قضية الامام المهدي.. بين نظرية العمل والدعوة الى التكاسل
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » قضية الامام المهدي.. بين نظرية العمل والدعوة الى التكاسل

 البحث  الرقم: 72  التاريخ: 14 شعبان المعظم 1430 هـ  المشاهدات: 5269
قائمة المحتويات

المقدمة

من خلال سعة الاستيعاب المتباينة بين أوساط المجتمع من ناحية فهم وإدراك قضية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فان كل فئة اتخذت لها منهاجاً في الحياة حسب فهمها لقضية الدولة العالمية، والخطوات المطلوبة من الفرد خلال عصر الغيبة الكبرى وقبل الظهور، للمشاركة في بناء الدولة المهدوية ذات المواصفات المثالية من العدل والمساواة بين بني البشر، بل بين الموجودات على ظهر المعمورة، فالمشاركة اتخذت عدة نواحي، منها مسلك العزلة والتكاسل، والناحية الأخرى هي العمل الحركي والثوري الدؤوب، وكل ناحية من هذه النواحي قد سلكت طريقها، والكل يدعي انه النموذج الصحيح، فقد اختلط الحابل بالنابل كما يعبرون، فالاستعداد للمشاركة مع الإمام المهدي (سلام الله عليه) في عصر الظهور عن طريق الانتظار، إلا أن هذا الانتظار بسبب سلوك المسلك السلبي له أدى إلى إثارة شبهة تقول: (إن انتظار الإمام المهدي هو سبب للتكاسل عن الإصلاح وترك العمل الاجتماعي، وعدم معارضة ظلم الظالمين، اعتماداً على اليوم الموعود للإصلاح المنشود).
ولم تأتي هذه الشبهة من فراغ، بل لوجود عدة أسباب أدت إلى تفشي هذه الشبهة، ومن هذه الأسباب:
السبب الأول: وجود التيارات العلمانية في أوساط المفكرين للمهدي (عجل الله تعالى فرجه)، واللذين يعتمدون الأسس المادية وكل ما يمت إليها بصلة، مبتعدين على علم اللاملموس، فهؤلاء لا يجدون دليلا على دعواهم سوى طريق الاستبعاد والتشكيك, فأي شيء يتعلق بالميتافيزيقيا أو عالم الغيب واللاهوت منهم ينفوه عن الوجود، وخلاصة فكرهم كل شيء لا يصل إليه العلم المادي فهو غير موجود، فهم يحاولون أن يقنعوا أنفسهم بما يدعون، ولعلهم يستطيعون إبعاد المهدويين مهدويتهم وتشككهم في معتقدهم! كما إن المادية أمثال الشيوعية التي شهرت سلاحها الفكري ضد الدين بمقولتها المعروفة (الدين أفيون الشعوب ومخدرها). وبما أن الاعتقاد بالإمام المهدي هو من بعض فروع الدين، فتكون قضية الإمام المهدي (عليه السلام) لديهم عبارة عن شماعة يتخذها المسلمون والمؤمنون بالإمام المهدي، ليعلقوا عليها فشلهم في صناعة الحياة السعيدة للإنسان، كما أنهم لم يطلعوا على الإسلام الثوري والحركي، وكذلك سيرة الأنبياء الثورية ضد الظلم والفساد، وإنما اطلعوا على رجال دين يكنزون الذهب والفضة وشعوبهم تتضور جوعاً وحرمانا، فثاروا ضد الدين ورجاله وحصل ما حصل من الثورات المتواترة، وأهمها الثورة الفرنسية الثائرة ضد الكنيسة وحواشيها وأمثالها.
ويمكن الرد على الماديين حول هذه الفكرة الخاطئة التي حملوها وأشاعوها ضد الإسلام بان الدين كان ولا يزال أساس الثورات والمعارضات والمطالبة بإقامة الحق والعدل على مدى التاريخ، ولو ابتعد الماديون عن العواطف والأهواء لوجدوا أن الدين هو أساس الجبهة المفتوحة ضد الظلم والظالمين، بعد إعطاء جزء من الموضوعية والتجرد.
السبب الثاني: وجود صنف من المؤمنين بقضية الإمام المهدي يتصفون بصفتين مهمتين تجعل للمشككين ذريعة إلى وصف قضية الإمام مخدراً للأمم وداعية للعزلة والتكاسل عن مواجهة الظلم والفساد المستشري في المجتمعات عبر عشرات القرون.
أولاً: صفة التقاعس عن العمل، وتقديم المصلحة الخاصة على العامة عموماً.
ثانياً: إن المفاهيم الإسلامية تنطبع في أذهانهم بشكل ناقص وخاطئ بشكل تصلح تبريراً للواقع الفاسد أكثر من أي شيء آخر.
ومن خلال هاتين الصفتين، فان هذه المجموعة من المؤمنين ـ ظاهراً ـ بقضية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) قد أعطت انحرافا في القضية المهدوية من نواحي عديدة.
ومن خلال ما تم ذكره يتضح بان انتظار الإمام ليست دعوة للتكاسل، وذلك لان أساس غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كي تمر البشرية بظروف طويلة من التمحيص والاختبار من خلال الظروف الصعبة والقاسية التي تؤدي إلى تصعيد درجة الإخلاص لدى الفرد، وليتم تطبيق الآية الكريمة: (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من يحيا عن بينة)، وفي الامتحان تنكشف معادن الناس والإيمان الحقيقي عن الإيمان المزيف، وكما يقول المثل: (وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان).

الروابط
مفاتيح البحث: الإمام المهدي (عليه السلام)
المواضيع: مباحث عامّة
الواحات: الواحة المهدوية

الفهرسة