علم الإمام الحسن (عليه السلام)
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » علم الإمام الحسن (عليه السلام)

 البحث  الرقم: 2560  التاريخ: 2 ربيع الآخر 1430 هـ  المشاهدات: 7956
يعتبر العقل إحدى الركائز الأساسية في الشخصية الإسلامية، ومن المعلوم أن المعصومين عليهم السلام قد تَسنَّموا قِمَّة التسلسل في درجات الشخصية الإسلامية، لخضوعهم للإعداد الإلهي المباشر في شَتَّى عناصر الشخصية ومكوناتها.
وعلى هذا يكون الإمام الحسن السبط (عليه السلام) قد توافر له من النشاط الفكري في شتى مجالات الحياة ما لم يتوفَّر لغيره من الناس، ما عدى المعصومين عليهم السلام.
والسرُّ في ذلك يعود لطبيعة التلقِّي الذي يتوافر للأئمة عليهم السلام، فالإمام (عليه السلام) إما أن يتلقَّى من الرسول صلى الله عليه وآله مباشرة، أو يتلقَّاه بالوساطة عن طريق الإمام الذي قبله.
ويشهد للسعة المعرفية عند الأئمة عليهم السلام أن التاريخ لم يحدِّثنا أنه قد توقَّف أحدهم في مسألة عُرِضت عليه، أو أنَّه قد أشكل عليه أمر من الأمور، أو سُئِل ولم يتمكن من الإجابة.
ولنذكر شيئاً من الجانب العلمي للإمام الحسن (عليه السلام):
كتب له الحسن البصري يسأله عن القضاء والقدر، فأجابه (عليه السلام): أمَّا بعد، فَمَن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أن الله يعلمه فقد كفر، ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر.
إن الله لم يُطَع مكرهاً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُهمِلِ العباد سُدىً من المملكة، بل هو المالك لِمَا مَلَّكهم، والقادرُ على ما عليه أقدرهم، بل أمَرَهم تخييراً، ونهاهم تحذيراً.
فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صَادّاً، وإن انتهوا إلى معصية فشاء أن يَمُنَّ عليهم بأن يحول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل فليس هو الذي حَمَّلَهم عليها جبراً، ولا أُلزِموها كرهاً.
بل مَنَّ عليهم بأن بَصَّرَهم، وعَرَّفَهم، وحَذَّرهم، وأمَرهم، ونَهَاهم، لا جبراً لهم على ما أمَرَهم به، فيكونوا كالملائكة، ولا جَبْراً لهم على ما نَهَاهم عنه، ولله الحُجَّة البالغة، فلو شاء لَهَداكم أجمعين.
فلاحظ كيف أنه (عليه السلام) يوضح بعبارة موجزة قضية تعتبر من أكثر القضايا الفكرية تعقيداً وعمقاً، حتى أنَّها لِشِدَّة عُمقها قد ضلَّ فيها الكثيرون من رجال الفكر، كما نشأت عنْها تيارات متطرِّفة، كالأشاعرة، والمعتزلة، حول التفسير العقائدي السليم.
بينما نراه (عليه السلام) يتحدَّث بِمَنطقٍ يكشف عن عمق وأصالة، في الفهم والمعرفة الإسلامية، مِمَّا يعني ارتباطه (عليه السلام) بمنابع الرسالة الصافية، ونهله من مفاهيمها الأصيلة.
وروي أنه قيل للإمام (عليه السلام): ما الزُّهْد؟،، فقال (عليه السلام): الرَّغبةُ في التقوى، والزَّهادَة في الدنيا.
قيل: فَمَا الحِلْم؟، فقال (عليه السلام): كَظْم الغيظ، ومُلك النفس.
قيل: ما السَّداد؟، فقال (عليه السلام): دَفعُ المنكَرِ بالمَعرُوف.
قيل: فما الشَّرَف؟، فقال (عليه السلام): اصطِنَاع العَشيرَة، وحَمْل الجَرِيرة.
قيل: فما النَّجْدة؟، فقال (عليه السلام): الذبُّ عن الجار، والصبرُ في المواطن، والإقدام عِندَ الكريهة.
قيل: فما المَجْد؟، فقال (عليه السلام): أن تُعطِي في الغرم، وأن تَعفُوعن الجُرم.
قيل: فَمَا المُرُوءة؟، فقال (عليه السلام): حِفظِ الدين، وإِعزاز النفس، ولين الكنف، وتَعَهّد الصنيعة، وأداء الحقوق، والتحبُّب إلى الناس.
قيل: فما الكَرَم؟، فقال (عليه السلام): الابتداء بالعَطِيَّة قبل المسألة، وإطعام الطعام في المحل.
قيل: فما الدَّنِيئَة؟، فقال (عليه السلام): النظر في اليسير، ومنع الحقير.
قيل: فما اللُّؤْم؟، فقال (عليه السلام): قِلَّة النَّدى، وأن ينطق بالخنى.
قيل: فما السَّمَاح؟، فقال (عليه السلام): البذْل في السَّرَّاء والضَّرَّاء.
قيل: فما الشُّح؟، فقال (عليه السلام): أنْ تَرَى مَا في يديك شَرَفاً، وما أنفَقتَه تَلفاً.
قيل: فما الإِخَاء؟، فقال (عليه السلام): الإخاء في الشِّدَّة والرَّخاء.
قيل: فما الجُبْن؟، فقال (عليه السلام): الجُرأةُ على الصَّدِيق، والنُّكول عن العدو.
قيل: فَمَا الغِنَى؟، فقال (عليه السلام): رِضَى النَّفس بما قُسِم لَها وإنْ قَلَّ.
قيل: فما الفقر؟، فقال (عليه السلام): شَرُّه النفسُ إلى كُلِّ شيء.
قيل: فما الجُود؟، فقال (عليه السلام): بَذْل المَجْهود.
قيل: فما الكَرَم؟، فقال (عليه السلام): الحِفاظ في الشِّدَّة والرَّخاء.
قيل: فما الجُرْأة؟، فقال (عليه السلام): مواقَفَة الأقران.
قيل: فما المِنْعَة؟، فقال (عليه السلام): شِدَّة البأس، ومُنَازعة أعزاء الناس.
قيل: فما الذُّل؟، فقال (عليه السلام): الفَرْقُ عند المَصْدُوقَة.
قيل: فما الخَرَق؟، فقال (عليه السلام): مُنَاوَاتك أميرك، ومن يقدر على ضرِّك.
قيل: فما السَّنَاء؟، فقال (عليه السلام): إتيان الجميل، وترك القبيح.
قيل: فما الشَّرَف؟، فقال (عليه السلام): مُوافَقَة الإخوان، وحفظ الجيران.
قيل: فما الحِرمَان؟، فقال (عليه السلام): تَركُكَ حَظَّك وقد عُرِضَ عليك.
قيل: فما السَّـفَه؟، فقال (عليه السلام): اتِّبَاع الدُّنَاة، ومُصاحبة الغواة.
قيل: فما العَيّ؟، فقال (عليه السلام): العَبَث باللِّحية، وكثرة التنحنح عند المنطق.
قيل: فما الشُّجَاعة؟، فقال (عليه السلام): مُوافَقَة الأقران، والصَّبر عند الطِّعَان.
قيل: فما الكُلْفَة؟، فقال (عليه السلام): كَلامُكَ فيما لا يَعنيك.
وقد سُئل (عليه السلام) في يوم عن السياسة، فأجاب: هي أن ترعى حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات.
فأمَّا حقوق الله، فأداء ما طَلَب، والاجتناب عَمَّا نَهَى.
وأما حقوق الأحياء، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك، ولا تتأخَّر عن خدمة أُمَّتِك، وأن تُخلِصَ لولي الأمر ما أخلَصَ لأُمَّتِه، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا ما حَادَ عن الطريق السَّوي.
وأما حقوق الأموات، فهي أن تذكر خَيراتَهُم، وتَتَغاضى عن مَسَاوِئِهم، فإنَّ لَهُم رَبّاً يُحَاسبهم.

الروابط
المقالات: علم الإمام عليه السلام
مواقع الإنترنيت: مركز آل البيت العالمي للمعلومات
مفاتيح البحث: علم الإمام،
علم الإمام الحسن (عليه السلام)،
الإمام الحسن (عليه السلام)
المواضيع: الإمامة
أقسام الموقع: التاريخ

الفهرسة