الكذب
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » الكذب

 البحث  الرقم: 348  التاريخ: 17 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 3929
قائمة المحتويات

تعريف الكذب وأنواعه

وهو إما في القول، أي الإخبار عن الاشياء على خلاف ما هي عليه، وصدوره إمّا عن العداوة أو الحسد أو الغضب، فيكون من رذائل القوة الغضبية، أو من حب المال والطمع أو الاعتياد الحاصل من مخالطة أهل الكذب، فيكون من رذائل القوة الشهوية. أو في النية والارادة، وهو عدم تمحيضها بالله، بألا يكون الله سبحانه بانفراده باعث طاعاته وحركاته، بل يمازجه شيء من حظوظ النفس، وهذا يرجع إلى الرياء، ويأتي كونه من رذائل أي قوة. وإمّا في العزم، أي الجزم على الخير، وذلك بأن يعزم على شيء من الخيرات والقربات، ويكون في عزمه نوع ميل وضعف وتردّد يضاد الصدق في العزيمة، وهذا ايضاً من رداءة قوة الشهوة. وإمّا في الوفاء بالعزم، فإن النفس قد تسخو بالعزم في الحال، لعدم مشقة في الوعد، فإذا حقت الحقائق وحصل التمكن وهاجت الشهوات، انحلت العزيمة، ولم يتفق الوفاء بالعزم، وهذا ايضاً من رذائل القوة الشهوية ومن أنواع الشره. وإمّا الاعمال، وهو ان تدل اعماله الظاهرة على أمرٍ في باطنه لا يتصف هو به، أي لا يكون باطنه مثل ظاهره ولا افضل منه. وإمّا في مقامات الدين، كالكذب في الخوف والرجاء، والزهد والتقوى، والحب والتعظيم، والتوكل والتسليم، وغير ذلك من الفضائل الخلقية، فإن لها مبادئ يطلق الاسم بظهورها، ثمَّ لها حقائق ولوازم وغايات، والصادق المحقق من نال حقائقها ولوازمها وغاياتها، فمن لم يبلغها كان كاذباً فيها.
ثم الكذب في كل مقام لمّا كان راجعاً إلى عدمه، فيكون رذيلة متعلقة بالقوة التي في هذا المقام فضيلة متعلقة بها. وبما ذُكر يظهر: أن من له مبدأ الايمان، اعني الاقرار بالشهادتين، وكان فاقداً لحقيقته، اعني اليقين القطعي بالمبدأ أو المعاد، أو للوازمه وغاياته، اعني الخوف الصادق منه تعالى والتعظيم الحقيقي له سبحانه والاهتمام البالغ في امتثال اوامره ونواهيه، كان كاذباً في دعوى الايمان.

ذم الكذب

والكذب اقبح الذنوب وافحشها، واخبث العيوب واشنعها. قال الله سبحانه وتعالى: «إنّما يفتري الكَذِبَ الذينَ لا يؤمنون» [سورة النحل: 105]، وقال رسولُ الله (صلى الله عليه وآله): «ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الاشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور» [جامع السعادات: 2/96]، أي: الكذب.

مسوغات الكذب

والكذب حرام، لما فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره، أو لايجابه اعتقاد المخاطب خلاف الواقع، فيصير سبباً لجهله، وهذا القسم مع كونه أهون الدرجات واقلها إثماً محرّم ايضاً، إذ القاء خلاف الواقع على الغير وسببية جهله غير جائز، إلاّ انه إذا كان مما يتوقف عليه تحصيل مصلحة مهمة، ولم يمكن التوصل إليها بالصدق، زالت حرمته وارتفع اثمه، فإن كانت المصلحة مما يجب تحصيلها، كانقاذ مسلم من القتل والاسر، أو حفظ عرضه أو ماله المحترم، كان الكذب فيه واجباً، وان كانت راجحة غير بالغة حد الوجوب، فالكذب لتحصيلها مباح أو راجح مثلها، كالاصلاح بين الناس، والغلبة على العدو في الحرب، وتطبيب خاطر امرأته واسترضائها، وقد وردت الأخبار الكثيرة بجواز الكذب إذا توقف عليه تحصيل هذه المقاصد الثلاثة، كما رويَ أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يرخص في شيء من الكذب إلاّ في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الاصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدّث امرأته والمرأة تحدث زوجها.
والحاصل: ان الكذب لدفع ضررٍ أو شرٍّ أو فساد جائز، بشرط صحة القصد، وقد ورد: ان الكذب المباح يكتب ويحاسب عليه لتصحيح قصده، فإن كان قصده صحيحاً يعفى عنه، وإلاّ يؤاخذ به، فينبغي أن يجتهد في تصحيح قصده، وأن يحترز عنه ما لم يضطر إليه، ويقتصر فيه على حد الواجب، ولا يتعدى إلى ما يستغنى عنه.

علاج الكذب

وأمّا كيفية معالجة الكذب: فعليه أن يتأمل في ما ورد في ذمّه من الآيات والاخبار اولاً، ليعلم أنّه لو لم يتركه لأدركه الهلاك الأبدي، ثم يتذكّر أن كل كاذب ساقط عن القلوب في الدنيا ولا يعتني احدٌ بقوله، وكثيراً ما يفتضح عند الناس بظهور كذبه، ومن أسباب افتضاحه أنَّ الله سبحانه وتعالى يسلّط عليه النسيان، حتّى أنّه لو قال شيئاً ينسى أنّه قاله، فيقول خلاف ما قاله، فيفتضح، وإلى ذلك اشار الإمام الصادق (عليه السّلام) بقوله: «إنّ مما أعان الله به على الكذابين النسيان» [جامع السعادات: 2/103]. ثمَّ يتأمل في الآيات والأخبار الواردة في مدح ضده، اعني الصدق، وبعد ذلك إن لم يكن عدواً لنفسه، فليقدم التروي في كل كلام يريد ان يتكلم به، فإن كان كذباً يتركه، وليجتنب مجالسة الفسّاق وأهل الكذب، ويجالس الصلحاء وأهل الصدق.

الروابط
الأشخاص: السيد خالد الموسوي [المراسل]
مفاتيح البحث: مسوغات الكذب،
أنواع الكذب،
علاج الكذب،
الكذب،
ذم الكذب،
تعريف الكذب،
...
المواضيع: رذائل الأخلاق

الفهرسة