البحث الرقم: 2564 التاريخ: 2 ربيع الآخر 1430 هـ المشاهدات: 5146
لما نقضت بنو قريظة صلحها مع الرسول (صلى الله عليه وآله)، وانضمَّت إلى صفوف المشركين، تغيَّر ميزان القوى لصالح أعداء الإسلام. فقاموا بتطويق المدينة بعشرة آلاف مقاتل، ممَّا أدَّى إلى انتشار الرُعب بين صفوف المسلمين، وتزَلْزَلَتْ نفوسهم، وظَنّوا بالله الظنونا. فبدأ العدو هجومه على المسلمين بعبور الخندق ـ الذي حفره الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه حول المدينة ـ بقيادة أحد أبطال الشرك والكفر، وهو عمرو بن عبد ودٍّ العامري، فازداد الخطر على المسلمين، لأن العدو بدأ بتهديدهم من داخل حصونهم. فراح ابن عبد ودٍّ يصول ويجول، ويتوعَّد ويتفاخر ببطولته، وينادي: هل من مبارز؟. فقام الإمام علي (عليه السلام) وقال: أنَا لَهُ يا رَسولَ الله. فأذن (صلى الله عليه وآله) له، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وألبسه دِرعه، وعمَّمه بعمامَتِه. ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): اللَّهُمَّ هذا أخي، وابن عمي، فلا تَذَرْني فرداً، وأنت خير الوارثين. ومضى الإمام علي (عليه السلام) إلى الميدان، وخاطب ابن عبد ودٍّ بقوله: يا عمرو، إنَّك كنت عاهدْتَ الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا قبلتها. قال عمرو: أجل. فقال الإمام علي (عليه السلام): فإنّي أدعوك إلى الله، وإلى رسوله، وإلى الإسلام. فقال: لا حاجة لي بذلك. فقال الإمام علي (عليه السلام): فإنِّي أدعوكَ إلى البراز. فقال عمرو: إنِّي أكره أن أُهريقَ دمك، وإنَّ أباكَ كان صديقاً لي. فردَّ الإمام علي (عليه السلام) عليه قائلاً: لكنِّي والله أحِبّ أنْ أقتلَكَ. فغضب عمرو، وبدأ الهجوم على الإمام علي (عليه السلام)، فصدَّه برباطة جأش، وأرداه قتيلاً، فعلا التكبير والتهليل في صفوف المسلمين، وكان ذلك في الثالث من شوال، في سنة ـ 5 هـ ـ. ولمَّا عاد الإمام (عليه السلام) ظافراً، استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: لَمُبَارَزَة عَليّ بن أبي طالب لِعَمرو بن عبد ودٍّ أفضلُ من عَمل أمَّتي إلى يوم القيامة. فلولا الموقف البطولي للإمام (عليه السلام)، لاقتحم جيش المشركين المدينة على المسلمين بذلك العدد الهائل، وهكذا كانت بطولة الإمام علي (عليه السلام) في غزوة الخندق ـ الأحزاب ـ، فكانت أهمّ عناصر النصر لمعسكر الإيمان على معسكر الكفر والضلال.