أحاديث في مقام الزهراء (ع) ومنزلتها عند الله ورسوله (ص)
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » أحاديث في مقام الزهراء (ع) ومنزلتها عند الله ورسوله (ص)

 البحث  الرقم: 653  التاريخ: 2 محرّم الحرام 1430 هـ  المشاهدات: 11642
قائمة المحتويات

التمهید

الأحاديث في هذا الباب كثيرة، حتى أن عدة من علماء الفريقين دونوها في كتب مفردة، وقد انتخبت من تلك الأحاديث هذه الأحاديث التي سأقرؤها، وسترون أن مصادرها من أقدم المصادر وأهمها:

الحديث الأول:

الحديث الأول: (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة)، أو (سيدة نساء هذه الأمة)، أو (سيدة نساء المؤمنين)، أو (سيدة نساء العالمين). هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في: صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق، وفي مسند أحمد، وفي الخصائص للنسائي، وفي مسند أبي داود الطيالسي، وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء، وفي المستدرك وصحيح الترمذي، وفي صحيح ابن ماجة، وغيرها من الكتب (1). ففاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

الحديث الثاني:

الحديث الثاني: في أن فاطمة (عليها السلام) بضعة من النبي: (فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني). هذا الحديث بهذا اللفظ في: صحيح البخاري، وعدة من المصادر (2). (فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها). بهذا اللفظ في: صحيح البخاري، ومسند أحمد، وصحيح أبي داود، وصحيح مسلم، وغيرها من المصادر (3).
(إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها). بهذا اللفظ في: صحيح مسلم (4). (إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها). بهذا اللفظ في: مسند أحمد وفي المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، وفي صحيح الترمذي (5). (فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها). بهذا اللفظ في: المسند، وفي المستدرك وقال: صحيح الإسناد، وفي مصادر أخرى (6).

الحديث الثالث:

الحديث الثالث: (إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها). هذا الحديث تجدونه في: المستدرك، وفي الإصابة، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم، ورواه غيرهم (7).

الحديث الرابع:

الحديث الرابع: في أن النبي أسر إليها أنها أول أهل بيته لحوقا به. هذا كان عند وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه دعاها فسارها فبكت، ثم دعاها فسارها فضحكت (في بعض الألفاظ: فشق ذلك على عائشة أن يكون سارها دونها) فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حلفتها عائشة أن تخبرها، فقالت: سارني رسول الله أو سارني النبي، فأخبرني أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت. هذا الحديث في: الصحيحين، وعند الترمذي والحاكم، وغيرهما (8).

الحديث الخامس:

الحديث الخامس: عن عائشة قالت: ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها غير أبيها. هذا الحديث تجدونه في: المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وفي الإستيعاب، وفي حلية الأولياء (9).

الحديث السادس:

الحديث السادس: عن عائشة أيضا: كانت إذا دخلت عليه - على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قام إليها فقبلها ورحب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي أيضا (10).

الحديث السابع:

الحديث السابع: أخرج الطبراني أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: (فاطمة أحب إلي منك وأنت أعز علي منها). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (11). هذه هي الأحاديث التي انتخبتها، لتكون مقدمة لبحوثنا الآتية، وسنستنتج من هذه الأحاديث في المطالب اللاحقة، وفي الحوادث الواقعة.

دلالات الأحاديث:

ومن دلالات هذه الأحاديث: إن فاطمة (عليها السلام) معصومة، بالإضافة إلى دلالة آية التطهير وغيرها من الأدلة. مضافا إلى أن غير واحد من حفاظ القوم وكبار علمائهم قالوا بأفضلية الزهراء (عليها السلام) من الشيخين، بسبب هذه الأحاديث وحديث فاطمة بضعة مني بالخصوص، بل قال بعضهم بأفضليتها من الخلفاء الأربعة كلهم، ولا مستند لهم إلا الأحاديث التي ذكرتها.
ولأقرأ لكم عبارة المناوي وكلامه المشتمل على بعض الأقوال من كبار علماء القوم، ففي فيض القدير في شرح حديث (فاطمة بضعة مني) قال: استدل به السهيلي (وهو حافظ كبير من علمائهم، وهو صاحب شرح سيرة ابن هشام وغيره من الكتب) على أن من سبها كفر (ولماذا؟ لاحظوا) لأنه يغضبه (أي لأن سبها يغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! استدل به السهيلي على أن من سبها كفر لأنه يغضبه (وأنها أفضل من الشيخين). وإذا كانت هذه اللام لام تعليل لأنه يغضبه، والعلة إما معممة وإما مخصصة، ولا بد أن تكون هنا معممة، يوجب الكفر، لأنه أي السب يغضبها، فيكون أذاها أيضا موجبا للكفر، لأن الأذى - أذى الزهراء (عليها السلام) - يغضب رسول الله بلا إشكال.
قال المناوي: قال ابن حجر: وفيه - أي في هذا الحديث - تحريم أذى من يتأذى المصطفى بأذيته، فكل من وقع منه في حق فاطمة شئ فتأذت به فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتأذى به بشهادة هذا الخبر، ولا شئ أعظم من إدخال الأذى عليها في ولدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة بالدنيا ولعذاب الآخرة أشد.
ففي هذا الحديث تحريم أذى فاطمة، وتحريم أذى فاطمة لأنها بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل هو موجب للكفر كما تقدم.
وقال المناوي: قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل من خديجة ثم عائشة. قال المناوي: قال شهاب الدين ابن حجر: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.
قال المناوي: وذكر العلم العراقي: إن فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة باتفاق (12). إذن، لا يبقى خلاف بيننا وبينهم في أفضلية الزهراء من الشيخين، وأن أذاها موجب للدخول في النار.
ثم إن هذه الأحاديث - كما قرأنا وسمعتم وترون - أحاديث مطلقة ليس فيها أي قيد، عندما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله يغضب لغضب فاطمة) لا يقول إن كانت القضية كذا، لا يقول بشرط أن يكون كذا، لا يقول إن كان غضبها بسبب كذا، ليس في الحديث أي تقييد، إن الله يغضب لغضب فاطمة، هذا الغضب بأي سبب كان، ومن أي أحد كان، وفي أي زمان، أو أي وقت كان. وعندما يقول: (يؤذيني ما آذاها)، لا يقول رسول الله: يؤذيني ما آذاها إن كان كذا، إن كان المؤذي فلانا، إن كان في وقت كذا، ليس فيه أي قيد، بل الحديث مطلق يؤذيني ما آذاها.
ودلت الأحاديث هذه على وجوب قبول قولها، وحرمة تكذيبها، وقد شهدت عائشة بأنها (عليها السلام) أصدق الناس لهجة ما عدا والدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله قال كل هذا وفعله مع علمه بما سيكون من بعده.

الهوامش:

(1) الخصائص للنسائي: 34، الطبقات 2 / 40، مسند أحمد 6 / 282 حلية الأولياء 2 / 39، لمستدرك 3 / 151.
(2) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمة عليها السلام. (3) مسند أحمد 4 / 328 (*).
(4) صحيح مسلم، باب مناقب فاطمة (عليها السلام).
(5) مسند أحمد 4 / 5، المستدرك 3 / 159.
(6) المستدرك 3 / 158، مسند أحمد 4 / 323.
(7) المستدرك على الصحيحين 3 / 153، كنز العمال 13 / 674، 12 / 111. (*)
(8) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق، صحيح مسلم فضائل فاطمة، صحيح الترمذي، المستدرك 4 / 272. (*)
(9) المستدرك على الصحيحين 3 / 160، حلية الأولياء 2 / 41، الإستيعاب 4 / 1896.
(10) المستدرك على الصحيحين 3 / 154.
(11) مجمع الزوائد 9 / 202 (*)
(12) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 421. (*)

الروابط
مفاتيح البحث: الزهراء،
رسول الله،
فضائل الزهراء

الفهرسة