بيان
الآيات متصلة بما قبلها، و هي بمنزلة تجديد البيان لما انتهى إليه الكلام في الآيات السابقة، و ذلك أن الهدى و الضلال يدوران مدار دعوته تعالى بأسمائه الحسنى و الإلحاد فيها، و الناس من منتحلهم و زنديقهم و عالمهم و جاهلهم لا يختلفون بحسب فطرتهم و باطن سريرتهم في أن هذا العالم المشهود متكىء على حقيقة هي المقومة لأعيان أجزائها الناظمة نظامها، و هو الله سبحانه الذي منه يبتدأ كل شيء و إليه يعود كل شيء الذي يفيض على العالم ما يشاهد فيه من جمال و كمال، و هي له و منه.
و الناس في هذا الموقف على ما لهم من الاتفاق على أصل الذات ثلاثة أصناف: صنف يسمونه بما لا يشتمل من المعنى إلا على ما يليق أن ينسب إلى ساحته من الصفات المبينة للكمال، أو النافية لكل نقص و شين، و صنف يلحدون في أسمائه، و يعدلون بالصفات الخاصة به إلى غيره كالماديين و الدهريين الذين ينسبون الخلق و الإحياء و الرزق و غير ذلك إلى المادة أو الدهر، و كالوثنيين الناسبين الخير و النفع إلى آلهتهم، و كبعض أهل الكتاب حيث يصفون نبيهم أو أولياء دينهم بما يختص به تعالى من الخصائص، و يلحق بهم طائفة من المؤمنين حيث يعطون للأسباب الكونية من الاستقلال في التأثير ما لا يليق إلا بالله سبحانه، و صنف يؤمنون به تعالى غير أنهم يلحدون في أسمائه فيثبتون له من صفات النقص و الأفعال الدنية ما هو منزه عنه كالاعتقاد بأن له جسما، و أن له مكانا، و أن الحواس المادية يمكن أن تتعلق به على بعض الشرائط، و أن له علما كعلومنا و إرادة كإرادتنا و قدرة كمقدراتنا، و أن لوجوده بقاء زمانيا كبقائنا، و كنسبة الظلم في فعله أو الجهل في حكمه و نحو ذلك إليه، فهذه جميعا من الإلحاد في أسمائه.
و يرجع الأصناف الثلاثة في الحقيقة إلى صنفين: صنف يدعونه بالأسماء الحسنى و يعبدون الله ذا الجلال و الإكرام، و هؤلاء هم المهتدون بالحق، و صنف يلحدون في أسمائه و يسمون غيره باسمه أو يسمونه باسم غيره: و هؤلاء أصحاب الضلال الذين مسيرهم إلى النار على حسب حالهم في الضلال و طبقاتهم منه، و قد بين الله سبحانه: أن الهداية منه مطلقا فإنها صفة جميلة و له تعالى حقيقتها، و أما الضلال فلا ينسب إليه سبحانه أصله لأنه بحسب الحقيقة عدم اهتداء المحل بهداية الله، و هو معنى عدمي و صفة نقص و أما تثبيته في المحل بعد أول تحققه، و جعله صفة لازمة للمحل بمعنى سلب التوفيق و قطع العطية الإلهية جزاء للضال بما آثر الضلال على الهدى، و كذب بآيات الله فهو من الله سبحانه، و قد نسبه إلى نفسه في كلامه، و ذلك بالاستدراج و الإملاء.
فالآيات تشير إلى أن ما انتهى إليه كلامه سبحانه أن حقيقة الهداية و الإضلال من الله إنما مغزاه و حقيقة معناه أن الأمر يدور مدار دعوته تعالى بالأسماء الحسنى و كلها له، و هو الاهتداء، و الإلحاد في أسمائه، و الناس في ذلك صنفان: مهتد بهداية الله لا يعدل به غيره، و ضال منحرف عن أسمائه مكذب بآياته، و الله سبحانه يسوقهم إلى النار جزاء لهم بما كذبوا بآياته كما قال: «و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس» الآية، و ذلك بالاستدراج و الإملاء.
قوله تعالى: «و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها» الاسم بحسب اللغة ما يدل به على الشيء سواء أفاد مع ذلك معنى وصفيا كاللفظ الذي يشار به إلى الشيء لدلالته على معنى موجود فيه، أو لم يفد إلا الإشارة إلى الذات كزيد و عمرو و خاصة المرتجل من، الأعلام و توصيف الأسماء الحسنى - و هي مؤنث أحسن - يدل على أن المراد بها الأسماء التي فيها معنى وصفي دون ما لا دلالة لها إلا على الذات المتعالية فقط لو كان بين أسمائه تعالى ما هو كذلك، و لا كل معنى وصفي، بل المعنى الوصفي الذي فيه شيء من الحسن، و لا كل معنى وصفي حسن بل ما كان أحسن بالنسبة إلى غيره إذا اعتبر مع الذات المتعالية: فالشجاع و العفيف من الأسماء الحسنة لكنهما لا يليقان بساحة قدسه لإنبائهما عن خصوصية جسمانية لا يمكن سلبها عنهما، و لو أمكن لم يكن مانع عن إطلاقهما عليه كالجواد و العدل و الرحيم.
فكون اسم ما من أسمائه تعالى أحسن الأسماء أن يدل على معنى كمالي غير مخالط لنقص أو عدم، مخالطة لا يمكن معها تحرير المعنى من ذلك النقص و العدم و تصفيته، و ذلك في كل ما يستلزم حاجة أو عدما و فقدا كالأجسام و الجسمانيات و الأفعال المستقبحة أو المستشنعة، و المعاني العدمية: فهذه الأسماء بأجمعها محصول لغاتنا لم نضعها إلا لمصاديقها فينا التي لا تخلو عن شوب الحاجة و النقص غير أن منها ما لا يمكن سلب جهات الحاجة و النقص عنها كالجسم و اللون و المقدار و غيرها، و منها ما يمكن فيه ذلك كالعلم و الحياة و القدرة فالعلم فينا الإحاطة بالشيء من طريق أخذ صورته من الخارج بوسائل مادية، و القدرة فينا المنشأة للفعل بكيفية مادية موجودة لعضلاتنا، و الحياة كوننا بحيث نعلم و نقدر بما لنا من وسائل العلم و القدرة فهذه لا تليق بساحة قدسه غير أنا إذا جردنا معانيها عن خصوصيات المادة عاد العلم و هو الإحاطة بالشيء بحضوره عنده، و القدرة هي المنشأة للشيء بإيجاده، و الحياة كون الشيء بحيث يعلم و يقدر، و هذه لا مانع من إطلاقها عليه لأنها معان كمالية خالية عن جهات النقص و الحاجة، و قد دل العقل و النقل أن كل صفة كمالية فهي له تعالى و هو المفيض لها على غيره من غير مثال سابق فهو تعالى عالم قادر حي لكن لا كعلمنا و قدرتنا و حياتنا بل بما يليق بساحة قدسه من حقيقة هذه المعاني الكمالية مجردة عن النقائص.
و قد قدم الخبر في قوله: «و لله الأسماء الحسنى» و هو يفيد الحصر، و جيء بالأسماء محلى باللام، و الجمع المحلى باللام يفيد العموم، و مقتضى ذلك أن كل اسم أحسن في الوجود فهو لله سبحانه لا يشاركه فيه أحد، و إذ كان الله سبحانه ينسب بعض هذه المعاني إلى غيره و يسميه به كالعلم و الحياة و الخلق و الرحمة فالمراد بكونها لله كون حقيقتها له وحده لا شريك له.
و ظاهر الآيات بل نص بعضها يؤيد هذا المعنى كقوله: «إن القوة لله جميعا»: البقرة: 165.
و قوله: «فإن العزة لله جميعا»: النساء: 139، و قوله: «و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء»: البقرة: 255، و قوله: «هو الحي لا إله إلا هو»: المؤمن: 66 فلله سبحانه حقيقة كل اسم أحسن لا يشاركه غيره إلا بما ملكهم منه كيفما أراد و شاء.
و يؤيد هذا المعنى ظاهر كلامه أينما ذكر أسماؤه في القرآن كقوله تعالى: «الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى»: طه: 8 و قوله: «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى»: إسراء: 110، و قوله: «له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات و الأرض»: الحشر: 24 فظاهر الآيات جميعا كون حقيقة كل اسم أحسن لله سبحانه وحده.
و ما احتمله بعضهم أن اللام في «الأسماء» للعهد مما لا دليل عليه و لا في القرائن الحافة بالآيات ما يؤيده غير ما عهده القائل من الأخبار العادة للأسماء الحسنى، و سيجيء الكلام فيها في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
و قوله: «فادعوه بها» إما من الدعوة بمعنى التسمية كقولنا: دعوته زيدا و دعوتك أبا عبد الله أي سميته و سميتك، و إما من الدعوة بمعنى النداء أي نادوه بها فقولوا: يا رحمن يا رحيم و هكذا.
أو من الدعوة بمعنى العبادة أي فاعبدوه مذعنين أنه متصف بما يدل عليه هذه الأسماء من الصفات الحسنة و المعاني الجميلة.
و قد احتملوا جميع هذه المعاني غير أن كلامه تعالى في مواضع مختلفة يذكر فيها دعاء الرب يؤيد هذا المعنى الأخير كما في الآية السابقة: «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى» و قوله: «و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين»: المؤمن: 60 حيث ذكر أولا الدعاء ثم بدله ثانيا من العبادة إيماء إلى اتحادهما، و قوله: «و من أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة و هم عن دعائهم غافلون و إذا حشر الناس كانوا لهم أعداء و كانوا بعبادتهم كافرين»: الأحقاف: 6، و قوله: «هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين»: المؤمن: 65 يريد إخلاص العبادة.
و يؤيده ذيل الآية: «و ذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون» بظاهره فإنه لو كان المراد بالدعاء التسمية أو النداء دون العبادة لكان الأنسب أن يقال: بما كانوا يصفون كما قال في موضع آخر: «سيجزيهم وصفهم»: الأنعام: 139.
فمعنى الآية - و الله أعلم - و لله جميع الأسماء التي هي أحسن فاعبدوه و توجهوا إليه بها، و التسمية و النداء من لواحق العبادة.
قوله تعالى: «و ذروا الذين يلحدون في أسمائه» إلى آخر الآية.
اللحد و الإلحاد بمعنى واحد و هو التطرف و الميل عن الوسط إلى أحد الجانبين، و منه لحد القبر لكونه في جانبه بخلاف الضريح الذي في الوسط فقراءة يلحدون بفتح الياء من المجرد، و يلحدون بضم الياء من باب الإفعال بمعنى واحد، و نقل عن بعض اللغويين: أن اللحد بمعنى الميل إلى جانب، و الإلحاد بمعنى الجدال و المماراة.
و قوله: «سيجزون» الآية بالفصل لأنه بمنزلة الجواب لسؤال مقدر كأنه لما قيل: «و ذروا الذين يلحدون في أسمائه» قيل: إلى م يصير حالهم؟ فأجيب: «سيجزون ما كانوا يعملون» و للبحث في الأسماء الحسنى بقايا ستوافيك في كلام مستقل نورده بعد الفراغ عن تفسير الآيات إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: «و ممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون» قد مر بعض ما يتعلق به من الكلام في قوله تعالى: «و من قوم موسى أمة يهدون بالحق و به يعدلون»: الآية 159 من السورة و تختص هذه الآية بأنها لوقوعها في سياق تقسيم الناس إلى ضال و مهتد، و بيان أن الملاك في ذلك دعاؤه سبحانه بأحسن الأسماء اللائقة بحضرته و الإلحاد في أسمائه، تدل على أن النوع الإنساني يتضمن طائفة قليلة أو كثيرة مهتدية حقيقة إذ الكلام في الاهتداء و الضلال الحقيقيين المستندين إلى صنع الله، و من يهدي الله فهو المهتدي و من يضلل فأولئك هم الخاسرون، و الاهتداء الحقيقي لا يكون إلا عن هداية حقيقية، و هي التي لله سبحانه، و قد تقدم في قوله تعالى: «فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين»: الأنعام: 89، و غيره أن الهداية الحقيقية الإلهية لا تتخلف عن مقتضاها بوجه و توجب العصمة من الضلال، كما أن الترديد الواقع في قوله تعالى: «أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى»: يونس: 35.
يدل على أن من يهدي إلى الحق يجب أن لا يكون مهتديا بغيره إلا بالله فافهم ذلك.
و على هذا فإسناد الهداية إلى هذه الأمة لا يخلو عن الدلالة على مصونيتهم من الضلال و اعتصامهم بالله من الزيغ إما بكون جميع هؤلاء المشار إليهم بقوله: «أمة يهدون بالحق» متصفين بهذه العصمة و الصيانة كالأنبياء و الأوصياء، و إما بكون بعض هذه الأمة كذلك و توصيف الكل بوصف البعض نظير قوله تعالى: «و لقد آتينا بني إسرائيل الكتاب و الحكم و النبوة»: الجاثية: 16، و قوله: «و جعلكم ملوكا»: المائدة: 20، و قوله: «لتكونوا شهداء على الناس»: البقرة: 143، و إنما المتصف بهذه المزايا بعضهم دون الجميع.
و المراد بالآية - و الله أعلم - أنا لا نأمركم بأمر غير واقع أو خارج عن طوق البشر فإن ممن خلقنا أمة متلبسة بالاهتداء الحقيقي هادين بالحق لأن الله كرمهم بهدايته الخاصة.
قوله تعالى: «و الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» الاستدراج الاستصعاد أو الاستنزال درجة فدرجة، و الاستدناء من أمر أو مكان، و قرينة المقام تدل على أن المراد به هنا الاستدناء من الهلاك إما في الدنيا أو في الآخرة.
و تقييد الاستدراج بكونه من حيث لا يعلمون للدلالة على أن هذا التقريب خفي غير ظاهر عليهم بل مستبطن فيما يتلهون فيه من مظاهر الحياة المادية فلا يزالون يقتربون من الهلاك باشتداد مظالمهم فهو تجديد نعمة بعد نعمة حتى يصرفهم التلذذ بها عن التأمل في وبال أمرهم كما مر في قوله تعالى: «ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا»: الأعراف: 95، و قال تعالى: «لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد»: آل عمران: 197.
و من وجه آخر لما انقطع هؤلاء عن ذكر ربهم و كذبوا بآياته سلبوا اطمئنان القلوب و أمنها بالتشبث بذيل الأسباب التي من دون الله، و عذبوا باضطراب النفوس و قلق القلوب و قصور الأسباب و تراكم النوائب، و هم يظنون أنها الحياة ناسين معنى حقيقة الحياة السعيدة فلا يزالون يستزيدون من مهلكات زخارف الدنيا فيزدادون عذابا و هم يحسبونه زيادة في النعمة حتى يردوا عذاب الآخرة و هو أمر و أدهى، فهم يستدرجون في العذاب من لدن تكذيبهم بآيات ربهم حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.
قال تعالى: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»: الرعد: 28، و قال: «و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا»: طه: 124، و قال: «فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا و تزهق أنفسهم و هم كافرون»: التوبة: 55، و هذا معنى آخر من الاستدراج لكن قوله تعالى بعده: «و أملي لهم» لا يلائم ذلك فالمتعين هو المعنى الأول.
قوله تعالى: «و أملي لهم إن كيدي متين» الإملاء هو الإمهال، و قوله: «إن كيدي متين» تعليل لمجموع ما في الآيتين، و في قوله: «و أملي» بعد قوله: «سنستدرجهم» الآية، التفات من التكلم مع الغير إلى التكلم وحده للدلالة على مزيد العناية بتحريمهم من الرحمة الإلهية و إيرادهم مورد الهلكة.
و أيضا الإملاء هو إمهالهم إلى أجل مسمى.
فيكون في معنى قوله: «و لو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم»: الشورى: 14، و هذه الكلمة هي قوله لآدم (عليه السلام) حين إهباطه إلى الأرض: «و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين»: البقرة: 36 و هو القضاء الإلهي و القضاء مختص به تعالى لا يشاركه فيه غيره، و هذا بخلاف الاستدراج الذي هو إيصال النعمة بعد النعمة و تجديدها فإنها نعم إلهية مفاضة بالوسائط من الملائكة و الأمر فلهذا السبب جيء في الاستدراج بصيغة المتكلم مع الغير، و غير ذلك في الإملاء و في الكيد الذي هو أمر متحصل من الاستدراج و الإملاء إلى لفظ المتكلم وحده.
قوله تعالى: «أ و لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين» في تركيب الكلام اختلاف شديد بينهم، و الذي يستبق إلى الذهن من السياق أن يكون قوله: أ و لم يتفكروا» كلاما تاما سيق للإنكار و التوبيخ ثم قوله: «ما بصاحبهم من جنة» الآية كلاما آخر سيق لبيان صدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعواه النبوة، و هو يشير إلى ما يتفكرون فيه كأنه قيل: أ و لم يتفكروا في أنه ما بصاحبهم من جنة الآية حتى يتبين لهم ذلك؟ نعم، ما به من جنة إن هو إلا نذير مبين.
و التعبير عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصاحبهم للإشارة إلى مادة الاستدلال الفكري فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصحبهم و يصحبونه طول حياته بينهم فلو كان به شيء من جنة لبان لهم ذلك البتة فهو فيما جاء به نذير لا مجنون، و الجنة بناء نوع من الجنون على ما قيل و إن كان من الجائز أن يكون المراد به الفرد من الجن بناء على ما يزعمونه أن المجنون يحل فيه بعض الجن فيتكلم من فيه و بلسانه.
قوله تعالى: «أ و لم ينظروا في ملكوت السموات و الأرض» إلى آخر الآية قد مر كرارا أن الملكوت في عرف القرآن على ما يظهر من قوله تعالى: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء»: يس: 83 هو الوجه الباطن من الأشياء الذي يلي جهة الرب تعالى، و أن النظر إلى هذا الوجه و اليقين متلازمان كما يفهم من قوله: «و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات و الأرض و ليكون من الموقنين»: الأنعام: 75.
فالمراد توبيخهم في الإعراض و الانصراف عن الوجه الملكوتي للأشياء لم نسوه و لم ينظروا فيه حتى يتبين لهم أن ما يدعوهم إليه هو الحق؟.
و قوله: «و ما خلق الله من شيء» عطف على موضع السماوات، و قوله «من شيء» بيان لما الموصولة، و معنى الآية: لم لم ينظروا في خلق السماوات و الأرض و أي شيء آخر مما خلقه الله؟ لكن لا من الوجه الذي يلي الأشياء حتى ينتج العلم بخواص الأشياء الطبيعية بل من جهة أن وجوداتها غير مستقلة بنفسها مرتبطة بغيرها محتاجة إلى رب يدبر أمرها و أمر كل شيء، و هو رب العالمين.
و قوله: «و أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم» عطف على قوله: «ملكوت» الآية لكونه في تأويل المفرد و التقدير: أ و لم ينظروا في أنه عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فإن النظر في هذا الاحتمال ربما صرفهم عن التمادي على ضلالهم و غيهم فأغلب ما يصرف الإنسان عن الاشتغال بأمر الآخرة، و يوجه وجهه إلى الاغترار بالدنيا نسيان الموت الذي لا يدري متى يرد رائده، و أما إذا التفت إلى ذلك و شاهد جهله بأجله و أن من المرجو المحتمل أن يكون قد اقترب منهم فإنه يقطع منابت الغفلة و يمنعه عن اتباع الهوى و طول الأمل.
و قوله: «فبأي حديث بعده يؤمنون» الضمير للقرآن على ما يستدعيه السياق، و في الكلام إيئاس من إيمانهم بالمرة أي إن لم يؤمنوا بالقرآن و هو تجليه سبحانه عليهم بكلامه يكلمهم بما يضطر عقولهم بقبوله من الحجج و البراهين و الموعظة الحسنة و هو مع ذلك معجزة باهرة فلا يؤمنون بشيء آخر البتة، و قد أخبر سبحانه أنه طبع على قلوبهم فلا سبيل لهم إلى فقه القول و الإيمان بالحق، و لذلك عقبه بقوله في الآية التالية: «من يضلل الله فلا هادي له» الآية.
قوله تعالى: «من يضلل الله فلا هادي له و يذرهم في طغيانهم يعمهون» العمه الحيرة و التردد في الضلال أو عدم معرفة الحجة، و إنما لم يذكر ما يقابله و هو أن من يهدي فلا مضل له لأن الكلام مسوق لتعليل الآية السابقة: «فبأي حديث» الآية كأنه قيل: لم لا يؤمنون بحديث البتة؟ فقيل: لأن من يضلل الله الآية.
كلام في الأسماء الحسنى في فصول
1 - ما معنى الأسماء الحسنى؟
و كيف الطريق إليها؟ نحن أول ما نفتح أعيننا و نشاهد من مناظر الوجود ما نشاهده يقع إدراكنا على أنفسنا و على أقرب الأمور منا و هي روابطنا مع الكون الخارج من مستدعيات قوانا العاملة لإبقائنا فأنفسنا، و قوانا، و أعمالنا المتعلقة بها هي أول ما يدق باب إدراكنا لكنا لا نرى أنفسنا إلا مرتبطة بغيرها و لا قوانا و لا أفعالنا إلا كذلك، فالحاجة من أقدم ما يشاهده الإنسان يشاهدها من نفسه و من كل ما يرتبط به من قواه و أعماله و الدنيا الخارجة و، عند ذلك يقضي بذات ما يقوم بحاجته و يسد خلته، و إليه ينتهي كل شيء، و هو الله سبحانه، و يصدقنا في هذا النظر و القضاء قوله تعالى: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني».
و قد عجز التاريخ عن العثور على بدء ظهور القول بالربوبية بين الأفراد البشرية بل وجده و هو يصاحب الإنسانية إلى أقدم العهود التي مرت على هذا النوع حتى أن الأقوام الوحشية التي تحاكي الإنسان الأولي في البساطة لما اكتشفوهم في أطراف المعمورة كقطان أميركا و أستراليا وجدوا عندهم القول بقوى عالية هي وراء مستوى الطبيعة ينتحلون بها، و هو قول بالربوبية و إن اشتبه عليهم المصداق فالإذعان بذات ينتهي إليها أمر كل شيء من لوازم الفطرة الإنسانية لا يحيد عنه إلا من انحرف عن إلهام فطرته لشبهة عرضت له كمن يضطر نفسه على الاعتياد بالسم و طبيعته تحذره بإلهامها، و هو يستحسن ما ابتلي به.
ثم إن أقدم ما نواجهه في البحث عن المعارف الإلهية أنا نذعن بانتهاء كل شيء إليه، و كينونته و وجوده منه فهو يملك كل شيء لعلمنا أنه لو لم يملكها لم يمكن أن يفيضها و يفيدها لغيره على أن بعض هذه الأشياء مما ليست حقيقته إلا مبنية على الحاجة منبئة عن النقيصة، و هو تعالى منزه عن كل حاجة و نقيصة لأنه الذي إليه يرجع كل شيء في رفع حاجته و نقيصته.
فله الملك - بكسر الميم و بضمها - على الإطلاق، فهو سبحانه يملك ما وجدناه في الوجود من صفة كمال كالحياة و القدرة و العلم و السمع و البصر و الرزق و الرحمة و العزة و غير ذلك.
فهو سبحانه حي، قادر، عليم، سميع، بصير لأن في نفيها إثبات النقص و لا سبيل للنقص إليه، و رازق و رحيم و عزيز و محي و مميت و مبدىء و معيد و باعث إلى غير ذلك لأن الرزق و الرحمة و العزة و الإحياء و الإماتة و الإبداء و الإعادة و البعث له، و هو السبوح القدوس العلي الكبير المتعال إلى غير ذلك نعني بها نفي كل نعت عدمي و كل صفة نقص عنه.
فهذا طريقنا إلى إثبات الأسماء و الصفات له تعالى على بساطته، و قد صدقنا كتاب الله في ذلك حيث أثبت الملك - بكسر الميم - و الملك - بضم الميم - له على الإطلاق في آيات كثيرة لا حاجة إلى إيرادها.
2 - ما هو حد ما نصفه أو نسميه به من الأسماء؟
تبين من الفصل الأول أنا ننفي عنه جهات النقص و الحاجة التي نجدها فيما نشاهده من أجزاء العالم، و هي تقابل الكمال كالموت و الفقد و الفقر و الذلة و العجز و الجهل و نحو ذلك، و معلوم أن نفي هذه الأمور، و هي في نفسها سلبية يرجع إلى إثبات الكمال فإن في نفي الفقر إثبات الغنى، و في نفي الذلة و العجز و الجهل إثبات العزة و القدرة و العلم و هكذا.
و أما صفات الكمال التي نثبتها له سبحانه كالحياة و القدرة و العلم و نحو ذلك فقد عرفت أنا نثبتها بالإذعان بملكه جميع الكمالات المثبتة في دار الوجود غير أنا ننفي عنه تعالى جهات الحاجة و النقص التي تلازم هذه الصفات بحسب وجودها في مصاديقها.
فالعلم في الإنسان مثلا إحاطة حضورية بالمعلوم من طريق انتزاع الصورة و أخذها بقوى بدنية من الخارج و الذي يليق بساحته أصل معنى الإحاطة الحضورية، و أما كونه من طريق أخذ الصورة المحوج إلى وجود المعلوم في الخارج قبلا، و إلى آلات بدنية مادية مثلا فهو من النقص الذي يجب تنزيهه تعالى منه، و بالجملة نثبت له أصل المعنى الثبوتي و نسلب عنه خصوصية المصداق المؤدية إلى النقص و الحاجة.
ثم لما كنا نفينا عنه كل نقص و حاجة.
و من النقص أن يكون الشيء محدودا بحد منتهيا بوجوده إلى نهاية فإن الشيء لا يحد نفسه و إنما يحده غيره الذي يقهره بضرب الحد و النهاية له، و لذلك نفينا عنه كل حد و نهاية فليس سبحانه محدودا في ذاته بشيء و لا في صفاته بشيء و قد قال تعالى: «و هو الواحد القهار»: الرعد: 16 فله الوحدة التي تقهر كل شيء من قبله فتحيط به.
و من هنا قضينا أن صفاته تعالى عين ذاته، و كل صفة عين الصفة الأخرى، فلا تمايز إلا بحسب المفهوم، و لو كان علمه غير قدرته مثلا، و كل منهما غير ذاته كما فينا معاشر الإنسان مثلا لكان كل منها يحد الآخر و الآخر ينتهي إليه فكان محدود و حد و متناه و نهاية فكان تركيب و فقر إلى حاد يحدها غيره، تعالى عن ذلك و تقدس، و هذه صفة أحديته تعالى لا ينقسم من جهة من الجهات، و لا يتكثر في خارج و لا في ذهن.
و مما تقدم يظهر فساد قول من قال: إن معاني صفاته تعالى ترجع إلى النفي رعاية لتنزيهه عن صفات خلقه فمعنى العلم و القدرة و الحياة هناك عدم الجهل و العجز و الموت، و كذا في سائر الصفات العليا، و ذلك لاستلزامه نفي جميع صفات الكمال عنه تعالى، و قد عرفت أن سلوكنا الفطري يدفع ذلك، و ظواهر الآيات الكريمة تنافيه: و نظيره القول بكون صفاته زائدة على ذاته أو نفي الصفات و إثبات آثارها و غير ذلك مما قيل في الصفات فكل ذلك مدفوعة بما تقدم من كيفية سلوكنا الفطري، و لتفصيل البحث عن بطلانها محل آخر.
3 - الانقسامات التي لها:
يظهر مما قدمناه من كيفية السلوك الفطري أن من صفات الله سبحانه ما يفيد معنى ثبوتيا كالعلم و الحياة و هي المشتملة على معنى الكمال، و منها ما يفيد معنى السلب و هي التي للتنزيه كالسبوح و القدوس، و بذلك يتم انقسام الصفات إلى قسمين: ثبوتية، و سلبية.
و أيضا من الصفات ما هي عين الذات ليست بزائدة عليها كالحياة و القدرة و العلم بالذات، و هي الصفات الذاتية، و منها ما يحتاج في تحققه إلى فرض تحقق الذات قبلا كالخلق و الرزق و هي الصفات الفعلية، و هي زائدة على الذات منتزعة عن مقام الفعل، و معنى انتزاعها عن مقام أنا مثلا نجد هذه النعم التي نتنعم بها و نتقلب فيها نسبتها إلى الله سبحانه نسبة الرزق المقرر للجيش من قبل الملك إلى الملك فنسميها رزقا، و إذ كان منتهيا إليه تعالى نسميه رازقا، و مثله الخلق و الرحمة و المغفرة و سائر الصفات و الأسماء الفعلية، فهي تطلق عليه تعالى و يسمى هو بها من غير أن يتلبس بمعانيها كتلبسه بالحياة و القدرة و غيرها من الصفات الذاتية، و لو تلبس بها حقيقة لكانت صفات ذاتية غير خارجة من الذات فللصفات و الأسماء انقسام آخر إلى الذاتية و الفعلية.
و لها انقسام آخر إلى النفسية و الإضافية فما لا إضافة في معناها إلى الخارج عن مقام الذات كالحياة نفسي، و ما له إضافة إلى الخارج سواء كان معنى نفسيا ذا إضافة كالصنع و الخلق هي النفسية ذات الإضافة، أو معنى إضافيا محضا كالخالقية و الرازقية هي الإضافية المحضة.
4 - نسب الصفات و الأسماء إلينا و نسبتها فيما بينها:
.
لا فرق بين الصفة و الاسم غير أن الصفة تدل على معنى من المعاني يتلبس به الذات أعم من العينية و الغيرية، و الاسم هو الدال على الذات مأخوذة بوصف.
فالحياة و العلم صفتان، و الحي و العالم اسمان و إذ كان اللفظ لا شأن له إلا الدلالة على المعنى و انكشافه به فحقيقة الصفة و الاسم هو الذي يكشف عنه لفظ الصفة و الاسم فحقيقة الحياة المدلول عليها بلفظ الحياة هي الصفة الإلهية و هي عين الذات، و حقيقة الذات بحياتها التي هي عينها هو الاسم الإلهي، و بهذا النظر يعود الحي و الحياة اسمين للاسم و الصفة و إن كانا بالنظر المتقدم نفس الاسم و نفس الصفة.
و قد تقدم أنا في سلوكنا الفطري إلى الأسماء إنما تفطنا بها من جهة ما شاهدناه في الكون من صفات الكمال فأيقنا من ذلك أن الله سبحانه مسمى بها لما أنه مالكها الذي أفاض علينا بها، و ما شاهدنا فيه من صفات النقص و الحاجة فأيقنا أنه تعالى منزه منها متصف بما يقابلها من صفة الكمال و بها يرفع عنا النقص و الحاجة فيما يرفع، فمشاهدة العلم و القدرة في الكون تهدينا إلى اليقين بأن له سبحانه علما و قدرة يفيض بهما ما يفيضه من العلم و القدرة، و مشاهدة الجهل و العجز في الوجود تدلنا على أنه منزه عنهما متصف بما يقابلهما من العلم و القدرة الذين بهما ترفع حاجتنا إلى العلم و القدرة فيما ترفع، و هكذا في سائرها.
و من هنا يظهر أن جهات الخلقة و خصوصيات الوجود التي في الأشياء ترتبط إلى ذاته المتعالية من طريق صفاته الكريمة أي إن الصفات وسائط بين الذات و بين مصنوعاته فالعلم و القدرة و الرزق و النعمة التي عندنا بالترتيب تفيض عنه سبحانه بما أنه عالم قادر رازق منعم بالترتيب، و جهلنا يرتفع بعلمه، و عجزنا بقدرته، و ذلتنا بعزته، و فقرنا بغناه، و ذنوبنا بعفوه و مغفرته، و إن شئت فقل بنظر آخر هو يقهرنا بقهره و يحدنا بلا محدوديته، و ينهينا بلا نهايته، و يضعنا برفعته، و يذللنا بعزته، و يحكم فينا بما يشاء بملكه - بالضم - و يتصرف فينا كيف يشاء بملكه - بالكسر - فافهم ذلك.
و هذا هو الذي نجري عليه بحسب الذوق المستفاد من الفطرة الصافية فمن يسأل الله الغنى ليس يقول: يا مميت يا مذل أغنني، و إنما يدعوه بأسمائه: الغني و العزيز و القادر مثلا، و المريض الذي يتوجه إليه لشفاء مرضه يقول: يا شافي يا معافي يا رءوف يا رحيم ارحمني و اشفني، و لن يقول: يا مميت يا منتقم يا ذا البطش اشفني: و على هذا القياس.
و القرآن الكريم يصدقنا في هذا السلوك و القضاء، و هو أصدق شاهد على صحة هذا النظر فتراه يذيل آياته الكريمة بما يناسب مضامين متونها من الأسماء الإلهية و يعلل ما يفرغه من الحقائق بذكر الاسم و الاسمين من الأسماء بحسب ما يستدعيه المورد من ذلك.
و القرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي يستعمل الأسماء الإلهية في تقرير مقاصده، و يعلمنا علم الأسماء من بين ما بلغنا من الكتب السماوية المنسوبة إلى الوحي.
فتبين أنا ننتسب إليه تعالى بواسطة أسمائه، و بأسمائه بواسطة آثارها المنتشرة في أقطار عالمنا المشهود فآثار الجمال و الجلال في هذا العالم هي التي تربطنا بأسماء جماله و جلاله من حياة و علم و قدرة و عزة و عظمة و كبرياء، ثم الأسماء تنسبنا إلى الذات المتعالية التي تعتمد عليها قاطبة أجزاء العالم في استقلالها.
و هذه الآثار التي عندنا من ناحية أسمائه تعالى مختلفة في أنفسها سعة و ضيقا، و هما بإزاء ما في مفاهيمها من العموم و الخصوص فموهبة العلم التي عندنا تنشعب منها شعب السمع و البصر و الخيال و التعقل مثلا، ثم هي و القدرة و الحياة و غيرها تندرج تحت الرزق و الإعطاء و الإنعام و الجود، ثم هي و العفو و المغفرة و نحوها تندرج تحت الرحمة العامة.
و من هنا يظهر أن ما بين نفس الأسماء سعة و ضيقا، و عموما و خصوصا على الترتيب الذي بين آثارها الموجودة في عالمنا فمنها خاصة، و منها عامة، و خصوصها و عمومها بخصوص حقائقها الكاشفة عنها آثارها و عمومها، و تكشف عن كيفية النسب التي بين حقائقها النسب التي بين مفاهيمها فالعلم اسم خاص بالنسبة إلى الحي و عام بالنسبة إلى السميع البصير الشهيد اللطيف الخبير و الرازق خاص بالنسبة إلى الرحمن، و عام بالنسبة إلى الشافي الناصر الهادي، و على هذا القياس.
فللأسماء الحسنى عرض عريض تنتهي من تحت إلى اسم أو أسماء خاصة لا يدخل تحتها اسم آخر ثم تأخذ في السعة و العموم ففوق كل اسم ما هو أوسع منه و أعم حتى تنتهي إلى اسم الله الأكبر الذي يسع وحده جميع حقائق الأسماء و تدخل تحته شتات الحقائق برمتها، و هو الذي نسميه غالبا بالاسم الأعظم.
و من المعلوم أنه كلما كان الاسم أعم كانت آثاره في العالم أوسع، و البركات النازلة منه أكبر و أتم لما أن الآثار للأسماء كما عرفت فما في الاسم من حال العموم و الخصوص يحاذيه بعينه أثره، فالاسم الأعظم ينتهي إليه كل أثر، و يخضع له كل أمر.
5 - ما معنى الاسم الأعظم؟
شاع بين الناس أنه اسم لفظي من أسماء الله سبحانه إذا دعي به استجيب، و لا يشذ من أثره شيء غير أنهم لما لم يجدوا هذه الخاصة في شيء من الأسماء الحسنى المعروفة و لا في لفظ الجلالة اعتقدوا أنه مؤلف من حروف مجهولة تأليفا مجهولا لنا لو عثرنا عليه أخضعنا لإرادتنا كل شيء.
و في مزعمة أصحاب العزائم و الدعوات أن له لفظا يدل عليه بطبعه لا بالوضع اللغوي غير أن حروفه و تأليفها تختلف باختلاف الحوائج و المطالب، و لهم في الحصول عليه طرق خاصة يستخرجون بها حروفا أولا ثم يؤلفونها و يدعون بها على ما يعرفه من راجع فنهم.
و في بعض الروايات الواردة إشعار ما بذلك كما ورد: أن «بسم الله الرحمن الرحيم» أقرب إلى اسم الله الأعظم من بياض العين إلى سوادها، و ما ورد: أنه في آية الكرسي و أول سورة آل عمران، و ما ورد: أن حروفه متفرقة في سورة الحمد يعرفها الإمام و إذا شاء ألفها و دعي بها فاستجيب له. و ما ورد: أن آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم الله الأعظم فأحضر عرش ملكة سبإ عند سليمان في أقل من طرفة عين، و ما ورد: أن الاسم الأعظم على ثلاث و سبعين حرفا قسم الله بين أنبيائه اثنتين و سبعين منها، و استأثر واحدة منها عنده في علم الغيب، إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأن له تأليفا لفظيا.
و البحث الحقيقي عن العلة و المعلول و خواصها يدفع ذلك كله فإن التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته و ضعفه، و المسانخة بين المؤثر و المتأثر، و الاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية، و إذا اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء البتة، و من المستحيل أن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصورها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كل شيء، و يتصرف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء أرضا و الأرض سماء و يحول الدنيا إلى الآخرة و بالعكس و هكذا، و هو في نفسه معلول لإرادتنا.
و الأسماء الإلهية و اسمه الأعظم خاصة و إن كانت مؤثرة في الكون و وسائط و أسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها إنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها، و لا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان و معنى ذلك أن الله سبحانه هو الفاعل الموجد لكل شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن أو حقيقة أخرى غير الذات المتعالية.
إلا أن الله سبحانه وعد إجابة دعوة من دعاه كما في قوله: «أجيب دعوة الداع إذا دعان»: البقرة: 186، و هذا يتوقف على دعاء و طلب حقيقي، و أن يكون الدعاء و الطلب منه تعالى لا من غيره - كما تقدم في تفسير الآية - فمن انقطع عن كل سبب و اتصل بربه لحاجة من حوائجه فقد اتصل بحقيقة الاسم المناسب لحاجته فيؤثر الاسم بحقيقته و يستجاب له، و ذلك حقيقة الدعاء بالاسم فعلى حسب حال الاسم الذي انقطع إليه الداعي يكون حال التأثير خصوصا و عموما، و لو كان هذا الاسم هو الاسم الأعظم انقاد لحقيقته كل شيء و استجيب للداعي به دعاؤه على الإطلاق.
و على هذا يجب أن يحمل ما ورد من الروايات و الأدعية في هذا الباب دون الاسم اللفظي أو مفهومه.
و معنى تعليمه تعالى نبيا من أنبيائه أو عبدا من عباده اسما من أسمائه أو شيئا من الاسم الأعظم هو أن يفتح له طريق الانقطاع إليه تعالى باسمه ذلك في دعائه و مسألته فإن كان هناك اسم لفظي و له معنى مفهوم فإنما ذلك لأجل أن الألفاظ و معانيها وسائل و أسباب تحفظ بها الحقائق نوعا من الحفظ فافهم ذلك.
و اعلم أن الاسم الخاص ربما يطلق على ما لا يسمى به غير الله سبحانه كما قيل به في الاسمين: الله، و الرحمن.
أما لفظ الجلالة فهو علم له تعالى خاص به ليس اسما بالمعنى الذي نبحث عنه، و أما الرحمن فقد عرفت أن معناه مشترك بينه و بين غيره تعالى لما أنه من الأسماء الحسنى، هذا من جهة البحث التفسيري، و أما من حيث النظر الفقهي فهو خارج عن مبحثنا.
6 - عدد الأسماء الحسنى:
لا دليل في الآيات الكريمة على تعين عدد للأسماء الحسنى تتعين به بل ظاهر قوله: «الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى»: طه: 8، و قوله «و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها»: الأعراف: 180، و قوله: «له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات و الأرض»: الحشر: 24، و أمثالها من الآيات أن كل اسم في الوجود هو أحسن الأسماء في معناها فهو له تعالى فلا تتحدد أسماؤه الحسنى بمحدد.
و الذي ورد منها في لفظ الكتاب الإلهي مائة و بضعة و عشرون اسما هي.
أ - الإله، الأحد، الأول، الآخر، الأعلى، الأكرم، الأعلم.
أرحم الراحمين، أحكم الحاكمين، أحسن الخالقين، أهل التقوى، أهل المغفرة، الأقرب الأبقى.
ب - البارىء، الباطن، البديع، البر، البصير.
ت - التواب.
ج - الجبار، الجامع.
ح - الحكيم، الحليم، الحي، الحق، الحميد، الحسيب، الحفيظ، الحفي.
خ - الخبير، الخالق، الخلاق، الخير، خير الماكرين، خير الرازقين، خير الفاصلين، خير الحاكمين، خير الفاتحين، خير الغافرين، خير الوارثين، خير الراحمين، خير المنزلين.
ذ - ذو العرش، ذو الطول، ذو الانتقام، ذو الفضل العظيم، ذو الرحمة، ذو القوة، ذو الجلال و الإكرام، ذو المعارج.
ر - الرحمن، الرحيم، الرءوف، الرب، رفيع الدرجات، الرزاق، الرقيب.
س - السميع، السلام، سريع الحساب، سريع العقاب.
ش - الشهيد، الشاكر، الشكور، شديد العقاب، شديد المحال.
ص - الصمد.
ظ - الظاهر.
ع - العليم، العزيز، العفو، العلي، العظيم، علام الغيوب، عالم الغيب و الشهادة.
غ - الغني، الغفور، الغالب، غافر الذنب، الغفار.
ف - فالق الإصباح، فالق الحب و النوى، الفاطر، الفتاح.
ق - القوي، القدوس، القيوم، القاهر، القهار، القريب: القادر، القدير، قابل التوب، القائم على كل نفس بما كسبت.
ك - الكبير، الكريم، الكافي.
ل - اللطيف.
م - الملك، المؤمن، المهيمن، المتكبر، المصور، المجيد، المجيب، المبين المولى، المحيط، المقيت، المتعال، المحيي، المتين، المتقدر، المستعان، المبدىء، مالك الملك.
ن - النصير، النور.
و - الوهاب، الواحد، الولي، الوالي، الواسع، الوكيل، الودود.
ه - الهادي.
و قد تقدم أن ظاهر قوله: «و لله الأسماء الحسنى» و «له الأسماء الحسنى» أن معاني هذه الأسماء له تعالى حقيقة و على نحو الأصالة، و لغيره تعالى بالتبع فهو المالك لها حقيقة، و ليس لغيره إلا ما ملكه الله من ذلك، و هو مع ذلك مالك لما ملكه غيره لم يخرج عن ملكه بالتمليك، فله سبحانه حقيقة العلم مثلا و ليس لغيره منه إلا ما وهبه له و هو مع ذلك له لم يخرج من ملكه و سلطانه.
و من الدليل على الاشتراك المعنوي في ما يطلق عليه تعالى و على غيره من الأسماء و الأوصاف ما ورد من أسمائه تعالى بصيغة أفعل التفضيل كالأعلى و الأكرم فإن صيغة التفضيل تدل بظاهرها على اشتراك المفضل و المفضل عليه في أصل المعنى، و كذا ما ورد بنحو الإضافة كخير الحاكمين و خير الرازقين و أحسن الخالقين لظهوره في الاشتراك.
7 - هل أسماء الله توقيفية؟
تبين مما تقدم أن لا دليل على توقيفية أسماء الله تعالى من كلامه بل الأمر بالعكس، و الذي استدل به على التوقيف من قوله: «و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه» الآية مبني على كون اللام للعهد، و أن يكون المراد بالإلحاد التعدي إلى غير ما ورد من أسمائه من طريق السمع، و كلا الأمرين مورد نظر لما مر بيانه.
و أما ما ورد مستفيضا مما رواه الفريقان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة» أو ما يقرب من هذا اللفظ فلا دلالة فيها على التوقيف.
هذا بالنظر إلى البحث التفسيري، و أما البحث الفقهي فمرجعه فن الفقه و الاحتياط في الدين يقتضي الاقتصار في التسمية بما ورد من طريق السمع، و أما مجرد الإجراء و الإطلاق من دون تسمية فالأمر فيه سهل.
بحث روائي
في التوحيد، بإسناده عن الرضا عن آبائه عن علي (عليه السلام): أن لله عز و جل تسعة و تسعين اسما من دعا الله بها استجاب له، و من أحصاها دخل الجنة. أقول: و سيجيء نظيره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و المراد بقوله: «من أحصاها دخل الجنة» الإيمان باتصافه تعالى بجميع ما تدل عليه تلك الأسماء بحيث لا يشذ عنها شاذ.
و في الدر المنثور، أخرج البخاري و مسلم و أحمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن خزيمة و أبو عوانة و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن حبان و الطبراني و أبو عبد الله بن منده في التوحيد و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي في كتاب الأسماء و الصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر. أقول: رواها عن أبي نعيم و ابن مردويه عنه، و لفظه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لله مائة اسم غير اسم من دعا بها استجاب الله له دعاءه، و عن الدارقطني في الغرائب عنه و لفظه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال عز و جل: لي تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة. و فيه، أخرج أبو نعيم و ابن مردويه عن ابن عباس و ابن عمر قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله تسعة و تسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة. أقول: و رواه أيضا عن أبي نعيم عن ابن عباس و ابن عمر و لفظه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لله تسعة و تسعون اسما من أحصاها دخل الجنة، و هي في القرآن. أقول: و الرواية تعارض ما سيأتي من روايات الإحصاء حيث إن جميعها مشتملة على أسماء ليست في القرآن بلفظها إلا أن يكون المراد كونها في القرآن بمعناها.
و في التوحيد، بإسناده عن الصادق عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة. و هي. الله، الإله، الواحد، الأحد، الصمد، الأول، الآخر، السميع، البصير، القدير، القاهر، العلي، الأعلى، الباقي، البديع، الباري، الأكرم، الظاهر الباطن، الحي، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحق، الحسيب، الحميد، الحفي الرب، الرحمن، الرحيم، الذاري، الرازق، الرقيب، الرءوف، الرائي، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، السيد، سبوح، الشهيد، الصادق، الصانع، الظاهر، العدل، العفو، الغفور، الغني، الغياث، الفاطر، الفرد، الفتاح، الفالق، القديم، الملك، القدوس، القوي، القريب، القيوم القابض، الباسط، قاضي الحاجات، المجيد، المولى، المنان، المحيط، المبين، المغيث، المصور، الكريم، الكبير الكافي، كاشف الضر، الوتر، النور، الوهاب، الناصر، الواسع، الودود، الهادي، الوفي، الوكيل، الوارث، البر، الباعث، التواب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافي. و في الدر المنثور، أخرج الترمذي و ابن المنذر و ابن حبان و ابن منده و الطبراني و الحاكم و ابن مردويه و البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة أنه وتر يحب الوتر: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارىء، المصور، الغفار، القهار، الوهاب الرازق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدىء، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال و الإكرام، الوالي، المتعال، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور. و فيه، أخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء و الطبراني كلاهما و أبو الشيخ و الحاكم و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة: أسأل الله الرحمن، الرحيم، الإله، الرب، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارىء، المصور، الحكيم، العليم، السميع، البصير، الحي، القيوم، الواسع، اللطيف، الخبير، الحنان، المنان البديع، الغفور، الودود، الشكور، المجيد، المبدىء، المعيد، النور، البادي و في لفظ: القائم الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، العفو، الغفار، الوهاب، الفرد و في لفظ: القادر الأحد، الصمد، الوكيل، الكافي، الباقي، المغيث، الدائم، المتعال، ذا الجلال و الإكرام، المولى، النصير، الحق، المبين، الوارث، المنير، الباعث القدير و في لفظ: المجيب المحيي، المميت، الحميد و في لفظ: الجميل الصادق، الحفيظ، المحيط، الكبير، القريب، الرقيب، الفتاح، التواب، القديم، الوتر، الفاطر، الرزاق، العلام، العلي، العظيم، الغني، المليك، المقتدر، الأكرم، الرءوف، المدبر، المالك، القاهر، الهادي، الشاكر، الكريم، الرفيع، الشهيد الواحد، ذا الطول، ذا المعارج، ذا الفضل، الخلاق، الكفيل، الجليل. أقول: و ذكر لفظ الجلالة في هذه الروايات المشتملة على الإحصاء لإجراء الأسماء عليه.
و إلا فهو خارج عن العدد.
و فيه، أخرج أبو نعيم عن محمد بن جعفر قال: سألت أبي جعفر بن محمد الصادق عن الأسماء التسعة و التسعين التي من أحصاها دخل الجنة فقال: هي في القرآن: ففي الفاتحة خمسة أسماء، يا الله يا رب يا رحمن يا رحيم يا مالك، و في البقرة ثلاثة و ثلاثون اسما: يا محيط يا قدير يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم يا تواب يا بصير يا ولي يا واسع يا كافي يا رءوف يا بديع يا شاكر يا واحد يا سميع يا قابض يا باسط يا حي يا قيوم يا غني يا حميد يا غفور يا حليم يا إله يا قريب يا مجيب يا عزيز يا نصير يا قوي يا شديد يا سريع يا خبير. و في آل عمران: يا وهاب يا قائم يا صادق يا باعث يا منعم يا متفضل، و في النساء: يا رقيب يا حسيب يا شهيد يا مقيت يا وكيل يا علي يا كبير، و في الأنعام يا فاطر يا قاهر يا لطيف يا برهان، و في الأعراف: يا محيي يا مميت، و في الأنفال يا نعم المولى يا نعم النصير، و في هود: يا حفيظ يا مجيد يا ودود يا فعالا لما يريد، و في الرعد: يا كبير يا متعال، و في إبراهيم: يا منان يا وارث، و في الحجر: يا خلاق. و في مريم: يا فرد، و في طه: يا غفار، و في قد أفلح: يا كريم، و في النور: يا حق، يا مبين، و في الفرقان: يا هادي، و في سبإ: يا فتاح، و في الزمر: يا عالم، و في غافر: يا غافر يا قابل التوب يا ذا الطول يا رفيع، و في الذاريات: يا رزاق يا ذا القوة يا متين، و في الطور: يا بر. و في اقتربت: يا مليك يا مقتدر، و في الرحمن: يا ذا الجلال و الإكرام يا رب المشرقين يا رب المغربين يا باقي يا محسن، و في الحديد: يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، و في الحشر: يا ملك يا قدوس يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار يا متكبر يا خالق يا بارىء يا مصور، و في البروج يا مبدىء يا معيد، و في الفجر: يا وتر، و في الإخلاص: يا أحد يا صمد. أقول: و الرواية لا تخلو عن تشويش فإن فيه إدخال لفظ الجلالة في الأسماء التسعة و التسعين و ليس منها، و قد كرر بعض الأسماء كالكبير، و قد ذكر في أولها التسعة و التسعون، و أنهيت إلى مائة و عشرة أسماء، و فيها مع ذلك موضع مناقشات أخر فيما يذكر من وجود الاسم في بعض السور كالفرد في سورة مريم، و البرهان في سورة الأنعام.
إلى غير ذلك.
و على أي حال ظهر لك من هذه الروايات و هي التي عثرنا عليها من الروايات الإحصاء أنها لا تدل على انحصار الأسماء الحسنى فيما تحصيها مع ما فيها من الاختلاف في الأسماء، و ذكر بعض ما ليس في القرآن الكريم بلفظ الاسمية، و ترك بعض ما في القرآن الكريم بلفظ الاسمية بل غاية ما تدل عليه أن من أسماء الله تسعة و تسعين من خاصتها أن من دعا بها استجيب له، و من أحصاها دخل الجنة.
على أن هناك روايات أخرى تدل على كون أسمائه تعالى أكثر من تسعة و تسعين كما سيأتي بعضها، و في الأدعية المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أئمة أهل البيت (عليهم السلام) شيء كثير من أسماء الله غير ما ورد منها في القرآن و أحصي في روايات الإحصاء.
و في الكافي، بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك و تعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت، و باللفظ غير منطق، و بالشخص غير مجسد، و بالتشبيه غير موصوف، و باللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور. فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحدا قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، و حجب واحدا منها و هو الاسم المكنون و المخزون فهذه الأسماء التي ظهرت فالظاهر هو الله، تبارك، و تعالى، و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها: فهو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، الخالق، البارىء، المصور، الحي، القيوم، لا تأخذه سنة و لا نوم، العليم، الخبير، السميع، الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر، العلي، العظيم، المقتدر، القادر، السلام، المؤمن، المهيمن، البارىء، المنشىء، البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرازق، المحيي، المميت، الباعث، الوارث. فهذه الأسماء و ما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة و ستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة، و هذه الأسماء الثلاثة أركان، و حجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة، و ذلك قوله عز و جل: «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن - أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى». أقول: قوله (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت «إلخ» هذه الصفات المعدودة صريحة في أن المراد بهذا الاسم ليس هو اللفظ، و لا معنى يدل عليه اللفظ من حيث إنه مفهوم ذهني فإن اللفظ و المفهوم الذهني الذي يدل عليه لا معنى لاتصافه بالأوصاف التي وصفه بها و هو ظاهر، و كذا يأبى عنه ما ذكره في الرواية بعد ذلك فليس المراد بالاسم إلا المصداق المطابق للفظ لو كان هناك لفظ، و من المعلوم أن الاسم بهذا المعنى - و خاصة بالنظر إلى تجزيه بمثل: الله و تبارك و تعالى - ليس إلا الذات المتعالية أو هو قائم بها غير خارج عنها البتة.
فنسبة الخلق إلى هذا الاسم في قوله: «خلق اسما» يكشف عن كون المراد بالخلق غير المعنى المتعارف منه، و أن المراد به ظهور الذات المتعالية ظهورا ينشأ به اسم من الأسماء و حينئذ ينطبق الخبر على ما تقدم بيانه أن الأسماء مترتبة فيما بينها و بعضها واسطة لثبوت بعض، و تنتهي بالآخرة إلى اسم تعينها عين عدم التعين.
و تقيد الذات المتعالية به عين عدم تقيدها بقيد.
و قوله: «فالظاهر هو الله تبارك و تعالى» إشارة إلى الجهات العامة التي تنتهي إليها جميع الجهات الخاصة من الكمال، و يحتاج الخلق إليها من جميع جهات فاقتها و حاجتها، و هي ثلاث: جهة استجماع الذات لكل كمال، و هي التي يدل عليها لفظ الجلالة و جهة ثبوت الكمالات و منشئية الخيرات و البركات، و هي التي يدل عليه اسم تبارك، و جهة انتفاء النقائص و ارتفاع الحاجات و هي التي يدل عليه لفظ تعالى.
و قوله: فعلا منسوبا إليها «أي إلى الأسماء و هو إشارة إلى ما قدمناه من انتشاء اسم من اسم.
و قوله: «حتى تتم ثلاث مائة و ستين اسما» صريح في عدم انحصار الأسماء الإلهية في تسعة و تسعين.
و قوله: «و هذه الأسماء الثلاثة أركان و حجب» إلخ فإن الاسم المكنون المخزون لما كان اسما فهو تعين و ظهور من الذات المتعالية، و إذ كان مكنونا بحسب ذاته غير ظاهر بحسب نفسه فظهوره عين عدم ظهوره و تعينه عين عدم تعينه، و هو ما يعبر عنه أحيانا بقولنا: إنه تعالى ليس بمحدود بحد حتى بهذا الحد العدمي لا يحيط به وصف و لا نعت حتى هذا الوصف السلبي، و هذا بعينه توصيف منا و الذات المتعالية أعظم منه و أكبر.
و لازمه أن يكون اسم الجلالة الكاشف عن الذات المستجمعة لجميع صفات الكمال اسما من أسماء الذات دونها و دون هذا الاسم المكنون المخزون، و كذا «تبارك» و «تعالى» ثلاثة أسماء معا سدنة و حجابا للاسم المكنون من غير أن يتقدم بعضها بعضا، و هذه الحجاب الثلاثة و الاسم المكنون المحجوب بها جميعا دون الذات، و أما هي فلا ينتهي إليها إشارة و لا يقع عليها عبارة، إذ كلما تحكيه عبارة أو تومىء إليه إشارة اسم من الأسماء محدود بهذا النحو، و الذات المتعالية أعلى منه و أجل.
و قوله: «و ذلك قوله تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى» وجه الاستفادة أن الضمير في قوله: «فله» راجع إلى «أي» و هو اسم شرط من الكنايات لا تعين لمعناه إلا عدم التعين، و من المعلوم أن المراد بالله و بالرحمن في الآية هو مصداق اللفظين لا نفسهما فلم يقل ادعوا بالله أو بالرحمن بل ادعوا الله الآية فمدلول الآية أن الأسماء منسوبة قائمة جميعا بمقام لا خبر عنه و لا إشارة إليه إلا بعدم الخبر و الإشارة فافهم ذلك.
و في الرواية أخذ «تبارك» و كذا «تعالى» و كذا «لا تأخذه سنة و لا نوم» من الأسماء و هو مبني على مجرد الدلالة على الذات المأخوذة بصفة من صفاته من غير رعاية المصطلح الأدبي.
و الرواية من غرر الروايات تشير إلى مسألة هي أبعد سمكا من مستوى الأبحاث العامة و الأفهام المتعارفة، و لذلك اقتصرنا في شرح الرواية على مجرد الإشارات و أما الإيضاح التام فلا يتم إلا ببحث مبسوط خارج عن طوق المقام غير أنها لا تبتني على أزيد مما تقدم من البحث عن نسب الأسماء و الصفات إلينا و نسب ما بينها الموضوع في الفصل الرابع من الكلام في الأسماء فعليك بإبقائها حتى تنجلي لك المسألة حق الانجلاء و الله الموفق.
و في البصائر، بإسناده عن الباقر (عليه السلام) قال: إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، و إنما عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض فيما بينه و بين سرير بلقيس ثم تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، و عندنا نحن من الاسم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. و فيه، أيضا بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز و جل جعل اسمه الأعظم على ثلاث و سبعون حرفا فأعطى آدم منها خمسة و عشرين حرفا و أعطى نوحا منها خمسة و عشرين حرفا، و أعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف، و أعطى موسى منها أربعة أحرف، و أعطى عيسى منها حرفين و كان يحيي بهما الموتى و يبرىء بهما الأكمه و الأبرص، و أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنين و سبعين حرفا، و احتجب حرفا لئلا يعلم ما في نفسه و يعلم ما في نفس غيره ظ. أقول: و في مساق الروايتين بعض روايات أخر، و لا ينبغي أن يرتاب في أن كونه مفرقا إلى ثلاث و سبعين حرفا أو مؤلفا من حروف لا يستلزم كونه بحقيقة مؤلفا من حروف الهجاء كما تقدمت الإشارة إليه، و في الروايتين دلالة على ذلك فإنه يعد الاسم و هو واحد ثم يفرق حروفه بين الأنبياء و يستثني واحدا، و لو كان من قبيل الأسماء اللفظية الدالة بمجموع حروفه على معنى واحد لم ينفع أحدا منهم (عليهم السلام) ما أعطيه شيئا البتة.
و في التوحيد، بإسناده عن علي (عليه السلام) في خطبة له: إن ربي لطيف اللطافة فلا يوصف باللطف؟ عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شيء لا يقال شيء قبله، و بعد كل شيء لا يقال له بعد شاء الأشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة، هو في الأشياء كلها غير متمازج بها و لا بائن عنها ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، بائن لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، جاعل لا باضطرار، مقدر لا بحركة، مريد لا بهمامة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة.
أقول: هو (عليه السلام) - كما يشاهد - يثبت في صفاته و أسمائه تعالى أصل المعاني و ينفي خصوصيات المصاديق الممكنة و نواقص المادة، و هو الذي قدمنا بيانه سابقا: و هذه المعاني واردة في أحاديث كثيرة جدا مروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و خاصة ما ورد عن علي و الحسن و الحسين و الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا (عليهما السلام) في خطب كثيرة من أرادها فليراجع جوامع الحديث، و الله الهادي.
و في المعاني، بإسناده عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: فليس له شبه و لا مثل و لا عدل، و لله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، و هي التي وصفها الله في الكتاب فقال: «فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه» جهلا بغير علم و هو لا يعلم و يكفر و هو يظن أنه يحسن؟ فذلك قوله: «و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون» فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها. أقول: و الحديث يؤيد ما قدمناه في معنى كون الأسماء حسنى و الإلحاد فيها، و قوله (عليه السلام): «لا يسمى بها غيره» أي لا يوصف بالمعاني التي جردت لها و صح تسميته بها غيره تعالى كإطلاق الخالق بحقيقة معناه الذي له تعالى لغيره، و على هذا القياس.
و في الكافي، بإسناده إلى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل «و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها» قال: نحن و الله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد إلا بمعرفتنا:. أقول: و رواه العياشي عنه (عليه السلام)، و فيه أخذ الاسم بمعنى ما دل على الشيء سواء كان لفظا أو غيره، و عليه فالأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام) أسماء دالة عليه تعالى وسائط بينه و بين خلقه، و لأنهم في العبودية بحيث ليس لهم إلا الله سبحانه فهم المظهرون لأسمائه و صفاته تعالى.
و في الكافي، بإسناده عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و ممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون» قال هم الأئمة: أقول: و رواه العياشي عن حمران عنه (عليه السلام) قال: و قال محمد بن عجلان عنه (عليه السلام): «نحن هم» و قد تقدم ما يؤيده في البيان المتقدم.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله: «و ممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون» قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل. و في تفسير البرهان، عن موفق بن أحمد عن السري عن ابن المنذر عن الحسين بن سعيد عن أبيه عن أبان بن تغلب عن فضل عن عبد الملك الهمداني عن زادان عن علي قال يفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعون فرقة اثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة، و هم الذين قال الله عز و جل في حقهم: «و ممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون» أنا و شيعتي. أقول: و روى العياشي عن زادان عنه (عليه السلام): مثله، و في آخره: «و هم على الحق» مكان قوله: «أنا و شيعتي».
و قد تقدم في ذيل قوله تعالى: «و من قوم موسى أمة يهدون بالحق و به يعدلون، رواية العياشي عن أبي الصهباء عن علي (عليه السلام) ما في معناه، و كذا رواية السيوطي في الدر المنثور بطرق عنه مثله.
و في الكافي، بإسناده عن سفيان بن السمط قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة و يذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار و يتمادى بها، و هو قوله عز و جل: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» بالنعم عند المعاصي. و فيه، بإسناده عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» قال: هو العبد يذنب الذنب فيجدد له النعم معه تلهيه تلك النعم عن الاستغفار من ذلك الذنب:. أقول: و رواه أيضا بإسناده عن ابن رئاب عن بعض أصحابنا عنه (عليه السلام) مثله. و فيه، بإسناده عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما روى الناس: «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» قلت: كيف؟ يتفكر؟ قال: يمر بالخربة أو بالدار فيقول أين ساكنوك؟ أين بانوك؟ ما لك لا تتكلمين؟. أقول: و هو من قبيل إراءة بعض المصاديق الظاهرة.
و فيه، بإسناده عن معمر بن خلاد قال سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم. إنما العبادة التفكر في أمر الله عز و جل. و فيه، بإسناده عن الربعي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): التفكر يدعو إلى البر و العمل به. و فيه، بإسناده عن محمد بن أبي النصر عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أفضل العبادة إدمان التفكر في الله و في قدرته. و في تفسير القمي،: في تفسير قوله تعالى: «و يذرهم في طغيانهم يعمهون» قال: قال نكله إلى نفسه. أقول: و معنى تركهم يعمهون في طغيانهم عدم إعانتهم على أنفسهم و تركهم و إياها بقطع التوفيق فينطبق على الوكول إلى النفس.
|