نيسابور مدينة لامعة في خراسان، وهي تُعرف بـ «أبرشهر»، وفيها يقول أبوتمّام حبيب بن أوس الطائيّ: أيا سهَري بليلةِ أبْرِشهرٍذممت إليّ نوماً في سواها! وفي وصف مدينة نيسابور يقول ابن حوقل: وهي مدينة في أرض سهلة، أبنيتها من طين، وليس بخراسان مدينة أصحّ هواءً، وأفسح فضاءً، وأشدّ عمارة، وأدوم تجارة، وأكثر سابلة، وأعظم قافلة، من نيسابور. وكانت دارُ الإمارة بخراسان في قديم الأيّام بـ «مَرو» و «بلخ» إلى أيّام الطاهريّة، فإنّهم نقلوها إلى نيسابور بعد ذلك، فعمرت وكبرت، وغزرت وعظمت أموالها عند توطّنهم إيّاها وقطونهم بها، حتّى انتابها الكُتّاب والأدباء بمُقامهم بها، وطرأ إليها العلماء والفقهاء عند إيثارهم لها، وقد خرّجت نيسابور من العلماء كثرة، ونشأ بها على مرّ الأيّام من الفقهاء من شُهر آسمه وسَمى قدْرُه، وعلا ذكْرُه. {[(1)]} ومن هذا وغيره من الأخبار والآثار، يظهر أنّ مدينة نيسابور كانت تحظى بروح حضاريّة، وتطلّع علميّ، وتتبّع للمعارف ولآثار الرسالة الإسلاميّة، حتّى إنّ سبط ابن الجوزيّ ـ حينما ذكَر دخول الإمام الرضا عليه السّلام إلى هذه المدينة ـ قال: فلمّا وصل إلى نيسابور خرج إليه علماؤها، مثل: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، ومحمّد بن رافع، وأحمد بن حرب، وغيرهم لطلب الحديث والرواية، والتبرّك به فأقام بنيسابور مدّةً، والمأمونُ بمرو، ثمّ استدعاه وولاّه العهد. {[(2)]} وهكذا تكون هذه المدينة في ذلك الظرف التاريخيّ قد عاشت أجواء علميّة، فتشرّفتْ بمقْدم الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عليها وحظيت ببركاته. قال الحاكم أبو عبدالله النيسابوريّ: لمّا دخل الرضا عليه السّلام نيسابور، ونزل محلّة «فور» في دار تُعرف بدار «پسنديده» أي المرتضى وإنّما سُمّيت پسنديده لأنّ الرضا آرتضاه من بين الناس. فلمّا نزلها زرع في جانب من جوانب الدار لوزة، فنبتت وصارت شجرة فأثمرت في كلّ سنة، وكان أصحاب العلل يستشفون بلوز هذه الشجرة، وعُوفي صاحب قولنج وأعمى وغير ذلك. {[(3)]}
نصّ الحديث الشريف
روى الصدوق في أماليه الصفحة 195، الحديث 8 من المجلس الحادي والأربعين قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل {[(4)]} قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم {[(5)]} عن أبيه {[(6)]}، عن يوسف بن عقيل {[(7)]}، عن إسحاق بن إبراهيم بن مخلّد الحنظليّ المعروف بـ ابن راهويه {[(8)]}. وروى أيضاً في معاني الأخبار الصفحة370، وفي التوحيد الصفحة25، عن محمّد بن المتوكّل {[(9)]} قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي {[(10)]} قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الصولي {[(11)]} قال: حدّثنا يوسف بن عقيل {[(12)]} عن إسحاق بن راهويه {[(13)]} قال: لمّا وافى أبوالحسن الرضا عليه السّلام نيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا: يابن رسول الله صلّى الله عليه وآله، ترحل عنا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك! ـ وقد كان قعد في العماريّة ـ فأطْلع رأسه وقال: سمعتُ أبي موسى بنَ جعفر يقول: سمعت أبي جعفرَ بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّدَ بن عليّ يقول: سمعت أبي عليَّ بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسينَ بن علي يقول: سمعت أبي اميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله عزّ وجلّ يقول: لا إله إلاّ الله حصني، فمن دخل حصني أمنَ من عذابي. فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها. وقد نُقل الخبر مرسَلاً مع اختلاف العبارات في: الصراط المستقيم/ المجلّد الثاني ـ الصفحة 175. وفي روضة الواعظين ـ الصفحة 42. وفي غوالي اللآلي/ المجلّد الرابع ـ الصفحة 94. وفي الغرر والدرر ـ الصفحة 115. وفي اعلام الدين، للديلميّ ـ الصفحة 35. وفي بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الصفحة 269. وفي الصوارم المهرقة، الصفحة 6. وبمضمونها ما في فقه الرضا عليه السّلام ـ الصفحة 390 باب النوادر.
نصوص أخرى
وكذلك رواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السّلام / الجزء الثاني ـ الصفحات 134 ـ 137، بنصوص متقاربة وأسانيد مختلفة في ستّة أخبار. ورواه الإربليّ أيضاً في: كشف الغمّة الجزء الثاني ـ الصفحة 308، حيث قال: حدَّث المولى السعيد، إمام الدنيا عماد الدين، محمّد بن أبي سعيد بن عبدالكريم بن هوازن، في محرَّم سنة ستّ وتسعين وخمسمائة قال: أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور في كتابه: إنَّ عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام لمّا دخل نيسابور في السّفر الّذي فاز فيه بفضيلة الشهادة، كان في مهد أي محمل على بغلة شهباء عليها مركب من فضّة خالصة، فعرض له في السّوق الإمامان الحافظان للأحاديث النبويّة: أبوزرعة، ومحمّد بن أسلم الطوسيّ. فقالا: أيها السيّد آبنُ السادة، آيّها الإمام ابن الأئمّة، أيّها السلالة الطّاهرة الرضيّة، أيّها الخلاصة الزّاكية النبويّة! بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين، إلاّ ما أريتنا وجهك المبارك الميمون، ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدّك نذكرك به. فاستوقف البغلة، ورفع المظلّة، وأقرّ عيونَ المسلمين بطلعته المباركة الميمونة، فكانت ذُؤابتاه كذؤابتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والناس على طبقاتهم قيام كلّهم. وكانوا بين صارخٍ وباك، وممزّق ثوبه، ومتمرّغ في التراب، ومقبّلٍ حزامَ بغلته، ومطوّلٍ عنقَه إلى مظلّة المهد، إلى أن انتصف النهار، وجرت الدموع كالأنهار، وسكنت الأصوات، وصاحت الأئمّة والقضاة: معاشر الناس! إسمعوا وعوا، ولا تُؤذوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في عترته وأنصتوا. فأملى صلّى الله عليه هذا الحديث، وعُدَّ من المحابر24 ألفاً سوى الدُّويّ (جمع دواة، وهي المحبرة)، والمستملي أبوزرعة الرازيّ، ومحمّد بن أسلم الطوسيّ رحمهما الله. فقال عليه السّلام: حدَّثني أبي موسى بنُ جعفر الكاظم، قال: حدَّثني أبي جعفرُ بن محمّدالصادق، قال: حدثني أبي محمّدُ بن عليّ الباقر، قال: حدَّثني أبي عليُّ بن الحسين زينُ العابدين، قال: حدَّثني أبي الحسينُ بن عليّ شهيدُ أرض كربلاء، قال: حدّثني أبي أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب شهيدُ أرض الكوفة، قال: حدَّثني أخي وابن عمّي محمّدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، قال: حدّثني جبرئيل عليه السّلام، قال: سمعت ربَّ العزَّة سبحانه وتعالى يقول: كلمة «لا إله إلاّ الله» حصني، فمَن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. صدق الله سبحانه، وصدق جبرئيل وصدق رسوله وصدق الأئمّة عليهم السّلام. قال الأُستاذ أبوالقاسم القُشيريّ: إنَّ هذا الحديث بهذا السند بلغ بعضَ أمراء السامانيّة، فكتبه بالذَّهب، وأوصى أن يُدفن معه، فلمّا مات رُؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر الله لي بتلفّظي بـ «لا إله إلاّ الله»، وتصديقي محمّداً رسولَ الله مخلصاً، وأنّي كتبت هذا الحديث تعظيماً واحتراماً.
سلسلة الذهب في المصادر الأخرى
لقد أخذ حديث سلسلة الذهب موقعه كذلك في كتب أخرى وبالإسناد المبارك نفسه، ابتداءً بالإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام ومروراً بآبائه الطاهرين، واتّصالاً بالنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم عن جبرئيل عن الله جَلّ وعلا، سنداً شريفاً ينقل حديثاً قدسيّاً شريفاً، وكان من تلك الكتب التي روته أيضاً: 1. ينابيع المودّة (الصفحة 364 من الطبعة الثامنة 1385 هـ. /1966م. منشورات الدار العراقية ـ الكاظميّة، ومكتبة المحمّديّ ـ قمّ)، تأليف الحافظ الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزيّ الحنفيّ، قال: في تاريخ نيشابور أنّه استقام بها أي الإمام الرضا عليه السّلام أيّاماً ثمّ خرج يريد بلدة مَرو شاه جهان وعليه مظلّة لا يُرى من ورائها، فعرض له الحافظان: أبو زرعة الرازيّومحمّد بن أسلم الطوسيّ ومعهما من طلبة العلم والحديث مالا يُحصى، فتضرّعا أليه أن يُريهم وجهه الشريف المكرَّم المبارك، ويرويَ لهم حديثاً عن أبائه. فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلّة، فأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان مدلَّيتان على عاتقه، والناس بين صارخ وباكٍ ومتمرّغ في التراب ومُقبِّل لحافر بغلته. فصاحت العلماء: معاشرَ الناس أنصتوا! فقال رضي الله عنه: حدّثني أبي موسى الكاظمُ عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين رضاءً واسعاً وأرضاهم، قال: حدّثني حبيبي وقرّةُ عيني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: حدّثني جبرائيلُ قال: سمعت ربَّ العزّة يقول: «لا إله إلاّ الله» حصني، فمَن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمِنَ منْ عذابي. ثمّ أرخى الستر وسار، فعُدّ الذين يكتبون هذا الحديث فزادوا على عشرين ألفاً. وفي فصل الخطاب عن أبي الصلت عبدالسلام بن صالح بن سليمان الهرويّ قال: كنت مع عليٍّ الرضا بن موسى الكاظم حين رحل من نيشابور وهو راكب بغلة شهباء، فإذا أحمد بن الحرب ويحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه، وعدّة من أهل العلم قد تعلّقوا بلجام بغلته، فقالوا: بحقّ آبائك الطاهرين! حدّثْنا بحديث سمعته عن أبيك عن آبائه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.. ثمّ ساق الحديث بنحو ماذُكر من قبلُ آنفاً. وزاد: وفي رواية: فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها أي «لا إله إلاّ الله»، وأنا من شروطها. قيل: من شروطها الإقرار بأنّه إمام المسلمين مفترض الطاعة. ثمّ يستمرّ الشيخ القندوزيّ الحنفيّ في ينابيع المودّة فيقول: ويشهد هذه الرواية ويقوّيها قولُ عليٍّ كرّم الله وجهه في كتاب غُرر الحِكم، ح3479: إنّ لـ «لا إله إلاّ الله» شروطاً، وإنّي وذرّيّتي من شروطها. وفي سنن ابن ماجة: حدّثنا سهل بن أبي سهل ومحمّد بن إسماعيل قالا: حدّثنا أبو الصلت عبدالسلام بن صالح بن سليمان الهرويّ قال: حدّثنا عليّ الرضا بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الإيمان: معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بالأركان. قال أبو الصلت: لو قُرئ هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنونه. 2. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (المجلّد الثالث ـ الصفحتان 191 و192 من الطبعة الخامسة 1407هـ/ 1987م، دار الكتاب العربيّ ـ بيروت)، تأليف الحافظ أبي نعيم الإصفهانيّ، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله بن إسحاق المعدل: حدّثنا أبو عليّ أحمد بن عليّ الأنصاريّ بـ «نيسابور»: حدّثنا أبو الصلت عبدالسلام بن صالح الهرويّ: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا... حدّثني عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم: حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن جبرئيل عليه السّلام قال: قال الله عزّوجلّ: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدني، من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله بالإخلاص دخل في حصني، ومَن دخل حصني أمِن منْ عذابي. ثمّ قال الحافظ أبونعيم: هذا حديث ثابت مشهور بهذا الإسناد من رواية الطاهرين عن آبائهم الطيّبين، وكان بعض سلفنا من المحدّثين إذا روى هذا الإسناد (أي أسماء الأئمّة عليهم السّلام) قال: لو قُرئ هذا الإسناد على مجنونٍ لأفاق. 3. فيض القدير شرح الجامع الصغير (المجلّد الرابع ـ الصفحتان 489، 490 من الطبعة الثانية 1391هـ. /1972م.، دار الفكر ـ بيروت)، تأليف محمّد المدعوّ بـ عبدالرؤوف المناويّ، قال شارحاً الحديث القدسيّ: إني أنا الله لا إله إلاّ أنا، مَن أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي: فائدة: في تاريخ نيسابور للحاكم أنّ عليّاً الرضا بن موسى الكاظم... ثمّ ذكر الرواية عن الحاكم بأكملها، وكان بعدها أن قال المناويّ: وذكر الجمّال الزرنديّ في معراج الوصول أنّ الحافظ أبا نعيم روى هذا الحديث بسنده عن أهل البيت إلى عليّ سيّد الأولياء، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيّدُ الأنبياء: حدّثني جبريل عليه السّلام سيّدُ الملائكة قال: قال الله تعالى: إنّي أنا الله... وفي الألقاب عن عليٍّ أمير المؤمنين، ونحوه خبر الحاكم في تاريخه. 4. نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار صلّى الله عليه وسلّم (الصفحتان 313 و314، دار الجيل ـ بيروت 1409هـ. /1989م.)، تأليف الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجيّ الشافعيّ، من علماء القرن13 الهجريّ قال: فائدة: أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور.. ثمّ أورد الخبر حتّى ذكَر أنّ الناس صاروا قياماً على طبقاتهم ينظرون، ما بين باك وصارح ومتمرّغ في التراب ومقبّلٍ لحافر بغلة الإمام حينما رأوا طلعته البهيّة، فصاحت الأئمّة الأعلام: معاشر الناس! أنصتوا واسمعوا ما ينفعكم، ولا تُؤذونا بصراخكم.. ثمّ أورد بقيّة الخبر ذاكراً الأئمّة عليهم السّلام بألقابهم الشريفة منتهياً هكذا: زين العابدين عن أبيه شهيدكربلاء عن أبيه عليّ المرتضى.. ثمّ كان خاتمة الخبر: قال رضي الله عنه: لو قُرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق من جنونه. ثمّ قال: أورده المناويّ في شرحه الكبير على الجامع الصغير، وغيره. 5. الصواعق المحرقة (الصفحة 205 من الطبعة الثانية 1385هـ. /1965م.، مكتبة القاهرة ـ شركة الطباعة الفنّيّة المتّحدة في مصر)، تأليف المحدّث أحمد بن حجر الهيتميّ المكّيّ (ت. 974هـ.) وقد أورد الخبر هكذا: ولمّا دخل نيسابور ـ كما في تاريخها ـ وشقّ سوقها وعليه مظلّة... ثمّ ختمه بالقول: ثمّ أرخى الستر وسار، فعُدّ أهل المحابر والدُّويّ الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفاً. وفي رواية أنّ الحديث المرويّ: الإيمان: معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بالأركان. ولعلّهما واقعتان. قال أحمد (ربمّا أحمد بن رزين ـ كما في حلية الأولياء ـ وربمّا أحمد بن حنبل): لو قرأت هذا الإسنادَ على مجنون لبرئ من جِنّته. 6. الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام (الصفحتان 253 و254 من طبعة مؤسّسة الأعلميّ في طهران وهي الطبعة الثانية، عن طبعة مطبعة العدل في النجف الأشرف 1950م.)، تأليف الشيخ عليّ بن محمّد بن أحمد المالكيّ الشهير بـ ابن الصبّاغ والمتوفّى سنة 855هـ. قال: قال المولى السعيد إمام الدنيا محمّد بن أبي سعيد بن عبدالكريم الوزّان في محرّم سنة 596، قال: أورد صاحب كتاب تاريخ نيشابور في كتابه أنّ عليّ بن موسى الرضا لمّا دخل نيشابور في السفرة التي خُصّ فيها بفضيلة الشهادة... ثمّ ساق الخبر إلى آخره، مع هذه التعليقة: قال الأُستاذ أبوالقاسم القُشيريّ: إتّصل هذا الحديث بهذا السند ببعض الأُمراء السامانيّة فكتبه بالذهب، وأوصى أن يُدفن معه في قبره. فرُؤي بالنوم بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر الله لي بتلفّظي بـ «لا إله إلاّ الله»، وتصديقي بأنّ محمّداً رسول الله. وفي كشف الغمّة هذه العبارة أيضاً: وأني كتبتُ هذا الحديث تعظيماً واحتراماً. أي كتبته بالذهب إجلالاً لسنده ومتنه. 7. ربيع الأبرار (ص 453 من المخطوطة)، تأليف الزمخشريّ صاحب تفسير الكشّاف، قال: كان يحيى بن الحسن الحسينيّ يقول في إسناد صحيفة الرضا «عليه السلام»: لو قرئ هذا الإسناد علي أذن مجنون لأفاق. 8. تذكرة خواصّ الأمة (ص 136 - طبعة الغريّ)، تأليف سبط ابن الجوزيّ قال: ذكر عبدالله بن أحمد المقدسيّ في كتاب (أنساب القرشيّين) نسخة يرويها عليّ بن موسى الرضا عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه عليّ عن أبيه الحسين عن أبيه عليّ «عليه السلام» عن النبيّ «صلى الله عليه [وآله] وسلّم»: إسناد، لو قرئ على مجنونٍ برئ. 9. التدوين في أخيار قزوين (ج 2 ص 213)، تأليف الحافظ أبي القاسم عبدالكريم بن محمّد بن عبدالكريم الرافعيّ الشافعيّ القزوينيّ (ت 623 هـ)، روى حديث سلسلة الذهب بهذا السند: حدّث محمّد بن عليّ بن الجارود، عن عليّ بن أحمد البجليّ، حدّثنا أحمد بن يوسف المؤدّب، حدّثنا أحمد بن عيسى العلويّ، حدّثنا عليّ بن موسى الرضا عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول الله «صلّى الله عليه [وآله] وسلّم» عن جبرئيل «عليه السلام» عن الله «عزّوجل»: لا إله إلا الله حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. 10. أخبار الدول وآثار الأُول (ص 115 - طبعة بغداد)، تأليف الشيخ أحمد بن يوسف الدمشقيّ القرمانيّ، نقل الحديث عن (تاريخ نيشابور) بعين ما تقدّم عن (الجامع الصغير) بتغيير بعض عبارات مقدّمة الحديث، ثمّ ذكر كلام القشيريّ. 11. مفتاح النجاء في مناقب أصحاب العباء (ص 179 من المخطوطة)، تأليف الميرزا محمّد بن رستم معتمدخان البدخشيّ، نقل أيضاً حديث سلسلة الذهب عن (تاريخ نيشابور) مع تغيير بعض عبارات مقدّمته ممّا لا يهمّ ذكره. 12. إتحاف السادة المتّقين z (ج 3 ص 147 - طبعة الميمنيّة بمصر)، تأليف الزبيديّ الحنفيّ، قال: قلت، هذا الحديث [أي حديث سلسلة الذهب] قد وقع لي في سلسلات شيخ شيوخنا أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن سعيد الحنفيّ المكّيّ فيما قرأته على شيخي الإمام رضيّ الدين عبدالخالق بن أبي بكر المزجاجيّ الحنفيّ بمدينة «زبيد» في شهور سنة 1162 هـ قال: حدّثنا به أبوعبدالله المكّيّ المذكور قراءة عليه، أخبرنا الحسن بن عليّ بن يحيى المكّيّ.. إلى أن قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الكاظم، حدّثني أبي عليّ بن محمّد بن عليّ، حدّثني أبي عليّ بن موسى الرضا، حدّثني أبي موسى الكاظم، حدّثني أبي جعفر الصادق، حدّثني أبي محمّد الباقر، حدّثني أبي عليّ زين العابدين، حدّثني أبي الحسين بن عليّ، حدّثني أبي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب «رضي الله عنه»، حدّثني محمّد بن عبدالله «صلّى الله عليه [وآله] وسلّم»، حدّثني جبريل سيّد الملائكة «عليه السلام» قال: قال الله سيّد السادات «جلّ وعلا»: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. هكذا أورده نورالدين بن الصبّاغ في (الفصول المهمّة)، وأبوالقاسم القشيريّ في (الرساZ`لة). 13. تاريخ آل محمّد صلّى الله عليه وآله (ص 190- طبعة آفتاب)، تأليف المؤرّخ المعاصر بهجت أفندي، روى الحديث بعين ما تقدّم عن (فصل الخطاب) بترجمته الفارسيّة.
لماذا سلسلة الذهب؟
قد عُرف هذا الحديث الشريف بـ (حديث سلسلة الذهب)، لأنّ جميع رواة سنده هُم من الأئمّة المعصومين الذين ينتهون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله. فلذا يُطلق على السند بـ (السلسلة الذهبية)، كما يُطلق على السند الذي يكون كلّ رواته عدولاً ثِقاتاً من الإمامية الآثنَي عشريّة بـ (السلسلة الفضّيّة).
إشارة إلى مضمون رفيع
وفي ذيل الحديث الشريف إشارة طريفة إلى ترابط العقيدة الإسلاميّة في أصولها، حيث لا توحيد بدون الإقرار بالنبوّة، ولا توحيد ولا نبوّة في الاعتقاد حتّى يكون الإقرارُ بالإمامة، كما لا اعتقاد بالمعاد لمن لا يقرّ بالتوحيد والعدل والنبوّة والإمامة. وقد أورد الشيخ سليمان الحنفيّ القندوزيّ هذا الحديث النبويَّ الشريف في كتابه (ينابيع الموّدة 1: 53) دليلاً على ذلك، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا عليّ! مَن قتلك فقد قتلني، ومَن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني، لأنّك منّي كنفْسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي وإنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلقك من نوره، واصطفاني واصطفاك، فاختارني للنبوّة واختارك للإمامة، فمَن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي. وعلّق الشيخ الصدوق على حديث سلسلة الذهب، والذي جاء في أخره قول الإمام الرضا عليه السّلام: (بشروطها، وأنا من شروطها)، قائلاً: مِن شروطها «أي لا إله إلاّ الله» الإقرار بالرضا عليه السّلام بأنّه إمامٌ مِن قِبل الله عزّوجلّ على العباد، مفترض الطاعة عليهم. {[(14)]} فهناك تلازم بين أصول الدين، فلا يُرتضى توحيد إلاّ من خلال التصديق بالنبوّة والاعتقاد بالإمامة... ومن هنا تكون كلمة التوحيد بشروطها، والإمامة من شروطها. ومن هنا أيضاً أورد الشيخ الصدوق بين أخبار سلسلة الذهب هذا الخبر: عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبيّ صلّى الله عليه وآله عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن اللّوح عن القلم، قال: يقول الله عزّوجلّ: ولاية عليّ بن أبي طالب حصني، فمَن دخل حصني أمنَ منْ عذابي. {[(15)]} ولاتعارض في الأمر... يقول الشيخ محمّد علي شاه آبادي: إنّ الشهادة بالولاية منطويةٌ في الشهادة بالرسالة، لأنّ الولاية هي باطن الرسالة. ويقول أحد العلماء: إنّ الشهادتين [بالرسالة وبالولاية] منطويتانِ جميعاً في الشهادة بالأُلوهيّة. وفي ظلّ النصّ الشريف من الزيارة الجامعة الكبيرة للإمام عليٍّ الهادي عليه السّلام.. يقول السيّد عبدالله شُبّر: (وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ) أي مَن لم يقبل عنكم فليس بموحّدٍ بل هو مشركٌ وإن أظهر التوحيد، أو: كلُّ مَن يقول بتوحيد الله يقبل قولكم، فإنّ البرهان كما يدلّ على التوحيد يدلّ على وجوب إمامتكم وخلافتكم. {[(16)]}