البحث الرقم: 636 التاريخ: 20 ذو الحجّة 1429 هـ المشاهدات: 56384
1ـ آية (التَّطهِير)، وهي قوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِوَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً) [الأحزاب: 33]. فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يَمُرُّ على دار فاطمة (عليها السلام) صباح كل يوم عند خروجه إلى المسجدللصلاة، فيأخذُ بِعُضَادَةِ الباب قائلاً: السَّلامُ عَليكُم يَا أَهْلَ بَيتِ النُّبُوَّة، ثم يقول هذه الآية المباركة. 2ـ آية (المُبَاهَلَة)، وهي قوله (عزَّ وجلَّ): (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالُوا نَدْعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهِلُ فَنَجْعَلُ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ) [آل عمران: 61]. وقد نزلت حينما جاءَ وفد نَجْرَان إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لِيتحدَّثَ معه حول عِيسى (عليه السلام)، فقرأ النبي (صلى الله عليه وآله) عليهم الآية التالية: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 59]. فلم يقتنع النصارى بذلك، وكانت عقيدتهم فيه أنه (عليه السلام) ابنُ الله، فاعترضوا على النبي (صلى الله عليه وآله)، فنزلت آية المُبَاهلة. وهي أن يَتَبَاهَلَ الفريقان إلى الله تعالى، وَيَدعُوَانِ اللهَ تعالى أن يُنزل عذابَهُ وغضبَه على الفريق المُبطِل منهما، واتفقا على الغد كيوم للمباهلة. ثم تَحاوَرَ أعضاءُ الوفد بعضهم مع بعض، فقال كبيرهم الأسقف: إنْ غَداً جَاء بِوَلَدِهِ وأهل بيته فلا تُبَاهلوه، وإِن جَاء بغيرهم فافعلوا. فَغَدَا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مُحتَضِناً الحسين (عليه السلام)، آخذاً الحسن (عليه السلام) بيده، وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وعليٌّ (عليه السلام) خَلفَها. ثم جثى النبي (صلى الله عليه وآله) قائلاً لهم: إذا دَعَوتُ فَأَمِّنُوا، أما النَّصارى فرجعوا إلى أسقَفِهِم فقالوا: ماذا ترى؟. قال: أرى وجوهاً لو سُئِل اللهُ بِها أن يُزيلَ جَبَلاً مِن مكانِهِ لأَزَالَهُ. فخافوا وقالوا للنبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا القاسم، أقِلنَا أقال الله عثرتَك. فَصَالَحُوهُ (صلى الله عليه وآله) على أن يدفعوا له الجِزية. فهذه الصورةٌ تحكي عن حدث تاريخي يَتبَيَّن من خلالهِ عَظمة فاطمة الزهراء، وأهل بيتها (عليهم السلام)، ومنازلهم العالية عند الله تعالى. 3ـ سورة (الكَوثَر)، وهي قوله (عزَّ وجلَّ): (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ). فالأبتر هو المنقطع نَسلُه، وقد استفاضت الروايات في أن هذه السورة إنما نَزَلَتْ رداً على من عاب النبي (صلى الله عليه وآله) بالبتر ـ أي عدم الأولاد ـ، بعد ما مات أبناء الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهم: القاسم، وعبد الله. وقصة هذه السورة هي: أن العاص بن وائل السهمي كان قد دخل المسجد بينما كان النبي (صلى الله عليه وآله) خارجاً منه، فالتقَيَا عند باب بني سَهْم، فَتَحَدَّثَا. ثم دخل العاص إلى المسجد، فسأله رجال من قريش، كانوا في المسجد: مع من كنت تتحدث؟. فقال: مع ذلك الأبتر. فنزلت سورة الكوثر على النبي (صلى الله عليه وآله)، فالمراد من الكوثر هو: الخير الكثير، والمراد من الخير الكثير: كَثرَة الذُّرِّيَّة، لِمَا في ذلك من تَطْييبٍ لِنَفْسِ النبي (صلى الله عليه وآله). ورُوِيَ أنه (صلى الله عليه وآله) قال لخديجة قبل ولادة فاطمة (عليها السلام): هَذا جِبرَئِيلُ يُبَشِّرُنِي أَنَّها أُنثَى، وأَنَّهَا النَّسلَةُ، الطاهرةُ، المَيْمُونَةُ، وأنَّ الله تبارك وتعالى سيجعل نَسلِي مِنها، وسيجعل مِن نَسْلِهَا أئمة، ويجعلُهُم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه. 4ـ آية (الإِطعَام)، وهي قوله عزَّ وجلَّ: (وَيُطْعِمُونَالطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) [الإنسان: 8 ـ9]. وقصتها كما في تفسير الكشاف للزمخشري عن ابن عباس: أن الحسن والحسين (عليهما السلام) مَرِضَا، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نَذرتَ على ولديك. فَنَذَر عَليٌّ وفاطمةُ وجَارِيَتُهُما فِضَّة (عليهم السلام) إن برءا (عليهما السلام) مما بِهِما أن يَصومُوا ثلاثة أيام. فَشُفِيَا (عليهما السلام) وما معهم شيء. فاستقرض عليٌّ (عليه السلام) من شَمْعُون الخيبري اليهودي ثلاث أَصْوُعٍ من شعير، فَطحنت فاطمة (عليها السلام) صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم. فوضعوها بين أيديهم لِيُفطِرُوا، فَوقَفَ عليهم ـ مِسكين ـ، وقال: السَّلام عليكم يا أهلَ بيتِ محمدٍ، مِسكينٌ مِن مَساكِين المُسلمين، أطعِمُونِي أطعمكمُ اللهُ من موائد الجنة، فآثروه (عليهم السلام) وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً. فلما أمْسَوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم ـ يَتِيم ـ، فآثروه (عليهم السلام). ووقف عليهم ـ أسيرٌ ـ في الثالثة، ففعلوا (عليهم السلام) مثل ذلك. فلما أصبحوا أخذَ علي بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفِرَاخ مِن شِدَّة الجوع قال (صلى الله عليه وآله): مَا أشد مَا يَسُوؤُنِي ما أرى بكم. فانطلق (صلى الله عليه وآله) معهم، فرأى فاطمة (عليها السلام) في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه (صلى الله عليه وآله) ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد، هَنَّأَكَ اللهُ في أهل بيتك، فَأقرَأَهُ السورة. وفي هذه السورة ـ أي: سورة الإنسان، أو: سورة هَلْ أَتَى ـ كرامة للزهراء (عليها السلام)، وقد ذكرها الزمخشري في تفسيره الكشاف، عند تفسيره لهذه السورة قال: إنَّ الله تعالى قد أنزلَ (هَلْ أَتَى) في أهلِ البيت (عليهم السلام)، وَلَيس شَيءٌ مِن نعيم الجَنَّةِ إِلاَّ وَذُكِرَ فيها، إِلاَّ (الحُور العِين)، وذلك إِجلالاً لفاطمة (عليها السلام). فهذا هو إبداع القرآن الكريم، وهذه هي بلاغته والتفاتاته، وهذه هي عظمة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عند ربها العظيم. 5ـ آية (المَوَدَّة)، وهي قوله (عزَّ وجلَّ): (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) [الشورى: 23]. وقد أخرج أبو نعيم، والديلمي، من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى أن تحفظوني في أهل بيتي، وتَوُدُّوهُم لِي. وعلى هذا فإذا كان أجرُ الرسالة هو المَوَدَّة في القربى، وإذا كان المسؤول عنه الناس يوم القيامة هو المَوَدَّة لأهل بيت النبي (عليهم السلام)، فبماذا نفسر ما حصل للزهراء (عليها السلام) بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله) من اهتضام، وجسارة، وغَصبِ حَقٍّ؟!!، لكننا نترك ذلك إلى محكمة العدل الإلهية. 6ـ وهي قوله (عزَّ وجلَّ): (وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) [الإسراء: 26]. فقال شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد: إن الله (عزَّ سلطانه) لما فتح لعبده وخاتم رسله (صلى الله عليه وآله) حصون خيبر، قذف الله الرعب في قلوب أهل فَدَك، فنزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاغرين. فصالحوه على نصف أرضهم ـ وقيل: صالحوه على جميعها ـ فقبل ذلك منهم، فكان نصف فَدَك مُلكاً خالصاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ لم يوجف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكَاب، وهذا مما أجمعت الأمّةُ عليه، بلا كلام لأحدٍ منها في شيء منه. فعندما أنزل الله (عزَّ وجلَّ) قوله: (وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ). أنحلَ فاطمةَ فدكاً، فكانت ـ فَدَك ـ في يدها ـ للزهراء (عليها السلام) ـ حتى انتُزِعَتْ منها غَصباً في عهد أبي بكر. وأخرج الطبرسي في مجمع البيان عند تفسيره لهذه الآية فقال: المُحَدِّثون الأَثبَاث رَوَوا بالإِسناد إلى أبي سعيد الخدري أنه قال: لما نزل قوله تعالى: (وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ)، أعطى رسولُ الله فاطمة فدكاً، وتجد ثَمَّةَ هذا الحديث مِمَّا ألزم المأمون بِرَدِّ فَدَك على وُلد فاطمة (عليها وعليهم السلام). 7ـ وهي قوله (عزَّ وجلَّ): (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّة) [البيِّنة: 7]. ففي تفسير مجمع البيان عن مقاتل بن سليمان عن الضحَّاك عن ابن عباس في قوله: (هُمْ خَيرُ البَرِيَّة) قال: نَزَلَتْ فِي عَليٍّ وأهل بيته (عليهم السلام).