محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: بعث امير المؤمنين (عليه السلام) مصدقا من الكوفة إلى باديتها، فقال له: يا عبدالله، انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له، ولا تؤثر (1) دنياك على آخرتك، وكن حافظا لما ائتمنتك عليه، راعيا لحق الله فيه، حتى تأتي نادي بني فلان، فإذا قدمت فانزل بمائهم (2) من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ثم قل لهم: يا عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه (3) إلى وليه، فإن قال لك قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلا خيرا، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا باذنه فان أكثره له، فقل: يا عبدالله، أتأذن لي في دخول مالك؟ فإن أذن لك فلا تدخله دخول متسلط عليه فيه ولا عنف به، فاصدع (4) المال صدعين ثم خيره أي الصدعين شاء، فأيهما اختار فلا تعرض له، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له، ولا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في (5) ماله، فاذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه، وإن استقالك فأقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله، فاذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشيء (6) منها، ثم احدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد الينا نصيره حيث أمر الله عزّ وجلّ، فاذا انحدر بها رسولك فأوعز اليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يفرق بينهما، ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها، ولا يجهدنها (7) ركوبا، وليعدل بينهن في ذلك، وليوردهن كل ماء يمربه، ولا يعدل بهن عن نبت الارض إلى جواد الطرق (8) في الساعة التي فيها تريح وتغبق (9)، وليرفق بهن جهده حتى تأتينا (10) باذن الله سبحانه سحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فنُقسمهن (11) باذن الله على كتاب الله وسنة نبيه على اولياء الله، فان ذلك أعظم لأجرك، وأقرب لرشدك، ينظر الله إليها وإليك، وآل (12) جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولامامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى.. الحديث. ورواه المفيد في (المقنعة) عن حماد، عن حريز نحوه (13).
المصادر
الكافي 3: 536 | 1، والتهذيب 4: 96 | 274.
الهوامش
1- في المصدر: ولا تؤثرن.
2- في نسخة: بفنائهم (هامش المخطوط).
3- في نسخة: فتؤدون (هامش المخطوط). وكذك المصدر.
4- في نسخة: واصدع (هامش المخطوط).
5- في نسخة: من (هامش المخطوط) وكذلك المصدر.
6- في المصدر: لشيء.
7- في المصدر: ولا يجهد بها.
8- في نسخة: الطريق (هامش المخطوط) وكذلك المصدر.
9- تغبق: من الغبوق، وهو الشرب في العشي (الصحاح ـ غبق ـ 4: 1535).
وعنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه سئل: أيجمع الناس المصدق أم يأتيهم على مناهلهم؟ قال: لا بل يأتيهم على مناهلهم فيصدقهم.
وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن محمد بن خالد، أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصدقة؟ فقال: إن ذلك لا يقبل منك، فقال: إني أحمل ذلك في مالي، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام): مر مصدقك أن لا يحشر من ماء إلى ماء، ولا يجمع بين المتفرق، ولا يفرق بين المجتمع، وإذا دخل المال فليقسم الغنم نصفين ثم يخير صاحبها أي القسمين شاء، فاذا اختار فليدفعه إليه فان تتبعت نفس صاحب الغنم من النصف الاخر منها شاة أو شاتين أو ثلاثا فليدفعها إليه، ثم ليأخذ صدقته، فاذا أخرجها فليقسمها فيمن يريد (1)، فاذا قامت على ثمن فان أرادها صاحبها فهو أحق بها، وإن لم يردها فليبعها.
المصادر
الكافي 3: 538 | 5، والتهذيب 4: 98 | 276، واورد قطعة منه في الحديث 2 من الباب 11 من هذه الابواب.
وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) أنه قال: لا تباع الصدقة حتى تعقل. ورواه الصدوق مرسلا (1).
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: كان علي صلوات الله عليه إذا بعث مصدقه قال له: اذا أتيت على رب المال فقل: تصدق رحمك الله مما أعطاك الله، فان ولى عنك فلا تراجعه.
وعنهم عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أحمد ابن معمر قال: أخبرني أبوالحسن العرني، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر (1)، عن رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أبي طالب (عليه السلام) على بانقيا (2) وسواد من سواد الكوفة، فقال لي والناس حضور: انظر خراجك فجد فيه، ولا تترك منه درهما، فإذا أردت أن تتوجه إلى عملك فمر بي، قال: فأتيته فقال لي: إن الذي سمعته مني خدعة، إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج، أو تبيع دابة عمل في درهم، فانما (3) امرنا أن نأخذ منهم (4) العفو. ورواه الصدوق مرسلا (5). ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب (6) وكذا كل ما قبله، إلا حديث محمد بن مسلم وحديثي غياث. ورواه المفيد في (المقنعة) عن إسماعيل بن مهاجر مثله (7).
المصادر
الكافي 3: 540 | 8.
الهوامش
1- في نسخة: اسماعيل بن ابراهيم، عن مهاجر (هامش المخطوط) وكذلك المصدر، وما في المتن موافق لما ورد في الوافي 2: 22 كتاب الزكاة.
2- بانقيا: مكان قرب الكوفة. (معجم البلدان 1: 331).
محمد بن الحسين الرضي في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات: انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلما، ولا تجتازن عليه كارها، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولا تخدج التحية لهم، ثم تقول: عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو ترعده (1) أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أتاك (2) من ذهب أو فضة، فإن كانت له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا باذنه فان أكثرها له، فاذا أتيتها فلا تدخلها (3) دخول متسلط عليه ولاعنيف به، ولا تنفرن بهيمة ولا تفزعنها، ولا تسوءن صاحبها فيها، واصدع المال صدعين ثم خيره، فان (4) اختار فلا تعرضن لما اختار، (ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره، فاذا اختار فلا تعرضن لما اختار) (5)، ولا (6) تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله فاقبض حق الله منه، فان استقالك فأقله، ثم اخلطهما ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله، ولا تأخذن عودا (7) ولا هرمة ولا مكسورة ولا مهلوسة (8) ولا ذات عوار، ولا تأمنن عليها إلا من تثق بدينه، رافقا بمال المسلمين حتى يوصله إلى وليهم فيقسمه بينهم، ولا توكل بها إلا ناصحا شفيقا وأمينا حفيظا غير معنف ولا مجحف ولا ملغب ولا متعب، ثم احدر إلينا ما اجتمع عندك نصيره حيث أمر الله به، فاذا أخذها أمينك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يمصر (9) لبنها فيضر ذلك بولدها، ولا يجهدنها ركوبا، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها، وليرفه على اللاغب (10)، وليستأن بالنقب (11) والظالع، وليوردها ما تمر به من الغدر (12)، ولا يعدل بها عن نبت الارض الى جواد الطرق، وليروحها في الساعات، وليمهلها عند النطاف (13) وبالأعشاب (14) حتى تأتينا بها باذن الله بدنا منقيات (15) غير متعبات ولا مجهودات، لنقسمها على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، فإن ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك، إن شاء الله.
المصادر
نهج البلاغة 3: 27.
الهوامش
1- في المصدر: وتوعده.
2- في المصدر: ما اعطاك.
3- في المصدر: فلا تدخل عليها.
4- في المصدر: فاذا.
5- ليس في المصدر.
6- في المصدر: فلا.
7- العود: المسن من الابل. (الصحاح ـ عود ـ 2: 514).
8- في نسخة: ضعيفة (هامش المخطوط).
9- المصر: حلب كل ما في الضرع. (الصحاح ـ مصر ـ 2: 817).
10- اللغوب: التعب والاعياء. (مجمع البحرين ـ لغب ـ 2: 167).
11- النقب: البعير الذي انخرق خفه. (مجمع البحرين ـ نقب ـ 2: 176).
12- الغدر: جمع غدير، وهو بقايا ماء المطر في منخفضات الارض. (الصحاح ـ غدر ـ 2: 766).
13- النطاف: جمع نطفة، وهي الماء الصافي قل او كثر. (الصحاح ـ نطف ـ 4: 1434).
14- في المصدر: والاعشاب.
15- منقيات: سمينات. (الصحاح ـ نقي ـ 6: 2515).وتقدم ما يدل على جواز اخذ البدل في الباب 13 من هذه الابواب، وتقدم ما يدل على ان القول قول المالك في الباب 15 من ابواب ما تجب فيه الزكاة.