شهادات الرسول (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام)
البحث الرقم: 917 التاريخ: 1 صفر المظفّر 1430 هـ المشاهدات: 4647
إنَّ اللهَ لَيَغضب لِغَضَبِ فاطمة ويَرضَى لِرِضَاها. فَاطِمة بضعة مني، مَن آذاها فَقَد آذاني، ومن أحَبَّها فقد أحَبَّني. فاطمة قَلبي، ورُوحي التي بين جَنبَيَّ. فاطِمَة سَيِّدة نساء العالمين. هذه الشهادات، وأمثالها تواترت في كتب الحديث والسيرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي لا يَنطُقُ عن الهوى، ولا يتأثَّر بنسبٍ أو سَبَبٍ، ولا تأخذه في الله لَومَةَ لائِمٍ. إن أوسِمَة من خاتم الرُسُل على صدر فاطمة الزهراء (عليها السلام)، تزداد تألُّقاً كُلَّما مَرَّ الزمن، وكلما تطوَّرَت المجتمعات، وكلما لاحظنا المبدأ الأساس في الإسلام. في كلامٍ قاله (صلى الله عليه وآله) لها (عليها السلام): يَا فَاطِمة اِعملي لنفسك، فإني لا أغني عنكِ مِن الله شيئاً. فاطمة الزهراء (عليها السلام)، هذه مثال المرأة التي يريدها الله، وقطعة من الإسلام المُجَسَّد في محمد (صلى الله عليه وآله)، وقدوة في حياتها للمرأة المسلمة، وللإنسان المؤمن، في كل زمان ومكان. إن الزهراء (عليها السلام) هي القدوة، والمثل الأعلى الذي نصبَهُ رَبُّ العِزَّة ليقتدي به المؤمنون عامَّة، والمؤمنات خاصَّة. وهذه الشخصيَّة الفريدة التي مَنَّ بها الباري على رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وسمَّاهَا (الكوثر) في قرآنه الكريم، قد ارتَقَت في العظمة والعصمة. وقد شاء الله أن يصير رضاها رضىً لله تعالى، وغضبها غضباً لله تعالى، ولا عجبَ حينئذٍ أن يكون قد حارب النبي (صلى الله عليه وآله) مَن حارَبَ الزهراء (عليها السلام)، وسالَمَه من سالمها. فالزهراء (عليها السلام) إذاً هي الميزان الذي يُوزَن به إيمان الناس، ودرجة استقامتهم على طريق الهُدى والخير، والإخلاص والخلوص. وكذلك المعيار الذي يُعرَف به رضى الله تعالى ورسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) وغضبهما. فكَونها بضعة للنبي (صلى الله عليه وآله) ـ يُرضيه ما يرضيها ويُغضبه ما يُغضبها ـ لا يعني كونها (عليها السلام) جزءاً من كيانه الجسدي والمادِّي، من حيث بُنوَّتِها له. لأنه (صلى الله عليه وآله) لا ينطلق في أقواله وأفعاله من موقف العصبيَّة للقرابة أو للعِرق. ولأن الزهراء (عليها السلام) لو لم تكن على درجة عظيمة من الإيمان، لما نَالَت ما نَالَت. وذاك ابن نوح نفاه الله تعالى عن أبيه، لمَّا فارقه في العمل، فقال: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) [هود: 42]. ليست قليلة تلك الشعلة التي التهبت بها شخصية هذه المرأة العظيمة (عليها السلام)، فإن تَكُن سيدة نساء العالمين فَمِن هذا المَعِينِ تَسْتَقي، فهي ابنة نبي رَبَط حاضر الأجيال بماضيها (عليها السلام)، ووصلها بكل زمان يأتي. فبهذه الهالة القدسية اتَّشحت شخصيتها (عليها السلام)، آخِذَة عن أبيها عبء مسؤولية الأجيال. وتزوَّجت (عليها السلام) رجلاً، كان زواجها منه (عليه السلام) تحقيقاً للمُخَطَّط العظيم، وتنزيلاً لقُدْسِيَّة الكلمة. وكان زواجها استكمالاً لِمَتَانة ما أُنِيطَ بها، وما كان الحسن والحسين (عليهما السلام) غير نتاج هذا الرباط الذي اكتملت به المشيئة. هكذا ارتبط التاريخ برباط، وهكذا اتَّشحت فاطمة (عليها السلام) بقدسية هذا الرباط، هالة اتَّشحت بها سيدة نساء العالمين (عليها السلام) إزاراً من نبوة، وإزاراً من إمامة، وإزاراً من أُمُومة.