البحث الرقم: 875 التاريخ: 21 محرّم الحرام 1430 هـ المشاهدات: 6188
حينما نتحدث عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنما نتحدث عن أناس خصهم الله تعالى وزادهم تشريفاً وتعظيماً وتقديماً وتعليما، بانتسابهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولحملهم رسالة الإسلام بعد رسوله (صلى الله عليه واله وسلم)، لكي يبقى نور محمد ساريا مضيئا على ارض المحبين والمخلصين لدينهم وأوطانهم، في وقت قلت نظائر القوم المخلصين. والذي دفعني إلى الكتابة عن هؤلاء الآل الأطهار أمور، منها؛ حبنا المطلق وولائنا أللا محدود لهؤلاء الآل الكرام، وقد جاء في عقائدنا الإسلامية أن حبهم من الإيمان وبغضهم كفر ونفاق، والأمر الثاني هو الخلط المتعمد لتجفيف منابع الخير والحب والتواصل مع آل البيت الأطهار، وذلك عن طريق التشويش والإقصاء والتأويل المنافي لمكانة أهل البيت (عليهم رضوان الله تعالى أجمعين)، وقلب الحقائق وتزويرها، والأمر الثالث الذي دفعني للحديث عن أهل البيت هي تفجيرات الكاظمية المؤلمة التي استهدفت الزوار المؤمنين المتوجهين إلى زيارة الإمام موسى الكاظم (رضوان الله عليه)، باعتبار أن هذا الحقد الدفين له أساس وعمق قي تاريخ الأمة، قد فرض عليها وعلى أبنائها، سيما أننا نعيش أياماً حزينة ومؤلمة مرت بآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقتل الإمام الحسين، وقتل واستشهاد أهله وتهجيرهم وتعذيبهم وإرعابهم وإقصائهم وسبيهم.. فالمستهدفون الإرهابيون إنما أرادوا أن يستهدفوا آل البيت أنفسهم، وان يقطعوا حبهم من قلوب المؤمنين، ولكنهم خسروا وخسئوا أن يقطعوا علاقة الحب بالمحب، وعلى العكس، فالناس يزدادون حباً والتصاقا لهؤلاء الأطهار، والأمر الأخير الذي دفعني عن الكتابة لأهل البيت هو استقرائي للعالم الإسلامي وما يعانيه من ابتعاد عن الدين وجفاء في القلوب، ولهذا أدركت حينها أننا بحاجة إلى أن نقرأ الكثير الكثير عن حياة هؤلاء العظماء، وعن البيت النبوي الشريف، لنستخلص العظة والدرس والعبرة من حياتهم الشريفة الطويلة، لنعكسها على حياتنا وأخلاقنا وتعاملنا مع الناس، فالكلام عن آل البيت يدفعنا أن نفتح كتاب الله عز وجل، وهو يحدثنا عن آل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) و (رضوان الله تعالى عنهم أجمعين)، لأن معنى الآل تحمل وجوهاً عديدة اختلف فيها أهل العلم، ولكنهم اتفقوا جميعاً أن رسول الله وعليا وفاطمة وحسنا وحسينا هم أهل البيت وأساسه. قال شاعرنا: مناقبهم كالشهب والترب والحصى * وإضعافها ألفا وألفاً بلا حصر فلبيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مناقب لا تحصى وفضائل لا تستقصى، فهو القران الكريم يقول في حقهم على لسان رسول الله، حيث قال تعالى: (قل لا اسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، أي لا أريد منكم مالاً ولا جاها ولا منصبا غير أني أوصيكم بأهل بيتي، ولهذا جاء في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا؛ كتاب الله ألزموا كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ثم قال: أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي، قالها ثلاثاً لأهميتها في قلوب المؤمنين، ولخطورتها في أن ينزلق من ينزلق في بغضهم وكراهيتهم وعداوتهم، فهل هذا الأمر وهذا النصح نقابله بسبهم وشتهم والإعراض عنهم؟! نعم، فالقران حافل بهذه المعاني وهذه الدلالات، منها قول الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، فأي منزلة هذه وأي مكانة التي تمتع بها بيت آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ كيف لا وهم مهبط الوحي واستقرار الرسالة، فقد اخرج الإمام البخاري ومسلم (رضي الله عنهما) في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال ألا اهدي لك هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه وآله سلم)؟ قلت: بلى، فأهدها لي، قال: سألنا رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فان الله قد علمنا كيف نسلم، فقال (صلوات ربي وسلامه عليه): قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين، انك حميد مجيد. بل إن الصلاة المفروضة لا تصح إلا بذكر أهل بيته والصلاة عليهم، فهم أمناء الإيمان وحكماء الأنام وشموس الإسلام وأحباب بني الإسلام، حتى قال الشاعر عنهم: أولئك قوم إن عدوا لمكرمة * ومن سواهم فلغو غير معدود الفرق بين الورى جميعا وبينهم * كالفرق ما بين معدوم وموجود كلّ هذه المعاني تدفعنا إلى أن نحب هؤلاء ونقرأ سيرتهم، لنزداد تواصلاً وتقربا إلى أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولكي نعكس حياتهم على حياتنا حتى نفوز بالدارين، اللهم آمين.. واجعلنا اللهم من المحبين لهم والعارفين لقدرهم، وسلم تسليماً كثيرا. الشيخ خالد عبد الوهاب الملا رئيس جماعة علماء العراق / فرع الجنوب