مِن معاجز رسول الله صلّى الله عليه وآله
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » مِن معاجز رسول الله صلّى الله عليه وآله

 البحث  الرقم: 2505  التاريخ: 27 صفر المظفّر 1430 هـ  المشاهدات: 23693
قائمة المحتويات

الولاية التكوينيّة

• عن موسى بن جعفر عن آبائه صلوات الله عليهم:
إنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله كانوا جُلوساً يتذاكرون، وفيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه، إذ أتاهم يهوديّ فقال: يا أُمّةَ محمّد، ما تركتُم للأنبياء درجةً إلاّ نَحَلتُموها لنبيّكم! فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:
إنْ كنتم تزعمون أنّ موسى عليه السّلام كلّمه ربُّه على طور سيناء، فإنّ الله كلّم محمّداً في السّماء السّابعة، وإن زَعَمتِ النّصارى أنّ عيسى أبرأ الأكمه وأحيى الموتى، فإن محمّداً صلّى الله عليه وآله سألَتْه قريش أن يُحْييَ ميتاً، فدعاني وبعثني معهم إلى المقابر، فدَعَوتُ اللهَ تعالى عزّوجّل، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عزّوجلّ، وإنّ أبا قتادة بن رِبْعيّ الأنصاري شهد وقعة أُحدٍ فأصابته طعنة في عينه فبَدَتْ حَدَقتُه، فأخذها بيده ثمّ أتى بها رسولَ الله صلّى الله عليه وآله فقال: امرأتي الآنَ تُبغضني! فأخذها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله من يده ثمّ وضعها مكانها، فلم يكُ يُعرَف إلاّ بفضل حسنها وضوئها على العين الأخرى.
ولقد بارز عبدُالله بن عتيك فأُبينَ يدُه، فجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ليلاً ومعه اليد المقطوعة، فمسح عليها فاستَوَت يدُه.
(بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 249: 17 ـ 250 / ح 3 ـ عن قصص الأنبياء للرّاوندي، وفي بعض مضامينه: إعلام الورى بأعلام الهدى للطّبرسي 84: 1، والخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 32: 1 / ح 30، والثّاقب في المناقب لابن حمزة 62 / ح 34 و64 / ح 41، ودلائل النّبوّة للإصبهاني 621: 2 / ح 416).
• أتاه رجلٌ من جُهَينة يتقطّع من الجُذام، فشكا إليه، فأخذ النبيُّ صلّى الله عليه وآله قدحاً من الماء فتَفَل فيه، ثمّ قال له: امسَحْ به جسدَك. ففعل، فبرِئ حتّى لا يوجد منه شيء. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاونديّ 36: 1/ ح 37 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 8: 18 / ح 10).
• روى محمّد بن المنكدر قال: سمعتُ جابر بن عبدالله الأنصاري يقول: جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله يعودني وأنا مريضٌ لا أعقِل، فتَوضّأ وصَبَّ علَيّ مِن وَضوئه، فعقلت.
وشكا إليه طُفيل العامريُّ الجُذام، فدعا برَكْوَةٍ ثمّ تَفَل فيها، وأمره أن يغتسل به، فاغتسل طُفيل فعاد صحيحاً.
وأتاه صلّى الله عليه وآله حسّانُ بن عمرو الخُزاعيّ مجذوماً، فدعا له بماءٍ فتفل فيه، ثمّ أمره فصبَّه على نفسه فخرج من علّته، فأسلم قومُه.
وأتاه صلّى الله عليه وآله قيسُ اللَّخميّ وبه بَرَص، فتفل عليه فبرئ.
وتفل صلّى الله عليه وآله في عين عليٍّ عليه السّلام وهو أرمد يوم خيبر، فصحّ من وقته.
وفُقِئت إحدى عينَي قَتادة بن ربعيّ (أو قتادة بن النعمان الأنصاري)، فقال: يا رسول الله، الغَوثَ الغَوث. فأخذها صلّى الله عليه وآله بيده فردَّها مكانَها، فكانت أصحَّهما، وكانت تعتلّ الباقيةُ ولا تعتلّ المردودة، فلُقّب ذا العينَين، أي له عينانِ
مكانَ الواحدة. فقال الخرنق الأوسيّ:
ومِنّا الـذي سالَت على الخـدِّ عَينُهفَرُدَّت بكفِّ المصطفى أحسَـنَ الردِّفعادَت كمـا كانت لأحسـنِ حالِـهافياطِيبَ ما عيني ويا طيبَ ما يدي..
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 101: 1 ـ 105، عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 35: 18 ـ 42 / ح 28).
• مرّ صلّى الله عليه وآله بشجرةٍ غليظةِ الشّوك متقنة الفروع ثابتة الأصل، فدعاها.. فأقبَلَت تَخدُّ الأرض إليه طوعاً، ثمّ أذِن لها فرَجَعَت إلى مكانها. فأيُّ آيةٍ أبيَنُ وأوضَح من مَواتٍ يُقِبل مطيعاً لأمره مُقبِلاً ومُدبِراً. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 25: 1 ـ 26 / ح 8، وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 374: 17 / ح 31).
• عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله (الصادق) عليه السّلام قال: إنّ من النّاس مَن يؤمن بالكلام، ومنهم من لا يؤمن إلاّ بالنّظر.. إنّ رجلاً أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال: أرِني آية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لشجرتين: إجتَمِعا. فاجتَمَعتا، ثمّ قال: تَفَرّقا. فافتَرقَتا ورجع كلُّ واحدةٍ منهما إلى مكانهما. قال: فآمَنَ الرّجل. (بصائر الدّرجات للصفّار القمّي 71 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 366: 17 ـ 367 / ح 13).
• في خطبته القاصعة.. قال أمير المؤمنين عليٌّ عليه السّلام:
لقد كنتُ معه صلّى عليه وآله لمّا أتاه الملأُ من قريشٍ فقالوا له: يا محمّد، إنّك قد ادَّعَيت عظيماً لمَ يدَّعِه آباؤك ولا أحدٌ من بيتك، ونحن نسألك أمراً.. إن أجَبتَنا إليه وأرَيتَناه عَلِمنا أنّك نبيٌّ ورسول، وإن لم تَفعَلْ عَلِمنا أنّك ساحرٌ كذّاب!
فقال لهم: وما تسألون؟ قالوا: تدعو لنا هذه الشّجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقفَ بين يديك. فقال صلّى الله عليه وآله: إنّ الله على كلِّ شيءٍ قدير، فإن فعَلَ ذلك بكم أتؤمنون وتشهدون بالحقّ؟ قالوا: نعم.
قال: فإنّي سأُريكم ما تطلبون، وإنّي لأعلمُ أنّكم لا تفيئون إلى خير، وإنّ فيكم مَن يُطرح في القَليب ومَن يُحزِّب الأحزاب. ثمّ قال: أيّتُها الشّجرة، إنْ كنتِ تُؤمنين باللهِ واليوم الآخِر، وتعلمين أنّي رسول الله، فانقلعي بعروقك حتّى تقفي بين يدَيّ بإذن الله.
فالذي بعثه بالحقّ، لاَنقَلَعَت بعروقها وجاءت ولها دَويٌّ شديد وقصفٌ كقصف أجنحة الطير.. حتّى وقفت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله مرفوفةً وألقَتْ بغُصنها الأعلى على رأس رسول الله وببعض أغصانها على مَنكِبي، وكنتُ عن يمينه صلّى الله عليه وآله. فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا ـ عُلوّاً واستكباراً ـ: فمُرْها فَلْيأتِك نصفُها ويبقى نصفها. فأمَرَها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجبِ إقبالٍ وأشدِّه دَويّاً، فكادَت تلتفّ برسول الله. فقالوا ـ كفراً وعُتُوّاً ـ: فمُرْ هذا النصفَ فلْيَرجِعْ إلى نصفه. فأمَرَه صلّى الله عليه وآله فرجع.
فقلتُ أنا: لا إله إلاّ الله، إنّي أوّلُ مؤمنٍ بك يا رسول الله، وأوّل مَن آمَنَ بأنّ الشجرة فَعلَت ما فعَلت بأمر الله؛ تصديقاً لنبوّتك، وإجلالاً لكلمتك. فقال القوم: بل ساحرٌ كذّاب، عجيب السّحر حفيفٌ فيه! وهل يصدّقُك في أمركِ غيرُ هذا؟! يَعنُونني. (نهج البلاغة: ذيل الخطبة 187 ـ وعنه: المجلسيّ في بحار الأنوار 389: 17 / ح 59، وأورده الطبرسي في إعلام الورى بأعلام الهدى 74: 1 ـ 75 في ذكر بيان بعض معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله).
• بالإسناد إلى الإمام الحسن العسكريّ عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السّلام، قال: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أتاه ثقفيّ كان أطبَّ العرب، فقال له: إن كان بك جنونٌ داويتُك، فقال له محمّد صلّى الله عليه وآله: أتُحبّ أن أُريك آيةً تعلم بها غِنايَ عن طبّك وحاجتَك إلى طبّي؟! فقال: نعم، قال: أيَّ آيةٍ تُريد؟ قال: تدعو ذلك العِذْق ـ وأشار إلى نخلة.. فدعاها صلّى الله عليه وآله فانقلع أصلها من الأرض وهي تَخُدّ الأرضَ خَدّاً.. حتّى وَقَفَتْ بين يديه. فقال له: أكَفاكَ؟ قال: لا، قال: فتريد ماذا؟ قال: تأمُرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه، ولتستقرَّ في مقرّها الذي انقَلَعَت منه. فأمَرَها، فرَجَعت واستَقَرّت في مقرّها. (الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن علي الطبرسي 123 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 370: 17 ـ 371/ ح 22).
• بسندٍ ينتهي إلى ابن عبّاس قال: جاء أعرابيّ إلى النبي صلّى الله عليه وآله وقال: بِمَ أعرف أنّك رسول الله؟ قال: أرأيت إن دعوتُ هذا العِذق من هذه النخلة فأتاني.. أتشهد أنّي رسول الله؟ قال: نعم.
قال: فدعا العِذقَ، فجعل العِذقُ ينزل من النّخل.. حتّى سقط على الأرض، فجعل يبقر حتّى أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله، ثمّ قال: ارجِعْ، فرجَعَ حتّى عاد إلى مكانه، فقال الأعرابيّ: أشهد إنّك لَرسول الله! وآمن، فخرج العامري يقول: يا آلَ عامر بن صعصعة، واللهِ لا أُكذّبه أبداً.
(بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 367: 17 / ح 17 ـ عن قصص الأنبياء للرّاوندي، ورواه البيهقيّ في دلائل النبوّة 15: 6، والسّيوطيّ في الخصائص الكبرى 202: 2، وابن كثير في البداية والنّهاية 125: 6. وأورده: الحرّ العامليّ مختصراً في إثبات الهداة بالنّصوص والمعجزات 130: 2).
• كان في مسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله جِذع، وكان صلّى الله عليه وآله إذا خطب فتَعِب أسنَدَ إليه ظهره، فلمّا اتُّخِذ له مِنبرٌ حَنّ الجذع، فدعاه صلّى الله عليه وآله، فأقبل يَخُدّ الأرض.. والنّاس حوله ينظرون إليه، فالتزمه وكلّمه فسكن، ثمّ قال له: عُدْ إلى مكانك ـ وهم يسمعون ـ فمرّ.. حتّى صار في مكانه، فازداد المؤمنون يقيناً وفي دِينهم بصيرة، وكان هنالك المنافقون وقد نقلوه، ولكنّ الهوى يُميت القلوب! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 26: 1 / ح 10 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 375: 17 / ح 33. وأخرجه: البيهقي في دلائل النبوّة 556: 2 ـ 563 وج 67: 6 ـ 68 بعدّة طرق. ورواه: الطّبرسي في إعلام الورى 76: 1، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 90: 1، والإربلّي في كشف الغمّة 24: 1، والبخاري في صحيحه 237: 4، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى 322: 1).
• في أمالي الحاكم: إن النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يوماً قائظاً، فلمّا انتبه مِن نومه دعا بماءٍ فغسل يديه ثمّ مَضمَض ماءً ومَجَّه إلى عَوسَجة (نوع من الأشجار)، فأصبحوا وقد غَلُظَت العَوسَجة وأثمرَتْ وأينَعَتْ بثمرٍ أعظم ما يكون في لون الوِرس ورائحة العنبر وطعم الشَّهد، واللهِ ما أكل منها جائعٌ إلاّ شَبع، ولا ظمآنٌ إلاّ رَوي، ولا سقيمٌ إلاّ برئ، ولا أكل من ورقها حيوان إلاّ درّ لبنُها، وكان النّاس يستشفون من ورقها، وكان يقوم مقام الطّعام والشّراب. ورأينا النَّماءَ والبركةَ في أموالنا، فلم يزل كذلك حتّى أصبحنا ذاتَ يومٍ وقد تساقط ثمرها، واصفرّ ورقها، فإذا قُبِض النبيُّ صلّى الله عليه وآله، فكانت بعد ذلك تُثمر دونَه في الطّعم والرائحة، وأقامت على ذلك ثلاثين سنةً.. فأصبحنا يوماً وقد ذهبت نضارةُ عِيدانها، فإذا قُتل أمير المؤمنين عليه السّلام، فما أثمرت بعد ذلك قليلاً ولا كثيراً، فأقامت بعد ذلك مدّةً طويلة.. ثمّ أصبحنا وإذا بها قد نبع من ساقها دمٌ عبيط (أي طريّ) وورقها ذابل يقطر ماءً كماء اللحم، فإذا قُتل الحسين عليه السّلام!
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 105: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 41: 18 / ح 28).
• رُويَ أنّ عُكاشة انقطع سيفُه يوم بدر، فناوله رسولُ الله صلّى الله عليه وآله خشبةً وقال: قاتِلْ بها الكفّار. فصارت سيفاً قاطعاً يقاتل به، حتّى قتل به طليحة في الردّة.
وأعطى صلّى الله عليه وآله عبدَالله بن جحش يوم أُحدٍ عَسيباً (جريدة من النخل كُشِط خوصها)، فرجع في يده سيفاً.
وأعطى صلّى الله عليه وآله يومَ أُحُدٍ لأبي دُجانة سعفةَ نخلٍ فصارت سيفاً، فأنشأ أبو دجانة:
نَصَرْنا النبيَّ بسَعفِ النّخيلفصار الجَريدُ حُساماً صقيلاوذا عَجَبٌ مِـن أُمور الإلهومِن عجبِ الله ثمّ الرسولا
وقال غيره:
ومَن هَزَّ الجريدةَ فاستحالَتْرَهيفَ الحَدّ لم يلقَ الفُـلولا
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 103: 1 ـ 104، وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 382: 17 / ح 50).
مات رجلٌ، وإذا الحفّارون لم يحفروا شيئاً، فشكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وقالوا: ما يعملُ حديدنا في الأرض كما نضرب في الصفا (الحجارة الملساء)، قال: ولِمَ؟ إن كان صاحبكم لَحَسَنَ الخُلُق، إئتُوني بقدحٍ من ماء. فأدخل يده فيه، ثمّ رشّه على الأرض رشّاً، فحفر الحفارون، فكأنّما رملٌ يتهايل عليهم! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 91: 1 / ح 151 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 377: 17 / ح 45).
• رُوي أنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله كانوا في سفر، فشَكَوا إليه أن لا ماء معهم، وأنّهم بسبيل هلاك، فقال: كلاّ، إنّ معي ربّي عليه توكّلي وإليه مَفزَعي. فدعا برَكْوَةٍ فطلب ماءً، فلم يوجد إلاّ فضلةٌ في الركوة، وما كانت تروي رجلاً، فوضع كفَّه فيه فنبع الماء من بين أصابعه يجري، فصِيحَ في النّاس، فسَقَوا واستسقوا، وشربوا حتّى نَهَلوا وعَلُّوا وهم أُلوف، وهو يقول: إشهدوا أنّي رسول الله حقّاً. (إعلام الورى بأعلام الهدى للطّبرسي 75: 1، كشف الغمّة للإربلّي 23: 1 ـ 24. صحيح البخاري 234: 4. الأنوار في شمائل النبيّ المختار للبغوي 105: 1. الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 28: 1 / ح 17 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 27: 18 / ح 10، وعن إعلام الورى: إثبات الهداة للحرّ العاملي 85: 2 / ح 431).
• رُوي أنّ أعرابيّاً جاء إليه فشكا إليه نُضوب ماءِ بئرهم، فأخذ صلّى الله عليه وآله حَصاةً ـ أو حصاتين ـ وفركها بأنامله، ثمّ أعطاها الأعرابيَّ وقال له: إرْمِها بالبئر. فلمّا رماها فيها فار الماء إلى رأسها!
(بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 34: 18 / ح 26 ـ عن الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي).
• روى ابن شهرآشوب أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله تَفَل في بئرٍ مُعطَّلة، ففاضت حتّى سُقيَ منها بغير دلوٍ ولا رِشاء (حبل).. ومسح صلّى الله عليه وآله ضرعَ شاةٍ حائلٍ لا لبنَ لها، فدرّت.. فكان ذلك سببَ إسلام عبدالله بن مسعود. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 104: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 41: 18 / ح 28).
• مرّ صلّى الله عليه وآله بامرأةٍ يُقال لها «أمّ مَعبِد» لها شَرَف في قومها، نزل بها، فاعتذَرَتَ بأنّه ما عندها إلاّ عَنزَة لم تَرَ لها قَطرةَ لبنٍ منذ سنة؛ للجدب، فمسح صلّى الله عليه وآله ضرعها ورَوّاهم من لبنها، وأبقى لهم لبناً وخيراً كثيراً، ثمّ أسلم أهلها لذلك. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 25: 1 / ح 6 ـ عنه: بحار الأنوار 26: 18 / ح 5. ورواه: الطبرسي في إعلام الورى 76: 1 ـ 77، والإربلّي في كشف الغمّة 24: 1، وابن حمزة في الثّاقب في المناقب 85 / ح 68، وابن سعد في الطّبقات الكبرى 230: 1، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 9: 3، والإصبهاني في دلائل النبوّة 436: 2 / ح 238، والبيهقي في دلائل النّبوة 278: 1، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى 242: 1، وابن الجوزي في صفة الصّفوة 137: 1، وابن كثير في البداية والنّهاية 192: 3، وابن حجر في الإصابة في تمييز الصّحابة 497: 4).
• روى قطب الدين الرّاوندي: أنّ قوماً شكوا إليه مُلوحةَ مائهم، فأشرف على بئرهم وتفل فيها، وكانت مع ملوحتها غائرة (أي قليلة الماء)، فانفجرت البئر بالماء العذب، فها هي يتوارثها أهلها يعدّونها أعظمَ مكارمه. (الخرائج والجرائح 28: 1 ـ 29 / ح 18 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 28: 18/ ح 11.. وفيه: وهذه البئر بظاهر مكّة بموضع يُسمّى «الزّاهر»، واسم البئر «العُسَيلة»، وقال الفيروزآبادي في القاموس المحيط 43: 2 و16: 4: الزاهر: مُستَقى بين مكّة والتّنعيم. والعُسَيلة كجُهَينة: ماء شرقي سُمَيراء. وأورد الخبر هذا أيضاً: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 102: 1، والطّبرسي في إعلام الورى 81: 1 ـ 82، والإربّلي في كشف الغمة 27: 1).
• اجتمع إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقراء قومه وأصحابه في غزوة تبوك وشكَوُا الجوع، فدعا بفضلةِ زادٍ لهم فلم يوجد لهم إلاّ بضع عشرة تمرة، فطُرِحَت بين يديه، فانحَفَل القومُ، فوضع صلّى الله عليه وآله يدَه عليها وقال: كُلُوا بسم الله. فأكل القوم حتّى شَبِعُوا وهي بحالها يَرَونها عِياناً! (إعلام الورى بأعلام الهدى للطّبرسي 81: 1. كنز الفوائد للكراجكي 170: 1. الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 28: 1/ ح 15. الثّاقب في المناقب لابن حمزة 52 / ح 19 ـ وعن بعض هذه المصادر: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 27: 18 / ح 8، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 89: 2 / ح 439).
• عن جابر الأنصاري قال: علمتُ في غزوة الخندق أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله مُقْوِ (أي جائع)، لمّا رأيتُ على بطنه الحَجَر، فقلت: يا رسول الله، هل لك في الغداء؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت: عَناق (عنزة صغيرة) وصاع من شعير، فقال: تَقَدّمْ وأصلِح ما عندك.
قال جابر: فجئتُ إلى أهلي فأمرتُها فطحنت الشّعير وذبحتُ العنز وسلختها، وأمرتُها أن تخبز وتطبخ وتشوي.. فلمّا فَرِغَت من ذلك جئتُ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقلت: بأبي وأُمّي أنت يا رسول الله، قد فرغنا، فأحضِرْ مَن أحبَبت. فقام صلّى الله عليه وآله إلى شَفير الخندق ثمّ قال: يا معشرَ المهاجرين والأنصار، أجيبوا جابراً. وكان في الخندق سبعُمائة رجل، فخرجوا كلُّهم، ثمّ لم يمرّ بأحدٍ من المهاجرين والأنصار إلاّ قال: أجيبوا جابراً.
قال جابر: فتقدّمتُ وقلت لأهلي: قد ـ واللهِ ـ أتاكِ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله بما لا قِبَلَ لكِ به! فقالت: أعْلَمْتَه أنت ما عندَنا؟ قلت: نعم، قالت: فهو أعلم بما أتى.
قال جابر: فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله فنظر في القِدْر ثمّ قال: اغرُفي وأبقي. ثمّ نظر في التنّور ثمّ قال: أخرِجي وأبقي. ثمّ دعا بصُحفةٍ فثَرَد فيها وغَرَف، فقال: يا جابر، أدخِلْ علَيّ عشرةً عشرة. فأدخلتُ عشرةً فأكلوا حتّى نَهَلوا، وما يُرى في القصعة إلاّ آثار أصابعهم. ثمّ قال: يا جابر، علَيّ بالذراع. فأتيتُه بالذراع فأكلوه، ثمّ قال: أدخِلْ عشرة. فأدخلتُهم حتّى أكلوا ونَهَلوا، وما يُرى في القَصعة إلاّ آثار أصابعهم، ثمّ قال: علَيّ بالذراع. فأكلوا وخرجوا، ثمّ قال: أدِخلْ علَيّ عشرة. فأدخلتُهم فأكلوا حتّى نهلوا وما يُرى في القصعة إلاّ آثار أصابعهم. ثمّ قال: يا جابر، علَيّ بالذراع. فأتيته فقلت: يا رسول الله، كم للشاة من الذّراع؟ قال: ذراعان، فقلت: والذي بعثك بالحقّ، لقد أتيتُك بثلاثة، فقال: أما لو سكتّ يا جابر لأكل النّاسُ كلُّهم من الذّراع.
قال جابر: فأقبلتُ أُدخل عشرةً عشرة فيأكلون.. حتّى أكلوا كلُّهم، وبقيَ ـ واللهِ ـ لنا من ذلك الطّعام ما عِشْنا به أيّاماً. (تفسير القمّي 125: 2، عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 24: 18 ـ 25 / ح 2. ورواه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 101: 1 عن صحيح البخاري في حديث حفر الخندق.. وفي آخره أنّ جابراً قال: فلمّا خرجوا أتيتُ القِدْر.. فإذا هو مملوّ، والتنّور محشوّ!).
• قال ابن الكوّا للإمام عليٍّ عليه السّلام: بما كنتَ وصيَّ محمّد مِن بين بني عبدالمطّلب؟ قال: أُدنُ، ما الخيرَ تريد (وفي رواية: إذن ما الخبر تريد!) لمّا نزل على رسول الله صلّى الله عليه وآله: {* وأنْذِرْ عَشيرتَكَ الأقرَبين *} (سورة الشّعراء: 214) جَمَعنا رسولُ الله ونحن أربعون رجلاً، فأمرني فأنضَجتُ له رِجْلَ شاة، وصاعاً من طعام، أمرني فطحنتُه وخبزته، وأمرني فأدنيته. فقال: تَقدَّمْ علَيّ عشرةً عشرةً مِن أجلّتهم. فأكلوا حتّى صَدَروا، وبقيَ الطّعامُ كما كان! وإنّ منهم لمَن يأكل الجَذعة (من الإبل ما كان في السنّة الخامسة)، ويشرب الفَرَق (ثلاثة أصوُع)، فأكلوا منها أجمعون.
فقال أبو لهب: سَحَرَكُم صاحبُكم! فتفرّقوا عنه.
ودعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله ثانيةً ثمّ قال: أيُّكم يكون أخي ووصيّي ووارثي؟ فعرض عليهم كلِّهم، وكلُّهم يأبى.. حتّى انتهى إليّ وأنا أصغرهم سنّاً وأعمَشُهم عيناً وأحمَشُهم ساقاً (أي أضعفهم بصراً وأدقّهم ساقاً)، فقلت: أنا. فرمى إليّ بنفله، فلذلك كنتُ وصيَّه مِن بينهم. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 92: 1 ـ 93 / ح 153 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 44: 18 / ح 31. ورُوي الحديث باختلاف في الألفاظ في: علل الشّرائع للشّيخ الصّدوق 170 / ح 2، وتفسير القمّي 125: 2، وأمالي الطّوسي 194: 2، وتفسير فرات الكوفي 113. وأورده: الأسترآبادي في تأويل الآيات 393: 2 / ح 19، والطّبرسي في مجمع البيان 206: 7، وأحمد بن حنبل في المناقب 161، وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين عليه السّلام من تاريخ دمشق 84: 1 ـ 93، والجويني في فرائد السّمطين 85: 1 / ح 55، والگنجي الشّافعي في كفاية الطّالب 205، والبغوي في تفسيره.. وقد جمع مصادره المختلفة: السيّد نور الله التستري في إحقاق الحقّ 60: 4 ـ 70، 352 و353 و383 و384، وج 113: 15، 144 ـ 149، و169، 217 و693 وغيرها).
• كتب الطّبرسي في (إعلام الورى بأعلام الهدى 84: 1): ومنها (أي معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله): أنّ القمر انشقّ نصفين بمكّة في أوّل مبعثه، وقد نطق به القرآن، وصحّ عن عبدالله بن مسعود أنّه قال: انشقّ القمر حتّى صار فرقتين، فقال كفّارُ أهل مكّة: هذا سِحرٌ سَحَرَكم به ابنُ أبي كبشة! انظروا السُّفّار (أي المسافرين)، فإنْ كانوا رأوا ما رأيتم فقد صَدَق، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم فهو سحرٌ سحركم به! قال: فسُئل السفّار وقد قَدِموا من كلّ وجه فقالوا: رأيناه! (دلائل النبوّة للإصفهاني 370: 1، دلائل النبوّة للبيهقي 266: 2، الوفا بأحوال المصطفى لابن الجوزي 273: 1، صفة الصّفوة لابن الجوزي 91: 1 ـ ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 357: 17 / ح 13، واستشهد البخاري في صحيحه 178: 6 بهذا الخبر في أنّ ذلك كان بمكّة. كما أورده الشّيخ المجلسي عن الخرائج هكذا:
من معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه كان ليلةً جالساً في الحِجْر، وكانت قريش في مجالسها يتسامرون، فقال بعضهم لبعض: قد أعيانا أمرُ محمّد، فما ندري ما نقول فيه! فقال بعضهم: قوموا بنا جميعاً إليه نسأله أن يُريَنا آيةً من السّماء؛ فإنّ السّحر قد يكون في الأرض ولا يكون في السّماء.
فصاروا إليه، فقالوا: يا محمّد، إن لم يكن هذا الذي نرى منك سحراً، فأرِنا آيةً في السّماء، فإنّا نعلم أنّ السّحر لا يستمرّ في السّماء كما يستمرّ في الأرض، فقال لهم: ألَستُم تَرَونَ هذا القمر في تمامه لأربع عشرة؟
فقالوا: بلى، قال: فتحبّون أن تكون الآيةُ مِن قِبَلِه وجِهته؟
قالوا: قد أحببنا ذلك.
فأشار إليه بإصبعه فانشقّ بنصفين، فوقع نصفُه على ظهر الكعبة ونصفُه الآخَر على جبل أبي قُبَيس، وهم ينظرون إليه! فقال بعضهم: فَرُدَّه إلى مكانه. فأومأ بيده إلى النّصف الذي كان على جبل أبي قبيس فطارا جميعاً فالتقيا في الهواء فصارا واحداً، واستقرّ القمر في مكانه على ما كان، فقالوا: قوموا فقد استمرّ سحرُ محمّدٍ في السّماء والأرض. فأنزل الله: {* اقتَرَبتِ الساعَةُ وانْشقَّ القَمَر * وإن يَرَوا آيةً يُعْرِضوا ويَقُولوا سِحْرٌ مُستِمرّ *} (سورة القمر 1 ـ 2) بحار الأنوار 355: 17 ـ 356 / ح 10 باب ما ظهر له صلّى الله عليه وآله من المعجزات السّماويّة ـ عن الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 141: 1 ـ 142 / ح 229.
كما كتب ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 106: 1 (طبعة النّجف الأشرف):
أجمع المفسّرون والمحدّثون.. في قوله: {* اقتربتِ الساعةُ وانشقّ القمر *} أنّه اجتمع المشركون ليلةَ بدرٍ (أي ليلة كان فيها القمر بدراً) إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقالوا: إن كنتَ صادقاً فشُقَّ لنا القمر فرقتين، فقال صلّى الله عليه وآله: إن فعلتُ تُؤمنون؟ قالوا: نعم. فأشار إليه بإصبعه فانشَقّ شقّتين.. وفي رواية: نصفاً على أبي قبيس ونصفاً على قُعَيقعان، وفي رواية: نصفٌ على الصفا ونصف على المَرْوَة، فقال صلّى الله عليه وآله: اشهَدوا، اشهدوا. فقال ناس: سَحَرنا محمّد! فقال رجل: إن كان سَحَركُم فلم يسحر النّاس كلَّهم.
وكان ذلك قبل الهجرة، وبقيَ قدرُ ما بين العصر إلى الليل، وهم ينظرون إليه ويقولون: هذا سِحْرٌ مستمرّ! فنزل: {* وإن يَرَوا آيةً يُعْرِضُوا.. *} الآيات. وفي رواية: أنّه قَدِم السفّارُ مِن كلّ وجهٍ.. فما أحدٌ قَدِم إلاّ أخبرهم أنّهم رأوا مِثلَ ما رأوا!
وقد كتب الرّاوندي في (الخرائج والجرائح 31: 1 / ح 26): ومنها (أي معجزات نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله): أنّ القمر قد انشقّ وهو صلّى الله عليه وآله بمكّة أوّلَ مبعثه، يراه أهل الأرض طُرّاً، فتلا به عليهم قرآناً، فما أنكروا عليه ذلك، وما كان ما أخبرهم به من الأمر الذي لا يخفى أثرهُ، ولا يندرس ذِكرُه... وروى ذلك خمسةُ نفر: ابن مسعود، وابن عبّاس، وابن جبير، وابن مطعم عن أبيه، وحُذيفة.. وغيرهم (منهم: أنس بن مالك)..).

الإخبار بالمُغيَّبات

• في غزوة ذات الرقاع.. لقيَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله رجلاً من محارب يُقال له «عاصم»، فقال له: يا محمّد، أتعلم الغيب؟ قال: لا يعلم الغيبَ إلاّ الله. قال: واللهِ لَجملي هذا أحبُّ إليَّ مِن إلهك! قال صلّى الله عليه وآله: لكنّ الله قد أخبرني من علم غيبه أنّه تعالى سيبعث عليك قُرحةً في مسبل لحيتك حتّى تصل إلى دِماغك فتموت ـ واللهِ ـ إلى النّار.
فرجع.. فبعث اللهُ قرحةً فأخَذَت في لحيته حتّى وصَلَت إلى دماغه، فجعل يقول: لِلّهِ دَرُّ القُرشيّ! إنْ قال لعلم، أو زجر فأصاب.
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 104: 1 ـ 105 / ح 170، وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 118: 18 / ح 28. والزجر: الكهانة)
• بالإسناد إلى الإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليه السّلام في احتجاج النبيّ صلّى الله عليه وآله على قريش: إنّ الله ـ يا أبا جهل ـ إنّما دفع عنك العذاب؛ لعلمه بأنّه سيخرج من صُلبك ذريّة طيّبة، عِكرمة ابنك، وسَيلي من أمور المسلمين ما إن أطاع اللهَ فيه كان عند الله خليلاً، وإلاّ فالعذاب نازل عليك، وكذلك سائر قريش السّائلين لمّا سألوا من هذا، إنّما أُمهِلوا لأنّ الله عَلِم أنّ بعضهم سيُؤمن بمحمّد وينال به السّعادة، فهو لا يقطعه عن تلك السّعادة ولا يبخل بها عليه، أو مَن يُولَد منه مؤمن، فهو يُنظِر (أي يُمْهِل) أباه لإيصال ابنه إلى السّعادة، ولولا ذلك لنزل العذاب بكافّتكم، فانظْرْ نحو السّماء.
فنظر أكنافَها.. فإذا أبوابها مفتّحة، وإذا النّيران نازلة منها مُسامِتةً لرؤوس القوم حتّى تدنوَ منهم، حتّى وجدوا حَرَّها بين أكتافهم، فارتعدت فرائصُ أبي جهل والجماعة! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا تَروعَنّكم؛ فإنّ الله لا يُهلككم بها، وإنّما أظهرَها عِبرةً.
ثمّ نظروا.. وإذا قد خرج من ظهور الجماعة أنوارٌ قابلتها ودفعتها (أي دفعتِ النّيرانَ) حتّى أعادَتها في السّماء كما جاءت منها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: بعض هذه الأنوار أنوارُ مَن قد عَلِم اللهُ أنّه سيُسعِده بالإيمان بي منكم مِن بعد، وبعضها أنوارٌ طيّبة سيخرج عن بعضكم ممّن لا يؤمن وهم مؤمنون!
(تفسير الإمام العسكري عليه السّلام 112، الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن علي الطّبرسي ـ وعنهما: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 352: 17 ـ 353 / ح 2).
• عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً جالساً فاطّلع عليه عليّ عليه السّلام مع جماعة، فلمّا رآهم تبسّم، قال: جئتموني تسألوني عن شيء.. إن شئتُ أعلمتُكم بما جئتم، وإن شئتم تسألوني. فقالوا: بل تُخبرنا يا رسول الله، قال:
جئتم تسألونني عن الصنائع لمن تحقّ، فلا ينبغي أن يُصنَعَ إلاّ لذي حَسَبٍ أو دِين.. وجئتم تسألونني عن جهاد المرأة، فإنّ جهاد المرأة حُسْن التبعّل لزوجها.. وجئتم تسألونني عن الأرزاق مِن أين، أبى اللهُ أن يرزق عبده إلاّ مِن حيث لا يعلم! فإنّ العبد إذا لم يعلم وجه رزقة كَثُر دعاؤُه. (بحار الأنوار للشّيخ المجلسي 107: 18 / ح 4 ـ عن قصص الأنبياء للراوندي. والصنايع جمع صنيعة: وهي العطيّة والكرامة والإحسان. وحسن التبعّل: الطّاعة وحسن العِشْرة).
• عن الشّيخ الصّدوق بسندٍ ينتهي إلى أبي عُقْبة الأنصاري قال: كنتُ في خدمة رسول الله صلّى الله عليه وآله، فجاء نفر من اليهود فقالوا لي: إستأذِنْ لنا على محمّد. فأخبرتُه، فدخلوا عليه فقالوا: أخبِرْنا عمّا جئنا نسألك عنه، قال:
جئتموني تسألونني عن ذي القَرنَين، قالوا: نعم. فقال: كان غلاماً من أهل الروم ناصحاً لله عزّوجلّ، فأحبَّه اللهُ ومَلَك الأرض، فسار حتّى أتى مغربَ الشّمس ثمّ سار إلى مطلعها ثمّ سار إلى جبل يأجوج ومأجوج فبنى فيها السدّ.
قالوا: نشهد أنّ هذا شأنه، وأنّه لفي التّوراة. (بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 107: 18 / ح 5 ـ عن قصص الأنبياء للرّاوندي).
• وبإسناده إلى ابن عباس.. روى الشّيخ الصّدوق عنه أنّه قال: دخل أبو سفيان على النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً فقال: يا رسولَ الله، أُريد أن أسألك عن شيء، فقال صلّى الله عليه وآله: إن شئتَ أخبرتُك قبل أن تسألني، قال: إفعَلْ، قال: أرَدتَ أن تسأل عن مبلغ عُمري، فقال: نعم، فقال صلّى الله عليه وآله: إنّي أعيش ثلاثاً وستّين سنة، فقال أبو سفيان: أشهدُ أنّك صادق، فقال صلّى الله عليه وآله: بلسانك دون قلبك!
قال ابن عبّاس: واللهِ ما كان (أبو سفيان) إلاّ منافقاً.. ولقد كنّا في محفلٍ فيه أبو سفيان وقد كُفّ بصره، وفينا عليٌّ عليه السّلام فأذّن المؤذّن.. فلمّا قال: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، قال أبو سفيان: ها هنا مَن يُحتَشَم؟ قال واحدٌ من القوم: لا، فقال: لِلّهِ دَرُّ أخي بني هاشم، انظروا أين وضَعَ اسمَه؟! فقال عليّ عليه السّلام: أسخَنَ اللهُ عينَك يا أبا سفيان، اللهُ فعَلَ ذلك بقوله عزّ مِن قال: {* ورَفَعْنا لكَ ذِكْرَك *} (سورة الانشراح: 4، فقال أبو سفيان: أسخَنَ اللهُ عينَ مَن قال: ليس ها هنا مَن يُحتَشَم! (بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 107: 18 ـ 108 / ح 6 ـ عن قصص الأنبياء للرّاوندي. وأسخنَ الله عينه: أي أبكاه)
• عن الشّيخ الصّدوق أيضاً بسنده إلى وائل بن حُجر قال: جاءنا ظهور النبيّ صلّى الله عليه وآله وأنا في مُلْكٍ عظيم وطاعةٍ من قومي، فرفضتُ ذلك وآثَرتُ اللهَ ورسوله، وقَدِمتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخبَرَني أصحابُه أنّه بَشَّرهم قبل قُدومي بثلاث، فقال: هذا وائل بن حجرٍ قد أتاكم من أرضٍ بعيدة، من حضرموت؛ راغباً في الإسلام طائعاً، بقيّة أبناء الملوك.
فقلت: يا رسول الله، أتانا ظهورُك وأنا في مُلك، فمَنّ الله علَيّ أن رفضتُ ذلك وآثرت اللهَ ورسوله ودينه، راغباً فيه، فقال صلّى الله عليه وآله: صدقت، اللّهمّ بارِكْ في وائل وفي وُلْده ووُلْدِ وُلْده. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 60: 1 ـ 61 / ح 103 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 108: 18 / ح 7، وعن قصص الأنبياء للرّاوندي. ورواه: البخاري في التاريخ الكبير 175: 4، والبيهقي في دلائل النبوّة 349: 5 ـ مختصراً)
• عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام قال: أُتيَ النبيُّ صلّى الله عليه وآله بأُسارى، فأمر بقتلهم ما خلا رجلاً من بينهم، فقال الرجل: كيف أطلقتَ عنّي مِن بينهم؟! فقال: أخبرني جبرئيل عن الله تعالى ذِكرُه أنّ فيك خمسَ خصالٍ يحبّها الله ورسوله: الغَيرةُ الشّديدة على حرمك، والسّخاء، وحُسن الخُلق، وصدق اللّسان، والشّجاعة.
فأسلم الرّجل وحَسُن إسلامه. (بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 108: 18 / ح 8 ـ عن قصص الأنبياء للرّاوندي).
• أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله وابصةُ بن معبد الأسدي وقال في نفسه: لا أدَعُ من البِرّ والإثم شيئاً إلاّ سألته. فلمّا أتاه قال له بعض أصحابه: إليك يا وابصة عن سؤال رسول الله صلّى الله عليه وآله! فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: دَعُوا وابصة، أُدْنُ.
قال وابصة: فدنوتُ، فقال: تسأل عمّا جئتَ له أم أُخبرك؟
قلت: أخبرْني. فقال: جئتَ تسأل عن البِرّ والإثم، قال وابصة: نعم. فضرب صلّى الله عليه وآله يدَه على صدر وابصة ثمّ قال:
البِرّ ما اطمأنّت إليه النّفس، والبرّ ما اطمأنّ إليه الصّدر.
والإثم ما ترّدد في الصّدر، وجال في القلب، وإن أفتاك النّاس وإن أفتَوك. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 106: 1 ـ 107 / ح 174 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 118: 18 / ح 29. ورواه: الحِميري في قرب الإسناد 135 ـ وعنه: وسائل الشّيعة للحرّ العاملي 121: 18 / ح 34، ورواه أيضاً: البيهقي في دلائل النبوّة 292: 6 بطريقين، وأحمد بن حنبل في مسنده 227: 4 ـ 228، وابن كثير في البداية والنّهاية 181: 6).
• روى الشّيخ الكلينيّ عن محمّد بن قيس قال: سمعتُ أبا جعفر (الباقر) عليه السّلام يقول وهو يحدّث النّاس بمكّة: صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله الفجر ثمّ جلس مع أصحابه حتّى طلعت الشّمس.. فجعل يقوم الرّجل بعد الرّجل، حتّى لم يَبقَ معه إلاّ رجلان: أنصاريّ، وثَقَفيّ.. فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وآله: قد علمتُ أنّ لكما حاجةً تريدانِ أن تسألا عنها، فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، وإن شئتما فاسألا عنها، قالا: بل تُخبرنا قبل أن نسألك عنها؛ فإنّ ذلك أجلى للعمى وأبعدُ من الارتياب وأثبتُ للإيمان. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
أمّا أنت يا أخا ثقيف، فإنّك جئتَ تسألني عن وضوئك وصلاتك وما لك في ذلك من الخير، أمّا وضوؤُك فإنّك إذا وضعتَ يدك في إنائك ثمّ قلتَ: بسم الله، تناثَرَت منها ما اكتَسَبتْ من الذّنوب، فإذا غَسَلتَ وجهك تناثرت الذّنوب التي اكتسبَتْها عيناك بنظرهما وفُوك، فإذا غسلتَ ذراعيك تناثرت الذّنوب عن يمينك وشمالك، فإذا مسحتَ رأسك وقدميك تناثرت الذّنوب التي مشيتَ إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئِك..
(الكافي للكلينيّ 21: 3 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 128: 18 ـ 129 / ح 37. وفي رواية أخرى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: وأمّا أنت يا أخا الأنصار، فجئتَ تسألني عن حَجِّك وعمرتك وما لَك فيهما. فأخبره صلّى الله عليه آله بفضلهما. ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 99: 1 ـ طبعة النّجف الأشرف، عنه: بحار الأنوار 138: 18 / ح 49).
• أتاه الجارود بن عمرو العبدي وسلمة بن عبّاد الأزدي فقالا له: إنْ كنتَ نبيّاً فحدِّثْنا عمّا جئنا نسألك عنه، فقال صلّى الله عليه وآله:
أمّا أنت يا جارود، فإنّك جئتَ تسألني عن: دماء الجاهلية، وعن حلف الإسلام، وعن المَنيحة. قال: أصبت. فقال صلّى الله عليه وآله: فإنّ دماء الجاهلية موضوع، وحلفها لا يزيده الإسلام إلاّ شدّة ولا حلفَ في الإسلام، ومِن أفضل الصّدقة أن تمنح أخاك ظهر الدابّة ولبن الشاة.
وأمّا أنت يا سلمة بن عبّاد، فجئتَ تسألني عن: عبادةِ الأوثان، ويوم السَّباسب، وعقل الهجين. أمّا عبادة الأوثان فإنّ الله جلّ وعزّ يقول: {* إنّكُم وما تَعبُدون مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهنّمَ أنتمُ لَها وارِدُون *} (سورة الأنبياء: 98)، وأمّا يوم السَّباسب، فقد أبدلك الله عزّوجلّ ليلةَ القدر ويوم العيد لمحةً تطلع الشّمس لا شعاعَ لها، وأمّا عقل الهجين، فإنّ الإسلام تتكافأ دماؤُهم، ويجير أقصاهم على أدناهم، وأكرمهم عند الله أتقاهم.
قالا: نشهد بالله أنّ ذلك كان في أنفسنا.
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 98: 1 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 137: 18 / ح 39).
• ومن إخباراته صلّى الله عليه وآله عن طوايا الغيب وعوالم السرّ قوله لأبي ذرّ الغفاريّ رضوان الله عليه يُخبره بما سيجري عليه بعد وفاته:
كيف بك إذا خرجتَ من مكانك؟ قال أبو ذرّ: أذهب إلى المسجد الحرام.
فقال: كيف بك إذا أُخرِجتَ منه؟ قال: أذهب إلى الشّام.
قال: كيف بك إذا أُخرِجتَ منها؟ قال: أعمد إلى سيفي فأضرب حتّى أُقتلَ. قال صلّى الله عليه وآله له: لا تَفعَلْ، ولكن اسمعْ وأطِع.
وكان ما كان حتّى أُخرِج إلى الرَّبَذة. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 65: 1 / ح 113 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 112: 18 / ح 18. وقد روى خبر وفاة أبي ذرّ: البيهقي في دلائل النبوّة 221: 5 ـ 223 و401: 6 ـ 402، وابن هشام في السّيرة النبوية 133: 4، وابن كثير في البداية والنّهاية 8: 5).
وذكر صلّى الله عليه وآله ابنته فاطمة سلام الله عليها فقال لها: إنّكِ أوّلُ أهل بيتي لَحاقاً بي. فكانت أوّل مَن تُوفّي بعده. (الخرائج والجرائح 65: 1 / ح 114 ـ عنه: بحار الأنوار 112: 18 / ح 18. وروى نحوَه: البيهقيُّ في دلائل النبوّة 364: 6 بإسناده إلى عائشة، والبخاري في صحيحه 248: 4 و12: 6، ومسلم في صحيحه 1905: 4/ ح 99، وأحمد بن حنبل في مسنده 282: 6، وابن سعد في الطبقات الكبرى 247: 2، والترمذي في صحيحه 319: 2، وأبو نُعَيم في حلية الأولياء 40: 2 عن ابن عبّاس).
وذكر صلّى الله عليه وآله زيدَ بن صُوحان فقال: زيد، وما زيد! يَسبِق منه عضوٌ إلى الجنّة. فقُطعت يده يوم «نَهاوَند» في سبيل الله. (الخرائج والجرائح 66: 1 / ح 116 ـ عنه: بحار الأنوار 112: 18 / ح 18. وروى مثلَه: البيهقي في دلائل النبوّة 416: 6 بإسناده إلى الإمام علي عليه السّلام، وابن حجر في الإصابة في تمييز الصّحابة 582: 1 من طريق أبي يعلى الموصلي وابن مندة، وابن الأثير في أُسد الغابة 234: 2).
وأخبر صلّى الله عليه وآله عن أمّ ورقة الأنصاريّة، فكان يقول: انطلقوا بنا إلى الشّهيدة نزورها. فقتلها غلامٌ وجارية لها بعد وفاته. (الخرائج والجرائح 66: 1 / ح 118 ـ عنه: بحار الأنوار 112: 18 / ح 18، وروى الحديثَ بتمامه: البيهقي في دلائل النبوّة 381: 6 ـ 382، وأحمد بن حنبل في مسنده 405: 6 بإسنادهما إلى أمّ ورقة).
وقال عبدالله بن الزبير: احتجم النبيُّ صلّى الله عليه وآله فأخذتُ الدم لأُهَرِيقَه، فلمّا بَرَزتُ حَسَوْتُه، فلمّا رجعتُ قال: ما صنعتَ؟ قلت: جعلتُه في أخفى مكان. قال: ألفاك (أي أجِدُك) شربتَ الدم! ويلٌ للناس منك، وويلٌ لك من الناس! (الخرائج والجرائح 67: 1 / ح 122 ـ عنه: بحار الأنوار 112: 18 ـ 113 / ح 18. ورواه الحلبي في السيرة الحلبيّة 248: 2، والبيهقي في السنن الكبرى 67: 7).
وقال صلّى الله عليه وآله لزوجاته: ليت شعري أيّتُكنّ صاحبةُ الجَملِ الأدْبَب، تخرج فتنبحها كلابُ الحَوْأب! (الخرائج والجرائح 67: 1 / ح 123 ـ عنه: بحار الأنوار 113: 18 / ح 18. ورواه: الشّيخ الصّدوق في معاني الأخبار 305 / ح 1 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 502: 1/ ح 113، ومستطرفات السّرائر لابن إدريس الحلّي 129 / ح 1).
ورُوي أنّه لمّا أقبَلَت عائشة إلى مياه بني عامر ليلاً نَبَحَتها كلابُ الحَوْأب، فقالت: ما هذا؟! قالوا: الحَوأب، قالت: ما أظنُّني إلاّ راجعة! رُدُّوني، إنّ رسول الله قال لنا ذات يوم: كيف بإحداكنّ إذا نبح عليها كلابُ الحوأب! (الخرائج والجرائح 67: 1 / ح 24 ـ عنه: بحار الأنوار 113: 18 / ح 18. ورواه: أحمد بن حنبل في مسنده 52: 6 و97، والبيهقيّ في دلائل النبوّة 410: 6 بطريقين، وابن كثير في البداية والنّهاية 211: 6 ـ 212 وقال: هذا إسنادٌ على شرط الصّحيحين، ولم يخرجوه).
وقال صلّى الله عليه وآله: أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يُقتَل بعدي بأرض الطفّ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أنّ فيها مضجعَه! (الخرائج والجرائح 68: 1 / ح 125 ـ عنه: بحار الأنوار 113: 18 / ح 18. ورواه: السّيوطي في الخصائص الكبرى 449: 2 ـ 450، والبيهقي في دلائل النبوّة 468: 6. وأرود جملةً من الرّوايات في هذا المضمون: السيّد نور الله القاضي التستري الشّهيد في كتابه إحقاق الحقّ 339: 11 ـ 416).
وعن أمّ سلمة قالت: كان عمّار بن ياسر ينقل اللبِنَ لمسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يمسح التراب عن صدر عمّار ويقول له: تقتلُك الفئة الباغية! (الخرائج والجرائح 68: 1 / ح 126 ـ عنه: بحار الأنوار 113: 18/ ح 18. وأورده: البيهقي في دلائل النبوّة 546: 2 ـ 552 و420: 6 ـ 422، والسّيوطي في الخصائص الكبرى 496: 2 ـ 498، والسيّد نور الله التستري في إحقاق الحقّ 422: 8 ـ 468).
وأنّه صلّى الله عليه وآله رأى عليّاً عليه السّلام نائماً في بعض الغزوات على التراب، فقال له: يا أبا تراب، ألا أُحدّثك بأشقى النّاس أخي ثمود، والذي يضربك على هذا ـ ووضع يده على قرنه ـ حتّى تبلّ هذه من هذا! ـ وإشار إلى لحيته. (الخرائج والجرائح 122: 1 / ح 200 ـ عنه: بحار الأنوار 119: 8/ ح 23. ويراجع: دلائل النبوّة للبيهقي 438: 6 ـ 439 بأسانيده المتعدّدة، والبداية والنّهاية لابن كثير 218: 6، ومسند أحمد بن حنبل 102: 1 و263: 4، وفضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل 49 / ح 76، والطّبقات الكبرى لابن سعد 34: 3، والمعجم الكبير للطّبراني 105، وتاريخ دمشق لابن عساكر 287: 3، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 113: 3 و140، وفرائد السّمطين للجويني 386: 1، ومجمع الزوائد للهيثمي 136: 9، والخصائص الكبرى للسيوطي 445: 2، وابن حجر في الصّواعق المحرقة 74، والسّيرة النبويّة لابن هشام 249: 2، وخصائص أمير المؤمنين عليه السّلام للنسائي 129. ولا بأس بمراجعة إحقاق الحق 340: 7 ـ 352 و350: 17 ـ 362).
وقال صلّى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السّلام: تقاتل بعدي: الناكثين، والقاسطين، والمارقين. وكان كذلك. (الخرائج والجرائح 123: 1 / ح 201 ـ وعنه: بحار الأنوار 119: 18 / ح 23. وروى مثله: الخوارزمي في المناقب 122، وابن عساكر في تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام علي عليه السّلام 162: 3، والجويني في فرائد السّمطين 282: 1 و331، وفي إحقاق الحق 247: 4 ـ 249 و385، وج 60: 6 ـ 78، وج 581: 15 ـ 586، وج 440: 16 ـ 446).
وقال صلّى الله عليه وآله لعمّار: ستقتلك الفئة الباغية، وآخِرُ زادِك ضَياحٌ من لَبَن. فأُتي عمّار بصفّين بلَبَن، فشربه فبارز فقُتل، فكان كذلك. (الخرائج والجرائح 124: 1 / ح 207 ـ عنه: بحار الأنوار 119: 18 / ح 23. وروى مثله باختلاف: البيهقي في دلائل النبوّة 420: 6 ـ 421 بأسانيده المتعدّدة، ومسلم في صحيحه 2236: 4 / ح 72 و73، وفي مسند أحمد 319: 4، ومستدرك الحاكم 389: 3 وغيرها).
وعن أبي جروة المازني قال: سمعتُ عليّاً عليه السّلام يقول للزبير: نَشَدتُك الله، أما سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول أنّك تقاتلني وأنت ظالم؟! قال: بلى، ولكنّي نسيت. (إعلام الورى للطّبرسي 91: 1 ـ وعنه: بحار الأنوار 123: 18 / ح 36. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 415: 6).
وقال صلّى الله عليه وآله لعمّار بن ياسر: تقتُلك الفئةُ الباغية. (أخرجه مسلم في صحيحه 2236: 4 / ح 72، وأحمد في مسنده 161: 2، والترمذي في سننه 669: 5/ ح 3800، والبيهقي في دلائله 420: 6، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى 308: 1، والطّبرسي في إعلام الورى بأعلام الهدى 91: 1 ـ وعنه: بحار الأنوار 123: 18 / ح 36).
وعن سعيد بن المسيّب قال: وُلد لأخي أمِّ سلمة من أُمّها غلام فسَمَّوه «الوليد»، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: تُسَمُّون بأسماء فراعنتكم! غيِّرُوا اسمه، فسَمُّوه «عبدالله»، فإنّه سيكون في هذه الأُمّة رجل يُقال له «الوليد»، هو شرّ لأمّتي من فرعون لقومه! فكان النّاسُ يرون أنّه الوليد بن عبدالملك، ثمّ رأينا أنّه الوليد بن يزيد. (إعلام الورى 97: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 126: 18 / ح 36. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 505: 6، وابن كثير في البداية والنّهاية 241: 6).
وروى أبو سعيد الخُدْريّ عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال: إذا بَلَغَ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتَّخَذوا دِينَ الله دَغَلاً، وعبادَ الله خِوَلاً، ومالَ الله دُوَلاً. وفي رواية أبي هريرة: إذا بلغوا أربعين رجلاً. (دلائل النبوة للبيهقي 507: 6. البداية والنّهاية لابن كثير 242: 6. إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 97: 1 ـ وعنه: بحار الأنوار 126: 18 / ح 36).
وفي (شرف المصطفى) عن الخركوشي:
أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لطلحة: إنّك ستقاتل عليّاً وأنت ظالم! وقال للزبير: إنّك تقاتل عليّاً وأنت ظالم! وقال لعائشة: ستنبح عليكِ كلابُ الحوأب. وقال لفاطمة عليها السّلام بأنّها أوّل أهله لحاقاً به. فكان كذلك. وقال لعليّ عليه السّلام: إنّك ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. وأخبر صلّى الله عليه وآله بشهادة الإمام عليّ والحسين عليهما السّلام وشهادة عمّار بن ياسر.. وأنّه قال للأنصار: إنّكم ستَرَون بعدي أَثَرة (أي سيُفضَّل عليكم غيرُكم)، فلمّا ولي معاوية عليهم مَنعَ عطاياهم، فقدم عليهم فلم يتلقَّوه، فقال لهم: ما الذي منعكم أن تلقوني؟! قالوا: لم يكن لنا ظهورٌ (أي ركاب) نركبها، فقال لهم: أين كانت نواضحُكم؟! (أي إبلكم التي تَسقُون عليها) فقال أبو قتادة: عَقَرناها يوم بدر في طلب أبيك (أي في مقاتلة أبيك أبي سفيان!) ثمّ رووا له الحديث، فقال لهم: ما قال لكم رسول الله؟ قالوا: قال لنا: اصبروا حتّى تلقوني. فقال معاوية (مستهزئاً): فاصبروا إذن! فقال في ذلك عبدالرحمان بن حسّان:
ألا أبلِغْ معاويةَ بنَ صخرٍأمير المؤمنين بنا كلاميفإنّا صابرون ومُنظِروكُمإلى يومِ التغابُنِ والخصامِ
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 95: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 132: 18 ـ 133 / ح 39).
وروى فضالة بن أبي فضالة الأنصاري وعثمان بن صُهيب، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعليٍّ عليه السّلام: أشقى الآخِرينَ الذي يضربك على هذه ـ وأشار إلى يافوخه.
كما روى أنس بن الحارث قال: سمعتُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله يقول: إنّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يُقتَل بأرضٍ في العراق، فمَن أدركه منكم فَلْيَنصُرْه. قال: فقُتل أنس بن الحارث مع الحسين عليه السّلام. (مناقب آل أبي طالب 121: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 141: 18 / ح 41).
وحكى القعنبيّ أنّ أبا أيّوب الأنصاري رُئيَ عند خليج قسطنطينيّة فسُئل عن حاجته، فقال: أمّا دنياكم فلا حاجة لي فيها، ولكنْ إن متُّ فقدّموني ما استطعتُم في بلاد العدوّ؛ فإنّي سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول: يُدفَن عند سور قسطنيطنيّة رجلٌ صالح مِن أصحابي، وقد رجوتُ أن أكونَه.
ثمّ مات، فكانوا يجاهدون والسّرير يُحمَل ويُقدّم، فأرسل قيصر في ذلك، فقالوا: صاحب نبيّنا، وقد سألَنا أن ندفنه في بلادك، ونحن منفّذون وصيّتَه، قال: فإذا وليّتم أخرجناه إلى الكلاب، فقالوا: لو نُبِش من قبره ما تُرِك بأرض العرب نصرانيٌّ إلاّ قُتل، ولا كنيسة إلاّ هُدّمت!
فبُنيَ على قبره قبّة يُسرَج فيها إلى اليوم (والحديث للقعنبي)، وقبره إلى الآن يُزار في جنب سور القسطنطينيّة. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 122: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 142: 18 ـ 143 / ح 41).
وروي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لأمير المومنين عليٍّ عليه السّلام: الأُمّة ستغدر بك بعدي! (دلائل النبوّة للبيهقي 440: 6. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 116: 11 / ح 5928. تاريخ دمشق لابن عساكر 116: 3 / ح 1157. تذكرة الحفّاظ للذهبي 995: 3. إعلام الورى للطّبرسي 92: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 124: 18 / ح 36).
• اجتمعت قريش كلّها وأخرَجَت بني هاشم إلى شِعب أبي طالب، فمكثوا فيه ثلاث سنين إلاّ شهراً، وأنفق أبو طالب وخديجةُ جميعَ مالهما، ولم يعد يَقدرون على الإطعام إلاّ من موسمٍ إلى موسم، فلَقَوا من الجوع والعُرْي ما اللهُ أعلمُ به.
وقد بعث الله على صحيفتهم الأُرضة، فأكلَت كلَّ ما فيها إلاّ اسم «الله». فذكر ذلك رسولُ الله صلّى الله عليه وآله لعمّه أبي طالب، فما راعَ قريشاً إلاّ وبنو هاشم عنقاً واحداً (أي جمعاً واحداً) قد خرجوا من الشِّعب! فقالت قريش: الجوع أخرَجَهم. فجاؤوا حتّى أتى الحِجر وجلسوا فيه، وكان لا يَقعُد فيه إلاّ فِتيان قريش، فقالوا: يا أبا طالب، قد آن لك أن تُصالح قومك. قال: قد جئتُكم بخبر! إبعثوا إلى صحيفتكم لعلّه أن يكون بيننا وبينكم صُلح.
قال: فبعثوا إليها وهي عند أمّ أبي جهل، وكانت قبلُ في الكعبة فخافوا عليها السَّرَق فوُضِعَت بين أيديهم، وخواتيمهم عليها. فقال أبو طالب: هل تُنكرون منها شيئاً؟ قالوا: لا. قال: إنّ ابن أخي حدّثني ـ ولم يكذبني قطّ ـ أنّ الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضةَ فأكَلَت كلَّ قطيعةٍ وإثم، وتركت كلَّ اسم هو لله، فإن كان صادقاً أقلَعتُم عن ظلمنا، وإن يكن كاذباً نَدفَعْه إليكم فقتلتموه! فصاح الناس: نَعَم يا أبا طالب، (وفي رواية: أنصفتَنا يا أبا طالب). ففُتِحت ثمّ أُخرِجت.. فإذا هي مشربة كما قال صلّى الله عليه وآله، فكبّر المسلمون، وانتُقِعت وجوه المشركين!
فأسلم يومئذٍ عالَمٌ من النّاس، ثمّ رجع أبو طالبٍ إلى شِعبه، ثمّ عيّر هشام بن عمرو العامريّ قريشاً بما صنعوا ببني هاشم!
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 85: 1 ـ 87 / ح 141 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 16: 19 / ح 8. وأخرج نحوَه: السيّوطي في الخصائص الكبرى 374: 1 ـ عن البيهقيّ وأبي نُعَيم من طريق موسى بن عُقْبة عن الزهري. وأورد قريباً منه: الراوندي في الخرائج والجرائح 142: 1 ـ 143 / ح 230 ـ وعنه: بحار الأنوار 120: 18 / ح 33).
• ومن معجزات رسول الله صلّى الله إخباره بمصارع أهل بيته عليهم السّلام من بعده.. من ذلك ما رواه الحاكم أبو عبدالله الحافظ (وهو من علماء أهل السنّة)، بإسناده عن الإمام عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه الإمام عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:
زارَنا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله فعَمِلْنا له حَريرة، وأهدَتْ إليه أُمُّ أيمن قَعْباً من زُبد وصَحفةً من تمر، فأكل رسول الله صلّى الله عليه وآله وأكلنا معه، ثمّ توضّأ (أي غسل) رسولُ الله صلّى الله عليه وآله فمسح رأسه ووجهه بيده، واستقبل القبلة فدعا اللهَ ما شاء، ثمّ أكبّ إلى الأرض بدموعٍ غزيرة مثل المطر، فهِبْنا رسولَ الله صلّى الله عليه وآله أن نسأله، فوثب الحسينُ فأكبّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: يا أبه، رأيتك تصنع ما لم تصنع مِثلَه قطّ! قال: يا بُنيّ سُرِرتُ بكمُ اليوم سروراً لم أُسَرَّ بكم مِثلَه، وإنّ حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنّكم قتلى، وأنّ مصارعكم شتّى، فأحزنني ذلك، فدَعَوتُ اللهَ لكم بالخيرة.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طائفةٌ مِن أُمّتي يريدون به بِرّي وصِلتي، إذا كان يومُ القيامة زُرتُها بالموقف وأخذتُ بأعضادها فأنجيتُها مِن أهواله وشدائده. (إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسيّ 94: 1 ـ 95، وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 25: 18 / ح 36. ورواه: ابن قُولَويه في كامل الزيارات 58/ ح 7، والطوسيّ في أماليه 281: 2).
• قال النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً لعمّه العبّاس بن عبدالمطّلب: ويلٌ لذريّتي من ذريّتك! فقال: يا رسولَ الله، فأختَصي؟ فقال: إنّه أمرٌ قد قُضي.
أي لا ينفع الخصاء، فعبد الله بن العبّاس قد وُلد وصار له وُلْد! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 106: 1 / ح 173 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 119: 18 / ح 31).
• روى الراوندي، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يوماً جالساً وحوله عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام، فقال لهم: كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتّى؟! فقال الحسن عليه السّلام: أنموت موتاً أو نُقتل؟ فقال: يا بُنيّ، بل تُقتل بالسمّ ظلماً، ويُقتل أخوك ظلماً، ويُقتل أبوك ظلماً، وتُشرَّد ذراريكم في الأرض.
فقال الحسين عليه السّلام: ومَن يَقتلُنا؟ قال: شِرار الناس. قال: فهل يزورنا أحد؟ قال: نعم، طائفة من أُمّتي يريدون بزيارتكم بِرّي وصِلتي، فإذا كان يومُ القيامة جئتهم وأخلّصهم من أهواله. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 491: 2/ ح 4 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 120: 18 / ح 34).
• أمّا الأحاديث النبويّة الشّريفة في الإخبار بشهادة الإمام السّبط الشّهيد أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه، فهي كثيرة غزيرة، تحتل مساحةً واسعة في كتب السِّير والتآريخ والروايات، حتّى لتشكّل فصلاً كبيراً يكاد يكوّن كتاباً مستقلاًّ لو جمعناها من مصادر المسلمين العامّة والخاصة. وقد دوّن ذلك: الشّيخ المجلسيّ في كتابه «بحار الأنوار» ج 44 الباب 31 ما أخبر به الرسول وأمير المؤمنين والحسين صلوات الله عليهم بشهادته صلوات الله عليه ص 250 ـ 268، والسيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري الشهيد في موسوعته القيّمة «إحقاق الحقّ» ج 11 ص 317 ـ 334، وص 339 ـ 414. وهي أحاديث متواترة ومُسندة ومتعدّدة الطّرق وموثّقة ومشهورة، تناقلها الرواة والمؤرّخون والمحدّثون تناقل المسلَّمات.
• لمّا نزلت الآية المباركة: {* إذا جاءَ نصرُ اللهِ والفَتْح *} (سورة النصر: 1) قال صلّى الله عليه وآله: نُعِيَت إليَّ نَفسي، وإنّي مقبوض. فمات في تلك السنة.
ولَمّا بَعث مُعاذَ بن جبل إلى اليمن قال صلّى الله عليه وآله له: إنّك لا تلقاني بعد هذا. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 102: 1 / ح 164 ـ عنه: بحار الأنوار 116: 18 / ح 24. وأخرج نحوَه الخاصّة والعامّة في تفاسيرهم في أحاديث متعدّدة وبألفاظ مختلفة في ظلّ السورة المباركة سورة النصر. وأكّد ذلك رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في خطبته الشريفة لدى حجّة الوداع، المعروفة بخطبة الغدير.. وقد جاء فيها: معاشرَ الناس، إنّه آخِرُ مَقامٍ أقومُه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا، وانقادوا لأمر ربّكم..
أيّها الناس، إني أُوشِك أن أُدعى فأجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون..
لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا! (يراجع مصادر الغدير وهي وافرة لا تقلّ مصادر أهل السنّة فيها عن خمسين مصدراً، فضلاً عن مصادر الشيعة).

إستجابة دعائه صلَّى الله عليه وآله

• قال أبيض بن حمال: كان بوجهي حزاز ـ يعني القوباء ـ قد التمعت. فدعاه النبيّ صلّى الله عليه وآله فمسح وجهه، فذهب في الحال ولم يبقَ له أثرٌ على وجهه. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 56: 1 / ح 89 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 13: 18 / ح 33. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 117: 6، وابن حجر العسقلاني في الإصابة في تمييز الصحابة 17: 1 9.
مَرِض أبو طالب ر ضوان الله عليه فدخل عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال أبو طالب: يا ابن أخ، أُدعُ ربَّك الذي تعبده أن يُعافيَني. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ اشفِ عمّي. فقام كأنّما أُنشِط مِن عِقال! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 49: 1 / ح 67 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 9: 18 / ح 16. ورواه ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 75: 1، والبيهقي في دلائل النبوّة 569: 2 بإسناده إلى عائشة وقال: رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي شيبة).
• عن حمّاد بن أبي طلحة، عن أبي عوف، عن أبي عبدالله (الصادق) عليه السّلام قال: إنّ رجلاً مكفوفَ البصر أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، ادعُ اللهَ أن يردّ علَيّ بصري. قال: فدعا اللهَ فردّ عليه بصره.. (بصائر الدرجات للصفّار القمّي 72 ـ عنه: بحار الأنوار 5: 18 / ح 4).
• خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله فعَرَضَت له امرأة مسلمة فقالت: يا رسول الله، إنّي امرأة ومعي زوجٌ لي في بيتي مثل المرأة! فقال: ادعي زوجَكِ. فدَعَتْه، فقال لها: أتُبغضينَه؟ قالت: نعم.
فدعا النبيُّ صلّى الله عليه وآله لهما، ووضع جبهتَها على جبهته فقال: اللّهمّ ألِّفْ بينهما، وحَبِّبْ أحدَهما إلى صاحبه.
ثمّ قالت المرأة بعد ذلك: ما طارف ولا تالد (أي ما مالٌ حديث ولا قديم) أَحبُّ إليّ منه. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: إشهدي أنّي رسول الله. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 51: 1 ـ 52 / ح 78 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسي 11: 18/ ح 26. وأورده: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 73: 1، ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 228: 6 بإسناده إلى عبدالله بن عمر).
• أنشدَ النابغةُ الجَعديّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله قوله:
بَلَغْنا السمـاءَ عِزّةً وتكـرّماًوإنّا لَنرجو فوقَ ذلك مَظْهَرا
فقال: إلى أين يا أبا ليلى؟! قلت: إلى الجنّة. قال صلّى الله عليه وآله: أحسنت، لا يَفضُض اللهُ فاك.
قال الراوي: فرأيتُ الجعديَّ شيخاً له ثلاثون ومائةُ سنة وأسنانه مثلُ ورق الأُقحوان نقاءً وبياضاً، وقد تهدّم جسمُه إلاّ فاه!
(الخرائج والجرائح لقطب لقطب الدين الراوندي 51: 1/ ح 77 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 11: 18 / ح 25. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 232: 6 ـ 233 بثلاثة طرق، وأخرجه: السيوطي في الخصائص الكبرى 72: 3).
• نَهَت قريشٌ الطفيلَ بن عمرو عن الاقتراب من النبيّ صلّى الله عليه وآله، فدخل المسجد فحشا أُذُنَيه بِكُرسُف؛ لكي لا يسمع صوته، فكان يسمع فأسلم، وقال:
يُحـذّرُني محمّـدَها قـريشٌوما أنا بالهَيُوبِ لدى الخصامِفقـام إلى المقـام وقُمتُ منهبعيداً حيث أنجـو مِـن مَلامِوأُسمِعتُ الهدى وسمعتُ قولاًكريماً ليس مِن سجع الأنـامِوصدّقتُ الرسولَ، وهانَ قومٌعلَيّ رَمَـوه بالبُـهتِ العِظامِ
ثمّ قال: يا رسول الله، إنّي امرؤ مُطاع في قومي، فادعُ اللهَ أن يجعل لي آيةً تكون لي عوناً على ما أدعوهم إلى الإسلام. فقال صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ اجعَلْ له آية.
فانصرف إلى قومه إذ رأى نوراً في طرف سوطه كالقنديل فأنشأ قصيدةً منها:
ألا أبلِـغْ لـديك بني لَـوِيٍّعلى الشَّـنآنِ والغضبِ المردِّبـأنّ اللهَ ربَّ النـاس فـردٌتعـالى جَـدُّه عن كلِّ جَـدِّوأنّ محمّـداً عبـدٌ رسـولٌدليلُ هُدىً ومُوضِحُ كلِّ رُشْدِرأيتُ لـه دلائلَ أنبـأتْـنيبـأنّ سبيلَه يَـهدي لِقَـصْدِ
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 104: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 381: 17 / ح 50).
• روى الشّيخ المفيد بسندٍ ينتهي إلى عبدالرحمان بن أبي ليلى، عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: دعاني النبيُّ صلّى الله عليه وآله وأنا أرمَدُ العين، فتفل في عيني، وشدّ العمامة على رأسي، وقال: اللهمّ أذْهِبْ عنه الحرَّ والبرد. فما وجدتُ بعدَها حَرّاً ولا برداً! (مجالس الشّيخ المفيد أو أمالي الشّيخ المفيد 187 ـ 188، وأمالي ابن الشّيخ الطوسي 55 ـ عنهما: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 4: 18 / ح 2. وروى الخبرَ أيضاً قطبُ الدين الراونديّ هكذا:
أنّ عليّاً عليه السّلام كان رَمِد العين يوم خيبر، فتفل رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في عينه، ودعا له وقال: اللهمّ أذْهِبْ عنه الحرَّ والبرد. فما وجد حرّاً ولا برداً بعده، وكان يخرج في الشّتاء في قميصٍ واحد. الخرائج والجرائح 57: 1 / ح 94 ـ عنه بحار الأنوار 13: 18 / ح 36. ورواه: ابن المغازليّ في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام 74 / ح 110، وبدر الدين العيني في عُمدة القاري 16، وباكثير الحضرمي في وسيلة المآل 115 ـ من المخطوطة، واللكهنوي في مرآة المؤمنين 53، والمولوي الهندي في وسيلة النجاة 156، وعلي بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح في مشكاة المصابيح 440: 11، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الأُمّة 29، والبدخشي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا 127 ـ من المخطوطة.. ولا بأس بمراجعة: إحقاق الحقّ للسيّد نور الله التستري 445: 5 و230: 16 و132: 17).
مَرِض الإمام عليّ عليه السّلام يوماً فأخذ يقول: اللّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرِحْني، وإن كان متأخّراً فارفَعْني، وإن كان للبلاء فصَبِّرْني. فقال النبي صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ اشْفِه، اللهمّ عافِه. ثمّ قال له: قُم.
قال عليّ عليه السّلام: فقمت، فما عاد ذلك الوجعُ إليّ بعد. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 49: 1 / ح 68 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 10: 18 / ح 17. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 179: 6 بإسناده إلى عبدالله بن سلمة عن الإمام علي عليه السّلام).
• قال الإمام علي سلام الله عليه: بَعَثَني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله إلى اليمن فقلت: يا رسول الله، بعثتَني وأنا حديث السنّ لا علمَ لي بالقضاء، فقال: انطَلِقْ؛ فإنّ الله سيهدي قلبك ويثبّتُ لسانك.
قال علي عليه السّلام: فما شككتُ في قضاءٍ بين رجلَين!
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 53: 1 / ح 83 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 12: 18 / ح 29. ورواه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 74: 1، والبيهقي في دلائل النبوّة 397: 5، وابن سعد في الطبقات الكبرى 337: 2، وأحمد بن حنبل في مسنده 83: 1 وفي فضائله 71 / ح 108، وابن ماجة في سننه 48: 2، والنسائي في خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام 70 ـ 71، والحاكم في مستدركه 135: 3، والخوارزمي في المناقب 41، والجويني في فرائد السّمطين 167: 1. ولا بأس بمراجعة: إحقاق الحقّ للقاضي التستري 63: 7 ـ 75، و34: 8 ـ 47، و119: 17 ـ 125 و299 و519 ـ 521).
• مُطِر أهلُ المدينة مطراً عظيماً، فخافوا الغرق، فشكوا إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال يدعو: اللّهمّ حوالَينا، ولا علينا. فعاين مؤمنُهم وكافرهم أمراً لم يعاينوا مِثلَه! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 29: 1 / ح 21 ـ عنه: بحار الأنوار 354: 17 / ح 6. وأورده: الطبرسي في إعلام الورى بأعلام الهدى 82: 1 ـ 83 هكذا:
إنّ أهل المدينة مُطِروا حتّى أشفقوا من خراب دورها وانهدام بنيانها، فقال صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ حوالَينا ولا علينا. فانجاب السَّحاب عن المدينة وأطاف حولها مستديراً كالإكليل، والشمس طالعة في المدينة والمطر يهطل على ما حولها، يَرى ذلك ظاهراً مؤمنُهم وكافرهم، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى بَدَت نَواجِذه وقال: لِلهِ دَرُّ أبي طالب! لو كانت حيّاً قَرَّت عيناه، مَن يُنشدنا قولَه؟
فقام أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا رسول الله، كأنّك أردتَ قولَه:
وأبيضُ يُستَسقى الغَمـامُ بوجهِهِثُمـال اليتامى عِصمةٌ للأراملِيطوفُ بها الهُلاّكُ مِن آلِ هاشمٍفهُمْ عندَه فـي نعمةٍ وفـواضلِ
رواه أيضاً: الشّيخ المفيد في أماليه 301 / ح 3، والشّيخ الطّوسي في أماليه 73: 1، وابن حمزة في الثاقب في المناقب 89، والصنعاني في المصنَّف 91: 3 / ح 4910، والبخاري في صحيحه 35: 2، ومسلم في صحيحه 612: 2 / ح 897، وأبو داود في سننه 304: 1 / ح 1174، والبيهقي في سننه 353: 3، والبيهقي في دلائل النبوّة 140: 6، والحرّ العاملي في إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 91: 2 / ح 445 ـ عن إعلام الورى).
• وبسندٍ ينتهي إلى أبي هريرة قال: أصابنا عطشٌ في الحديبيّة فجَهِشْنا إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، فبسط يديه بالدعاء فتألّق السحاب، وجاء الغيث فرُوينا.
قال الأصمعيّ: الجَهْش أن يفزع الإنسان إلى الإنسان. وقال أبو عبيدة: وهو مع فزعه كأنّه يريد البكاء. (أمالي ابن الشّيخ الطوسي 80 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 5: 18 / ح 3).
• أصابَ النّاسَ في وقعة تبوك عطش فقالوا: يا رسول الله، لو دَعَوتَ اللهَ لَسقانا. فقال صلّى الله عليه وآله: لو دَعَوتُ الله لَسُقِيت. قالوا: يا رسول الله، ادعُ اللهَ لَيسقيَنا.
فدعا، فسالت الأودية.. وإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مُطِرنا بنَوءِ الذراع وبنوءِ كذا! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ألا تَرَون؟ فقال خالد: ألا أضربُ أعناقَهم؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا، هم يقولون هكذا، وهم يعلمون أنّ الله أنزله. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 99: 1 / ح 160 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 15: 18 / ح 42 و316: 58 / ح 7.
والنوء: النجم إذا مال للمغيب، سُمّي نوءً لأنّه إذا سقط بالمغرب نال الطالع بالمشرق. والذراع: أحد الأنواء الثمانية والعشرين من منازل القمر ـ لسان العرب لابن منظور 176: 1).
• روى الشّيخ المفيد عن عليّ بن بلال، عن النعمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عرفة، عن أحمد بن رشيد بن خثيم، عن عمّه سعيد، عن مسلم الغلاّبي قال:
جاء أعرابي إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال: واللهِ يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعيرٌ يَئِطّ، ولا غنمٌ يغطّ. ثمّ أنشأ يقول:
أتينـاكَ يا خيـرَ البـريّـةِ كلِّـهالترحمَـنا مِمّـا لَقِينـا مِـن الأزْلِأتينـاكَ والعـذراءُ يدمـى لبـانهاوقـد شُغِلَت أمُّ الصبـيِّ عن الطفلِوألقى بكفَّيـهِ الـفـتيُّ استكـانـةًمـن الجوع ضَعفاً لا يمرّ ولا يُحليولا شيءَ مِمّـا يأكلُ النّـاسُ عندَناسوى الحنظلِ العاميّ والعَلْهَزِ الفَسْلِوليـس لنـا إلاّ إلـيـك فِـرارُنـاوأيـن فرارُ النّـاس إلاّ إلى الرُّسْلِ
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لأصحابه: إنّ هذا الأعرابيَّ يشكو قلّة المطر وقحطاً شديداً. ثمّ قام يجرّ رداءه حتّى صَعِد المنبر فحَمِد الله وأثنى عليه، فكان فيما حَمِدَه به أن قال:
الحمدُ لله الذي علا في السّماء فكان عالياً، وفي الأرض قريباً دانياً، أقربُ إلينا مِن حبل الوريد. ورفع يديه إلى السماء وقال: «اللّهمّ اسْقِنا غيثاً مُغيثاً مَريئاً مَريعاً غَدقاً طَبَقاً، عاجلاً غيرَ رائث، نافعاً غير ضارّ، تملأ به الضَّرْع، وتُنبت به الزرع، وتُحيْي به الأرضَ بعد موتها».
فما ردّ يده إلى نحره حتّى أحدَقَ السَّحابُ بالمدينة كالإكليل، وألقت السّماء بأوراقها، وجاء أهل البطاح يصيحون: يا رسول الله الغَرَقَ الغَرَق! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اللّهمَّ حوالَينا ولا علينا. فانجاب السحاب عن السماء، فضحك رسول الله صلّى لله عليه وآله وقال: للهِ دَرُّ أبي طالب، لو كان حيّاً لَقَرّت عيناه، مَن يُنشِدنا قولَه؟ فقام عمر فقال: عسى أردتَ يا رسول الله:
وما حَملَتْ مِن ناقةٍ فوقَ ظهرِهاأبـرَّ وأوفى ذِمّـةً مِـن محمّدِ
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ليس هذا مِن قول أبي طالب، هذا من قول حسّان ابن ثابت. فقام عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: كأنّك أردتَ يا رسول الله:
وأبيَضُ يُستسقى الغَمـامُ بوجهِهِربيع اليتـامى عصـمةٌ للأراملِتلوذُ به الهُـلاّكُ مِن آل هاشـمٍفهُـمْ عندَه في نعـمةٍ وفواضلٍكذِبتُم وبيتِ الله «يُبزى محمّدٌ» ولمّـا نُمـاصِعْ دونَـه ونُقـاتِلِونُسْـلِمُه حتّـى نُصَرَّعَ حولَـهونُذهَلَ عـن أبنـائِنا والحـلائلِ
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أجل. فقام رجلٌ من بني كِنانة فقال:
لك الحمدُ والحمدُ ممّن شَكَرْسُقينـا بوجهِ النبـيِّ المَطَرْدعـا اللهَ خـالـقَه دعـوةًوأشخص منه إلـيه البصرْفلم يكُ إلاّ كألـقى الـرداءوأسرع حتّى أتـانا الـدُّرَرْدفـاق العزائل جمّ البعـاقأغاث به اللهُ عُلـيا مُضَـرْفكـان كمـا قـاله عمُّـهأبـو طالب ذا رَواءٍ أغَـرّْبهِ اللهُ يَسقي صُيوبَ الغَمامفهذا العِيـانُ وذاك الخَـبَرْ
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا كنانيّ، بَوّأك اللهُ بكلّ بيتٍ قلتَه بيتاً في الجنّة. (مجالس المفيد أو أمالي الشّيخ المفيد 178 ـ 180، أمالي ابن الشّيخ الطوسي 45 ـ 47، عنهما: بحار النوار للشّيخ المجلسي 1: 18 ـ 3 / ح 1).
• في ظل الآيات المباركة: {* اقتَرَبتِ الساعةُ وانْشَقَّ القمَر * وإن يَرَوا آيةً يُعرِضُوا ويَقولُوا سِحْرٌ مُسْتمِرّ.. *} قال الشّيخ الطبرسي: {* اقتربتِ الساعة *} أي قَرُبت الساعة التي تموت فيها الخلائق وتكون القيامة، والمراد: فاستعدّوا لها قبل هجومها. {* وانشَقَّ القَمَر *} قال ابن عبّاس: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالوا: إنْ كنتَ صادقاً فشُقَّ لنا القمرَ فِلقَتَين، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنْ فعلتُ تُؤمنون؟ قالوا: نعم.
وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله ربَّه أن يُعطيَه ما قالوا، فانشَقّ القمر فِلقَتَين، ورسول الله صلّى الله عليه وآله ينادي: يا فلان، يا فلان.. اشهدوا...
وقد روى حديثَ انشقاق القمر جماعةٌ كثيرة من الصحابة، منهم: عبدالله بن مسعود، وأنس بن مالك، وحُذَيفة بن اليمان، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عبّاس، وجبير بن مُطعِم، وعليه جماعة من المفسّرين... (مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي 186: 9).
وقال الرازي: المفسّرون بأسْرِهم على أنّ المراد أنّ القمر حصل فيه الانشقاق، ودلّت الأخبار على حدوث الانشقاق. وفي الصحاح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة، قالوا: سُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله انشقاقَ القمر معجزةً، فسأل ربَّه فشقَّه.. (يراجع بحث ذلك في: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 347: 17 ـ 358).
• قال القاضي عياض في (الشفاء): خرّج الطحاوي في (مشكل الحديث) عن أسماء بنت عُميس من طريقين، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يُوحى إليه ورأسُه في حِجر عليٍّ فلم يُصلّ (عليٌّ) العصرَ حتّى غَرُبت الشمس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أصلّيتَ يا عليّ؟! قال: لا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ إنّه كان في طاعتك وفي طاعة رسولك، فاردُدْ عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها غَرُبت، ثمّ رأيتها طَلَعَت بعدما غربت ووقعت على الأرض، وذلك بالصَّهباء في خيبر.
قال: وهذانِ الحديثان ثابتان، ورُواتهما ثقات. وحكى الطحاوي أنّ أحمد بن صالح كان يقول: لا ينبغي لمَن سبيلُه العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء؛ لأنّه من علامات النبوّة.
وروى يونس بن بُكَر في زيادة المغازي روايته عن ابن إسحاق: لمّا أُسريَ برسول الله صلّى الله عليه وآله وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العِير، قالوا: متى تجيء؟ قال: يوم الأربعاء. فلمّا كان ذلك اليومُ أشرفت قريش ينظرون وقد ولّى النهار ولم تجئ، فدعا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله فزِيدَ له في النهار ساعة، وحُبِست عليه الشمس. (شرح الشفاء 589: 1 ـ 591، عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 358: 17 ـ 359).
• قالت أسماء بنت عميس: إنّ عليّاً عليه السّلام قد بعثه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في حاجةٍ في غزوة حُنَين، وقد صلّى النبيُّ صلّى الله عليه وآله العصر ولم يُصلِّها عليٌّ عليه السّلام، فلمّا رجع وضع رأسَه في حِجر عليٍّ عليه السّلام وقد أُوحيَ إليه، فجلّله بثوبه.. ولم يزل كذلك حتّى كادت الشمس تغيب، ثمّ إنّه سُرّي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.
فقال: أصلّيتَ يا علي؟ فقال: لا. قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ رُدَّ على عليٍّ الشمس. فرجعت حتّى بَلَغَت نصف المسجد.
قالت أسماء: وذلك بالصبهاء. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 52: 1 ـ 53 / ح 81 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 359: 17 / ح 14 وج 179: 41 / ح 15. وأخرجه بهذا اللفظ وبغيره: السيوطي في الخصائص الكبرى 324: 2 عن ابن مندة وابن شاهين والطبراني، بأسانيدهم عن أسماء بنت عُمَيس.. وأخرجه عن ابن مردَوَيه وأبي هريرة وعن الطبرانيّ عن جابر الأنصاري).
• وعن أسماء بنت عميس أيضاً قالت: كنّا مع النبيّ في غزوة حُنَين، فبعث عليّاً في حاجة، وقد صلّى رسولُ الله العصر ولم يُصلِّها عليّ، فلمّا رجع وضع رسول الله رأسه في حِجر عليٍّ حتّى غربت الشمس.. فلمّا رفع النبيّ رأسه قال عليّ: لم أكن صلّيتُ العصر. فقال النبيّ:
اللّهمّ إنّ عليّاً حبس بنفسه على نبيّك، فَرُدَّ له الشمس.
فطلعت حتّى ارتفعت الشمس على الحيطان والأرض.. حتّى صلّى عليٌّ العصر، ثمّ غربت.
قالت أسماء: وذلك بالصهباء (موضع بينه وبين خيبر روحة)، في غزوة حُنَين، وإنّ عليّاً صلّى إيماءً، ثمّ قال له النبيّ: يا عليّ، أما إنّها سَتُردّ عليك بَعدي حُجّةً على أهل خلافك!
فقال حسّان بن ثابت في ذلك:
إنّ عليَّ بـن أبـي طـالبٍرُدَّتْ له الشمسُ مِن المغربِرُدَّت عليه الشمسُ في ضوئِهاعصراً كأنّ الشمسَ لم تَغرُبِ
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 498: 2 ـ 499 / ح 13. والحديث متواتر مشهور، ورد بأسانيدَ ومتونٍ مختلفة بلغت العشرات في مصادر، منها: الكافي للكليني 561: 4 / ح 7، علل الشرائع للصدوق 351: 2 / ح 3. الإرشاد للشّيخ المفيد 200. أمالي الشّيخ المفيد 55. قصص الأنبياء لقطب الدين الراوندي 278 ـ 279 من المخطوطة، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لأبي جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري 267. تأويل الآيات للأسترآبادي 655: 2 / ح 2. إثبات الوصيّة للمسعودي 150. روضة الواعظين للفتّال النيسابوري 157. إعلام الورى 350: 1. كشف الغمّة للإربلّي 282: 1. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب. الطرائف لابن طاووس 84 / ح 117. مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي 96 ـ 99 / ح 140، 141. فرائد السمطين للجويني 183: 1 / ح 146. مشكل الآثار للطحاوي 8: 2 ـ 9، 388: 4. تاريخ دمشق لابن عساكر 283: 2. المناقب للخوارزمي 217. تذكرة خواصّ الأمّة لسبط ابن الجوزي 53 ـ 55. كفاية الطالب للگنجي الشافعي 385 ـ 387. مفتاح النجا في مناقب آل العبا للبدخشي 37 ـ من المخطوطة. ميزان الاعتدال للذهبي 244: 2. لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 276: 4. المواهب اللدنيّة للقسطلاني 113: 5. الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي 76. مدارج النبوّة للدهلوي 336. الحاوي للفتاوي للسيوطي 369. وسيلة النجاة للسهالوي 169. قصص الأنبياء أو عرائس المجالس للثعلبي 340. التفسير الكبير للفخر الرازي ـ في ظلّ سورة الكوثر. أرجح المطالب للأمرتسري 686. إسعاف الراغبين لابن الصبّان المصري 177. الرياض النضرة لمحبّ الدين الطبري 179: 2. تاريخ الخميس للدياربكري 58: 2. المنتقى للكازروني 149. الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض 420. ينابيع المودة للشّيخ سليمان القندوزي الحنفي 287. نهاية الأرب للنويري المصري 310: 18. البداية والنهاية لابن كثير 282: 6. مجمع الزوائد للهيثمي 297: 8. وفاء الوفا للسمهودي 33: 2. الخصائص الكبرى للسيوطي 82: 2. كنز العمّال للمتقي الهندي 277: 6.. وعشرات المصادر الأخرى، جمع قسماً كبيراً منها: السيّد نور الله القاضي التستري الشهيد في كتابه إحقاق الحقّ 522: 5 ـ 536، ج 315: 16 ـ 331).
• روى ابن شهرآشوب المازندرانيّ السَّرَوي، أنّه:
ـ كان عند خديجة رضوان الله عليها امرأةٌ عمياء، فقال صلّى الله عليه وآله: لَتكوننّ عيناكِ صحيحتَين. فقالت خديجة: هذا دعاءٌ مبارك!
فقال: {* وما أرسَلْناكَ إلاّ رحمةً.. *}.
ـ ودعا صلّى الله عليه وآله لقيصر فقال: ثبّتَ اللهُ مُلْكَه. فكان كما كان.
ـ ودعا على كسرى: مَزّقَ اللهُ مُلكَه. فكان كما قال.
ـ وقال للنابغة (الجعديّ) ـ وقد مدحه ـ: لا يُفُضضِ اللهُ فاك. فعاش مئةً وثلاثين سنة.. كلّما سقطت له سنٌّ نبتت له أخرى أحسن منها.
ـ وعن ميمونة أنّ عمرو بن الحَمِق سقى النبيَّ صلّى الله عليه وآله لبناً، فقال: اللّهمّ أمتِعْه بشبابهِ. فمرّت عليه ثمانون سنةً لم يَرَ شعرةً بيضاء.
ـ ومرّ النبيّ بعبدالله بن جعفر وهو يصنع شيئاً من طينٍ مِن لُعَب الصبيان، فقال: ما تصنع بهذا؟ قال: أبيعه، قال ما تصنع بثمنه؟ قال: أشتري رُطباً فآكله. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ بارِكْ له في صفقة يمينه.
فكان يُقال: ما اشترى شيئاً قطُّ إلاّ ربح فيه، فصار أمره إلى أن يُمثَّل به، فقالوا: عبدالله بن جعفر الجواد، وكان أهل المدينة يتداينون (وفي رواية: يقترض) بعضُهم من بعض إلى أن يأتي عطاء جعفر بن عبدالله.
(مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 73: 1 ـ 74، عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 17: 18 ـ 18 / ح 45).
• وعن عبدالله بن مسعود قال: كنّا مع النبيّ صلّى الله عليه وآله نصلّي في ظلّ الكعبة، وناسٌ من قريش وأبو جهل نحروا جَزُوراً في ناحية مكّة، فبعثوا فجاؤوا بسلاها (أي أحشاءها) فطرحوه على كتفَيه، فجاءت فاطمة عليها السّلام فطرحته عنه، فلمّا انصرف قال: اللّهمّ عليك بقريش.. بأبي جهلٍ وبعُتبة وشَيبةَ والوليدِ بن عُتبة وأُميّةَ بنِ خلفٍ وبعُقْبة بن أبي مُعَيط.
قال عبدالله بن مسعود: ولقد رأيتهم قتلى في قَليب بدر!
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 51: 1 / ح 76 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 57: 18 / ح 12. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 279: 2، ومسلم في صحيحه 1419: 3 / ح 108 و109، والبخاري في صحيحه 53: 4 ـ بأسانيدهم عن عبدالله بن مسعود).
• ويوم بدر.. أخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله مِلْءَ كفّه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين وقال: شاهَت الوجوه! فجعل اللهُ سبحانه لتلك الحصباء شأناً عظيماً، لم تترك من المشركين رجلاً إلاّ ملأت عينيه، وجعل المسلمون والملائكة يقتلونهم ويأسرونهم، ويجدون كلَّ رجلٍ منهم منكبّاً على وجهه لا يدري أين يتوجّه.. يعالج الترابَ ينزعه من عينَيه!
(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 83: 1. كنز الفوائد للكراجكي 169: 1. السيرة النبويّة لابن هشام 280: 2. دلائل النبوّة للإصبهاني 604: 2 / ح 400. دلائل النبوّة للبيهقي 81: 3. الكامل في التاريخ لابن الأثير 126: 2. وعن إعلام الورى: الشّيخ المجلسيّ في بحار الأنوار 72: 18 / ح 26).

كراماتٌ باهرة

• لمّا وَضَعَت آمنةُ بنت وهب رسولَ الله محمّداً صلّى الله عليه وآله رأتْ نوراً أضاءت له قصور الشام. وحَدَّثَت أنّها أُتيَتْ حين حملت برسول الله صلّى الله عليه وآله، فقيل لها: إنّكِ حَمَلتِ بسيّد هذه الأُمّة، فإذا وقع على الأرض فقولي:
أُعيذُه بـالواحـدِمِن شرِّ كلِّ حاسدِ
فإنّ آية ذلك (أي علامته) أن يخرج معه نورٌ يملأ قصورَ بُصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسمّيه «محمّداً»، فإنّ اسمه في التوراة «أحمد» يَحمَده أهل السماء والأرض، واسمه في الإنجيل «أحمد» يَحمدُه أهلُ السماء والأرض، واسمه في الفُرقان «محمّد». قالت: فسمّيتُه بذلك.
(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 55: 1 ـ الباب الثاني في ذكر آياته الباهرة. ورواه: الإربلّي في كشف الغمّة 20: 1، وابن هشام في السيرة النبويّة 166: 1، والطبري في تاريخه 156: 2، والبيهقي في دلائل النبوّة 82: 1 ـ 83، وابن الأثير في الكامل في التاريخ 458: 1).
• وروى أبو أُمامة قال: قيل: يا رسول الله، ما كان بدَءُ أمرك؟ قال: دعوةُ أبي «إبراهيم»، وبشرى «عيسى»، ورأتْ أُمّي أنّه خرج منها نورٌ أضاءت له قصور الشام. (إعلام الورى للطبرسي 56: 1. مسند الطيالسي 155 / ح 1140. الطبقات الكبرى لابن سعد 102: 1. مسند أحمد بن حنبل 262: 5. تاريخ الطبري 165: 2. دلائل النبوّة للبيهقي 84: 1).
• روى أبو سعد الواعظ الخركوشي بإسناده عن مخزوم بن أبي المخزومي، عن أبيه وقد أتت عليه مئةٌ وخمسون سنة، قال: لمّا كانت الليلةُ التي وُلد فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله ارتجس إيوان كسرى (أي اضطرب وتحرّك وسُمع له صوت)، فسقطت منه أربع عشرة شُرفة، وخَمَدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك منذ ألف عام، وغاضَت بحيرة ساوة... فلمّا أصبح كسرى راعَهُ ذلك وأفزَعَه، وتصبّر عليه تشجّعاً، ثمّ رأى أن لا يدّخر على وزرائه ومَرازِبته (أي أمراءه)، فجمعهم وأخبرهم بما هاله، فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس!... (إعلام الورى للطبرسي 56: 1 ـ 58. كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق 191 / ح 38. تاريخ اليعقوبي 8: 2. تاريخ الطبري 166: 2 ـ 168. دلائل النبوّة للإصبهاني 174: 1 ـ 177. دلائل النبوّة للبيهقي 126: 1 ـ 129. الوفا بأحوال المصطفى لابن الجوزي 97: 1 ـ 100).
• وكان بمكّة يهوديّ يُقال له «يوسف»، فلمّا رأى النجوم تُقذَف وتتحرّك ليلةَ وُلِد النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: هذا نبيٌّ قد وُلِد في هذه الليلة؛ لأنّا نجد في كتبنا أنّه إذا وُلِد آخِر الأنبياء رُجمت الشياطين وحُجِبوا عن السماء.
فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال: هل وُلِد فيكم الليلةَ مولود؟!
قالوا: قد وُلد لعبد الله بن عبدالمطّلب ابنٌ في هذه الليلة.
قال: فاعرِضوه علَيّ.
فمشَوا إلى آمنة فقالوا لها: أخرجِي ابنَكِ. فأخرَجَتْه في قماطه، فنظر في عينه، وكشف عن كتفَيه فرأى شامةً سوداءَ وعليها شُعَيرات، فلمّا نظر إليه اليهودي وقع إلى الأرض مغشيّاً عليه، فتَعجبَّت منه قريشٌ وضحكوا منه، فقال: أتضحكون يا معشرَ قريش! هذا نبيُّ السيف لَيُبيرنّكم، وذهبت النبوّة عن بني إسرائيل إلى آخِر الأبد.
وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهوديّ! (إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 58: 1، تفسير القمّي 373: 1 ـ 374، كمال الدين وتمام النعمة للشّيخ الصّدوق 97).
• عن سالم بن أبي حفصة العجلي، عن أبي جعفر (الباقر) عليه السّلام قال: كان في رسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثةٌ لم تكن في أحدٍ غيره: لم يكن له فَيْء (أي ظِلّ)، وكان لا يمرّ في طريقٍ فيُمرَّ فيه بعد يومينِ أو ثلاثة إلاّ عُرِف أنّه قد مَرّ فيه لِطِيب عَرْفه، وكان لا يمرّ بحَجَرٍ ولا شجرٍ إلاّ سَجَد له (أي ذلك الحجر أو الشجر)! (الكافي للكليني 442: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 346: 17 / ح 17).
• روى الراوندي أنّه صلّى الله عليه وآله كان في سفرَينِ مِن أسفاره قبل البعثة معروفَينِ مذكورين عند عشيرته وغيرهم، لا يدفعون حديثَهما ولا يُنكرون ذِكرَهما، فكانت سَحابةٌ أظَلَّتْ عليه حين يمشي تدور معه حيثما دار، وتزول حيث زال، يراها رفقاؤه ومُعاشروه. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 30: 1 / ح 24 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ الملجسيّ 354: 17 / ح 7).
• ومن معجزاته صلّى الله عليه وآله أنّ أبا طالب سافر به صلّى الله عليه وآله فقال:
كلّما كنّا نسير في الشمس تسير الغمامةُ بِسَيرنا، وتقف بوقوفنا، فنزلنا يوماً على راهبٍ بأطراف الشام في صومعة، فلمّا قَرُبنا منه نظر إلى الغمامة تسير بسَيرنا قال: في هذه القافلة شيء! فنزل فأضافنا، وكشف عن كتفيَه فنظر إلى الشامة بين كتفيه، فبكى وقال: يا أبا طالب، لم تجب أن تخرجه من مكة، وبعد إذ أخرَجْتَه فاحتَفِظْ به، واحذَرْ عليه اليهود؛ فله شأن عظيم، وليتني أُدركه فأكون أوّل مجيب لدعوته. (بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 355: 17 / ح 9 ـ عن الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي، وقد وجدنا فيه روايتين غير هذه:
الأولى ـ عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام وفيها:.. ثمّ إنّ أبا طالبٍ خرج به معه إلى الشام في تجارة قريش، فلمّا انتهى به إلى بُصرى ـ وفيها راهب لم يكلّمْ أهلَ مكّةَ إذ مرّوا به ـ ورأى علامة رسول الله صلّى الله عليه وآله في الركب، فإنّه رأى غمامةً تُظلُّه في مسيره، ونزل تحت شجرةٍ قريبةٍ من صومعته فتَثنّتْ أغصانُ الشجرة عليه والغمامة على رأسه بحالها.. (الخرائج والجرائح 71: 1 / ح 130 ـ عنه: بحار الأنوار 214: 15 / ح 28. ورواه: ابن هشام في السيرة النبوية 191: 1، والبيهقي في دلائل النبوّة 26: 2، والسيوطي في الخصائص الكبرى 208: 1).
والثانية ـ عن جابر الأنصاري في سبب تزويج خديجة بمحمّدٍ صلّى الله عليه وآله عن أبي طالب:.. وجاء «بَحِيرا» الراهب وخَدَمنا لمّا رأى الغمامة على رأسه تسير حيثما سار تُظلّه بالنّهار... فتقدّم محمّد صلّى الله عليه وآله على راحلته، وكانت خديجة في ذلك اليوم جالسةً على غرفة مع نسوةٍ فوق سطحٍ لها، فظهر لنا محمّدٌ صلّى الله عليه وآله راكباً، فنظرت خديجةُ إلى غمامةٍ عاليةٍ على رأسه تسير بسيره.. (الخرائج والجرائح 139: 1 ـ 140 / ح 226 ـ عنه: بحار الأنوار 3: 16 / ح 8).
• عن عائشة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله بعث عليّاً عليه السّلام يوماً في حاجةٍ له، فانصرف إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو في حجرتي، فلمّا دخل عليٌّ من باب الحجرة استقبله رسول الله إلى وسطٍ واسعٍ من الحجرة فعانقه، وأظَلَّتْهما غمامة سَتَرتهما عنّي، ثمّ زالت عنهما الغمامة.. فرأيت في يد رسول الله عنقودَ عِنب أبيض وهو يأكل ويُطعم عليّاً.
فقلت: يا رسول الله، تأكل وتطعم عليّاً ولا تُطعمُني؟!
قال: إنّ هذا مِن ثمار الجنّة لا يأكله إلاّ نبي أو وصيُّ نبي في الدنيا. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 165: 1 / ح 254 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 360: 17 / ح 16 و101: 37 / ح 4، و125: 39 / ح 11).
• قالت فاطمة بنت أسد: لمّا ظهرت أمارةُ وفاة عبدالمطّلب قال لأولاده: مَن يكفل محمّداً؟ قالوا: هو أكيسُ منّا، فقل له يختار لنفسه. فقال عبدالمطّلب: يا محمّد، جَدُّك على جَناح السفر إلى القيامة، أيّ عمومتك وعمّاتك تريد أن يكفلك؟ فنظر في وجوههم، ثمّ زحف إلى عند أبي طالب، فقال له عبدالمطّلب: يا أبا طالب، إنّي قد عرفتُ ديانتك وأمانتك، فكُنْ له كما كنتُ له.
قالت فاطمة بنت أسد: فلما تُوفّي (عبدالمطّلب) أخذه أبو طالب وكنتُ أخدمه، وكان يدعوني الأُمّ. وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أوّل إدراك الرُّطَب، وكان أربعون صبيّاً من أتراب محمّد (صلّى الله عليه وآله) يدخلون علينا كلَّ يوم في البستان فيلتقطون ما يسقط، فما رأيتُ قطُّ محمّداً أخذ رطبةً من يد صبيّ سبق إليها، والآخَرون يختلس بعضهم من بعض.
وكنتُ كلَّ يومٍ ألتقط لمحمّدٍ حفنةً فما فوقها، وكذلك جاريتي، فاتّفق يوماً أن نَسِيتُ أن ألتقط له شيئاً ونَسِيَتْ جاريتي، وكان محمّد نائماً، ودخل الصبيان وأخذوا كلَّ ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمتُ فوضعت الكُمَّ على وجهي حياءً من محمّد إذا انتبه.
قالت: فانتبه محمّد، ودخل البستانَ فلم يَرَ رطبةً على الأرض، فانصرف، فقالت له الجارية: إنّا نَسِينا أن نلتقط شيئاً والصبيان دخلوا وأكلوا جميع ما كان قد سقط! فانصرَفَ إلى البستان وأشار إلى نخلةٍ وقال لها: أيّتُها الشجرة أنا جائع. قالت فاطمة: فرأيتُ الشجرةَ قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتّى أكل منها محمّدٌ صلّى الله عليه وآله ما أراد، ثمّ ارتفعت إلى موضعها.
قالت فاطمة: فتعجّبتُ! وكان أبو طالبٍ قد خرج من الدار، وكلَّ يومٍ إذا رجع وقرع الباب كنتُ أقول للجارية حتّى تفتح الباب. فقَرَع أبو طالب، فعَدَوتُ حافيةً إليه وفتحتُ البابَ وحكيتُ له ما رأيت، فقال: هو إنّما يكون نبيّاً، وأنتِ تَلِدينَ وزيرَه بعد ثلاثين.
قالت: فولدتُ عليّاً عليه السّلام كما قال. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 138: 1 ـ 139 / ح 225 ـ عنه: بحار الأنوار 363: 17 ـ 364 / ح 1).
• استند النبيُّ صلّى الله عليه وآله على شجرةٍ يابسة.. فأورَقَت، وأثمرت. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 115: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 366: 17 / ح 10).
• عن أبي هريرة وجابر الأنصاري وابن عبّاس وأُبيّ بن كعب وزين العابدين عليه السّلام، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يخطب بالمدينة إلى بعض الأجذاع، فلمّا كثر النّاس واتّخذوا له منبراً وتحوّل إليه، حنّ الجذع إليه كما تحنّ الناقة، فلمّا جاء إليه والتزمه كان يئنّ أنينَ الصبيّ الذي لا يسكت.
وفي رواية: فاحتضنه رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: لو لم أحتَضِنْه لَحَنّ إلى يوم القيامة.
وفي رواية: فدعاه النبيّ صلّى الله عليه وآله فأقبل يَخدّ الأرض والتزمه! (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 80: 1 ـ 81 طبعة النجف الأشرف، وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 380: 17 / ح 49).
• روى الراوندي: أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وآله لمّا بنى مسجده كان فيه جذعُ نخلٍ إلى جانب المحراب يابس عتيق، إذا خطب يستند إليه، فلمّا آتُّخِذ له المنبر وصعده حَنّ ذلك الجذع كحنين الناقة إلى فصيلها، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله فاحتضنه.. فسكن من الحنين، ثمّ رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ويُسمّى «الحَنّانة»، إلى أن هدم بنو أميّة المسجد وجدّدوا بناءه، فقطعوا الجذع! (الخرائج والجرائح 165: 1 ـ 166 / ح 255 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 365: 17 / ح 6).
• عن أنس أنّه صلّى الله عليه وآله أخذ كفّاً من الحصى فسبّحن في يده، ثمّ صَبَّهنّ في يد عليّ فسبّحن في يده حتّى سمعنا التسبيح في أيديهما، ثمّ صَبَّهنّ في أيدينا فما سَبَّحَت في أيدينا! (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 47: 1 / ح 61 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 377: 17 / ح 42 و252: 41 / ح 10. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 64: 6 ـ 65، وأخرجه عنه ابن كثير في البداية والنّهاية 132: 6. وأورده: السيوطي في الخصائص الكبرى 304: 2 عن البزّار والطبراني في المعجم الأوسط وأبي نُعَيم والبيهقي).
• رُوي أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخذ الحصى في كفّه، فقالت كلُّ واحدة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله والله أكبر.
(الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 124: 1 / ح 206 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 379: 17 / ح 48).
• قال جابر الأنصاريّ: وكنّا يوماً جلوساً حوله صلّى الله عليه وآله في مسجده، فأخذ كفّاً من حَصى المسجد، فنطقت الحُصَيّات كلّها في يده بالتسبيح، ثمّ قذف بها إلى موضعها في المسجد. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 159: 1 / ح 248 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 411: 17 / ح 40).
• عن علقمة وابن مسعود: كنّا نجلس مع النبيّ صلّى الله عليه وآله ونسمع الطعام يسبّح ورسولُ الله يأكل.
وأتاه مكرز العامري وسأله آية، فدعا صلّى الله عليه وآله بتسع حُصَيّاتٍ فسبّحن في يده. وقال ابن عبّاس: قَدِم ملوك حضرموت على النبيّ صلّى الله عليه وآله فقالوا: كيف نعلم أنّك رسول الله؟ فأخذ صلّى الله عليه وآله كفّاً من حصىً فقال: هذا يشهد أنّي رسول الله. فسبّح الحصى في يده، وشهد أنّه رسول الله. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 80: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 379: 17/ ح 49).
• في باب معجزاته الدالّة على نبوّته صلّى الله عليه وآله.. قال الطبرسي: منها: شكوى البعير إليه عند رجوعه إلى المدينة مِن غزوة بني ثعلبة، فقال: أتدرونَ ما يقول هذا البعير؟ قال جابر: قلنا: اللهُ ورسوله أعلم.
قال: فإنّه يُخبرني أنّ صاحبه عمل عليه.. حتّى إذا أكبره وأدبره (أي أقرح ظهره) وأهزله أراد نَحرَه وبَيْعَه لحماً، يا جابر اذهَب معه إلى صاحبه فأْتِني به. قال جابر: قلت: واللهِ ما أعرف صاحبه. قال: هو يدلّك.
قال: فخرجتُ معه حتّى انتهيتُ إلى بني حنظلة أو بني واقف، قلت: أيُّكم صاحبُ هذا البعير؟ قال بعضهم: أنا، قلت: أجِبْ رسول الله صلّى الله عليه وآله. فجئتُ أنا وهو والبعير إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: بعيرُك هذا يُخبرني بكذا وكذا، قال: قد كان ذلك يا رسول الله، قال: فبِعْنِيه، قال: هو لك، قال: بل بِعْنِيه. فاشتراه منه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ ضرب على صفحته فتركه يرعى في ضواحي المدينة.. (إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 85: 1 ـ 86. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 370 / ح 11. الاختصاص للشّيخ المفيد 299. قصص الأنبياء لقطب الدين الراوندي 288 / ح 356).
• وأضاف الشّيخ الطبرسيّ: ومنها (أي معجزاته الدالّة على نبوّته صلّى الله عليه وآله): كلام الذراع، وهو أنّه أُوتيَ بشاةٍ مسمومة أهدَتْها له امرأةٌ من اليهود بخيبر، وكانت سألت: أيُّ شيءٍ أحَبُّ إلى رسول الله من الشاة؟ فقيل لها: الذراع. فسَمَّت الذراع، فدعا صلّى الله عليه وآله أصحابه إليه، فوضع يده ثمّ قال: ارفعوا؛ فإنّها تُخبرني أنّها مسمومة. (إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 80: 1. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 103: 1. دلائل النبوّة للبيهقي 443: 3. الخصائص الكبرى للسيوطي 63: 2 ـ 65. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 27: 1 / ح 13 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 406: 17 / ح 28).
• وفي رواية الشّيخ الصّدوق:.. فلمّا وُضعت الشاة بين يديه، تكلّم كتفها فقالت: مَهْ يا محمّد (أي تَوقَّفْ وامتَنِع) لا تأكلْني؛ فإنّي مسمومة. فدعا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله عبدةً فقال لها: ما حَملَكِ على ما صنعتِ؟ فقالت: قلتُ إنْ كان نبيّاً لم يَضُرَّه، وإنْ كان كاذباً أو ساحراً أرَحتُ قومي منه! (أمالي الصدوق 135 ـ بالإسناد عن الأصبغ بن نُباتة عن الإمام عليّ عليه السّلام، وعن الأمالي: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 395: 17 ـ 396 / ح 7).
• عن الإمام أبي عبدالله الصّادق عليه السّلام قال: سمّت اليهوديّةُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله في ذراع، قال: وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يحبّ الذراع والكَتِف، ويكره الوَرِك لقربها مِن المَبال، قال: لمّا أُوتي بالشِّواء أكل من الذراع وكان يحبّها، فأكل ما شاء الله ثمّ قال الذراع: يا رسول الله، إنّي مسموم. فتركه، وما زال ينتقض به سمُّه حتّى مات صلّى الله عليه وآله. (بصائر الدرجات للصفّار القمّي 146 ـ وعنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 406: 17 / ح 26).
• إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: إنّي لأعرف حَجَراً بمكّة كان يُسلّم علَيّ. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 46: 1 / ح 58 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 372: 17/ ح 26. ورواه: الشّيخ الطوسيّ في أماليه 351: 1.. وزاد فيه: قبل أن أُبعث، إنّي لأعرفه الآن).
• عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله بمكّة فخرج في بعض نواحيها، فما بقيَ شَجَرٌ ولا حَجَرٌ إلاّ قال: السّلام عليك يا رسول الله. (الخرائح والجرائح لقطب الدين الراوندي 46: 1/ ح 59 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 387: 17 / ح 55. ورواه: أحمد بن حنبل في مسنده 375: 1 و368: 3، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 620: 2، والدارمي في سننه 12: 1).
• روى جابر بن عبدالله الأنصاري قال: لم يَمُرَّ النبيُّ صلّى الله عليه وآله في طريق فيتبعه أحدٌ إلاّ عرف أنّه قد سلكه، مِن طيب عَرفه، ولم يمرَّ بحجرٍ ولا شجر إلاّ سجد له. (الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 46: 1 / ح 60 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 377: 17 / ح 41. ورواه: البيهقي في دلائل النبوّة 69 ـ بإسناده إلى جابر، وفيه: مِن طيب عَرَقه).
• في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (الباقر) عليه السّلام في قوله تعالى: {* وجَعَلْنا مِن بينِ أيديهِم سَدّاً ومِن خَلْفِهم سَدّاً فأغشَيناهُم *} يقول: فأعميناهم، {* فَهُم لا يُبْصِرون *} الهدى، أخذ اللهُ سمعهم وأبصارهم وقلوبهم فأعماهم عن الهدى، نزلت في أبي جهل بن هشام عليه اللعنة ونفرٍ مِن أهل بيته، وذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قام يصلّي وقد حلف أبو جهل لئن رآه يصلّي لَيَدمَغَنّه، فجاءه ومعه حَجَر والنبيُّ صلّى الله عليه وآله قائمٌ يصلّي، فجعل كلّما رفع الحجر ليرميَه أثبتَ اللهُ يدَه إلى عُنقه، ولا يدور الحجر بيده، فلمّا رجع إلى أصحابه سقط الحَجرُ من يده. ثمّ قام رجلٌ آخَرُ مِن رهطه أيضاً فقال: أنا أقتله! فلمّا دنا منه فجعل يسمع قراءةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله فأُرعِب! فرجع إلى أصحابه فقال: حالَ بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذَنَبه، فخِفتُ أن أتقدّم. (تفسير القمّي 213: 2 ـ 214 في ظلّ الآية المباركة 9: سورة يس ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 52: 18 ـ 53 / ح 6).
• عن أبان الأحمر رفعه قال: كان المستهزئون خمسةً مِن قريش: الوليد بن المُغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السَّهميّ، والحارث بن حنظلة، والأسود بن عبد يَغُوث بن وهب الزهري، والأسود بن عبدالمطّلب بن أسد. فلمّا قال الله: {* إنّا كفَيناكَ المستهزئين *} (سورة الحجر: 95) علم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله أنّه قد أخزاهم، فأماتَهمُ اللهُ بِشرِّ مِيتات! (تفسير العيّاشيّ 252: 2 / ح 46 ـ عنه: بحار الأنوار 55: 18 / ح 8).
• روى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عبّاس أنّ ناساً من بني مخزوم تَواصَوا بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ليقتلوه، منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة، ونفر من بني مخزوم، فبينا النبيّ صلّى الله عليه وآله قائم يصلّي إذ أرسلوا إليه الوليد ليقتله.. فانطلق حتّى انتهى إلى المكان الذي كان يصلّى فيه، فجعل الوليد يسمع قراءته ولا يراه، فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك، فأتاه مِن بعده أبو جهل والوليد ونفر منهم، فلمّا انتهوا إلى المكان الذي يصلّي فيه سمعوا قراءته وذهبوا إلى الصوت، فإذا الصوتُ مِن خلفِهم، فيذهبون إليه فيسمعونه أيضاً مِن خلفهم! فانصرفوا ولم يجدوا له سبيلاً، فذلك قوله سبحانه: {* وجَعَلْنا مِن بينِ أيديهِم سدّاً ومِن خَلْفِهم سّدّاً فأغشَيناهُم فَهُم لا يُبصِرون *}. (إعلام الورى بأعلام الهدى 87: 1 ـ 88. دلائل النبوّة للبيهقيّ 197: 2. ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 72: 18 / ح 26 والآية في سورة يس: 9).
• روت أسماء بنت أبي بكر قالت: لمّا نزلت: {* تَبَّتْ يدا أبي لَهَبٍ وتّبّ *}، أقبلت العوراء أمُّ جميل ولها وَلُوَلَة وهي تقول:
مُذَّمّماً أبَينا ـ ودَينَهُ قَلَينا
وأمرَهُ عَصَينا
والنبيّ صلّى الله عليه وآله جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلمّا رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، قد أقبَلَتْ! وأنا أخاف أن تراك. فقال رسول الله: إنّها لا تراني.
وقرأ قرآناً فاعتصم به كما قال، وقرأ: {* وإذا قَرأتَ القرآنَ جَعَلْنا بينَك وبينَ الذينَ لا يُؤمنونَ بالآخرة حِجاباً مَستوراً *} (سورة الإسراء: 45). فوقَفَت على أبي بكر ولم تَرَ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، فقالت: يا أبا بكر، أُخبِرتُ أنّ صاحبك هجاني، فقال: لا ورَبِّ البيتِ ما هجاكِ. فولّتْ وهي تقول: قريشٌ تعلم أنّي بنتُ سيّدها! (إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسيّ 87: 1. دلائل النبوّة للبيهقيّ 195: 2).
• عن ابن عبّاس: إنّ قريشاً اجتمعوا في الحِجْر فتعاقدوا باللاّتِ والعُزّى ومَناة لو رأينا محمّداً لَقُمنا مَقامَ رجلٍ واحدٍ ولنَقتلنّه. فدخلت فاطمة عليها السّلام على النبيّ صلّى الله عليه واله باكيةً وحكت مقالَهم فقال: يا بُنيّة، أحضِري لي وَضوءً.
فتوضّأ، ثمّ خرج إلى المسجد، فلمّا رأوه قالوا: ها هو ذا! وخفضت رؤوسُهم وسقطت أذقانهم في صدورهم، فلم يَصِلْ إليه رجل منهم، فأخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله قبضةً من التراب فحصبَهم بها (أي رماهم بها) وقال: شاهَتِ الوجوه! (أي قَبُحَت). فما أصاب رجلاً منهم إلاّ قُتل يومَ بدر. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 63: 1 ـ عنه: بحار الأنوار 60: 18 / ح 19).
• في بعض الروايات.. أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله يومَ بدر كفّاً من التراب ـ ويقال: حصىً وتراباً ـ ورمى به في وجوه القوم، فتفرّق الحصى في وجوه المشركين، فلم يُصِبْ من ذلك أحداً إلاّ قُتِل أو أُسِر! وفيه نزل قوله تعالى: {* وما رَمَيَت إذْ رَمَيتَ ولكنّ اللهَ رمى *}. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 70: 1 ـ عنه: بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 67: 18 / ح 21، والآية في سورة الأنفال: 17).
• حكى الحكم بن العاص مِشْيةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله مستهزئاً! فقال صلّى الله عليه وآله: كذلك فَلْتكُنْ! فكان يرتعش حتّى مات.
• وأخيراً ـ أيّها الإخوة الأكارم ـ مع جملة من الفضائل الفريدة والكرامات الباهرة والمنح الإلهيّة الخاصّة التي وهبها اللهُ تعالى لرسوله محمّد صلّى الله عليه وآله ما فضّله على جميع خَلْقِه عامّة، وعلى أنبيائه ورسله خاصة، جاء ذلك في احتجاجٍ جرى بين أميرِ المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ويهوديّ معترضٍ على تفضيل النبيّ صلّى الله عليه وآله.. فكان هذا الحوار:
• رُوي عن موسى بن جعفر عليه السّلام، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام أنّ يهوديّاً من يهود الشّام وأحبارهم كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء عليهم السّلام وعرف دلائلهم، جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وفيهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وابن عبّاس وأبو معبد الجُهَني، فقال: يا أمّة محمّد، ما تركتم لنبيّ درجة ولا لمرسلٍ فضيلة إلاّ نحلتموها نبيّكم، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع القوم عنه. (1)
فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: نعم، ما أعطى الله عزّوجلّ نبيّاً درجةً ولا مرسلاً فضيلةً إلاّ وقد جمعها لمحمّد صلّى الله عليه وآله، وزاد محمّداً صلّى الله عليه وآله على الأنبياء أضعافاً مضاعفة.
فقال له اليهوديّ: فهل أنت مجيبي؟ قال له: نعم، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول الله صلّى الله عليه وآله ما يقرّ الله به أعينَ المؤمنين، ويكون فيه إزالةٌ الشكِّ الشاكّين في فضائله، إنّه صلّى الله عليه وآله كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال: «ولا فخر»، وأنا أذكر لك فضائله غير مُزرٍ بالأنبياء (2) ولا متنقّص لهم، ولكن شكراً لله عزّوجلّ على ما أعطى محمّداً صلّى الله عليه وآله مثل ما أعطاهم، وما زاده الله وما فضّله عليهم.
قال له اليهوديّ: إنّي أسألك فأعدّ له جواباً، قال له عليّ عليه السّلام: هات، قال له اليهوديّ: هذا آدم عليه السّلام أسجد اللهُ له ملائكته، فهل فعل بمحمّد شيئاً من هذا؟ فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان ذلك، ولئن أسجد الله لآدم ملائكته فإنّ سجودهم لم يكن سجود طاعة وأنّهم عبدوا آدم من دون الله عزّوجلّ، ولكن اعترافاً لآدم بالفضيلة، ورحمةً من الله له، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي أفضل من هذا، إنّ الله عزّوجلّ صلّى عليه في جبروته (3)، والملائكة بأجمعها، وتعبّد المؤمنين بالصلاة عليه، فهذه زيادة له يا يهوديّ.
قال له اليهوديّ: فإنّ آدم عليه السّلام تاب الله عليه من بعد خطيئته.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال الله عزّوجلّ: {* ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر *} (4)، إنّ محمّداً غير مُوافٍ القيامة بوِزر، ولا مطلوب فيها بذنب.
قال له اليهوديّ: فإنّ إدريس عليه السّلام رفعه الله عزّوجلّ مكاناً عليّاً، وأطعمه من تحف الجنّة بعد وفاته.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ الله جلّ ثناؤه قال فيه: {* ورفَعْنا لك ذِكْرَك *} (5)، فكفى بهذا من الله رفعةً، ولئن أُطعم إدريسَ من تحف الجنّة بعد وفاته فإنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله اُطعم في الدنيا في حياته بينما يتضوّر جوعاً (6)، فأتاه جبرئيل عليه السّلام بجام من الجنّة فيه تحفة، فهلّل الجام، وهلّلت التحفة في يده وسبّحا وكبّرا وحمّدا، فناولها أهلَ بيته ففعل الجام مثل ذلك، فهمّ أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل عليه السّلام، فقال له: كُلْها فإنّها تحفة من الجنّة أتحفك الله بها، وإنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ. فأكل صلّى الله عليه وآله وأكلنا معه، وإنّي لأجد حلاوتها ساعتي هذه.
قال له اليهوديّ: فهذا نوح عليه السّلام صبر في ذات الله عزّوجلّ، وأعذر قومه إذ كُذّب.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله صبر في ذات الله وأعذر قومه إذ كُذّب وشُرِّد وحُصب بالحصى، وعلاه أبو لهب بسلا شاة (7)، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال أن شقّ الجبال، وانته إلى أمر محمّد صلّى الله عليه وآله. فأتاه فقال له: إنّي قد أُمرت لك بالطاعة، فإنْ أمرتَ أطبقتُ عليهم الجبال فأهلكتهم بها. قال صلّى الله عليه وآله إنّما بُعثت رحمةً، ربِّ اهدِ أُمّتي فإنّهم لا يعلمون. ويحك يا يهوديّ، إنّ نوحاً لمّا شاهد غرق قومه رقّ عليهم رقّة القرابة، وأظهر عليهم شفقة فقال: {* ربِّ إنّ ابني من أهلي *} (8)، فقال الله تبارك اسمه: {* إنّه ليس من أهلك إنّه عملٌ غير صالح *} (9)، أراد جلّ ذكره أن يسلّيه بذلك. ومحمّد صلّى الله عليه وآله لمّا علنت من قومه المعاندة (10) شهر عليهم سيف النقمة، ولم تدركه فيهم رقّة القرابة، ولم ينظر إليهم بعينِ مِقَة.
قال له اليهودي: فإنّ نوحاً دعا ربّه فهطل له السّماء بماء منهمر (11).
قال له عليه السّلام: لقد كان كذلك، وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمّد صلّى الله عليه وآله هطلت له السّماء بماء منهمر رحمة، إنّه صلّى الله عليه وآله لمّا هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول الله احتبس القطر، واصفرّ العُود، وتَهافَت الوَرَق (12). فرفع يده المباركة حتّى رُئي بياض إبطيه، وما تُرى في السّماء سحابة، فما برح حتّى سقاهم الله، حتّى أنّ الشاب المعجب بشبابه لَتهمّه نفسه في الرجوع إلى منزله، فما يقدر من شدّة السيل، فدام أسبوعاً فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله لقد تهدّمت الجُدُر، واحتبس الرَّكب والسَّفر! فضحك صلّى الله عليه وآله وقال: «هذه سرعةُ مَلالة ابن آدم». ثمّ قال: «اللّهمّ حوالَينا ولا عَلَينا، اللّهم في أصول الشِّيح ومراتع البقع». فرُئي حوالي المدينة المطر يقطر قطراً؛ وما يقع في المدينة قطرة لكرامته على الله عزّوجلّ.
قال له اليهودي: فإنّ هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل بمحمّد صلّى الله عليه وآله شيئاً من هذا؟ قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ الله عزّوجلّ ذِكْرُه انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل عليهم ريحاً تذرو الحصى، وجنوداً لم يروها، فزاد الله تبارك وتعالى محمّداً صلّى الله عليه وآله على هود بثمانية آلاف مَلَك، وفضّله على هود بأنّ ريح عاد ريح سخط، وريح محمّد صلّى الله عليه وآله ريح رحمة، قال الله تبارك وتعالى: {* يا أيّها الذين آمنوا اذكروا نعمةَ الله عليكم اذ جاءكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها *} (13).
قال له اليهودي: فإنّ هذا صالحاً أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة.
قال عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من ذلك، إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحاً، ولم تناطقه، ولم تشهد له بالنبوّة، ومحمّد صلّى الله عليه وآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قد دنا ثمّ رغا (14)، فأنطقه الله عزّوجلّ فقال: يا رسول الله، إنّ فلاناً استعملني حتّى كبرت ويريد نحري، فأنا أستعيذ بك منه. فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاّه. ولقد كنّا معه فإذا نحن بأعرابيّ معه ناقة له يسوقها، وقد استسلم للقطع لما زُوّر عليه (15) من الشهود، فنطقت له الناقة فقالت: يا رسول الله، إنّ فلاناً منّي بريء، وإن الشهود يشهدون عليه بالزور، وإنّ سارقي فلان اليهوديّ.
قال له اليهودي: فإنّ هذا إبراهيم قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، وأحاطت دلالته بعلم الإيمان به.
قال له عليه السّلام: لقد كان كذلك، وأُعطي محمّد صلّى الله عليه وآله أفضل من ذلك، قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، وأحاطت دلالته بعلم الإيمان به، وتيقّظ إبراهيم عليه السّلام وهو ابن خمس عشرة سنة، ومحمّد صلّى الله عليه وآله كان ابن سبع سنين، قدم تجّارٌ من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصفا والمروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ونعته وخبر مبعثه وآياته صلّى الله عليه وآله، فقالوا له: يا غلام، ما اسمك؟ قال: محمّد، قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبدالله، قالوا: ما اسم هذه؟ وأشاروا بأيديهم إلى الأرض، قال: الأرض. قالوا: فما اسم هذه؟ وأشاروا بايديهم إلى السماء، قال: السماء، قالوا: فمن ربّهما؟ قال: الله. ثمّ انتهرهم وقال: أتشكّكونني في الله عزّوجلّ؟! ويحك يا يهودي! لقد تيقّظ بالاعتبار على معرفة الله عزّوجلّ مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام، ويعبدون الأوثان، وهو يقول: لا إله إلاّ الله.
قال اليهودي: فإنّ إبراهيم حُجِب عن نمرود بحجب ثلاثة (16).
فقال عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله حُجب عمّن أراد قتله بحجب خمسة. فثلاثة بثلاثة، واثنان فضل، قال الله عزّوجلّ وهو يصف أمر محمّد صلّى الله عليه وآله فقال: {* وجعَلْنا من بين أيديهم سَدّاً *} فهذا الحجاب الأوّل، {* ومن خَلفِهم سدّاً *} فهذا الحجاب الثاني، {* فأغشَيناهم فهم لا يُبصرون *} (17) فهذا الحجاب الثالث، ثمّ قال: {* وإذا قَرأتَ القرآنَ جعَلْنا بينَك وبينَ الّذين لا يُؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً *} (18)، فهذا الحجاب الرابع، ثمّ قال: {* فهيَ إلى الأذقانِ فهُم مُقمَحون *} (19)، فهذه حجب خمسة.
قال اليهودي: فإنّ إبراهيم عليه السّلام قد بُهِت الذي كفر ببرهان نبوّته.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أتاه مكذِّبٌ بالبعث بعد الموت، وهو أُبيّ بن خلف الجُمحي معه عظم نخر ففركه (20)، ثمّ قال: يا محمّد، مَن يحيي العظام وهي رميم؟ فأنطق الله محمّداً بمحكم آياته، وبهته ببرهان نبوّته فقال {* يُحييها الّذي أنشأها أوّلَ مرّةٍ وهو بكلِّ خَلْق عليم *} (21)، فانصرف مبهوتاً.
قال له اليهودي: فإنّ هذا إبراهيم جذّ أصنام قومه (22) غضباً لله عزّوجلّ.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله قد نكّس عن الكعبة ثلاثمئة وستيّن صنماً، ونفاها من جزيرة العرب، وأذلّ مَن عَبَدها بالسيف.
قال له اليهودي: فإنّ هذا إبراهيم قد أضجع ولده وتَلَّه للجبين (23).
فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد أُعطي إبراهيم بعد الاضجاع الفداء، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُصيب بأفجع منه فجيعة، إنّه وقف صلّى الله عليه وآله على عمّه حمزة أسد الله وأسد رسوله وناصر دينه، وقد فُرّق بين روحه وجسده فلم يبيّن عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي الله عزّوجلّ بصبره، ويستسلم لأمره في جميع الفعال، وقال صلّى الله عليه وآله: لولا أن تحزن صفيّة لتركته حتّى يُحشر من بطون السباع وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنّة بعدي لفعلتُ ذلك.
قال له اليهوديّ: فإنّ إبراهيم عليه السّلام قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر، فجعل الله عزّوجلّ النار عليه برداً وسلاماً، فهل فعل بمحمّد شيئاً من ذلك؟
قال له عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله لمّا نزل بخيبر سَمّته الخيبريّة فصيّر الله السمّ في جوفه برداً وسلاماً إلى منتهى أجله، فالسمّ يحرق إذا استقرّ في الجوف، كما أنّ النّار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا يعقوب عليه السّلام أُعظِم في الخير نَصيبُه، إذ جُعل الأسباط من سُلالة صُلبه، ومريم ابنة عمران من بناته.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أعظم في الخير نصيباً منه، إذ جُعل فاطمة سيّدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من حفدته.
قال له اليهوديّ: فإنّ يعقوب قد صبر على فراق ولده حتّى كاد يحرض من الحزن. الهلاك
من الحزن.">(24)
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، وكان حزن يعقوب عليه السّلام حزناً بعده تلاقٍ، ومحمّد صلّى الله عليه وآله قُبض ولده إبراهيم قرّة عينه في حياة منه، وخصّه بالاختبار ليعظّم له الادّخار، فقال صلّى الله عليه وآله: «تحزن النفس ويجزع القلب، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يُسخط الربّ»، في كلّ ذلك يؤثر الرضى عن الله عزّ ذِكره، والاستسلام له في جميع الفعال.
فقال له اليهوديّ: فإنّ هذا يوسف قاسى مرارة الفُرقة، وحُبس في السجن توقّياً للمعصية، فأُلقي في الجبّ وحيداً.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله قاسى مرارة الغربة، وفارق الأهل والأولاد والمال مهاجراً من حرم الله تعالى وأمنه، فلمّا رأى الله عزّوجلّ كآبته واستشعاره الحزن الحزن. استشعر الخوف أي جعله شعار قلبه.">(25)، أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف عليه السّلام في تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: {* لقد صدَقَ اللهُ رسولَه الرؤيا بالحقّ لَتدخلُنّ المسجد الحرامَ إن شاء اللهُ آمِنين محلّقين رؤوسَكم ومُقصّرين لا تخافون *} (26). ولئن كان يوسف عليه السّلام حُبس في السجن فلقد حُبس رسول الله صلّى الله عليه وآله نفسه في الشِّعب ثلاث سنين، وقطع منه أقاربه وذوو الرحم، وألجأوه إلى أضيق المضيق، فلقد كادهم الله عزّ ذكره له كيداً مستبيتاً إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه. ولئن كان يوسف عليه السّلام ألقي في الجُبّ فلقد حَبَس محمّد صلّى الله عليه وآله نفسه مخافة عدوّه في الغار حتّى قال لصاحبه: {* لا تحزنْ إنّ الله معنا *} (27)، ومدحه الله بذلك في كتابه.
فقال له اليهوديّ: فهذا موسى بن عمران عليه السّلام آتاه الله التوراة التي فيها حكمه.
قال له عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل منه، أُعطي محمّد صلّى الله عليه وآله سورة البقرة والمائدة بالإنجيل، وطواسين وطه ونصف المفصّل والحواميم بالتوراة، وأعطي نصف المفصّل والتسابيح بالزبور؛ وأعطي سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم عليه السّلام وصحف موسى عليه السّلام، وزاد الله عزّ ذكره محمّداً صلّى الله عليه وآله السبع الطوال سورة ق، وقيل: من سورة محمد، وقيل: من سورة الفتح. وعن النووي: مفصّل القرآن من محمّد، وقصاره من الضحى إلى آخره، ومطولاته إلى عمّ، ومتوسطاته إلى الضحى. وفي الخبر: المفصّل ثمان وستون سورة، انتهى. أقول: والسبع الطوال على المشهور من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس، أو الأنفال وبراءة جميعاً، لأنّهما سورة عند بعض، والمراد هنا ما يبقى بعد إسقاط البقرة والمائدة وبراءة.">(28)، وفاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وأعطي الكتاب والحكمة.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام ناجاه الله عزّوجلّ على طور سيناء.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد أوحى الله عزّوجلّ إلى محمّد صلّى الله عليه وآله عند سدرة المنتهى، فمقامه في السماء محمود، وعند منتهى العرش مذكور.
قال له اليهوديّ: فلقد ألقى الله على موسى عليه السّلام محبّة منه.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد أعطى الله محمّداً صلّى الله عليه وآله ما هو أفضل منه، لقد ألقى الله عزّوجلّ عليه محبّة منه، فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تمّ من الله عزّوجلّ به الشهادة، فلا تتمّ الشهادة إلاّ أن يُقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، يُنادى به على المنابر، فلا يُرفَع صوت بذكر الله عزّوجلّ إلاّ رُفع بذكر محمّد صلّى الله عليه وآله معه.
قال له اليهوديّ: فلقد أوحى الله إلى أمّ موسى لفضل منزلة موسى عليه السّلام عند الله عزّوجلّ.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد لطف الله جلّ ثناؤه لأمّ محمّد صلّى الله عليه وآله بأن أوصل إليها اسمه حتّى قالت:
أشهد والعالمون أنّ محمّداً رسول الله منتظرُ
وشهد الملائكة على الأنبياء أنّهم أثبتوه في الأسفار (29)، وبلطف من الله عزّوجلّ ساقه إليها، ووصل (30) إليها اسمه لفضل منزلته عنده حتّى رأت في المنام أنّه قيل لها: إنّ ما في بطنك سيّد، فإذا ولدتِه فسمّيه محمّداً، فاشتقّ الله له اسماً من أسمائه، فالله محمود (31)، وهذا محمّد.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسى بن عمران عليه السّلام قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد أرسله إلى فراعنة شتّى، مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختري، والنضر بن الحارث، وأُبيّ بن خلف، ومنبّه ونبيه ابني الحجّاج، وإلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهريّ، والأسود بن المطّلب، والحارث ابن الطلاطلة مجمع البيان والسيرة لابن هشام أيضاً الحارث بن الطلاطلة، مثل المتن، وفي المحبر والمنمق للبغدادي الحارث بن قيس بن عدي الكعبي، ولعل ذلك نسبة إلى الاب والاول إلى الام.">(32)، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّى تبيّن لهم أنّه الحقّ.
قال له اليهوديّ: لقد انتقم الله لموسى عليه السّلام من فرعون.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد انتقم الله جلّ اسمه لمحمد صلّى الله عليه وآله من الفراعنة، فأمّا المستهزئون فقد قال الله عزّوجلّ: {* إنّا كفيناك المستهزئين *} (33)، فقتَلَ الله خمستهم، كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فأمّا الوليد بن المغيرة فمرّ بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شظيّة منه فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات وهو يقول: قتلني ربُّ محمّد.
وأمّا العاص بن وائل فإنّه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده (34) تحته حجر فسقط فتقطّع قطعة قطعة فمات، وهو يقول: قتلني ربُّ محمّد.
وأمّا الأسود بن عبد يغوث فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظلّ بشجرة فأتاه جبرئيل عليه السّلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع عنّي هذا، فقال: ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلاّ نفسك، فقتله وهو يقول: قتلني ربُّ محمّد.
وأمّا الأسود بن المطّلب فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله دعا عليه أن يُعمي الله بصره، وأن يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل عليه السّلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتّى أثكله الله ولده.
وأمّا الحارث بن الطلاطلة فإنّه خرج من بيته في السموم (35) فتحوّل حبشيّاً، فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه فقتلوه، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد.
وروي أنّ الأسود بن الحارث أكل حوتاً مالحاً فأصابه العطش، فلم يزل يشرب الماء حتّى انشقّ بطنه فمات، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد. كلّ ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقالوا له: يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلاّ قتلناك. فدخل النبيّ صلّى الله عليه وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتمّاً لقولهم، فأتاه جبرئيل عليه عن الله ساعته (36) فقال له: يا محمّد السّلام يقرأ عليك السّلام، وهو يقول: {* اصدَعْ بما تُؤمَرُ وأعرِضْ عن المشركين *} (37)، يعني أظهِرْ أمرك لأهل مكّة، وادعْهم إلى الإيمان.
قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له: {* إنّا كفيناك المستهزئين *} (38).
قال: يا جبرئيل، كانوا الساعة بين يديّ، قال: قد كُفِيتَهم. فأظهر أمره عند ذلك، وأمّا بقيّتهم من الفراعنة (39) فقُتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولّوا الدبر.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا موسى بن عمران عليه السّلام قد أُعطي العصا فكانت تتحوّل ثعباناً.
قال له عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ رجلاً كان يطالب أبا جهل بن هشام بدَين ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ قال: عمرو بن هشام ـ يعني أبا جهل ـ لي عليه دين، قال: فأدلّك على من يستخرج الحقوق؟ قال: نعم. فدلّه على النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمّد إليّ حاجة فأسخر به وأردّه. فأتى الرجلُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله فقال له: يا محمّد، بلغني أنّ بينك وبين عمرو بن هشام حسن (40)، وأنا أستشفع بك إليه. فقام معه رسول الله صلّى الله عليه وآله فأتى بابه فقال له: قم يا أبا جهل فأدّ إلى الرجل حقّه. وإنّما كَنّاه أبا جهل جهل.">(41) ذلك اليوم، فقام مسرعاً حتّى أدّى إليه حقّه، فلمّا رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلتَ ذلك فَرَقا من محمّد خوفاً وفزعاً منه.">(42)، قال: وَيْحكم اعذروني، إنّه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالاً بأيديهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانان (43) تصطكّ أسنانهما، وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعتُ لم آمن أن يبعجوا (44) بالحراب بطني، ويقضمني الثعبانان. هذا أكبر ممّا أُعطي موسى عليه السّلام، ثعبان بثعبان موسى عليه السّلام، وزاد الله محمّداً صلّى الله عليه وآله ثعباناً وثمانية أملاك معهم الحراب، ولقد كان النبيّ صلّى الله عليه وآله يؤذي قريشاً بالدعاء، فقام يوماً فسفّه أحلامهم (45) وعاب دينهم، وشتم أصنامهم، وضلّل آباءهم، فاغتمّوا من ذلك غمّاً شديداً، فقال أبو جهل: واللهِ لَلموتُ خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشرَ قريش أحد يقتل محمّداً فيُقتَل به؟ فقالوا له: لا، قال: فأنا أقتله، فإن شاءت بنو عبدالمطّلب قتلوني به، وإلاّ تركوني، قالوا: إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفاً لا تزال تُذكر به، قال: إنّه كثير السجود حول الكعبة، فإذا جاء وسجد أخذتُ حجراً فشدخته به. فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله فطاف بالبيت أُسبوعاً ثمّ صلّى وأطال السجود، فأخذ أبو جهل حجراً فأتاه من قِبل رأسه، فلمّا أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله فاغراً فاه (46) نحوه، فلمّا أن رآه أبو جهل فزع منه. وارتعدت يده، وطرح الحجر فشدخ رجله، فرجع مدمّى متغيّر اللون يفيض عرقاً، فقال له أصحابه: ما رأينا كاليوم (47)، قال: وَيْحكم اعذروني، فإنّه أقبل من عنده فحل فاغراً فاه فكاد يبلعني، فرميتُ بالحجر فشدخت رجلي.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام قد أُعطيَ اليد البيضاء، فهل فُعل بمحمّد شيء من هذا؟
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ نوراً كان يضيء عن يمينه حيثما جلس، وعن يساره أينما جلس، وكان يراه الناس كلّهم.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام قد ضُرِب له في البحر طريق، فهل فُعل بمحمّد شيء من هذا؟
فقال له علي عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا. خرجنا معه إلى حُنَين فإذا نحن بوادٍ يشخب (48)، فقدرّناه فإذا هو أربع عشرة قامة، فقالوا: يا رسول الله، العدوّ من ورائنا، والوادي أمامنا، كما قال أصحاب موسى: إنّا لَمُدرَكون، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله ثمّ قال: «اللّهم إنّك جعلتَ لكلّ مرسل دلالة، فأرني قدرتك»، وركب صلوات الله عليه وآله فعبرت الخيل لا تندى (49) حوافرها، والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام قد أُعطي الحجر فانبجست منه اثنتا عشر عيناً.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله لمّا نزل الحديبيّة وحاصره أهل مكّة قد أُعطي أفضل من ذلك (50)، وذلك أنّ أصحابه شكوا إليه الظماء وأصابهم ذلك حتّى التقت خواصر الخيل، فذكروا له ذلك، فدعا بركوة يمانيّة، ثمّ نصب يده المباركة فيها فتفجّرت من بين أصابعه عيون الماء، فصدرنا (51) وصدرت الخيل رواء وملأنا كلّ مزادة (52) وسقاء، ولقد كنّا معه بالحديبيّة وإذا ثَمّ قليب (53) جافّة، فأخرج صلّى الله عليه وآله سهماً من كنانته فناوله البراء بن عازب فقال له: اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافّة فاغرسه فيها. ففعل ذلك فتفجّرت منه اثنتا عشرة عيناً من تحت السهم، ولقد كان يوم الميضأة المطهرة يتوضأ منها.">(54) عبرة وعلامة للمنكرين لنبوّته، كحجر موسى عليه السّلام حيث دعا بالميضأة فنصب يده فيها، ففاضت بالماء وارتفع حتّى توضّأ منه ثمانية آلاف رجل، وشربوا حاجتهم، وسقوا دوابّهم، وحملوا ما أرادوا.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام قد أُعطي المنّ والسلوى، فهل فعل بمحمّد نظير هذا؟.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ الله عزّوجلّ أحلّ له الغنائم ولأمّته، ولم تحلّ لأحد قبله، فهذا أفضل من المنّ والسلوى، ثمّ زاده أن جعل النيّة له ولأمّته عملاً صالحاً (55)، ولم يجعل لأحد من الأمم ذلك قبله، فإذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة، وإنْ عَمِلها كُتبت له عشر.
قال له اليهوديّ: فإنّ موسى عليه السّلام قد ظَلّل عليه الغمام.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، وقد فعل ذلك لموسى عليه السّلام في التيه، وأعطي محمّد صلّى الله عليه وآله أفضل من هذا، إنّ الغمامة كانت تظلّله من يوم وُلد إلى يوم قُبض في حضره وأسفاره، فهذا أفضل ممّا أُعطي موسى عليه السّلام.
قال له اليهوديّ: فهذا داود عليه السّلام قد ألان الله عزّوجلّ له الحديد (56)، فعمل منه الدروع.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد أُعطي ما هو أفضل منه، إنّه ليّن اللهُ عزّوجلّ له الصمَّ الصخور الصلاب، وجعلها غاراً (57)، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس ليّنةً حتّى صارت كهيئة العجين، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا داود عليه السّلام بكى على خطيئته حتّى سارت الجبال معه لخوفه.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه كان إذا قام إلى الصلاة سُمع لصدره وجوفه أزيزٌ كأزيز المِرجَل على الأثافيّ من شدّة البكاء، وقد آمنه الله عزّوجلّ من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه، ويكون إماماً لمن اقتدى به، ولقد قام صلّى الله عليه وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتّى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه، يقوم الليل أجمع حتّى عُوتب في ذلك فقال الله عزّوجلّ: {* طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى *} (58)، بل لتسعد به. ولقد كان يبكي حتّى يُغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله، أليس الله عزّوجلّ قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: بلى، أفلا أكون عبداً شكوراً. ولئن سارت الجبال وسبّحت معه لقد عمل محمّد صلّى الله عليه وآله ما هو أفضل من هذا، إذ كنّا معه على جبل حِراء إذ تحرّك الجبل فقال له: قُرَّ فليس عليك (59) إلاّ نبيّ وصدّيق شهيد. فقرّ الجبل مجيباً لأمره، ومنتهياً إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله.">(60): ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله، كان المسيح مرّ بي وهو يخوّف الناس بنار (61) وَقودُها الناس والحجارة، فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة، قال له: لا تخف، تلك حجارة (62) الكبريت. فقرّ الجبل وسكن وهدأ وأجاب لقوله.
قال له اليهودي: فإنّ هذا سليمان عليه السّلام أُعطي مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده.
فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه هبط إليه مَلَك لم يهبط إلى الأرض قبله وهو ميكائيل.
فقال له: يا محمّد، عِشْ مَلِكاً منعّماً، وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، وتسير (63) معك جبالها ذهباً وفضّة، لا ينقص لك فيما ادُّخِر لك (64) في الآخرة شيء. فأومأ إلى جبرئيل عليه السّلام ـ وكان خليلَه من الملائكة ـ فأشار إليه أن تواضع، فقال: بل أعيش نبيّاً عبداً؛ آكل يوماً، ولا آكل يومين، وألحق بإخواني من الأنبياء من قبلي. فزاده الله تعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من مُلك الدنيا من أوّلها إلى آخرها سبعين مرّة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يومُ القيامة أقعده الله تعالى على العرش، فهذا أفضل ممّا أُعطي سليمان بن داود عليه السّلام.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان عليه السّلام قد سُخّرت له الرياح فسارت به في بلاده، غدوُّها شهر ورَواحها شهر.
فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّه أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعُرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة حتّى انتهى إلى ساق العرش، فدنا بالعلم فتدلّى، فدُلي له من الجنّة رفرف أخضر، وغشيَ النورُ بصره، فرأى عظمةَ ربّه عزّوجلّ بفؤاده، ولم يرها بعينه، فكان قابَ قوسين بينها وبينه أو أدنى، فأوحى (65) إلى عبده ما أوحى، فكان فيما أوحى إليه الآية الّتي في سورة البقرة قوله: {* للهِ ما في السماواتِ وما في الأرضِ وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تُخْفوه يُحاسِبْكم بهِ اللهُ فيغفرُ لمَن يشاء ويُعذّبُ مَن يشاءُ واللهُ على كلّ شيءٍ قدير *}، وكانت الآية قد عُرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السّلام إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمّداً، وعُرضت على الأُمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله صلّى الله عليه وآله وعرضها على أمّته فقبلوها، فلمّا رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنّهم لا يطيقونها، فلمّا أن صار إلى ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه، فقال: {* آمَنَ الرسولُ بما أُنزِلَ إليه مِن ربِّه *}، فأجاب صلّى الله عليه وآله مجيباً عنه وعن أُمّته فقال: {* والمؤمنونَ كلٌّ آمنَ باللهِ وملائكتِه وكُتبهِ ورُسلِه لا نُفرِّقُ بين أحدٍ من رُسِله *}، فقال جلّ ذكره: لهم الجنّة والمغفرة علَيّ إن فعلوا ذلك، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: أمّا إذ فعلتَ (66) بنا ذلك فـ {* غفرانَك ربَّنا وإليك المصير *}، يعني المرجع في الآخرة، قال: فأجابه الله جل ثناؤه: وقد فعلتُ ذلك بك وبأُمّتك. ثم قال عزّوجلّ: أمّا إذ قبلت (67) الآية بتشديدها وعِظم ما فيها وقد عرضتُها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلَتْها أُمّتك، فحقّ علَيّ أن أرفعها عن أُمّتك، فقال: {* لا يُكلِّفُ اللهُ نفساً إلاّ وُسْعَها لها ما كسَبتْ *} من خير {* وعليها ما اكتسَبَتْ *} من شرّ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله، لمّا سمع ذلك: أمّا إذ فعلتَ ذلك بي وبأُمّتي فزدني، قال: سل، قال: {* ربّنا لا تُؤاخِذْنا إن نَسِينا أو أخطَأنْا *}، قال الله عزّوجلّ: لستُ أُؤاخذ أُمّتك بالنسيان والخطأ لكرامتك علَيّ، وكانت الأُمم السالفة إذا نَسُوا ما ذُكّروا به فُتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعتُ ذلك عن أُمّتك، وكانت الأُمم السالفة إذا أخطأوا أُخذوا بالخطأ وعُوقبوا عليه، وقد رفعت ذلك عن أُمّتك لكرامتك علَيّ.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: اللّهمّ إذ أعطيتني ذلك فزدني، فقال الله تعالى له: سل، قال: {* ربّنا ولا تَحملْ علينا إصراً كما حملتَه على الّذين مِن قَبلِنا *} يعني بالإصر الشدائدَ الّتي كانت على من كان قبلنا، فأجابه الله إلى ذلك، فقال تبارك اسمه: قد رفعتُ عن أمّتك الآصار الّتي كانت على الأُمم السالفة، كنتُ لا أقبل صلاتهم إلاّ في بقاع من الأرض معلومة (68) اخترتها لهم وإن بَعُدتْ، وقد جعلت الأرض كلّها لأُمّتك مسجداً وطهوراً، فهذه من الآصار الّتي كانت على الأُمم قبلك فرفعتُها عن أُمّتك، وكانت الأُمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوها من أجسادهم، وقد جعلت الماء لأُمّتك طهوراً، فهذه من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتُها عن أُمّتك، وكانت الأُمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمَن قبلتُ ذلك منه أرسلتُ عليه ناراً فأكلَتْه، فرجع مسروراً، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبوراً (69)، وقد جعلت قربان أُمّتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلتُ ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافاً مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعتُ عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعتُ ذلك عن أمّتك وهي من الآصار الّتي كانت على من كان قبلك، وكانت الأُمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد الّتي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار، في أوقات نشاطهم، وكانت الأُمم السالفة قد فرضتُ عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتاً، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك، وجعلتها خمساً في خمسة أوقات، وهي إحدى وخمسون ركعة، وجعلتُ لهم أجر خمسين صلاة، وكانت الأُمم السالفة حسنتهم بحسنة، وسيّئتهم بسيّئة، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك، وجعلت الحسنة بعشرة والسيّئة بواحدة، وكانت الأُمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثمّ لم يعملها لم تُكتب له، وإن عملها كُتبت له حسنة، وإنّ أُمّتك إذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كُتبت له عشراً، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم فرفعتها عن أُمّتك، وكانت الأُمم السالفة إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت عليه سيّئة، وإنّ أمّتك إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة، وهذه من الآصار الّتي كانت عليهم، فرفعتُ ذلك عن أُمّتك، وكانت الأُمم السالفة إذا أذنبوا كُتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلتُ توبتهم من الذنوب أن حرّمت عليهم بعد التوبة أحبَّ الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن أُمّتك، وجعلتُ ذنوبهم فيما بيني وبينهم، وجعلت عليهم ستوراً كثيفة، وقبلت توبتهم بلا عقوبة، ولا أُعاقبهم بأن أُحرّم عليهم أحبّ الطعام إليهم، وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد مئة سنة أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ثمّ لا أقبل توبته دون أن أُعاقبه في الدنيا بعقوبة، وهي من الآصار الّتي كانت عليهم، فرفعتها عن أُمّتك، وإنّ الرجل من أُمّتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو مئة سنة ثمّ يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كلّه.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: اللّهم إذ أعطيتَني ذلك كلّه فزدني، قال: سل، قال: {* ربَّنا ولا تُحمّلْنا ما لا طاقةَ لنا به *}، قال تبارك اسمه: قد فعلتُ ذلك بأُمّتك، وقد رفعت عنهم عِظم بلايا الأمم، وذلك حُكمي في جميع الأمم أن لا أُكلّف خَلْقاً فوق طاقتهم، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: {* واعفُ عنّا واغفرْ لنا وارحمْنا أنت مولانا *}، قال الله عزّوجلّ: قد فعلتُ ذلك بتائبي أُمّتك، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: {* فانصُرْنا على القومِ الكافرين *} (70)، قال الله عزّ اسمه: إنّ أُمّتك في الأرض كالشامة (71) البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، وهم القاهرون، يَستخدمون ولا يُستخدمون لكرامتك علَيّ، وحقّ علَيّ أن أُظهر دينك على الأديان حتّى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين إلاّ دينك، أو يؤدّون إلى أهل دينك الجزية.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان عليه السّلام سُخّرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ولقد أُعطي محمّد صلّى الله عليه وآله أفضل من هذا، إنّ الشياطين سُخّرت لسليمان عليه السّلام وهي مقيمة على كفرها، وقد سُخّرت لنبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه الجنّ التسعة من أشرافهم من جن نصيبين واليمن من بني عمرو بن عامر عمرو بن عامر.">(72) من الأحجّة (73)، منهم شضاه، ومضاه، والهملكان، والمرزبان، والمازمان، ونضاه، وهاصب، وهاضب (74)، وعمرو، وهم الذين يقول الله تبارك اسمه فيهم: {* وإذ صَرَفْنا إليك نفراً من الجنّ *} وهم التسعة {* يستمعون القرآن *} (75)، فأقبل إليه الجنّ والنبيّ صلّى الله عليه وآله ببطن النخل، فاعتذروا بأنّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفاً منهم فبايعوه على الصوم والصلاة والزكاة والحجّ والجهاد ونصحِ المسلمين، فاعتذروا بأنّهم قالوا على الله شططاً، وهذا أفضل ممّا أُعطي سليمان عليه السّلام، سبحان من سخّرها لنبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله بعد أن كانت تتمرّد وتزعم أنّ لله ولداً، فلقد شمل مبعثُه من الجنّ والإنس ما لا يُحصى.
قال له اليهوديّ: فهذا يحيى بن زكريّا عليه السّلام يقال: إنّه أُوتي الحكم صبيّاً، والحلم والفهم، وإنّه كان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ يحيى بن زكريّا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهليّة، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أُوتي الحكم والفهم صبيّاً بين عَبَدة الأوثان، وحزب الشيطان، ولم يرغب لهم في صنم قطّ، ولم ينشط لأعيادهم ولم يُرَ منه كذب قطّ صلّى الله عليه وآله.
وكان أميناً صدوقاً حليماً، وكان يواصل صوم الأُسبوع والأقلّ والأكثر، فيقال له في ذلك فيقول: «إنّي لستُ كأحدكم، إنّي أظلّ عند ربّي فيطعمني ويسقيني»، وكان يبكي صلّى الله عليه وآله حتّى يبتلّ مصلاّه، خشيةً من الله عزّوجلّ من غير جرم.
قال له اليهوديّ: فإنّ هذا عيسى ابن مريم عليه السّلام يزعمون أنّه تكلّم في المهد صبيّاً.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله سقط من بطن أُمّه واضعاً يده اليسرى على الأرض، ورافعاً يده اليمنى إلى السماء، يحرّك شفتيه بالتوحيد، وبدا مِن فِيه نور رأى أهلُ مكّة منه قصور بُصرى دمشق، وهي قصبة كورة حوران.">(76) من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من إصطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا ليلةَ وُلِد النبيّ صلّى الله عليه وآله حتّى فزعت الجنّ والإنس والشياطين، وقالوا: حدث في الأرض حدث! ولقد رُئيت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبّح وتقدّس، وتضطرب النجوم وتتساقط، علامةً لميلاده، ولقد همّ إبليس بالظعن في السماء لمّا رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة، والشياطين يسترقون السمع، فلمّا رأوا الأعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حُجبوا من السماوات كلّها، ورُموا بالشهب دلالة لنبوّته صلّى الله عليه وآله.
قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله عزّوجلّ.
فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أبرأ ذا العاهة من عاهته، فبينما هو جالس صلّى الله عليه وآله إذ سأل عن رجل من أصحابه، فقالوا: يا رسول الله إنّه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ لا ريش عليه (77)، فأتاه صلّى الله عليه وآله فإذا هو كهيئة الفرخ من شدّة البلاء، فقال: قد كنتَ تدعو في صحّتك دعاء؟ قال: نعم، كنت أقول: يا ربّ أيّما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فعجّلْها لي في الدنيا.
فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله: ألا قلت: {* اللّهم آتِنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار *}، فقالها (78) فكأنّما نُشط من عقال، وقام صحيحاً وخرج معنا ـ ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطّع من الجذام، فشكا إليه صلّى الله عليه وآله فأخذ قدحاً من ماء فتفل فيه، ثمّ قال: امسح به جسدك، ففعل فبرئ حتّى لم يوجد فيه شيء. ولقد أُتي النبيّ بأعرابيّ (79) أبرص فتفل مِن فيه عليه، فما قام من عنده إلاّ صحيحاً. ولئن زعمتَ أنّ عيسى عليه السّلام أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم، فإنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله بينما هو في بعض أصحابه إذا هو بامرأة فقالت: يا رسول الله، إنّ ابني قد أشرف على حياض الموت، كلمّا أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام النبيّ صلّى الله عليه وآله وقمنا معه، فلمّا أتيناه قال له: جانب واسعاً مسترخياً من غير قصد، أو هو التثاوب: رجع المأكول والمشروب بلا ريث.">(80) يا عدوّ الله وليّ الله، فأنا رسول الله، فجانبه الشيطان فقام صحيحاً وهو معنا في عسكرنا. ولئن زعمت أنّ عيسى عليه السّلام أبرأ العميان، فإنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله قد فعل ما هو أكثر من ذلك (81)، إنّ قتادة بن رِبْعي كان رجلاً صبيحاً، فلماآ أن كان يوم أُحد أصابته طعنة في عينه، فبدرت (82) حدقته فأخذها بيده، ثمّ أتى بها النبيِّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول الله صلّى الله عليه وآله من يده، ثمّ وضعها مكانها، فلم تكن تُعرف إلاّ بفضل حسنها، وفضل ضوئها على العين الأخرى.
ولقد جُرح عبدالله بن عتيك وبانت يده يوم ابن أبي الحقيق، فجاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله ليلاً، فمسح عليه يده النبي صلّى الله عليه وآله يمسح عليه يده. أقول: لعل ما في المتن أصوب.">(83)، فلم تكن تُعرف من اليد الأخرى.
ولقد أصاب محمّدَ بن مسلمة يوم كعب بن الأشرف مثلُ ذلك في عينه ويده، فمسحه رسول الله صلّى الله عليه وآله فلم تستبينا.
ولقد أصاب عبدالله بن أنيس مثلُ ذلك في عينه فمسحها فما عُرفت من الأُخرى، فهذه كلّها دلالة لنبوّته صلّى الله عليه وآله.
قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه قد أحيى الموتى بإذن الله.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان ذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله سبّحت في يده تسعُ حصيّات، تُسمع نغماتها في جمودها ولا روح فيها، لتمام حجّة نبوّته، ولقد كلّمته الموتى من بعد موتهم، واستغاثوه ممّا خافوا من تبعته (84). ولقد صلّى بأصحابه ذات يوم فقال: ما ها هنا من بني النجّار أحد، وصاحبهم محتبس على باب الجنّة بثلاثة دراهم لفلان اليهوديّ، وكان شهيداً.
ولئن زعمتَ أنّ عيسى عليه السّلام كلّم الموتى، فلقد كان لمحمّد صلّى الله عليه وآله ما هو أعجب من هذا، إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لمّا نزل بالطائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطليّة بسمّ (85)، فنطق الذراع منها، فقالت: يا رسول الله لا تأكلني فإنّي مسمومة، فلو كلّمته البهيمة وهي حيّة لكانت من أعظم حجج الله عزّ ذكره على المنكرين لنبوّته، فكيف وقد كلّمته من بعد ذبح وسلخ وشيّ (86)؟! ولقد كان صلّى الله عليه وآله يدعو بالشجرة فتجيبه، وتكلّمه البهيمة وتكلّمه السباع، وتشهد له بالنبوّة، وتحذّرهم عصيانه، فهذا أكثر ممّا أُعطي عيسى عليه السّلام.
قال له اليهوديّ: إنّ عيسى يزعمون أنّه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله فعل ما هو أكثر من هذا ومحمد صلّى الله عليه وآله كان له أكثر من هذا.">(87)، إنّ عيسى عليه السّلام أنبأ قومه بما كان من وراء حائط، ومحمّد أنبأ عن مؤتة الشام، قُتل فيها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وبها قبره.">(88) وهو عنها غائب ووصف حربهم ومن استُشهد منهم، وبينهم مسيرة شهر.
وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن شيء فيقول صلّى الله عليه وآله: تقول أو أقول؟ فيقول: بل قل يا رسول الله، فيقول: جئتَني في كذا وكذا، حتّى يفرغ من حاجته.
ولقد كان صلّى الله عليه وآله يخبر أهل مكّة بأسرارهم بمكّة حتّى لا يترك من أسرارهم (89) شيئاً منها ما كان بين صفوان بن أُميّة وبين عمير بن وهب، إذ أتاه عمير فقال: جئت في فكاك ابني، فقال له: كذبت، بل قلتَ لصفوان وقد اجتمعتم في الحطيم، وذكرتم قتلى بدر: واللهِ لَلموت خير لنا من البقاء للموت أهون علينا من البقاء.">(90) مع ما صنع محمّد بنا، وهل حياة بعد أهل القليب؟! فقلت أنت: لولا عيالي ودَين علَيّ لأرحتك من محمّد، فقال صفوان: علَيّ أن أقضي دينك، وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهنّ ما يصيبهنّ من خيرٍ أو شرّ، فقلت أنت: فاكتمها علَيّ، وجهّزني حتّى أذهب فأقتله. فجئت لتقتلني، فقال: صدقت يا رسول الله، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله. وأنّك رسول الله، وأشباه هذا ممّا لا يحصى.
قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه خلق (91) من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله عزّوجلّ.
فقال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله قد فعل ما هو شبيه بهذا إذ أخذ (92) يوم حنين حجراً فسمعنا للحجر تسبيحاً وتقديساً، ثمّ قال للحجر: اِنفلقْ، فانفلق ثلاث فلق نسمع لكلّ فلقة تسبيحاً لا يُسمع للأُخرى.
ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته، ولكلّ غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس ثمّ قال لها: انشقّي نصفين، ثمّ قال لها: التزقي، فالتزقت، ثمّ قال لها: اشهدي لي بالنبوّة، فشهدت، ثمّ قال لها: ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل والتقديس، ففعلت، وكان موضعها بجنب (93) الجزّارين بمكّة.
قال له اليهوديّ: فإنّ عيسى عليه السّلام يزعمون أنّه كان سيّاحاً.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله كانت سياحته في الجهاد، واستنفر في عشر سنين ما لا يُحصى من حاضر وبادٍ، وأفنى فئاماً من العرب من منعوت بالسيف، لا يداري بالكلام، ولا ينام إلاّ عن دم، ولا يسافر إلاّ وهو متجهّز لقتال عدوّه.
وقال له اليهوديّ: فإنّ عيسى عليه السّلام يزعمون أنّه كان زاهداً.
قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك، ومحمّد صلّى الله عليه وآله أزهد الأنبياء عليهم السّلام، كان له ثلاث عشرة زوجة سوى من يطيف به من الإماء، ما رُفعت له مائدة قطّ وعليها طعام، وما أكل خبز بُرّ قطّ، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قطّ، توفّي صلّى الله عليه وآله ودرعه مرهونة عند يهوديّ بأربعة دراهم، ما ترك صفراء ولا بيضاء، مع ما وُطّئ له من البلاد، ومُكّن له من غنائم العباد، ولقد كان يقسّم في اليوم الواحد ثلاث مئة ألف، وأربعمأئة ألف ويأتيه السائل بالعشيّ فيقول: والّذي بعث محمّداً بالحقّ، ما أمسى في آل محمّد صاع من شعير ولا صاع من برّ، ولا درهم ولا دينار.
وقال له اليهوديّ: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأشهد أنّه ما أعطى اللهُ نبيّاً درجةً ولا مرسلاً فضيلةً إلاّ وقد جمعها لمحمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله وزاد محمّداً صلّى الله عليه وآله على الأنبياء صلوات الله عليهم أضعافَ درجات.
فقال ابن عبّاس لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام: أشهد يا أبا الحسن أنّك من الراسخين في العلم، فقال: وَيْحك وما لي لا أقول في نفس من استعظمه الله عزّوجلّ في عظمته جلّت (94) فقال: {* وإنّك لَعلى خُلقٍ عظيم *} (95).
(الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي 111 ـ 120، عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 273: 17 ـ 297 / ح 7).

الهوامش

1- كاع عنه: جبن عنه وهابه.
2- أزرى به وأزراه: عابه ووضع من حقه.
3- الجبروت: صيغة مبالغة بمعنى القدرة والسلطة والعظمة.
4- الفتح: 2.
5- الانشراح: 4.
6- أي يتلوّى من وجع الجوع.
7- السلى: جلدة يكون فيها الولد في بطن أمه.
8- هود: 45.
9- هود: 46.
10- في المصدر: لما غلبت عليه من قومه المعاندة.
11- هطل المطر: نزل متتابعاً متفرقاً عظيم القطر. والمنهمر: الغزير، أي ماء شديد الانصباب سريع التهطال.
12- أي تساقط.
13- الاحزاب: 9.
14- رغا البعير: صوّت وضجّ.
15- زوّر عليه: قال: عليه الزور.
16- تقدّم تفسيرها في كتاب الاحتجاجات، راجع.
17- يس: 9.
18- الاسراء: 45.
19- يس: 8.
20- نخر العظم: بلى وتفتت، فهو ناخر ونخر. فرك الشيء: حكه حتّى تفتّت.
21- يس: 78 و79.
22- جذه: كسره فانكسر.
23- تلّه: صرعه.
24- أي حتى كاد يشرف على الهلاك من الحزن.
25- الكآبة: الغمّ وسوء الحال والانكسار من الحزن. استشعر الخوف أي جعله شعار قلبه.
26- الفتح: 27.
27- التوبة: 40.
28- قال الطريحي في مجمع البحرين: المفصَّل سُمّي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور وقيل لقصر سوره، واختلف في أوّله فقيل من سورة ق، وقيل: من سورة محمد، وقيل: من سورة الفتح. وعن النووي: مفصّل القرآن من محمّد، وقصاره من الضحى إلى آخره، ومطولاته إلى عمّ، ومتوسطاته إلى الضحى. وفي الخبر: المفصّل ثمان وستون سورة، انتهى. أقول: والسبع الطوال على المشهور من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس، أو الأنفال وبراءة جميعاً، لأنّهما سورة عند بعض، والمراد هنا ما يبقى بعد إسقاط البقرة والمائدة وبراءة.
29- الأسفار جمع السِّفر بالكسر فالسكون: التوراة.
30- في المصدر: وأوصل.
31- في المصدر: فالله المحمود.
32- في المصدر: والحارث بن أبي الطلالة وكذا فيما يأتي، والموجود في مجمع البيان والسيرة لابن هشام أيضاً الحارث بن الطلاطلة، مثل المتن، وفي المحبر والمنمق للبغدادي الحارث بن قيس بن عدي الكعبي، ولعل ذلك نسبة إلى الاب والاول إلى الام.
33- الحجر: 95.
34- أي فتدحرج.
35- السموم: الريح الحارة.
36- في المصدر: فأتاه جبرئيل من الله من ساعته، وفي كتاب الاحتجاجات: عن الله ساعته.
37- الحجر: 94.
38- الحجر: 95.
39- في المصدر: وأما بقية الفراعنة.
40- هكذا في الأصل وهو خبر ان واسمه: البين بمعنى الصداقة فليس بطرف وفيه: حسنا ظ وخشن خ ل وفي المصدر: حسن صداقة.
41- في المصدر: وإنّما كنّاه بأبي جهل.
42- أي خوفاً وفزعاً منه.
43- في المصدر: ثعبانين.
44- أي يشقوا.
45- سفّه الرجل: نسَبَه إلى السفه. الأحلام: العقول.
46- فغر فاه: فتحه.
47- في المصدر: ما رأيناك كاليوم.
48- أي يسيل.
49- أي لا تبتل.
50- في المصدر وكتاب الاحتجاجات: قد أُعطي ما هو أفضل من ذلك.
51- صدر عن الماء: رجع عنه.
52- المزادة: ما يوضع فيه الزاد.
53- القليب: البئر. وقيل: البئر القديمة.
54- الميضأة والميضاءة: الموضع يتوضأ فيه. المطهرة يتوضأ منها.
55- في المصدر: ثم زاده أن جعل النية له ولأمّته بلا عمل عملاً صالحاً.
56- في المصدر: قد ليّن الله له الحديد.
57- واستظهر المصنف في الهامش أنه مصحّف هاراً: أي متصدّعاً.
58- طه: 1 و2.
59- في المصدر: قُرَّ، فإنّه ليس عليك.
60- في المصدر وكتاب الاحتجاجات: فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله.
61- في المصدر: وهو يخوف الناس من نار.
62- الحجارة خ ل.
63- ويسير خ ل.
64- في المصدر: ولا ينقص مما ادخر لك.
65- في المصدر: فأوحى الله.
66- إذا فعلت خ ل.
67- إذا قبلت خ ل.
68- في المصدر: إلا في بقاع معلومة من الأرض.
69- المثبور: الخائب المصروف عن الخير.
70- البقرة: 284 ـ 286.
71- الشامة: الخال، بثرة سوداء في البدن.
72- في المصدر: فأقبل إليه من الجن التسعة من أشرافهم، واحد من جن نصيبين، والثمان من بني عمرو بن عامر.
73- من الاجنحة خ ل.
74- في المصدر: وهاضب وهضب.
75- الاحقاف: 29.
76- بصرى بالضم: من أعمال دمشق، وهي قصبة كورة حوران.
77- في المصدر: الذي لا ريش عليه.
78- في المصدر: فقالها الرجل.
79- أعرابي خ ل، وفي المصدر: ولقد اتى النبيّ باعرابي.
80- أي باعدْ عن ولي الله. والتثاؤب: فتح الفم واسعاً مسترخياً من غير قصد، أو هو التثاوب: رجع المأكول والمشروب بلا ريث.
81- في المصدر: قد فعل أكبر من ذلك.
82- في المصدر: فندرت، بالنون من ندر الشيء: سقط من جوف شيء فظهر، من موضعه: زال.
83- في المصدر: وبانت يده يوم حنين فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وآله يمسح عليه يده. أقول: لعل ما في المتن أصوب.
84- بيعته خ ل.
85- مطبوخة بالسم خ ل.
86- بالفتح: مصدر شوي اللحم يشويه: عرضه للنار حتّى نضج.
87- في المصدر: ومحمد صلّى الله عليه وآله كان له أكثر من هذا.
88- مؤتة بضم الميم وسكون الهمزة وفتح التاء: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، قُتل فيها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وبها قبره.
89- في المصدر: من سرائرهم.
90- في المصدر: وقلتم: والله للموت أهون علينا من البقاء.
91- كان يخلق خ ل.
92- إذا أخذ خ ل، وهو الموجود في المصدر.
93- في المصدر: حيث.
94- في المصدر: فقال جلت عظمته.
95- القلم: 4.

الروابط
مواقع الإنترنيت: شبكة الإمام الرضا عليه السلام
مفاتيح البحث: اليهود،
محمد بن عبد الله،
قريش،
معاجز النبي

الفهرسة