بيان
آية تبين فرائض الكلالة من جهة الأبوين أو الأب على ما يفسرها به السنة، كما أن ما ذكر من سهام الكلالة في أول السورة سهام كلالة الأم بحسب البيان النبوي، و من الدليل على ذلك أن الفرائض المذكورة هاهنا أكثر مما ذكر هناك، و من المستفاد من الآيات أن سهام الذكور أكثر من سهام الإناث.
قوله تعالى: «يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد»، قد تقدم الكلام في معنى الاستفتاء و الإفتاء و معنى الكلالة في الآيات السابقة من السورة.
و قوله «ليس له ولد» ظاهره الأعم من الذكر و الأنثى على ما يفيده إطلاق الولد وحده.
و قال في المجمع:، فمعناه: ليس له ولد و لا والد، و إنما أضمرنا فيه الوالد للإجماع، انتهى.
و لو كان لأحد الأبوين وجود لم تخل الآية من ذكر سهمه فالمفروض عدمهما.
و قوله «و له أخت فلها نصف ما ترك و هو يرثها إن لم يكن لها ولد» سهم الأخت من أخيها، و الأخ من أخته، و منه يظهر سهم الأخت من أختها و الأخ من أخيه، و لو كان للفرضين الأخيرين فريضة أخرى لذكرت.
على أن قوله «و هو يرثها» في معنى قولنا لو انعكس الأمر - أي كان الأخ مكان الأخت - لذهب بالجميع، و على أن قوله «فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين» و هو سهم الأختين، و سهم الإخوة لم يقيد فيهما الميت بكونه رجلا أو امرأة فلا دخل لذكور الميت و أنوثته في السهام.
و الذي صرحت به الآية من السهام سهم الأخت الواحدة، و الأخ الواحد، و الأختين، و الإخوة المختلطة من الرجال و النساء، و من ذلك يعلم سهام باقي الفروض: منها: الأخوان يذهبان بجميع المال و يقتسمان بالسوية يعلم ذلك من ذهاب الأخ الواحد بالجميع، و منها الأخ الواحد مع أخت واحدة، و يصدق عليهما الإخوة كما تقدم في أول السورة فيشمله «و إن كانوا إخوة» على أن السنة مبينة لجميع ذلك.
و السهام المذكورة تختص بما إذا كان هناك كلالة الأب وحده، أو كلالة الأبوين وحده، و أما إذا اجتمعا كالأخت لأبوين مع الأخت لأب.
لم ترث الأخت لأب و قد تقدم ذكره في الكلام على آيات أول السورة.
قوله تعالى: «يبين الله لكم أن تضلوا»، أي حذر أن تضلوا، أو لئلا تضلوا و هو شائع في الكلام، قال عمرو بن كلثوم.
«فعجلنا القرى أن تشتمونا».
بحث روائي
في المجمع، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: اشتكيت و عندي تسعة أخوات لي أو سبع فدخل علي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت: يا رسول الله أ لا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أحسن، قلت: الشطر؟ قال أحسن، ثم خرج و تركني و رجع إلي فقال: يا جابر إني لا أراك ميتا من وجعك هذا، و إن الله قد أنزل في الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين. قالوا: و كانوا جابر يقول: أنزلت هذه الآية في.
أقول: و روي ما يقرب عنه في الدر المنثور،.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ضريس و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي في الدلائل عن البراء قال: آخر سورة نزلت كاملة: براءة، و آخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة.
أقول: و روي فيه عدة روايات أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الصحابة كانوا يسمون الآية بآية الصيف، قال في المجمع: و ذلك أن الله تعالى أنزل في الكلالة آيتين: إحداهما في الشتاء، و هي التي في أول هذه السورة، و أخرى في الصيف، و هي هذه الآية.
و فيه، أخرج أبو الشيخ في الفرائض عن البراء قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكلالة فقال: ما خلا الولد و الوالد. و في تفسير القمي، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بكير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا مات الرجل و له أخت لها نصف ما ترك من الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت، و النصف الباقي يرد عليها بالرحم إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها، فإن كان موضع الأخت أخ أخذ الميراث كله لقول الله «و هو يرثها إن لم يكن لها ولد» فإن كانتا أختين أخذتا الثلثين بالآية، و الثلث الباقي بالرحم، و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ذلك كله إذا لم يكن للميت ولد أو أبوان أو زوجة.
أقول: و روى العياشي في تفسيره ذيل الرواية في عدة أخبار عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام).
و في تفسير العياشي، عن بكير قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها و إخوتها لأمها و أختا لأب، قال: للزوج النصف: ثلاثة أسهم، و للإخوة من الأم الثلث: سهمان، و للأخت للأب سهم. فقال الرجل: فإن فرائض زيد و ابن مسعود و فرائض العامة و القضاة على غير ذا، يا أبا جعفر! يقولون: للأخت للأب و الأم ثلاثة أسهم نصيب من ستة يقول: إلى ثمانية. فقال أبو جعفر: و لم قالوا ذلك؟ قال لأن الله قال: «و له أخت فلها نصف ما ترك» فقال أبو جعفر (عليه السلام): فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون بأمر الله؟ فإن الله سمى لها النصف، و إن الله سمى للأخ الكل فالكل أكثر من النصف فإنه تعالى قال: «فلها النصف» و قال للأخ: «و هو يرثها» يعني جميع المال «إن لم يكن لها ولد» فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئا و تعطون الذي جعل الله له النصف تاما؟. و في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق و ابن المنذر و الحاكم و البيهقي عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل توفي و ترك ابنته و أخته لأبيه و أمه فقال: للبنت النصف و ليس للأخت شيء، و ما بقي فلعصبته فقيل: إن عمر جعل للأخت النصف فقال ابن عباس: أنتم أعلم أم الله؟ قال الله: «إن امرؤ هلك ليس له ولد و له أخت فلها نصف ما ترك» فقلتم أنتم: لها النصف و إن كان له ولد.
: أقول: و في المعاني السابقة روايات أخر
|