البحث الرقم: 650 التاريخ: 27 ذو الحجّة 1429 هـ المشاهدات: 17121
ارتفعت أصوات البكاء من بيت الإمام علي (عليه السلام)، فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واجتمعت نساء بني هاشم في دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) فصرخن وبكين، وأقبل الناس إلى الإمام علي (عليه السلام) وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان، وخرجت أُمّ كلثوم وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله!، الآن حقّاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً. واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجّون، وينتظرون خروج الجنازة ليصلّوا عليها، وخرج أبو ذر وقال: انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أُخّر إخراجها في العشية، وهكذا تفرّق الناس، وهم يظنّون أنّ الجنازة تشيّع صباح غد. ولكنّ الإمام علي (عليه السلام) غسّلها وكفّنها هو وأسماء في تلك الليلة، ثمّ نادى (عليه السلام): يا حسن يا حسين يا زينب يا أُمّ كلثوم، هلمّوا فتزوّدوا من أُمّكم، فهذا الفراق واللقاء الجنّة، وبعد قليل نحّاهم أمير المؤمنين (عليه السلام) عنها. ثمّ صلّىالإمام علي (عليه السلام) على الجنازة، فلمّا هدأت الأصوات ونامت العيون ومضى شطر من الليل، تقدّم الإمام علي والعباس والفضل بن العباس ورابع يحملون ذلك الجسد النحيف، وشيّعها الحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذر والمقداد وبريدة وعمّار ونفر من بني هاشم. ونزل الإمام علي (عليه السلام) إلى القبر، واستلم بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأضجعها في لحدها، وقال (عليه السلام): يا أرض أستودعك وديعتي، هذه بنت رسول الله، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمّد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، سلمتكِ أيتّها الصدّيقة إلى من هو أولى بكِ منّي، ورضيت لكِ بما رضي الله تعالى لكِ، ثمّ خرج من القبر، وتقدّم الحاضرون وأهالوا التراب على تلك الدرّة النبوية، وسوّى الإمام علي (عليه السلام) قبرها.