خواطر.. من وحي ذكرى بدر
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » خواطر.. من وحي ذكرى بدر

 البحث  الرقم: 79  التاريخ: 16 رمضان المبارك 1430 هـ  المشاهدات: 4220
قائمة المحتويات فاتحة الإسلام بدر، كما إن الحمد فاتحة القرآن، إنها بشارة النصر ودرس الرسالة ومنعطف التاريخ، بعد أن فرض المشركون حصارهم على النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعلى ذويه وأصحابه في مكة المكرمة، فهاجر بدينه إلى المدينة المنورة، حيث من هناك يشع نور الوحي، فأسّس (صلى الله عليه وآله) نواة المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية، إلا أن قريشا كانت العقبة الكأداء في سبيل ذلك، وما زالت تتحيّن الفرصة للانقضاض على هذا الدين الذي يمنعها من ترويج الشرك والانتفاع من تجارة الأوثان في الكعبة المطهرة، وكان لابد للمسلمين من معركة تحريرية يتوخى منها:
أولا: فسح المجال لانتشار الدين الحنيف في أرجاء المعمورة.
ثانيا: تحرير القبائل من الخرافات والأوهام وعبادة الأحجار، وربما لم يكن يتم هذا إلا بكسر شوكة قريش زعيمة الأضاليل والأباطيل.
ثالثا: استرجاع أموال المسلمين المهاجرين التي استولت عليها قريش، وقد كانت المحاولة الأولى لذلك إن طورت قافلة تجارية لأبي سفيان، فبدا الاستعداد للمجابهة الفاصلة.
كانت الضرورة الحتمية أن تحدث مواجهة حاسمة بين الإسلام والشرك، بين الإيمان والكفر، بين العدل والظلم، وكل له قوة متهيئة للقتال والنزول إلى معركة تنتظر فرصتها، وكانت تلك المعركة بالنسبة للمسلمين هي التجربة الأولى، يخوضون فيها قتالاً مع قومهم وأهليهم من المشركين، وبالنسبة للمشركين تكون المعركة مهمة أيضاً، فإنهم إن ينتصروا فيها كسبوا الكثير ومال إليهم الكثير، وربما ارتد البعض فانحاز إليهم، وبذلك يستعيدون موقعهم إذا قضوا على منافسيهم.
نزل قولُه تعالى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها) [الأنفال: 61]، فبعث النبيُّ (صلى الله عليه وآله) إلى المشركين: ارجعوا، فلأن يلي هذا الأمر مني غيركم أحب إلي، فوافق عتبة وأبى أبو جهل إلا القتال، فدفع رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) رايته إلى الإمام علي (عليه السلام)، وعمره يوم ذاك نيف وعشرون سنة، وبرز من المشركين عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، وبرز لهم من المسلمين حمزة بن عبد المطلب وأبناء أخويه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعبيدة بن الحارث، فحمل عبيدة ـ وكان عمره سبعين عاما ـ على عتبة فضرب رأسه وضرب عتبة ساق عبيدة فقطعها وسقطا معا، وحمل الإمام علي (عليه السلام) على الوليد فضربه على عاتقه وارداه، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا حتى انثلم سيفاهما، فاعتنق كلٌّ صاحبه، وكان حمزة أطول منه، فصاح الإمام علي (عليه السلام): طأطئ راسك يا عم! فادخل حمزة رأسه في صدر شيبة، فضربه الإمام على عنقه فقطعها، ثم كرّ الإمام وحمزة (عليهما السلام) على عتبة فأجهزوا عليه.
عندها التحم الجيشان، ودار بينهما اعنف قتال، حتى انجلت المعركة عن سبعين قتيلاً وسبعين أسيراً من المشركين، وفرّ بقيتهم، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا، ونزل قوله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) [آل عمران: 123].

موقع الإمام علي (عليه السلام)

بعد أن تسلم أميرُ المؤمنين (عليه السلام) رايةَ الحق من اليد المباركة للمصطفى (صلى الله عليه وآله)، شمّر عن ساعديه ومعه ثلة من المؤمنين، وشعارهم: أُحد أُحد، فاقتحم الجموع الغفيرة، واخذ يقتطف رؤوس الشرك والكفر والضلال، حتى انحدرت جبهة قريش، وعاد المسلمون ظافرون، وقد قتلوا جميعهم خمسة وثلاثين وقتل علي (عليه السلام) لوحده خمسة وثلاثين، وأعانهم على قتل الباقين، وكان من جملة من قتل الإمام علي (عليه السلام) حنظلة بن أبي سفيان اخو معاوية، والعاص بن سعيد، وعقبة بن أبي معيط، والوليد بن عتبة خال معاوية واخو هند، وأبو قيس اخو خالد بن الوليد، واشترك في قتل عتبة جد معاوية.
وإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) القائد في معركة حاسمة كبدر، فان الإمام علياً (عليه السلام) كان حامل لوائه، وكان ناصره ومؤازره وعضده الأيمن في تلك المعركة، فهو الأولى به وصياً له وخليفة، فبالإمام علي (عليه السلام) انتصر الإسلام والمسلمون على الكفر والكافرين والشرك والمشركين، فهو الأولى أن يقود رعيل الإسلام في مسيرته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وها هي كتب المسلمين على اختلاف مذاهبهم وتعدد مشاربهم يقرّون أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان هو الأول في كل موقف حق، وكان هو الأسبق إلى كل خير وفضيلة، فلماذا يؤخّر عن مقامه ويدفع عنه، يُزال عن مرتبته التي عيّنها الله تعالى له في محكم تنزيله وعلى لسان رسوله، وقد أتت الوقائع بأكثر من برهان ودليل انه المقدم بالحق.

الروابط
الأشخاص: الأستاذ جعفر البياتي [المترجم]
مواقع الإنترنيت: شبكة جنة الحسين (عليه السلام)
مفاتيح البحث: الإمام علي (عليه السلام)،
واقعة بدر
المواضيع: السيرة النبوية

الفهرسة