الحلقة الثالثة: التصوير الارجح للخفاء طرحنا سؤال في الحلقة السابقة وتركنا الاجابة عليه الى هذه الحلقة والسؤال هو: أي التصويرين اصح بالاخذ في تفسير معنى الغيبة؟ الجواب: الاصح ان التصوير الثاني {خفاء العنوان} هو المراد من معنى الغيبة ويمكن الاستدلال على ارجحية هذا التصوير من بعدين: البعد الاول: شواهد من الروايات: اذكرها لا على سبيل الحصر الشاهد الاول: ماورد عن الامام المهدي {عج} في توقيع حيث قال: {{أما السكوت والجنة واما الكلام والنار فانهم ان وقفو على الاسم اذاعوه وان وقفوا على المكان دلو عليه (8)}} تعليق: قبل ان استدل بهذا الحديث اود ان الفت نظر القارئ الكريم الى ان هذا التوقيع صدر ابتداء ومن غير سؤال ومكاتبة مما يدل على ان المعنى الصحيح للغيبة هو مانريد ان نستدل عليه {خفاء العنوان}... موضع الشاهد في التوقيع: {{فانهم ان وقفو على الاسم اذاعوه وان وقفوا على المكان دلو عليه}} ليس في طلب الحكام للمهدي {عج} ومطاردتهم له أي خطر ولا أي تأثير لو كان التصوير الاول صادقا وكان جسم الامام مختفيا اذ يستحيل عليهم الوصول اليه, وانما يبدا الخطر عن الاسم والمكان حيث يكون عنوان الامام خافيا دون شخصه الشاهد الثاني: ورد عن الامام المهدي {عج} في رساته الثانية الى الشيخ المفيد في قوله {{ولو ان اشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد الماخوذ عليهم لما تاخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا ({ص})}} الحديث, موضع الشاهد: قوله {{ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا}} فتقييد المشاهدة بكونها على حق المعرفة وصدقها من الناس بالامام دليل على خفاء العنوان خلال غيبته دون خفاء شخصه لان المهدي {عج} في الغيبة معروف بالشخص مجهول العنوان والحقيقة, وما بعد الظهور فتصبح الالمعرفة حقا وصدقا وينطبق العنوان على شخصه {عج} بوضوح تعليق: لو كان التصوير الاول {خفاء الشخص} صادق لما امكن ان نجد تفسير واضح لهذه العبارة, بل لاكتفى الامام {عج} بالبشارة بحدوث المشاهدة عند الظهور بعد انعدامها, ولم يقيدها بأنها ستكون على حق المعرفة وصدقها من الناس به {عج} البعد الثاني: مرجح عقلي لايخفى ان التصوير الاول يستند الى المعجزة وقانون المعجزات يشير الى ان المعجزة انما تحدث اذا انحصر طريق اقامة الحق على المعجزة ولكن حفظ الامام {عج} لاينحصر بالمعجزة باخفاء شخصه فإذا امكن اخفاء عنوانه الذي لايحتاج في تطبيقه الى المعجزة تعيّن تفسير الغيبة بهذا المعنى ملاحظة: ان قولي تعين لايعني ان الله سبحانه لايلجا الى اخفاء شخصه {عج} حتى ولو تعرض في الخطر بل ان الحالة الغالبة في الغيبة هي خفاء عنوانه وقد يلجا سبحانه الى خفاء شخصه ان اقتضت الضرورة....................... ابن النجف {{فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا}}...................................... الهوامش: 8. الغيبة/ ص 364 9. الاحتجاج/ج2 ص325