مدفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام)
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » مدفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام)

 البحث  الرقم: 445  التاريخ: 19 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 8234
قائمة المحتويات

مدفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام)

بقي الناس إلى يومنا هذا يتساءلون: أين دُفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام)؟
وقد كثرت واختلفت في ذلك أقوال المؤرخين في المكان الذي حظي بشرف دفن الرأس الشريف.
ونذكر تلك الأقوال: الأول: في المدينة المنورة:
ذهب فريق من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف للإمام الحسين (عليه السلام) دفنه حاكم المدينة في البقيع إلى جانب أمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) كما روي في تذكرة الخواص.
فقد ذكر أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمة (عليها السلام) فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليها، فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به، فكفن ودفن عند أمه فاطمة (عليها السلام).
ويضعف هذا، أولاً: بأنه مبني على إثبات القول بوصول الرأس إلى المدينة، وعدم انتقاله في الطريق بين الشام والمدينة إلى كربلاء مع زيارة الأهل للقبور كما سيأتي.
ثانياً: إن الاختلاف قائم على محل دفن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بين منزلها وما بين قبره ومحرابه (صلى الله عليه وآله) في المسجد، وبين دفنها في البقيع ومن دون تحديد المكان.
الثاني: في سوريا:
ذهب جمهور من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد دفن في دمشق بعد وصوله إليها من كربلاء، إلا أنهم اختلفوا في تحديد المكان الذي دفن فيه.
فمنهم من قال أنه دفن في حائط بدمشق، ومنهم من قال في دار الإمارة، ومنهم من قال في المقبرة العامة لدفن المسلمين.
وهناك قول بدفنه في داخل باب الفراديس، وذلك المكان سمي بـ (مسجد الرأس).
وقولاً آخر أنه في جامع دمشق، وسمي المكان بـ (رأس الحسين)، ويزوره الناس إلى الآن، كما أن هناك أقوالاً أٌخر.
وإختلاف الأمكنة المتعددة لمحل الدفن دليل الضعف.
الثالث: في مصر:
وذهب بعض المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد حظيت به القاهرة، وذكر في كيفية نقله إليها قولان:
الأول: وهو ما ذكره الشعراني من أن العقيلة زينب بنت علي (عليهما السلام) نقلته إلى مصر ودفنته فيه.
الثاني: وهو ما أفاده المقريزي من أن الرأس نقله الفاطميون من باب الفراديس في دمشق إلى (عسقلان)، ومنها حمل إلى (القاهرة) من طريق البحر، في اليوم العاشر من شهر جمادى الآخرة من سنة (548 هـ)، وقد قام بذلك سيف المملكة مع القاضي المؤتمن بن مسكين، أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر، وجرى له استقبال ضخم.
أما القول الأول فهو ضعيف، ولم يذكره غير الشعراني على أن سفر العقيلة زينب (عليها السلام) إلى مصر كان بفترة طويلة بعد عودتها إلى المدينة من سبيها فى الشام، ولا يعقل أنها احتفظت بالرأس كل تلك المدة لتدفنه بعدئذ في مصر، ولم تذكر رواية أنها دفنته ومن ثم أخرجته لتنقله معها إلى مصر.
وأما ما نقله المقريزي، فإنه يتوقف أولاً على إثبات وجود الرأس الشريف في باب الفراديس في المدة الفاصلة بين عام (61 هـ – 548 هـ)، حتى يصدق أن المنقول هو رأس الحسين (عليه السلام)، وهو غير ثابت حتى وإن ثبت صحة خبر ما قام به الفاطمييون.
الرابع: في فارس:
وقد ذكر ذلك أحمد عطية في دائرة المعارف الحديثة، ولعل المصدر هو ما ورد من أن أبا مسلم الخراساني لما استولى على دمشق، نقل الرأس الشريف منها إلى مرو، فدفن بها في دار الإمارة ثم بني عليه رباطاً.
وهو قول شاذ لم يذكره أحد من المؤرخين المعتبرين ولا دليل عليه، وهو كالقول بنقل الرأس الشريف إلى مصر متوقف على بقاء الرأس في الشام، وهو غير ثابت حتى يثبت فيما بعد نقله إلى مكان آخر.
الخامس: في النجف:
حيث أنه نقلت مجموعة من الأخبار عن الإمام الصادق (عليه السلام) على أن الرأس الشريف دفن في الغري، ولكن التعبير في بعضها بأنه موضع الرأس، وهذا لا يدل على أنه قد دفن فيه، مضافاً إلى ملاحظة أسانيد تلك الروايات.
السادس: في كربلاء:
اشتهر هذا القول عند فريق كبير من علماء المسلمين من الفريقين، فمن أهل السنة ما ذهب اليه الشبراوي، والقزويني، وأبو ريحان البيروني، حيث يقول: في العشرين من صفر رُدَّ الرأس إلى جثته فدفن معها.
وابن الجوزي، حيث يقول: واختلفوا في الرأس على أقوال، أشهرها أنه رُدَّ إلى المدينة مع السبايا، ثم رُدَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه، قاله هشام وغيره.
وكما ينقل ابن شهر آشوب في مناقبه من أنه المشهور بين الشيعة، وينقل رأي السيد المرتضى والشيخ الطوسي.
وقد نص على ذلك علماء الشيعة ومحدثوهم كالمجلسي، وابن نما، وذكر السيد ابن طاووس أن عمل الطائفة على ذلك.
وهذا القول هو المشهور والمعروف عندنا الشيعة الإمامية من أن الرأس الشريف قد أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد الطاهر.
دفن الرؤوس:
أما كيفية نقل الرؤوس الشريفة إلى كربلاء ودفنها مع الأجساد الطاهرة فحسبما هو المعروف من أن الامام زين العابدين (عليه السلام) طلبها من يزيد وهو أجابه.
وذلك عندما أراد يزيد أن يطلب مرضاة الإمام (عليه السلام)، بعد أن علم الناس واقع الأمر، بأن المقتول هو الحسين بن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وكذلك المسبيات في أنَّهن لَسنَ من الخوارج كما كان يدعي يزيد، وإنما هن بنات الوحي والرسالة.
فعندها نقموا عليه وكرهوا فعلته، وصار يزيد يتنصل من ذلك ويضع اللوم على واليه في الكوفة عبيد الله بن زياد في قتله للحسين وأصحابه، وأنه هو لم يأمرهم بذلك.
وقد خيَّر الإمام زين العابدين (عليه السلام) والعيال بالبقاء في الشام أو الرحيل منها، وقد أختاروا الرحيل، فأمر بتجهيز الراحلة مع الدليل، ومعهم النعمان بن بشير الأنصاري.
فلما وصل الركب إلى مفرق طريقين يؤدي أحدهما إلى العراق والآخر إلى المدينة - وهي منطقة في الحدود بين الشام والأردن والعراق تعرف حتى اليوم باسم (المفرق) - سأل الدليل الإمام (عليه السلام) إلى أين يتجه بالركب؟
فسأل الإمام (عليه السلام) عمته العقيلة زينب (عليها السلام)، فقالت: قل للدليل يعرج بنا إلى كربلاء لنجدد عهداً بقتلانا وندفن الرؤوس.
فوصل الركب إلى موضع القتل بكربلاء في العشرين من صفر 61 هـ، أي بعد أربعين يوماً من الواقعة.
وعندها دفن الإمام (عليه السلام) الرؤوس مع الأجساد، ومن ذلك أُثِر عند الشيعة فيما بعد زيارة الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين، وكذلك جلوسهم لقراءة القرآن والترحم على موتاهم بعد مرور أربعين يوماً على وفاتهم.
خاتمة:
تناولنا في الصفحات الماضية بعض الأخبار التي نقلها المؤرخون في مواضع دفن رأس الإمام الحسين (عليه السلام).
وقد شيد في أغلب تلك المواضع مزارات يطوف بها المسلمون، وهي موضع اعتزاز وفخر وتقدير لكل بلد أو مكان حظي بهذه النسبة.
وعلى أَيَّةِ حال من الأحوال وصحة أَيَّةِ رواية من عدمها لتعيين مكان دفن الرأس الشريف فإن الإمام الحسين (عليه السلام) قائم في عواطف الناس وقلوبهم، وفي أعماق النفوس قبره روحاً وجسداً ورأساً.

الروابط
المقالات: زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم الأربعين،
دفن الإمام الحسين (عليه السلام) وباقي شهداء الطف *
مواقع الإنترنيت: مركز آل البيت العالمي للمعلومات
مفاتيح البحث: المدينة المنورة،
مصر،
النعمان بن بشير،
زينب بنت علي عليهما السلام،
الإمام الحسين (عليه السلام)،
الإمام السجاد (عليه السلام)،
...
الواحات: الواحة الحسينية

الفهرسة