفه.
|