|
على ضفاف الكوثر |
البحث
الرقم: 2101
التاريخ: 27 صفر المظفّر 1430 هـ
المشاهدات: 5077
قائمة المحتويات
معتوق المعتوق ـ القطيف تَرقَرقتِ فاصطـكّتْ قوائمُه الدهرُ ورَفَّت حكـايـاتٌ تدَفُّقُـها نهـرُ أنخَتُ زمـاني والسُّـنونُ مواكب تَعاقَبُ يحَدوها الى فَجـركِ الذِّكرُ تَملّـيتُكِ الذِكـرى تمُـدُّ ظلالَـها مجـالِسَ سُمَّـارٍ يُنـادِمُها البـدر ولامستُكِ النجـوى تهُـزُّ أنـاملي يَراعاً له في أُفقِ فـاطمةٍ سطرُ (1) بين أعطافِ المَسرى المترنِّمِ بهديرِ الكوثرِ، بين جَنَباتِ الطريقِ الذي أعشاهُ وَهَجُ النورِ الأزهرِ، بين أحضانِ الزمنِ المُضمَّخِ برائحةِ المسكِ الأذفَرِ، بين تَسارُعِ الأنفاسِ واضطرابِ القلوبِ ووَجَلِ الجوارِحِ، جِئتُ أُغالِبُ ارتعاشَ يدَيَّ لأحملَ بها زهرةً اليكِ.. أيتُها الحلُمُ الورديُّ الذي أسكرَ الدُّنيا، اليكِ يا شَفَقَ الشمسِ الذي حيَّرَ وهَجَ الشمسِ، اليكِ يا عبَقَ القداسةِ الذي سرى من صميمِ السماءِ الى قلبِ الأرضِ، اليكِ ياوتَرَ الطُّهرِ الذي شَدَهَ الطهارةَ والنقاءَ، اليك يا أُرجوزةَ الحُورِ، اليكِ يا تُفّاحةَ الجنانِ، اليكِ ياوَلَهَ العفافِ، اليكِ يادنَّ الصفاءِ، اليكِ ياصنوَ الرسالةِ، اليكِ يا خِدْنَ الإمامةِ، اليك ياشقيقةَ رضا الرحمنِ، اليكِ يا نحيلةَ الجسدِ، اليكِ يا مُتهجّدةَ الليلِ، اليكِ يا بَكّاءةَ المحرابِ، اليكِ ياصاحبةَ الأسمالِ، اليكِ يا نَرجِسةَ الشرفِ، اليكِ يازنبَقَةَ الفضيلةِ، اليكِ يا ياسَمِينةَ الكمالِ، اليكِ يا ريحانةَ المصطفى، اليكِ يا أُمَّ العلياءِ، اليكِ يا أمَّ السماءِ، اليكِ يا أمَّ أبيها... اليكِ يا أُمَّ الحسن. خُذيها وردةَ محبّةٍ تَقطُرُ نَدىً من رِيِّ هواكِ، خُذي ورقَتَها الرقيقةَ صفحةَ خَدٍّ تَمنَّتْ لو عانَقَتْ موطِئَ قَدمَيكِ، خُذي عُودَها المملودِ وقلِّبِيهِ بين إصبَعَيكِ، خُذي وردتي يا أُمَّ الحسنِ وقرّبيها من نسيمِ أنفاسِكِ، خُذيها مُضغةً حمراءَ يتَجارى فيها دَفْقُ هواكِ لترتعشَ بين يدَيكِ، خُذي وردتي يا أُمَّ الحسن... وإذا قَبِلتيها فسأُخبِرُ الكونَ أنّي قد وَهَبتُ فاطمةَ قلبي. عَلِّمينا منَ أنت يا أُمَّ الحسين؟... نُحَمِّلُ مراكِبَنَا أقلاماً ودفاترَ ومُهَجاً وأرواحاً... نُبْحِرُ في يمِّكِ الممتدِ بامتدادِ البصائرِ... نَستنزفُ الأقلامَ نقشاً على الألواحِ والأرواحِ... نُبحِرُ ونُبحرُ ونُبحر، وقد جَفّت أقلامُنا وفاضت صفَحَاتُنا ليتوقفَ بنا المركَبُ ونظُنَّ أنّا قد وصلنا الى منتهى البحرِ.. ونَتلفَّتُ لنجدَ أنفُسَنا نُراوِحُ في مكانِنا هناكَ في نقطةِ البدايةِ. فنقرّر أنْ نبقى في المركَبِ ونكتُبُ على الشفاهِ والعيونِ والأسماعِ صُوَراً من وحيِ البدايةِ، من وحيِ ليلةِ الميلاد. ونبدأ الرحلةَ من حيثُ تتردّد أصداءُ سلامِ الجليلِ، نبدأُ من دارِ خديجةَ زوجِ المصطفى صلّى الله عليه وآله وهي تحرثُ الدارَ روحَةً ومجيئاً تنتظر عودةَ زوجها الحبيبِ ونبيِّها الكريم. ولكنّ انتظارَ خديجةَ طال وطالَ.. حتى أدبرَ النهارُ وأطبقَ الليلُ بثوبهِ الأسودِ على الدنيا. وغابَ فكرها بعيداً في عمقِ الظلامِ ونابتُ الهواجسُ عن خطواتِها الرائحةِ الغادية: تُرى هل أصابَهُ مكروهٌ؟ هل وصلَ أعداؤُه اليهِ بسوءٍ؟ وفجأةً طُرِقَ البابُ. كان عمارٌ خلفَهُ.. وجاء صوتُهُ القدسيّ ليخففَ عنها المخاوفَ ويبعثَ الطمأنينةَ في نفسِها: «إن رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله» يُقرئكِ السلامَ ويقولُ: «لم أنقَطعْ عنكِ ياخديجةُ هَجْراً ولاقِلىً، ولكنَّ ربي أمرَني بذلك فلا تَظُنّي ياخديجةُ إلاّ خيراً، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ليباهي بكِ ملائِكَتَهُ مِراراً كُلَّ يومٍ، فإذا جَنَّكِ الليلُ فأجِيفي البابَ وخُذي مَضجَعَكِ من فراشِك، فإني في منزلِ أُمّي فاطمةَ بنتِ أسد». وباتت خديجةُ ليلتَها، ووسادتُها خاليةٌ من نورِ المصطفى صلّى الله عليه وآله، وبات هو في دارِ «أُمّهِ» فاطمةَ يحرُسُهُ قلبُها وعينا عمِّه وجوارِحُ ابنِ عمِّهِ اليافِع. ومرَّتِ الليالي ثِقالاً على خديجةَ. وبعدَ أربعين صباحاً هبطَ الأمينُ عليه السّلام يحملُ البشارةَ للمصطفى صلّى الله عليه وآله: «يا محمد، إن العليَّ الأعلى يُقرِئكَ السلامَ ويأمُرُكَ أن تتأهّبَ لتحيّتِهِ وتُحفتِه». ونزلَ على إثرِهِ ميكائيلُ وبيدهِ قدَحٌ من الكوثرِ وطبَقٌ من نورٍ مغطىً بمنديلٍ من سُندُسٍ مُطَرَّزٍ بالحريرِ، موشَّىً بخيوطٍ من إستبرقٍ، مُزدانٌ بخيوطٍ من ذهبٍ وحبّاتٍ من لؤلؤ. وكَشَفَ صلّى الله عليه وآله المنديلَ، وتناوَلَ مِن رُطَبٍ وعِنَبٍ كانا في الصحنِ، وشرَّفَ قدحَ الكوثرِ بقُبلةٍ من شَفتَيهِ، ومَزَجَ سَلسَبيلَهُ برَشفةٍ من رُضابِهِ الطاهِرِ. ولمّا فرغَ من إفطارِهِ المباركِ قامَ صلّى الله عليه وآله ليصلِّي، فقامَ جبريلُ بين يدَيهِ مخاطِباً «إن العليَّ الأعلى يُقرِئكَ السلامَ ويأمُرُكَ أن تَدَعَ الصلاةَ الآنَ وتَنطلِقَ مِن فَورِكَ الى خديجةَ، فإن اللهَ آلى على نفسِهِ أن يخلُقَ من صُلبِكَ هذه الليلةَ ذريّةً طيّبةً مباركةً». وطُرِقتْ بابُ خديجةَ.. فارتجفَ قلبُها. إنها طَرقةُ المصطفى، إنها رِيحُ محمد صلّى الله عليه وآله. وفَتَحتِ البابَ والتَقَتْ عيناها بنورِ وجهِهِ القَمَريِّ، وأحاطَ اللهُ تلك الليلةَ بألطافِهِ وبرَكاتِه. وبعد أشهُرٍٍ أحسّت خديجةُ بثِقلٍ خفيفٍ في بطنِها، فجاءتها بشارةُ المصطفى (ص): «أبشِري ياخديجةُ بذُريّةٍ طاهِرةٍ مبارَكة. فهذا جبرائيلُ يُخبِرُني أنّها أُنثى، وأنّها النَّسمَةُ الطاهِرَةُ الميمونةُ، وأن الله تبارَكَ وتعالى سيَجعلُ نَسلي منها، وسيَجعلُ منها أئمةً ويجعلُهُم خُلَفائي في أرضِهِ». ومرَّتِ الأيامِ سِراعاً.. أحسَّت خديجةُ بالمخاضِ، وأرسَلَت الى نساءِ مكَّةَ لِيَحضَرنَها، فأبَيْنَ أن يأتِينَها، فبَقِيَت هائمَةَ الفِكرِ مشغولةَ البالِ إذ دَخَلَت عليها نِسوَةُ الجنَّةِ، وقامَت حوّاءُ ومريمُ وآسِيَةُ وكَلثمٌ يحُطْنَها، ونَزَلتِ الملائكةُ بقناديلِ النورِ، وازدحمت أجنحَتُها حول دارِ خديجةَ التي امتلأ سمعُها بدفيفِ الأجنحةِ وترانيمِ الذِّكْرِ وصدى خَفَقانِ قلبِ محمدٍ صلّى الله عليه وآله وحلَّقت في عالمٍ من البهجةِ والسرورِ حتّى وَضَعت فاطمةَ عليها السّلام ساجدةً لربّها. وجاء النبيُّ الأكرمُ صلّى الله عليه وآله واحتملَ وليدَتهُ المباركةَ على كلتا يدَيهِ، وطبَعَ على وَجنتِها قُبلةً حانيةً، وارتسمت على شَفَتيه ابتسامةُ الحُبورِ بمولد الكوثر. ونشأت الوليدةُ المباركةُ تلتقمُ ثديَ أُمِّها، وتَرتشِفُ رُضابَ أبيها، وترتَضِعُ معَهُما من هَديِ الإيمانِ والنبوةِ والرسالة. وشبَّت البنتُ الصغيرةُ وهي تشهدُ صراعَ الحقِ والباطلِ وأبوُها يؤدّي دورَ الداعي والمنقذ، وعمُّها يؤدّي دورَ المُؤيِّدِ والمُعينِ، وابنُه يؤدِّي دور المُفدِّي والحارس، فاختارت هي أن تؤدي دورَ الأُمِّ الرَّؤومِ... فكانت أمَّ أبيها. تَرفَعُ عن ظَهرِه سلى الجُزور، ِ وتَمسحُ عن ساقَيهِ قطَراتِ النَّجيعِ، وتَرسِمُ على وجههِ ابتسامةَ الرضا وسَطَ ما يتحمَّلُهُ مِن أعباءِ الرِّسالةِ. وعاشَت الصبيَةُ مع أبيها حِصارَ الشِّعْبِ وألَمَهُ. وماتَ عمُّها أبو طالِبٍ ولَحِقَتهُ أُمُّها. وجاءت الصغيرةُ تدور حولَ أبيها تسألُه عن أُمِّها وهو لا يُجيبُها، ثم احتضَن اليتيمُ يتيمَتهُ الى صدرهِ ليصيرَ كلٌ منهما الصدرَ الذي يلجأُ اليهِ الآخَر. وحانت ليلةُ الهِجرةِ.. وغادَرَت فاطمةُ مكّةَ يُظلِّلُها رداءُ الليلِ المسدولِ حولَ القمرِ، ويلتَمِعُ بين عينَيها سيفُ عليٍ الصقيلِ وهو يتدلّى بجوار قدمَيه المتفطّرتين من طولِ المسيرِ. ووصَلَت فاطمةُ عليها السّلام الى المدينةِ لتستقرّ في دارِ الرسالةِ، ويسيرَ ذِكرُها الجميلُ في أرجاءِ يَثرِبَ، وتَتهامسَ النِّساءُ بجلالِها وجمالِها. وجاء الخُطَّابُ يَطرُقونَ بابَها، فتكونُ الكراهةُ في وجهِها جوابَها. ويفهم أبوها. وفي يومٍ سعيدٍ جائَها أبوها صلّى الله عليه وآله والبِشرُ يملاُ قَسَماتِ وجههِ المباركِ، وبَدأ معها الحديثَ «إن عليَ بن أبي طالبٍ.....». وجَرَت حُمرةُ الخَجلِ في وَجنَتيها، وبانَت علاماتُ الرضا على وجهِها ولم تتكلم... فكان سكوتُها رِضاها. ولماَّ حانَتِ الساعةُ المباركةُ دعاها أبوها اليهِ فجاءت وعليٌ عِندَه، فأُحْصِرَت وبَكَت حَياءً، فقال لها أبوها صلّى الله عليه وآله: أُسكُني فإني أنكَحتُكِ أحَبَّ أهلِ بيتي إليَّ «ثمّ نضَحَ عليها من الماءِ، ودعا لها والتقت كفَّها بكفِّ عليٍ عليه السّلام وزُفَّا الى عِشّهِمُ الخالد. ومن عُشِّ الزوجيّةِ البسيطِ.. راحت أمُّ الحسنِ تَنثرُ دُروسَها على يثرِبَ ونسائِها ورجالِها ليظلَّ سراجُ سيرتِها النيِّرةِ نبراساً يتوهّجُ من الدارِ الصغيرةِ، فتستضيءُ بسَناهُ الدُّنيا وأهلُها جيلاً بعد جيل. كانت فاطمةُ عليه السّلام وَحياً مُجَسَّداً في صورةِ البشر. تَنطِقُ صِدقاً، وتَتدفّقُ حكمةً، وتَتفايضُ هَدْياً، وتتألّقُ نبراساً، وتَهمي عَطاءً، وتَتقاطَرُ جُوداً، وتَتسامى زُهداً، وتَتفانى إيثاراً، وتَذوبُ شَفَقةً، وتُشْرِقُ عِلْمَاً، وتُسفِرُ صُبحاً، وتَمورُ رحمةً، وتَفوحُ عِفَّةً، وتَعبَقُ طُهراً، وتَتعملَقُ عطاءً ونَداوةً وأريحيّةً وكمالاً. تُربّي صغارَها، وتَسُرُّ زوجَها، وتَقُمُّ دارَها، وتَلبَسُ أسمالَها، وتَتناوَبُ العملَ مع خادِمَتِها، وتُديرُ رَحاها، وتَسجُرُ تَنّورَها، وتَقومُ ليلَها، وتَزهَرُ في محرابِها، وتَذوبُ في أورادِها، وتَتصدّقُ على فقرائِها، وتُؤثرُ بزادِها، وتُرشدُ وُرَّادَها. كانت النساءُ تختلفُ الى دارها يتعلمنَ منها الشرفَ والفضيلةَ والطُّهرَ والعفافَ وحُسنَ التبَعُّلِ وكرامةَ الحجابِ والعِفَّةِ، ورساليةَ الأُمّ، وجهادَ الزوجةِ، ويَنهَلنَ من مَعينِها عِلمَ السماءِ المتدفّقِ من كوثرِ الأرض. سألَتها امرأةٌ يوماً عن زوجِها: هل هو من شيعَتِهِم أم لا؟ فكان جوابُها لها ـ ولنا ـ: «قُولي له: إن كُنتَ تَعملُ بما أمَرناكَ وتَنتهي عمَّا زَجرناكَ عنهُ فأنتَ مِن شيعتِنا، وإلاّ فلا». وظلَّت أُمُّ الحسن عليه السّلام تَرسِمُ بريشةِ المُبدعِ صورةَ الكمالِ في أعظمِ تَجليَّاتِه، وتُعلّقُها بين رَحاها ومِحرابِها. فهاهي تَلوذُ بمخدَعِها وقد جنَّها الليلُ.. ويتَجارى بحرُ دَعَواتِها لجيرانِها وشيعتِها، وتَقتصرُ على دعاءٍ يسيرٍ لنفسِها العظيمةِ التي أتعبَت جسدَها النحيلَ: «إلهي، فَرِّغني لمِا خَلَقتَني له، ولا تَشغَلني بما تكفَّلتَ لي به». وها هي تُشرقُ بوجهِها على الشمسِ الطالِعةِ لتعلِّمَ المرأةَ معنى الحجابِ والعِفَّة. فهاهي تَحجِبُ أعمىً «لأنّها تراهُ وهو يَشمُّ الريحَ». وها هي تجيبُ سؤالَ المصطفى ـ وقد عَجِز عنه الصحابةُ ـ «أدنى ماتكونُ المرأةُ من ربِّها أن تَلزَمَ قَعرَ بيتِها». كان العفافُ والحجابُ هاجِسَها الأكبرُ حتى وهي تعيشُ اللحظاتِ الأخيرةَ من عُمُرِها القصيرِ. كانت تُحدّثُ أسماءَ بنتَ عميسٍ عن كراهتِها أن يرى الرجالُ خيالَ جسدِها وهي على نَعشِها. وقامت أسماءُ تَصِفُ لها نَعشاً رأتهُ في الحبشةِ وصنعته لها من جريدِ النخلِ المقوَّسِ حول جسدِها الناحلِ. فلما رأتهُ أُمُّ الحسنِ عليه السّلام... ابتسَمَت... نَعَم، ابتسمت ابتسامَتها الوحيدةَ منذ فَقْدِ أبيها. ابتسمَت وأغمَضَت عينَيها على صورةِ نعشِها الذي تَستُرهُ قِسِّيُّ الجَريدِ وأسمالُ الليلِ الداكنة. ورَحَلت أُمُّ الحسنِ الى فردَوسِها بعد أن أوفَت كُلَّ الكراماتِ حَقَّها وبَقي لها هي كرامةٌ لا يفي بحقِّها إلاّ موقِفُها على بابِ الجنةِ في يومِ القيامةِ وهي تنادي الجليلَ «إلهي، سميّتَني فاطمةَ وفَطَمتَ مَن تولاّني وتَولَّى ذُريّتي من النارِ ووَعدُكَ الحقُّ وأنت لا تُخلِفُ الميعادَ»، فيأتي النداءُ «صَدَقتِ يا فاطمة». ويفي لها الجليلُ بما وَعد، وتَتخيّرُ عُتَقاءها من طَيّاتِ اللَّهَب، فتَمتدُّ لها الأيدي لتأخُذَ أصحابَها الى الفردوسِ، وتَمتدّ لذكراها القلوبُ لِتُجبُرَ كسرَها، وتشفي جِراحَها، وتُحيلَ كلَّ نبضةٍ فيها الى ترَنيمةِ شكرٍ تسجدُ خاشعةً على ضِفافِ الكوثر. لأشتاتِ الكـلامِ الصَّـعبِ ـ حين نلُمُّهُ ـ أُفُقُ ووجهُكِ فيهِ يمنَـحُنا البـريقَ فكيفَ نحتـرِقُ وباسمكِ نستضيءُ الدربَ وأنتِ الفجرُ يأتلقُ (2)
الهوامش
|
|