البحث الرقم: 82 التاريخ: 18 رمضان المبارك 1430 هـ المشاهدات: 6147
قيل: في شان فتح مكة نزلت آيات عديدة، كان منها: 1 ـ قوله تعالى: (وقل ربّ أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) [الإسراء: 80]. قال المفسر القمي: نزلت يوم فتح مكة، لمّا أراد رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) دخولها انزل الله (وقل) يا محمد، (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) أي معينا، (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، فارتجت مكة من قول أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). 2 ـ وقوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القران لرادك إلى معاد) [القصص: 85]. قال الطبرسي (رضي الله عنه) في مجمع البيان: روي عن ابن عباس وغيره انه وعد بفتح مكة وعودة الرسول (صلى الله عليه وآله) إليها. 3 ـ وقوله تعالى: (إنا فتحنا فتحا مبينا) [الفتح: 1]. قال الطبرسي (رضي الله عنه): أي يسّرنا لك يسرا بينا، أو أرشدناك إلى الإسلام، وفتحنا لك أمر الدين، ثم اختلف في هذا الفتح على وجوه، احدهما: إن المراد به فتح مكة، وعده الله ذلك عام الحديبية عند انصرافه منها، وتقديره: قضينا لك بالنصر على أهلها، وعن جابر قال: ما كنا نعلم فتح مكة إلى يوم الحديبية. ويدخل النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) بجيوشه الظافرة مكة دون قتال، ويُخذل أبو سفيان، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ويحك يا أبا سفيان، الم يئن لك أن تعلم إن لا إله إلا الله؟ فقال: بابي أنت وأمي ما أوصلك وما أكرمك، وأرحمك وأحلمك، والله لقد ظننت أن لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم احد، فقال: ويحك يا أبا سفيان! الم يئن لك أن تعلم باني رسول الله؟ فقال: بابي أنت وأمي، أما هذه فان في النفس منها شيئا. ثم دخل رسولُ الله (صلى الله عليه وآله)مكة، فسعى أبو سفيان طاغية قريش إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) واخذ غرزه فقبله وقال: بابي أنت وأمي، أما تسمع ما يقول سعد؟ انه يقول: اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، فقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أدركه فخذ الراية منه، وكن أنت الذي يدخل بها إدخالا رفيقا. ولما دخل (صلى الله عليه وآله) دخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، فأتى ووقف قائماً على بابها فقال: لا إله إلا الله وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.. ثم قال: ألا لبئس جيران النبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم، وأخرجتم وآذيتم، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني، فاذهبوا فانتم الطلقاء. فخرج القوم وكأنهم نشروا من القبور، ودخلوا في الإسلام. وقد وجد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الحجر أصناما مصفوفة وحوله ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يأتي الصنم فيطعنه بمخرصته في عينيه أو في بطنه ثم يقول: (جاء الحق)، يقول: ظهر الإسلام، (وزهق الباطل)، يقول: وهلك الشرك وأهله، والشيطان وأهله، (إن الباطل كان زهوقا)، يقول: هالكا، فجعل الصنم ينكب لوجهه إذ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك، فجعل أهل مكة يتعجبون، ولما فتح (صلى الله عليه وآله) مكة قام على الصفا ونادى: يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب، إني رسول الله إليكم، واني شفيق عليكم، لا تقولوا: إن محمداً منا، فو الله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون. ويوم الفتح غلق عثمان بن أبي طلحة العبدي باب البيت وصعد إلى السطح، فطلب النبي (صلى الله عليه وآله) المفتاح منه، فأبى، فصعد الإمام علي (عليه السلام) السطح ولوى يده واخذ المفتاح منه وفتح الباب، فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) البيت فصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس عمه إن يعطيه المفتاح، فنزل قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58]، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يرد المفتاح إلى عثمان العبدي، ويعتذر إليه، فقال عثمان: يا علي، أكرهت وأديت، ثم جئت برفق؟ قال: لقد انزل الله عز وجل في شانك، وقرا عليه الآية، فاسلم عثمان، فأمره النبي (صلى الله عليه وآله) في يده. وأما البيعة.. فقد بايع الرجال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صلاة الظهر والعصر، ثم اخذ قدحاً من ماء فادخل يده فيه، ثم قال للنساء: من أرادت أن تبايع فلتدخل يدها في القدح، فاني لا أصافح النساء، ثم قرأ عليهن شروط البيعة: على أن لا يشركن في الله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصين في معروف.