ما هي العلاقة؟؟؟ الصحابة وقتلة عثمان!!
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » ما هي العلاقة؟؟؟ الصحابة وقتلة عثمان!!

 البحث  الرقم: 515  التاريخ: 25 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 5226
إنّ طلحة والزبير كانا من أشدّ الناقمين على سياسة عثمان، ومع أنهما سبقا الناس في البيعة للإمام علي (عليه السّلام) بعد قتل عثمان، فإنّ الحركة الإصلاحية التي قادها الإمام (عليه السّلام) في الحياة الإسلامية لم ‏تجد هوى في نفسيهما، فبدءا في العمل للخروج على الإمام (عليه السّلام)، وإثارة المسلمين عليه، فكانت حصيلة ذلك فتنة عمياء كبدت الأمة خسارة فادحة، حيث أقنعا عائشة بنت أبي بكر بالخروج معهما إلى البصرة، لقيادة عملية المعارضة على عليّ (عليه السّلام)، وما دام القوم قد رفعوا قميص عثمان للمطالبة بدمه، فلننظر موقف القيادات التي تزعمت حركة المطالبة بدمه، كيف كان موقفها من عثمان نفسه عندما كان حياً. فقد رووا أنّ الزبير كان يقول: اقتلوا عثمان فقد بدل دينكم، فقالوا له: إنّ ابنك يحامي عنه بالباب وكان ذلك أثناء الحصار الذي فرضه الثائرون على بيت عثمان، فقال الزبير: ما أكره أن يقتل عثمان، ولو بدئ بإبني، إنّ عثمان جيفة على الصراط غداً.
وأما طلحة، فقد ذكر المؤرخ الواقدي أنّه لما قتل عثمان وتذاكروا أمر دفنه، والمكان الذي يدفن فيه قال طلحة: يدفن بـ (دير سلع) يعني مقابر اليهود، وقال ابن أبي الحديد: كان طلحة أشدّ الناس تحريضاً على عثمان، وكان الزبير دونه في ذلك، وروي أنّ عثمان قال: ويلي على ابن الحضرمية ـ يعني طلحة ـ أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباًَ، وهو يروم دمي، يحرض على نفسي، اللهم لا تمتعه به، ولقه عواقب بغيه، على إنّ الإمام علياً (عليه السّلام) قد طلب إلى طلحة وكان عثمان محاصراً في بيته أن يذهب لردّ الناس عنه، فقال طلحة: لا والله، حتى تعطيني بنو أمية الحقّ من نفسها، ـ أي أن ينصاع بنو أمية وهم أقرباء الخليفة ـ، لمطاليب المسلمين الذين طالبوا بإعادة ما نهبه بنو أمية منهم بالظلم والجور، وأمّا عائشة بنت أبي بكر، وزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فقد كانت أشدّ القوم في حربها لعثمان، ونظراً لمكانتها بين الناس، لأنها زوج رسول الله (ل الله عليه وآله)، فقد كان الرواة والركبان يتناقلون فوراً ما كانت تتفوه به ضده، فعند ما اشتدّ الحصار على عثمان، كانت قد توجهت من المدينة المنورة إلى الحج، فناشدها بعض المسلمين القريبين منها أن تبقى في المدينة فلعل في وجودها ما يطفئ شيئا من الثورة القائمة ضد عثمان، وكان مروان بن الحكم على رأس أولئك المطالبين، فردت عليه عائشة: يا مروان! وددت والله أنه أي عثمان في غرارة من غرائري هذه، وأني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر، كما أنّها التقت وهي في طريقها إلى الحجّ بالصحابي الجليل عبد الله بن عباس فنهته عن نصرة عثمان قائلة: يا ابن عباس! إنّ الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً، فإياك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية، كما كان لعائشة موقف مشهور من الخليفة عثمان أطلقت على أثره شعارها المعروف: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، قال اليعقوبي المؤرخ: كان عثمان يخطب، إذ دلت عائشة قميص رسول الله ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته، فقال عثمان: ربّ اصرف عني كيدهن إنّ كيدهن عظيم، وقال المؤرخ ابن أعثم: لما رأت أمّ المؤمنين اتفاق الناس على قتل عثمان، قالت له: أي عثمان، خصصت بيت مال المسلمين لنفسك، وأطلقت أيدي بني أمية على أموال المسلمين، ووليتهم البلاد، وتركت امة محمد في ضيق وعسر، قطع الله عنك بركات السماء، وحرمك خيرات الأرض، ولو لا أنك تصلي الخمس، لنحروك كما تنحر الإبل، فقرأ عليها عثمان قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)، وبذلك كان الخليفة يعرّض بعائشة، فردّت هي بإطلاق شعار: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، وتعني بنعثل الخليفة عثمان، ونعثل هي كلمة تعني الذكر من الضباع، والشيخ الأحمق، ويهودياً كان بالمدينة، وجميع تلك المعاني قارصة.
أمّا عمرو بن العاص، فبعد أن عزله عثمان عن ولاية مصر، غضب عليه وخرج يحرّض الناس ضد عثمان، وكان من أشدّ الناس طعناً على عثمان، وقال: لقد أبغضت عثمان، وحرّضت عليه حتى الراعي في غنمه، وبلغ في تحريضه أنّه وصل إلى أرض فلسطين، وبدأ بتحريض الناس على عثمان، هذا وقد كنا قد شرحنا موقف معاوية بن أبي سفيان عند ما أرسل مجموعة من الجند لنصرة عثمان، إلاّ أنّه أمر قائدهم بالتوقف خارج المدينة، وكان الهدف من ذلك إنّه ينتظر عقبى الصراع، إلاّ أنّ مقتل عثمان، ومبايعة المسلمين للإمام علي (عليه السّلام) جعل الأمور تتخذ مجرى آخر، حيث إنّ عدالة علي وتمسكه بالإسلام لا تروق لأولئك الذين اكتنزوا الكنوز، وامتلكوا الضياع، وبنوا القصور من أموال المسلمين، فقاموا متحدين لمقاومة عدالة الإسلام، التي لن تكتفي بحرمانهم مما ألفوه من النهب، بل ستأخذ منهم حتى تلك الأموال التي نالوها بطريقة غير مشروعة، وجعل أولئك الذين تمنوا الموت لعثمان، وحرضوا الناس ضدّه حتى أودوا بحياته، جعلهم متحدين يطالبون بدمه، حيث اتفق طلحة والزبير، ومعهما أمّ المؤمنين عائشة وخرجوا إلى البصرة مطالبين بدم عثمان! إنّها من الأمور التي تدهش اللبيب حقّاً.

الروابط
الأشخاص: الدكتور غصون سعد الساعدي [المراسل]
مواقع الإنترنيت: شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام)
مفاتيح البحث: قتلة عثمان،
مقتل عثمان،
عثمان بن عفان
المواضيع: تاريخ الإسلام

الفهرسة