زوجات وأولاد مسلم بن عقيل (عليهم السلام)
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » زوجات وأولاد مسلم بن عقيل (عليهم السلام)

 البحث  الرقم: 597  التاريخ: 17 ذو الحجّة 1429 هـ  المشاهدات: 56659
قائمة المحتويات

زوجات وأولاد مسلم بن عقيل (عليهم السلام)

تزوج مسلم - عليه السلام - رقية بنت أمير المؤمنين - عليه السلام - فولدت له عبدالله وعليا (1)، ومحمد من أم ولد (2)، وأما مسلم وعبدالعزيز لم يعيّن ابن قتيبة أمهما، وله بنت اسمها حميدة أمها أم كلثوم الصغرى بنت أمير المؤمنين (3)، وحيث لا يصح الجمع بن الاختين فلابد من فراق احداهما أو موتها، وتزوج حميدة ابن عمها وابن خالتها عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وأمه زينب الصغرى بنت أميرالمؤمنين، وكان شيخا جليلا محدثا فقيها عده الشيخ الطوسي من رجال الامام الصادق - عليه السلام - وجزم الترمذي بصدقه ووثاقته، وخرّج حديثه في جامعه، كما احتج به أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود وابن ماجة القزويني مات سنة 142 (4) وولدت حميدة محمدا أعقب من خمسة القاسم وعقيل وعلي وطاهر وابراهيم (5).
فأولاد مسلم الذكور خمسة؛ عبدالله ومحمد استشهدا يوم الطف، واثنان قتلا بالكوفة، ولم نقف على شيء من أمر الخامس.
وكان من حديث المقتولين بالكوفة ما يحدث به الشيخ الصدوق عن رجاله قال: اسر طفلان من عسكر الحسين، فجيء بهما الى ابن زياد، فدفعهما الى رجل، وأوصاه بالتضييق عليهما حتى في الطعام والشراب، فمكثا في الحبس سنة فقال أحدهما للآخر: لقد طال الحبس بنا ويوشك أن تفنى أعمارنا، فاذا جاء الشيخ، فأعلمه بمكاننا من رسول الله لعله يوسّع علينا.
ولما جاء الرجل سألاه هل تعرف محمد بن عبدالله؟ قال: هو نبيي. ثم سألاه عن جعفر الطيار، قال: إنه الذي أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة. فسألاه عن علي بن أبي طالب، قال: إنه ابن عم رسول الله.
فقالا له: نحن من عترة رسول الله نبيك، ومن أولاد مسلم بن عقيل وقد ضيّقت علينا حتى في الطعام والشراب.
فانكبّ الرجل عليهما يقبّلهما، ويعتذر من التقصير معهما مع مالهما من المنزلة من رسول الله، ثم قال لهما: اذا جنّ الليل أفتح لكما باب السجن، وخذا أيّ طريق شئتما، ولما أن جاء الليل أخرجهما وقال: سيرا في الليل، واكمنا في النهار حتى يجعل الله لكما من أمره فرجا.
فهرب الغلامان، ولما أن جن عليهما الليل انتهيا الى عجوز كانت واقفة على باب دارها تنتظر ختنا لها، فوقفا عليها وعرفاها بأنهما غريبان من عترة رسول الله لا يهتديان الى الطريق واستضافاها سواد هذه الليلة.
فأدخلتهما البيت وقدّمت لهما الطعام والشراب فأكلام وشربا وباتا راجيين للسلامة، واعتنق أحدهما الآخر وناما، وفي تلك الليلة أقبل ختن العجوز وقد أجهده الطلب للغلامين وقص على العجوز هرب الغلامين من سجن ابن زياد، وانه نادى عسكره من أتاه برأسيهما فله ألفا درهم.
فحذّرته العجوز من العذاب الأليم، ومخاصمة جدهما محمد، وأنه لافائدة في دنيا ولاآخرة معها، فارتاب الرجل من هذا الوعظ، وظن الغلامين عندها، ولما ألح على أن تخبره بما عندها وهي كاتمة عليه أمرهما أخذ يفحص البيت عنهما فوجدهما نائمين، فقال لهما: من أنتما؟ قالا: إن صدقناك فلنا الأمان؟ قال: نعم، فأخذا عليه أمان الله وأمان رسوله ثم جعلا الله عليه شهيدا ووكيلا فأوقفاه على حالهما.
وعند الصباح أمر غلاما له أسود أن يأخذهما الى شاطئ الفرات ويذبحهما ويأتيه برأسيهما.
فلما أخذهما الغلام قالا له: يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول
الله أتقتلنا ونحن عترة نبيك، وقصّا عليه قصّتهما في السجن وما لاقياه من النصب حتى أضافتهما العجوز.
فرقّ الغلام لهما واعتذر منهما ورمى السيف وألقى نفسه في الفرات وعبر الى الجانب الآخر فصاح به مولاه: صيتني؟ فأجابه: أنا في طاعتك ما دمت لا تعصي الله فاذا عصيت الله فأنا بريء منك.
فلم يتّعظ الرجل ولا رقّت لهما بل دعا ابنه وقال له: إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك، والدنيا محرص عليها فاضرب عنقي الغلامين لأحضى برأسيهما عند ابن زياد، ولما وقف عليهما الولد قالا له: يا شاب أما تخاف على شبابك من نار جهنم ونحن عترة رسول الله محمد. فرقّ الولد لهما وفعل مثل العبد.
فقال الرجل: أنا أتولى ذبحكما، فقالا له الغلامان: إن كنت تريد الال فانطلق الى السوق وبعنا ولا تكن ممن يخاصمك محمد في عترته، فما ارعوى عن غيّة، قالا له: انطلق بنا الى ابن زياد ليرى فينا رأيه، فأبى. قالا: ألم ترع حرمة رسول الله في آله، فأنكر قرابتهما من النبي، فاستعطفاه لصغر سنهما فلم يرقّ قلبه.
فطلبا منه أن يصليا لربهما سبحانه فقال: صليا إن نفعتكما الصلاة، وبعد أن فرغا رفعا أيديهما الى الله سبحانه وهما يقولان: يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين إحكم بيننا وبينه بالحق.
فقدّم الأكبر وذبحه فتمرّغ الأصغر بدمه وقال: هكذا ألقى رسول الله وأنا مخضّب بدم أخي، ثم ضرب عنقه ورمى ببدنهما في الفرات وأقبل بالرأسين الى ابن زياد وقصّ عليه ما شاهده منهما.
فاستجاب الله تعالى دعاءهما وحرمه الدنيا والآخرة إذ قال ابن زياد له: إن أحكم الحاكمين حكم بقتلك، وأمر به فأخذ الىالموضع الذي قتل فيه الغلامين فضربت عنقه ونصب رأسه على قناة والصبيان يرمونه بالحجارة ويقولون: هذا قاتل ذرية رسول الله (6).
وحكى في رياض الأحزان ص3 عن المناقب أنهما من ولد جعفر الطيار اسم أحدهما محمد والآخر ابراهيم.
وإن السيرة بين الشيعة علىالمثول بمشهدهما الواقع بالقرب من المسيب تفيد القطع به، وبناء على ما أفادته الرواية من القاء بدنهما في الفرات يكون هذا الموضع أما محل القتل وأما انهما فدفنا هناك.
والتأمل في الرواية يفيد بأنهما لم يأتيا دار العجوز في الليلة التي هربا فيها من السجن، فإن غاية ما تنص عليه أن ختن العجوز قال لها: ان ابن زياد نادى في عسكره يهرب الغلامين، وجعل لمن أتاه برأسيهما ألفي درهم، وقطعا لم يعلم ابن زياد يهربهما في تلك الليلة فلابد أن يكون في صاحبها، كما لم يعلم مجيء ختن العجوز الى الدار هل هو في الليلة الثانية أو بعدها لأنه كان بصدد التفتيش عنهما، فالتشكيك في الرواية من جهة بعد الموضع الذي قتلا فيه عن الكوفة التي هي محل حبسهما إنما يتجه لو فرض قبض الرجل عليهما في الليلة التي هربا فيها، وأما احتمال عثوره عليهما فيما بعها بأكثر فلا.
ثم أن الرواية لم تنص أيضا على كون الحبس في نفس البلد فاحتمال بعض العلماء على أن يكون ابن زياد دفعهما الى الرجل على أن يحبسهما ولو في بيته الخارج عن الكوفة وانه لم يكن بعيدا عن موضع قتلهما بكثير متجه.
ولو انا ماشينا من ينكر هذه الرواية لبعض الاحتمالات فلا نوافقه على الإلتزام ببطلان نسبة هذا المشهد الى ولدي مسلم - عليه السلام -، فإن سيرة الشيعة، والشهرة بينهم تحقق كون المشهد المعروف لولدي مسلم على الاجمال ولم يحصل الشك في أدوارهم اتباعا للخلف على طريقة السلف حتى كثرت زرافات الزائرين لهما تقربا الى الله تعالى مع النذور المهداة إليهما، والعمارة المتجددة حول القبرين على نحو غير واحد من المشاهد المحقق ثبوتها، وكل هذا بمشهد من العلماء فلا يعتنى حينئذ بمن تأخذه الوسوسة الى مناحي ممقوتة كما هو شأنه في جملة من المظاهر والمشاعر.

الهوامش

1- المعارف ص88.
2- مقاتل أبي الفرج ص37 ط ايران.
3- عمدة الطالب ص16 ط نجف.
4- تهذيب التهذيب ج6 ص15.
5- عمدة الطالب ص17.
6- أمالي الصدوق ص51 مجلس 19.

الروابط
المقالات: أولاد مسلم بن عقيل (عليه السلام)
الأشخاص: العلامة السيد عبد الرزاق المقرم [المؤلف]
مواقع الإنترنيت: حوزة الهدى للدراسات الإسلامية
الواحات: الواحة الحسينية

الفهرسة