كان جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله عليه) ـ من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ أوّل من زارقبر الإمام الحسين (عليه السلام) بعد مرور أربعين يوماً من شهادته. يقول عَطا مولى جابر: كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر، فلمَّا وصلنا الغاضريةاغتسل في شريعتها، ولبس قميصاً كان معه طاهراً، ثم قال لي: أمعكَ من الطيب يا عَطا؟، قلت: معي سُعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثم مشى حافياً حتّى وقف عند رأس الحسين (عليه السلام)، وكبَّر ثلاثاً، ثم خرَّ مغشياً عليه، فلمّا أفاق سَمعتُه يقول: السلام عليكم يا آلَ الله... [بحار الأنوار: 98/ 329].
زيارة سبايا الحسين (عليه السلام) في الأربعينية
عند رجوع موكب السبايا من الشام إلى المدينة المنوّرة، وصلوا إلى مفترق طريق، أحدهما يؤدّي إلى العراق، والآخر إلى الحجاز، فقالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء. فوصلوا يوم العشرين من صفر ـ أي يوم الأربعين ـ إلى كربلاء، فزاروا قبر الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، وأقاموا مأتم العزاء، وبقوا على تلك الحال أيّاماً.
لقاء جابر بالإمام زين العابدين (عليه السلام)
بينا جابر وعطا ومن معهما كانوا يزورون الحسين (عليه السلام)، إذ بسواد قد طلع عليهم من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عُمر بن سعد فارجع إلينا، لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين (عليه السلام) فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى. مضى العبد، فما أسرع أن رجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذا زين العابدين قد جاء بعمَّاته وأخواته. فقام جابر يمشي حافي القدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين، فقال (عليه السلام) له: أنْتَ جابر؟، قال: نعم يا ابن رسول الله، فقال الإمام (عليه السلام): يا جابر هاهُنا واللهِ قُتلت رجالُنا، وذُبحِت أطفالُنا، وسُبيَت نساؤنا، وحُرقَت خِيامُنا [لواعج الأشجان: 241].
استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)
لقد أفتى فقهاء الشيعة باستحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، لوجود روايات وردت عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، تحث شيعتهم وأتباعهم على زيارته (عليه السلام)، لاسيّما في أوقات مخصوصة.
روايات في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)
1ـ قال الإمام العسكري (عليه السلام): عَلاماتُ المؤمن خمس: صلاةُ إِحدى وخمسين، وزيارةُ الأربعين، والتخَتُّم في اليمين، وتعفير الجَبين، والجهر بـ(بِسْم اللهِ الرحمن الرحيم) [بحار الأنوار: 98/ 329]. 2ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام): وليس من ملك ولا نبي في السماوات إلاّ وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارةقبر الحسين (عليه السلام)، ففوج ينزل وفوج يعرج [الكافي: 588]. 3ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ موسى بن عمران سأل ربّه زيارة قبرالحسين بن علي، فزاره في سبعين ألف من الملائكة [مناقب آل أبي طالب: 3/ 272]. 4ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام): وكلّ الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملكاً شعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه، شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشياً، وإذا ماتشهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة [مناقب آل أبي طالب: 3/ 272]. 5ـ قال الإمام الباقر (عليه السلام): مروا شيعتنا بزيارة الحسين، فإنّ زيارته تدفع الهدم والحرق والغرق، وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقر له بالإمامة من الله [مناقب آل أبي طالب: 3/ 272]. 6ـ قال الإمام الكاظم (عليه السلام): من زارقبر الحسين عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر [مناقب آل أبي طالب: 3/ 272].
زيارة المسلمين في الأربعينية
تأسياً بسباياً الإمام الحسين (عليه السلام)، واستجابة لطلب الأئمّة (عليهم السلام)، ورغبة في الأجر والثواب، يقوم المسلمون ـ وخاصّة الشيعة ـ بزيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين، حيث يأتون إليه من كل صوب ومكان، مشياً على الأقدام، لما فيه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله الملك العلاّم. كما يقومون بأحياء هذه الذكرى، بإقامة مجالس العزاء والمأتم، واستذكار ما جرى على الحسين (عليه السلام) وأهل بيته في كربلاء، وما جرى لسباياه من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام.