بيان
تفتتح السورة بوعيد أهل التطفيف في الكيل و الوزن و تنذرهم بأنهم مبعوثون للجزاء في يوم عظيم و هو يوم القيامة ثم تتخلص لتفصيل ما يجري يومئذ على الفجار و الأبرار.
و الأنسب بالنظر إلى السياق أن يكون أول السورة المشتمل على وعيد المطففين نازلا بالمدينة و أما ما يتلوه من الآيات إلى آخر السورة فيقبل الانطباق على السياقات المكية و المدينة.
قوله تعالى: «ويل للمطففين» دعاء على المطففين و التطفيف نقص المكيال و الميزان، و قد نهى الله تعالى عنه و سماه إفسادا في الأرض كما فيما حكاه من قول شعيب: «و يا قوم أوفوا المكيال و الميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين»: هود: 84، و قد تقدم الكلام في تفسير الآية في معنى كونه إفسادا في الأرض.
قوله تعالى: «الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون» الاكتيال من الناس الأخذ منهم بالكيل، و تعديته بعلى لإفادة معنى الضرر، و الكيل إعطاؤهم بالمكيال يقال: كاله طعامه و وزنه و كال له طعامه و وزن له و الأول لغة أهل الحجاز و عليه التنزيل و الثاني لغة غيرهم كما في المجمع، و الاستيفاء أخذ الحق تاما كاملا، و الإخسار الإيقاع في الخسارة.
و المعنى: الذين إذا أخذوا من الناس بالكيل يأخذون حقهم تاما كاملا، و إذا أعطوا الناس بالكيل أو الوزن ينقصون فيوقعونهم في الخسران.
فمضمون الآيتين جميعا ذم واحد و هو أنهم يراعون الحق لأنفسهم و لا يراعونه لغيرهم و بعبارة أخرى لا يراعون لغيرهم من الحق مثل ما يراعونه لأنفسهم و فيه إفساد الاجتماع الإنساني المبني على تعادل الحقوق المتقابلة و في إفساده كل الفساد.
و لم يذكر الاتزان مع الاكتيال كما ذكر الوزن مع الكيل إذ قال: «و إذا كالوهم أو وزنوهم» قيل: لأن المطففين كانوا باعة و هم كانوا في الأغلب يشترون الكثير من الحبوب و البقول و نحوهما من الأمتعة ثم يكسبون بها فيبيعونها يسيرا يسيرا تدريجا، و كان دأبهم في الكثير من هذه الأمتعة أن يؤخذ و يعطى بالكيل لا بالوزن فذكر الاكتيال وحده في الآية مبني على الغالب.
و قيل: لم يذكر الاتزان لأن الكيل و الوزن بهما البيع و الشراء فذكر أحدهما يدل على الآخر.
و فيه أن ما ذكر في الاكتيال جار في الكيل أيضا و قد ذكر معه الوزن فالوجه لا يخلو من تحكم.
و قيل: الآيتان تحاكيان ما كان عليه دأب الذين نزلت فيهم السورة فقد كانوا يشترون بالاكتيال فقط و يبيعون بالكيل و الوزن جميعا، و هذا الوجه دعوى من غير دليل.
إلى غير ذلك مما ذكروه في توجيه الاقتصار على ذكر الاكتيال في الآية، و لا يخلو شيء منها من ضعف.
قوله تعالى: «أ لا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم» الاستفهام للإنكار و التعجيب، و الظن بمعناه المعروف و الإشارة إلى المطففين بأولئك الموضوعة للإشارة البعيدة للدلالة على بعدهم من رحمة الله، و اليوم العظيم يوم القيامة الذي يجازون فيه بعملهم.
و الاكتفاء بظن البعث و حسبانه - مع أن من الواجب الاعتقاد العلمي بالمعاد - لأن مجرد حسبان الخطر و الضرر في عمل يوجب التجنب عنه و التحرز عن اقترافه و إن لم يكن هناك علم فالظن بالبعث ليوم عظيم يؤاخذ الله فيه الناس بما كسبوا من شأنه أن يردعهم عن اقتراف هذا الذنب العظيم الذي يستتبع العذاب الأليم.
و قيل: الظن في الآية بمعنى العلم.
قوله تعالى: «يوم يقوم الناس لرب العالمين» المراد به قيامهم من قبورهم - كناية عن تلبسهم بالحياة بعد الممات - لحكمه تعالى و قضائه بينهم.
قوله تعالى: «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين و ما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين» ردع - كما قيل - عما كانوا عليه من التطفيف و الغفلة عن البعث و الحساب.
و قوله: «إن كتاب الفجار لفي سجين» إلخ الذي يعطيه التدبر في سياق الآيات الأربع بقياس بعضها إلى بعض و قياس المجموع إلى مجموع قوله: «كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين» إلى تمام أربع آيات أن المراد بسجين ما يقابل عليين و معناه علو على علو مضاعف ففيه شيء من معنى السفل و الانحباس فيه كما يشير إليه قوله: «ثم رددناه أسفل سافلين»: التين: 5 فالأقرب أن يكون مبالغة من السجن بمعنى الحبس كسكير و شريب من السكر و الشرب فمعناه الذي يحبس من دخله على التخليد كما قيل.
و الكتاب بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء المحتوم و المراد بكتاب الفجار ما قدره الله لهم من الجزاء و أثبته بقضائه المحتوم.
فمحصل الآية أن الذي أثبته الله من جزائهم أو عده لهم لفي سجين الذي هو سجن يحبس من دخله حبسا طويلا أو خالدا.
و قوله: «و ما أدراك ما سجين» مسوق للتهويل.
و قوله: «كتاب مرقوم» خبر لمبتدإ محذوف هو ضمير راجع إلى سجين و الجملة بيان لسجين و «كتاب» أيضا بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء و الإثبات، و «مرقوم» من الرقم، قال الراغب: الرقم الخط الغليظ، و قيل: هو تعجيم الكتاب، و قوله تعالى: «كتاب مرقوم» حمل على الوجهين.
انتهى، و المعنى الثاني أنسب للمقام فيكون إشارة إلى كون ما كتب لهم متبينا لا إبهام فيه أي إن القضاء حتم لا يتخلف.
و المحصل أن سجين مقضي عليهم مثبت لهم متبين متميز لا إبهام فيه.
و لا ضير في لزوم كون الكتاب ظرفا للكتاب على هذا المعنى لأن ذلك من ظرفية الكل للجزء و هي مما لا ضير فيه فيكون سجين كتابا جامعا فيه ما قضي على الفجار و غيرهم من مستحقي العذاب.
و قوله: «ويل يومئذ للمكذبين» نعي و دعاء على الفجار و فيه تفسيرهم بالمكذبين، و «يومئذ» ظرف لقوله: «إن كتاب الفجار لفي سجين» بحسب المعنى أي ليهلك الفجار - و هم المكذبون - يومئذ تحقق ما كتب الله لهم و قضى عليهم من الجزاء و حل بهم ما أعد لهم من العذاب.
هذا ما يفيده التدبر في هذه الآيات الأربع، و هي ذات سياق واحد متصل متلائم الأجزاء.
و للقوم في تفسير مفردات الآيات الأربع و جملها أقوال متفرقة كقولهم: إن الكتاب في قوله: «إن كتاب الفجار» بمعنى المكتوب و المراد به صحيفة أعمالهم، و قيل: مصدر بمعنى الكتابة و في الكلام مضاف محذوف و التقدير كتابة عمل الفجار لفي سجين.
و قولهم: إن الفجار أعم من المكذبين فيشمل الكفار و الفسقة جميعا.
و قولهم: إن المراد بسجين الأرض السابعة السفلى يوضع فيها كتاب الفجار و قيل: واد في جهنم، و قيل: جب فيها، و قيل: سجين اسم لكتابهم، و قيل: سجين الأول اسم الموضع الذي يوضع فيه كتابهم و الثاني اسم كتابهم، و قيل: هو اسم كتاب جامع هو ديوان الشر دون فيه أعمال الفجرة من الثقلين، و قيل: المراد به الخسار و الهوان فهو كقولهم: بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الخمول، و قيل: هو السجيل بدل لامه نونا كما يقال جبرين في جبريل إلى غير ذلك مما قيل.
و قولهم: إن قوله: «كتاب مرقوم» ليس بيانا و تفسيرا لسجين بل تفسير للكتاب المذكور في قوله: «إن كتاب الفجار».
و قولهم: إن قوله: «ويل يومئذ للمكذبين» متصل بقوله: «يوم يقوم الناس لرب العالمين» و الآيات الثلاث الواقعة بين الآيتين اعتراض.
و أنت إن تأملت هذه الأقاويل وجدت كثيرا منها تحكما محضا لا دليل عليه.
على أنها تقطع ما في الآيات من السياق الواحد المتصل الذي يحاذي به ما في الآيات الأربع الآتية في صفة كتاب الأبرار من السياق الواحد المتصل فلا نطيل الكلام بالتعرض لواحد واحد منها و المناقشة فيها.
قوله تعالى: «الذين يكذبون بيوم الدين» تفسير للمكذبين و ظاهر الآية - و يؤيده الآيات التالية - أن المراد بالتكذيب هو التكذيب القولي الصريح فيختص الذم بالكفار و لا يشمل الفسقة من أهل الإيمان فلا يشمل مطلق المطففين بل الكفار منهم.
اللهم إلا أن يراد بالتكذيب ما يعم التكذيب العملي كما ربما أيده قوله السابق: «أ لا يظن أولئك أنهم مبعوثون» فيشمل الفجار من المؤمنين كالكفار.
قوله تعالى: «و ما يكذب به إلا كل معتد أثيم» المعتدي اسم فاعل من الاعتداء بمعنى التجاوز و المراد به المتجاوز عن حدود العبودية، و الأثيم كثير الآثام بحيث تراكم بعضها على بعض بانهماكه في الأهواء.
و من المعلوم أن المانع الوحيد الذي يردع عن المعصية هو الإيمان بالبعث و الجزاء، و المنهمك في الأهواء المتعلق قلبه بالاعتداء و الآثم تأبى نفسه التسليم لما يردع عنها و التزهد عن المعاصي و ينتهي إلى تكذيب البعث و الجزاء قال تعالى: «ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوآى أن كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزءون»: الروم: 10.
قوله تعالى: «إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين» المراد بالآيات آيات القرآن بقرينة قوله «تتلى» و الأساطير ما سطروه و كتبوه و المراد بها أباطيل الأمم الماضين و المعنى إذا تتلى عليه آيات القرآن مما يحذرهم المعصية و ينذرهم بالبعث و الجزاء قال: هي أباطيل.
قوله تعالى: «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون» ردع عما قاله المكذبون: «أساطير الأولين» قال الراغب: الرين صدا يعلو الشيء الجليل قال تعالى: «بل ران على قلوبهم» أي صار ذلك كصدء على جلاء قلوبهم فعمي عليهم معرفة الخير من الشر، انتهى.
فكون ما كانوا يكسبون و هو الذنوب رينا على قلوبهم هو حيلولة الذنوب بينهم و بين أن يدركوا الحق على ما هو عليه.
و يظهر من الآية: أولا: أن للأعمال السيئة نقوشا و صورا في النفس تنتقش و تتصور بها.
و ثانيا: أن هذه النقوش و الصور تمنع النفس أن تدرك الحق كما هو و تحول بينها و بينه.
و ثالثا: أن للنفس بحسب طبعها الأولي صفاء و جلاء تدرك به الحق كما هو و تميز بينه و بين الباطل و تفرق بين التقوى و الفجور قال تعالى: «و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها»: الشمس: 8.
قوله تعالى: «كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون» ردع عن كسب الذنوب الحائلة بين القلب و إدراك الحق، و المراد بكونهم محجوبين عن ربهم يوم القيامة حرمانهم من كرامة القرب و المنزلة و لعله مراد من قال: إن المراد كونهم محجوبين عن رحمة ربهم.
و أما ارتفاع الحجاب بمعنى سقوط الأسباب المتوسطة بينه تعالى و بين خلقه و المعرفة التامة به تعالى فهو حاصل لكل أحد قال تعالى: «لمن الملك اليوم لله الواحد القهار»: المؤمن: 16 و قال: «و يعلمون أن الله هو الحق المبين»: النور: 25.
قوله تعالى: «ثم إنهم لصالوا الجحيم» أي داخلون فيها ملازمون لها أو مقاسون حرها على ما فسره بعضهم و «ثم» في الآية و ما بعدها للتراخي بحسب رتبة الكلام.
قوله تعالى: «ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون» هو توبيخ و تقريع و القائل خزنة النار أو أهل الجنة.
قوله تعالى: «كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين و ما أدراك ما عليون كتاب مرقوم» ردع في معنى الردع الذي في قوله: «كلا إن كتاب الفجار» و عليون - كما تقدم - علو على علو مضاعف، و ينطبق على الدرجات العالية و منازل القرب من الله تعالى كما أن السجين بخلافه.
و الكلام في معنى الآيات الثلاث نظير الكلام في الآيات الثلاث المتقدمة التي تحاذيها من قوله: «إن كتاب الفجار لفي سجين و ما أدراك ما سجين كتاب مرقوم».
فالمعنى أن الذي كتب للأبرار و قضي جزاء لبرهم لفي عليين و ما أدراك ما عليون هو أمر مكتوب و مقضي قضاء حتما لازما متبين لا إبهام فيه.
و للقوم أقاويل في هذه الآيات نظير ما لهم في الآيات السابقة من الأقوال غير أن من أقوالهم في عليين أنه السماء السابعة تحت العرش فيه أرواح المؤمنين، و قيل سدرة المنتهى التي إليها تنتهي الأعمال، و قيل: لوح من زبرجدة تحت العرش معلق مكتوب فيه أعمالهم، و قيل: هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة، و الكلام فيها كالكلام فيما تقدم من أقوالهم.
قوله تعالى: «يشهده المقربون» الأنسب لما تقدم من معنى الآيات السابقة أن يكون «يشهده» من الشهود بمعنى المعاينة و المقربون قوم من أهل الجنة هم أعلى درجة من عامة الأبرار على ما سيأتي استفادته من قوله: «عينا يشرب بها المقربون» فالمراد معاينتهم له بإراءة الله إياه لهم و قد قال الله تعالى في مثله من أمر الجحيم: «كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم»: التكاثر: 6 و منه يظهر أن المقربين هم أهل اليقين.
و قيل: الشهادة هي الحضور و المقربون الملائكة، و المراد حضور الملائكة على صحيفة عملهم إذا صعدوا بها إلى الله سبحانه.
و قيل: المقربون هم الأبرار و الملائكة جميعا.
و القولان مبنيان على أن المراد بالكتاب صحيفة الأعمال و قد تقدم ضعفه.
بحث روائي
في تفسير القمي، و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزلت يعني سورة المطففين على نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قدم المدينة و هم يومئذ أسوأ الناس كيلا فأحسنوا الكيل.
و في أصول الكافي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز و جل خلقنا من أعلى عليين و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه و خلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا ثم تلا هذه الآية «كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين - و ما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون». و خلق قلوب عدونا من سجين و خلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه و أبدانهم من دون ذلك، قلوبهم تهوي إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين - و ما أدراك ما سجين كتاب مرقوم - ويل يومئذ للمكذبين».
أقول: و روي مثله في أصول الكافي، بطريق آخر عن الثمالي عنه (عليه السلام)، و رواه في علل الشرائع، بإسناد فيه رفع عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام): مثله، و الأحاديث - كما ترى - تؤيد ما قدمناه في معنى الآيات.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين» قال: ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين.
و فيه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السجين الأرض السابعة و عليون السماء السابعة.
أقول: الرواية لو صحت مبنية على انتساب الجنة و النار إلى جهتي العلو و السفل بنوع من العناية و لذلك نظائر في الروايات كعد القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار و عد وادي برهوت مكانا لجهنم.
و في الدر المنثور، أخرج ابن المبارك عن سعيد بن المسيب قال: التقى سلمان و عبد الله بن سلام فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلي فالقني فأخبرني بما صنع ربك بك و إن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال عبد الله: كيف يكون هذا؟ قال: نعم إن أرواح المؤمنين تكون في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت و نفس الكافر في سجين و الله أعلم.
و في أصول الكافي، بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من عبد إلا و في قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء فإن تاب ذهب ذلك السواد، و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا و هو قول الله عز و جل: «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون»:. أقول: و روي هذا المعنى في الدر المنثور، عن عدة من أصحاب الجوامع عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و فيه، بإسناده عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تذاكروا و تلاقوا و تحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب إن القلوب لترين كما يرين السيف و جلاؤه الحديث.
و عن روضة الواعظين، قال الباقر (عليه السلام): ما شيء أفسد للقلب من الخطيئة إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله أعلاه و أعلاه أسفله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب و نزع و استغفر صقل قلبه منه و إن ازداد زادت فذلك الران الذي ذكره الله تعالى في كتابه «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون».
|