النميمة
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » النميمة

 البحث  الرقم: 498  التاريخ: 21 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 5438
قائمة المحتويات

تعريف النميمة

النميمة تطلق في الاكثر على ان ينم قول الغير إلى المقول فيه، كأن يقال: فلان تكلم فيك بكذا وكذا، أو فعل فيك كذا وكذا. وعلى هذا تكون النميمة نوعاً خاصاً من إفشاء السرّ وهتك الستر، وهو الذي يتضمن فساداً أو سعاية، وقد تطلق على ما لا يختص بالمقول فيه، بل على كشف ما يكره كشفه، سواء كره المنقول عنه أو المنقول إليه أو كرهه ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو الكتابة أو بالرمز والايماء، وسواء كان المنقول من الاعمال أو من الاقوال، سواء كان ذلك عيباً ونقصاناً على المنقول عنه أو لم يكن. وعلى هذا يكون مساومة لافشاء السرّ وهتك الستر، وحينئذٍ فكل ما يرى من احوال الناس ولم يرضوا بإفشائه، فإذاعته نميمة.
فاللازم على كل مسلم ان يسكت عمّا يطلع عليه من احوال غيره، إلاّ إذا كان في حكايته نفع لمسلم أو دفع لمعصيته، كما إذا رأى أحداً يتناول مال غيره، فعليه ان يشهد به مراعاة لحق المشهود له، وأمّا إذا رآه يخفي مالاً لنفسه فحكايته نميمة وإفشاء للسر.

بواعث النميمة

ثمَّ ان الباعث على النميمة يكون غالباً ارادة السوء بالمحكي عنه، فيكون داخلاً تحت الايذاء، وربما كان باعثه إظهار المحبة للمحكي له، أو التفريح بالحديث، أو الخوض في الفضول. وعلى أي تقدير، لا ريب في ان النميمة ارذل الافعال القبيحة واشنعها.

ذم النميمة

وما ورد في ذمها من الآيات والأخبار لا يحصى كثرة، فمن باب المثال، قال تعالى: «همّازٍ مشّاءٍ بنميمٍ * مَنّاعٍ للخيرٍ معتدٍ أثيمٍ * عُتُل بَعدَ ذلكَ زنيم» [القلم: 11ـ13]. والزنيم: هو ولد الزنا، فيستفاد من الآية: أن كل من يمشي بالنميمة فهو ولد الزنا، وقال سبحانه: «ويلٌ لكلِّ همزةٍ لُّمزةٍ» [الهمزة: 1]، أي النمام المغتاب.
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا يدخل الجنة نمّام» [جامع السعادات: 2/63]، وعن الإمام الباقر (عليه السّلام) قال: «يُحشر العبد يوم القيامة وما ندا دماً، فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربِّ، إنّك لتعلم انك قبضتني وما سفكت دماً، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبّار فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه» [جامع السعادات: 2/63].
ومن عرف حقيقة النميمة، يعلم ان النمّام شرَّ الناس واخبثهم، كيف وهو لا ينفك من الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغِل والحسد والنفاق والافساد بين الناس والخديعة.
لزوم عدم تصديق النمّام:
ثمّ يلزم على مَنْ تُحمَل إليه النميمة ألاّ يصدّق النمام، لأنّه فاسق، مردود الشهادة بقوله تعالى: «إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بنبأً فتبيّنوا» [سورة الحجرات: 6]، وأنْ ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبّح له فعله، لقوله تعالى: «وأمر بالمعروف وانه عن المنكر» [سورة لقمان: 17]، وان يبغضه في الله، لكونه مبغوضاً عنده تعالى، وألاّ يظن بأخيه سوءً بمجرد قوله، لقوله تعالى: «اجتبوا كثيراً مِنْ الظَّن» [سورة الحجرات: 12]، وألاّ يحمل عمله على التجسس والبحث لتحقيق ما حكى له، لقوله تعالى: «ولا تجسسوا» [سورة الحجرات: 12]، وألاّ يرضى لنفسه ما نهى عنه النمام، فلا يحكي نميمته، فيقول: فلان قد حكى كذا وكذا، فيكون به نماماً ومغتاباً.
وروى محمد بن فضيل عن الإمام الكاظم (عليه السّلام)، أنّه قال له: جعلتُ فداك! الرجل من اخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد اخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: «يا محمّد، كذّبْ سمعك وبصرك عن اخيك، فإن شهد عند خمسون قسامة، فقال لك قولاً، فصدقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به وتهدم مروته، فتكون من الذين قال الله: «إنَّ الَذينَ يحبّون أنْ تَشيِعَ الفاحشةُ في الذِينَ آمنوا لهم عذابٌ اليمٌ» [جامع السعادات: 2/65، والآية في سورة النور: 19].
وقد رويَ عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)، أن رجلاً اتاه يسعى إليه برجل، فقال (عليه السّلام): «يا هذا! نحن نسأل عمن قلت: فإن كنت صادقاً مقتناك، وان كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك اقلناك»، قال: اقلني يا أمير المؤمنين [جامع السعادات: 2/65].
ونُقل: أنَّ رجلاً زار بعض الحكماء، واخبره بخبر عن غيره، فقال: قد ابطأت عني الزيارة، وبغّضت إليَّ أخي، وشغلت قلبي الفارغ، واتهمتَ نفسك الامينة [جامع السعادات: 2/65].

الروابط
القاموس: النميمة
الأشخاص: السيد خالد الموسوي [المراسل]
مفاتيح البحث: النميمة،
تعريف النميمة،
ذم النميمة،
بواعث النميمة
المواضيع: رذائل الأخلاق

الفهرسة