البحث الرقم: 611 التاريخ: 17 ذو الحجّة 1429 هـ المشاهدات: 9064
كان الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، والحارث بن طلاطلة، بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستهزئون من دعوته، ويهدّدونه بالقتل إن استمر في الدعوة. فقالوا له: يا محمد، ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك. فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) منزله، وأغلق عليه بابه مُغتَمّاً لقولهم، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) عن الله سبحانه من ساعته فقال: يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام، وهو يقول لك: (فَاصدَعْ بِمَا تُؤْمَرَ وَاعْرِضْ عَنِ المُشرِكِينَ) [الحجر: 94]. يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادعهم إلى الإيمان. قال (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ . قال له (عليه السلام): (إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95]. فأظهر (صلى الله عليه وآله) أمره عند ذلك. وأما المستهزئين الخمسة فقد قتلهم الله، وكل واحد تختلف قتلته عن الآخر. فأما الوليد بن المغيرة، فمرَّ بنبل ـ السهام العربية ـ، لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق، فأصابه شَضِيَّةً منه، فانقطع أكحله، فمات وهو يقول: قتلني رَبّ مُحمد. وأما العاص بن وائل السهمي، فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدحرج تحته حجر، فسقط، فتقطَّع قطعة قطعة، ومات وهو يقول: قتلني رَبّ محمد. وأما الأسود بن عبد يغوث، فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلَّ بشجرة، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني، فقال الغلام: ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلا نفسك، فَقُتِلَ وهو يقول: قتلني رَبّ مُحمد. وأما الأسود بن المطلب، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) دعا عليه أن يعمي الله بصره، وأن يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع، أتاه جبرئيل (عليه السلام) بورقة خضراء، فضرب بها وجهه فعمي، وبقي حتى أثكله الله (عزّ َوجلَّ) ولده، ثم مات وهو يقول: قتلني ربّ مُحمد. وأما الحارث بن الطلاطلة، فإنه خرج من بيته في السموم فتحوَّل حبشياً، فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني رَبّ مُحمد، كل ذلك كان في ساعة واحدة. وروي أيضاً أن الأسود بن الحرث أكل سمكاً مالحاً، فأصابه عطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه، فمات وهو يقول: قتلني رَبّ مُحمد.