سلسلة ابحاث الغيبة/الحلقة الثانية عشر/وفاة الامام العسكري ع
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » سلسلة ابحاث الغيبة/الحلقة الثانية عشر/وفاة الامام العسكري ع

 البحث  الرقم: 716  التاريخ: 18 محرّم الحرام 1430 هـ  المشاهدات: 7681
قائمة المحتويات

سلسلة ابحاث الغيبة/الحلقة الثانية عشر/وفاة الامام العسكري ع

المبحث الثاني
بداية الغيبة الصغرى
تبدأ الغيبة الصغرى من حين وفاة الإمام الحسن العسكري {ع} في الثامن من ربيع الاَوّل في سنة مئتين وستين للهجرة وقد ذهب البعض إلى أنّ الغيبة الصغرى قد بدأت منذ ولادة الاِمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف، ولكنّ الاَصحّ والمشهور بين الاَصحاب أنّها بدأت من تاريخ وفاة الاِمام الحسن العسكري {ع} وهو ما تؤيّده الكثير من الروايات الّتي أخبرت عن الغيبة وقد ذكرناها منهاما روته أُمّ هاني عن الاِمام الباقر {ع} عن تفسير الآية (فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) فقال {ع}: «إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن الناس علمه سنة ستين ومئتين...» الحديث، ونحن عندما نحدّد وفاة الاِمام العسكري {ع} بداية للغيبة الصغرى فإنّا نقصد غيبة المهدي عجّل الله فرجه الشريف كحجّة وإمام وإلاّ فإنّ الخفاء قد لازمه عجّل الله فرجه الشريف منذ ولادته وحتّى في حياة أبيه {ع} حيث إنّ السلطة كانت تطلبه أشدّ طلب لكونه القائم الموعود من آل محمّد {ص} وسنتعرّض إلى مطاردات السلطة له ومحاولاتها القضاء عليه، ولكن (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
وفاة الاِمام الحسن العسكري {ع}
كما ذكرنا في بداية الفصل فإنّ الاِمام العسكري {ع} قد توفّي في الثامن من ربيع الاَوّل سنة مئتين وستين، حيث اعتلّ {ع} من أوّل يوم من الشهرنفسه ولم تزل العلّة تزيد فيه والمرض يثقل عليه حتّى توفّي في الثامن من الشهر، ويتوفّى الاِمام {ع} عن تسع وعشرين سنة من العمر، وهذه تشكّل نقطة استفهام كبيرة حول الظروف الغامضة الّتي توفّي فيها الاِمام {ع} فننتهي إلى نتيجة واضحة ارتسمت في عقول الناس وقت الحادثة وهي إنّ الاِمام مات مسموماً على يد السلطة الجائرة ولهم الاَدلّة على ما ذهبوا إليه ونحن أيضاً نتمسّك بها إضافة إلى أدلّة اخرى منها: أنّه بمجرّد وصول خبر اعتلال الاِمام {ع} إلى السلطة حتّى يركب وزيرها ابن خاقان من فوره الى البلاط ويخبر الخليفة ويصحب معه خمسة من خدم الخليفة وثقاته منهم نحرير الخادم، وسنتعرّض الى تفاصيل الحادثة بعد ذكر الاَدلّة على وفاة الاِمام العسكري {ع} مسموماً وليس حتف انفه، حيث أنّ السلطة بادرت إلى إرسال معتمديها إلى دار الاِمام وعزل الاِمام {ع} عن الموالين والاَصحاب خشية أن يطلعوا على سبب علته ومرضه.
ومنها: إنّ الاِنسان في سنّ العشرينيّات من عمره يكون في أوج قوته وصحّته فما هو السبب الّذي أودى بحياة الاِمام سلام الله عليه غير العمل التخريبيّ؟ سيّما وأنّه لم يذكر لنا التاريخ أنّه كان مصاباً في حياته بمرض أو علّة.
منها: ما روي عن الاِمام الصادق {ع} (ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم) وهو
الصادق من آل محمّد {ص} وقد سمّاه رسول الله بهذا الاِسم كما ذكرنا فيحديث الاِمام زين العابدين {ع} لاَبي خالد الكابلي.
وهناك أدلّة اخرى سنذكرها، ونرجع إلى حديث الوفاة فقد ذكر الشيخ الصدوق؛ حديثاً في كتابه كمال الدين نذكره مختصراً ونقتبس منه ما يكون موضعاً للبحث: (ما حدّثنا به أبي، ومحمّد بن الحسن بنأحمد بن الوليد ـرضي الله عنهما ـ قالا: حدّثنا سعد بن عبدالله قال: حدّثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمّد العسكري {ع} ودفنه ممّن لايوقف على إحصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب. وبعد فقدحضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومئتين وذلك بعد مضيّ أبي محمّدالحسن بن علي العسكري {ع} بثماني عشر سنة أو أكثر مجلس أحمدبن عبيدالله بن يحيى بن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذٍ على الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلق الله وأشدّهم عداوة لهم (لآل البيت:)، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسرّ من رأى ومذهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان فقال أحمد بن عبيدالله: ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلويّة مثل الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا:، وأخذ في مدح الاِمام الحسن العسكري {ع} وذكرأنّه كان عند أبيه الوزير عبدالله بن يحيى بن خاقان حيث صاح الحاجب إبن الرضا على الباب فقال أبوه بصوت عالٍ ءإذنوا له، وتعجّب أحمد من الحفاوة والتواضع الّذي ارتسم على أفعال أبيه طيلة اللقاء، إلى أن سأله بعض الحاضرين في المجلس يا أبا بكر فما خبر أخيه جعفر؟ فقال: ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به، إنّ جعفراً معلن بالفسق، ماجن شريب للخمور وأقلّ من رأيته من الرجال وأهتكهم لستره،
فدِمٌ خمّار، قليل في نفسه خفيف والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي {ع} ما تعجّبت منه وما ظننت أنّه يكون وذلك أنّه لمّا اعتّل الاِمام {ع} بعث إلى أبي أنّ ابن الرضا قد اعتلّ فركب من ساعته مبادراً إلى دار الخلافة ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمس نفر من خدّام أمير المؤمنين كلّهم من ثقاته وخاصّته فمنهم نحرير! وأمرهم بلزوم دار الحسن بن علي {ع} وتعرّف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطبّبين فأمرهم بالاِختلاف اليه وتعاهده صباحاً ومساءً فلمّا كان بعد ذلك يومين جاءه من أخبره أنّه قد ضعف فركب حتّى بكر إليه ثمّ أمر المتطبّبين بلزومه وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممّن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن {ع} وأمرهم بلزوم داره ليلاً ونهاراً فلم يزالوا هناك حتّى توفّي {ع} لاَيّام مضت من شهر ربيع الاَوّل من سنة ستين ومئتين فصارت سرّ من رأى ضجّة واحدة: مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يفتّشها ويفتّش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤوا بنساءٍ يعرفن بالحمل فدخلن على جواريه فنظرن إليهنّ فذكر بعضهنّ أنّ هناك جارية بها حمل فأمر بها فجعلت في حجره ووكّل بها نحرير الخادم! وأصحابه ونسوة معهم ثمّ أخذوا بعد ذلك في تهيئته وعطّلت الاَسواق وركب أبي وبنو هاشم والقوّاد والكتّاب وسائر الناس إلى جنازته {ع} فكانت سرّ من رأى يومئذٍ شبيهةً بالقيامة فلمّا فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكّل فأمره بالصلاة عليه فلمّا وضعت الجنازة للصلاة دنى أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلويّة والعباسيّة والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء
والمعدّلين وقال: هذا الحسن بن علي بن محمّد ابن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان بن فلان ومن المتطبّبين فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ثمّ غطّى وجهه وقام فصلى عليه وكبّر عليه خمساً وأمر بحمله من وسط داره ودفن في البيت الّذي دفن فيه أبوه، إلى آخر الحديث الّذي يروي فيه أنّ جعفراً قدم إلى السلطان وطلب منه أن يجعل له مرتبة أخيه {ع} فنهره السلطان واستصغر قدره وقال له: يا أحمق إنّ السلطان جرّد سيفه وسوطه في الّذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يقدر عليه فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة بك إلى السلطان، يرتّبك مراتبهم وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا.
تعقيب وتعليق: لدى قرائتنا لهذا الخبر فإنّه تظهر عدّة تساؤلات نطرحها ومنها نستكشف الحقيقة.
1 ـ لماذا كان مرض الاِمام العسكري {ع} يستدعي هذا الاِهتمام عند الخليفة؟
2 ـ ما هو سبب استعجال عبيدالله بن يحيى بن خاقان في الذهاب إلى دار الخليفة؟ وماهي الاَوامر الّتي تلقّاها والتدابير الّتي اتّخذها؟
3 ـ ولماذا رافقه من خدم الخليفة وثقاته وخاصّته وفيهم نحرير! ومن نحرير هذا؟ أليس هو الّذي حبس عنده الاِمام العسكري، وكان يؤذيه فخوّفته زوجته من سوء عمله فقال: لاَرمينّه بين السباع ثمّ استأذن في ذلك فأُذن له ولكن شاء الله أن تخضع السباع للاِمام {ع} وتطأطأ له رؤوسها!، نعم هؤلاء الخاصّة! الثقاة! الّذين أرسلهم الخليفة إلى دار الاِمام وأمرهم بلزوم داره، وتعرّف خبره.
4 ـ لنفرض أنّ الاِمام العسكري {ع} مرض مرضاً طبيعيّاً، فما الدّاعي إلى إرسال المتطبّبين والقضاة وحاشية الخليفة لملازمته ليلاً نهاراً؟ فهل كان الاِمام {ع} عزيزاً عندهم؟ فلماذا أدخلوه السجون؟ ولماذا جعلوه تحت الرقابة؟ ولماذا أمروا باغتياله؟
5 ـ وما الدّاعي إلى إحضار قاضي القضاة وانتخاب عشرة من أصحابه؟ فهل كان هناك ترافع أو مشكلة قضائيّة تتطلب حضور هؤلاء وملازمتهم لدار الاِمام؟
6 ـ ولماذا حاصروا الاِمام وطوّقوه؟ أليس معنى ذلك عدم السماح لاَحد بالدخول على الاِمام حتّى لا ينكشف أمرهم وحتّى لا يخبر الاِمام أحداً من شيعته بأنّه سقي السم؟
كل هذه التصرفات والاَفعال تكشف عن أنّ وفاة الاِمام {ع} كان بفعلٍ تخريبيّ مستند إلى السلطة نفسها، وهناك تسؤالات اخرى وهي تطرح عليهم بعد وفاة الاِمام سلام الله عليه وهي:
1 ـ لماذا هذا التحرّي والتفتيش الدقيق عن ولده عجّل الله فرجه الشريف قبل حمل الجنازة؟
2 ـ ولماذا الاِستيلاء على الحجرات، وغلق أبوابها والختم عليها؟
3 ـ ولماذا تفتيش الجواري والمعاينة الطبّيّة الّتي قامت بها النساء لمعرفة الحامل من الجواري؟ ولماذا حبسوا الجارية الّتي ادّعت أنّها حامل فيحجرة، ووكّلوا بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم؟
4 ـ ولماذا كشفوا عن وجه الاِمام {ع} قبل دفنه للناس؟ فهل كانوا يتّهمون أنفسهم أو كانوا متّهمين عند الناس فحاولوا دفع التّهمة بهذا الاَُسلوب؟ وفي
الختام نقول ما قاله غير واحد من الاَئمة: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
الاِمام الحجّة عجّل الله فرجه الشريف يصلّي على جنازة والده {ع}
كمال الدين: وحدثنا أبو الاَديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:: وأحمل كتبه إلى الاَمصار فدخلت عليه في علّته التي توفّي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتاباً وقال امض بها إلى المدائن فإنّك ستغيب خمسة عشر يوماً وتدخل إلى سرّ من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل قال أبو الاَديان: فقلت ياسيّدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي فقلت زدني؟ فقال يصلّي عليّ فهو القائم من بعدي فقلت زدني؟ فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي، ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي {ع} فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر ابن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزونه ويهنّونه، فقلت في نفسي إن يكن هذا الغلام فقد بطلت الاِمامة لاَنّي كنت أعرفه بشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور فتقدّمت فعزّيت وهنّأت فلم يسألني عن شيء ثمّ خرج عقيد (الخادم) فقال يا سيّدي قد كفّن أخوك فقم وصلّ عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمّان (عثمان بن سعيد العمري) والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة فلمّا سرنا في الدار وإذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفّناً فتقدّم
جعفر بن علي ليصلّي على أخيه فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر بن علي وقال: تأخّر يا عم فأنا أحقّ بالصلاة على أبي فتأخّر جعفر وقد اربدّ وجهه واصفرّ فتقدّم الصبي وصلّى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه {ع} ثمّ قال يابصري هات جوابات الكتب الّتي معك فدفعتها إليه فقلت في نفسي هذه بيّنتان بقي الهميان، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجزالوشّاء: ياسيّدي من الصبيّ لنقيم الحجّة عليه فقال: والله ما رأيته قط ولا أعرفه، فنحن جلوس فقدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي {ع} فعرفوا موته فقالوا: فمن نعزي؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه وقالوا إنّ معنا كتباً ومالاً فتقول ممّن الكتب وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه تريدون منّا أن نعلم الغيب، قال فخرج الخادم فقال معكم كتب فلان وفلان وفلان وهميان فيه ألف دينار وعشر دنانير فيها مطليّة فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا الّذي وجّه بك لاَخذ ذلك هو الاِمام، فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية (أُمّ الحجّة عجّل الله فرجه الشريف) فطالبوها الصبّي فأنكرته وادّعت حملاً بها لتغطيّ حال الصبيّ فسلّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبدالله بن يحيى بن خاقان (الوزير) فجأةً وخروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم والحمدلله ربّ العالمين.

الروابط
الأشخاص: [المشرف] الشيخ مجتبى القائني [المراسل]
مفاتيح البحث: الغيبة،
الإمام المهدي (عليه السلام)
الواحات: الواحة المهدوية

الفهرسة