محمد بن يعقوب قال: في رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: (أنفقوا من طيبات ما كسبتم) (1) فقال: كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء في الجاهلية فلما أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم فيتصدقوا بها، فأبي الله عزّ وجلّ أن يخرجوا إلا من أطيب ما كسبوا.
محمد بن إدريس في آخر (السرائر) نقلا من كتاب (المشيخة) للحسن بن محبوب: عن صالح بن رزين، عن شهاب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) (1)؟ فقال في الكسب: هم قوم كسبوا مكاسب خبيثة قبل أن يسلموا، فلما أن حسن إسلامهم أبغضوا ذلك الكسب الخبيث وجعلوا يريدون أن يخرجوه من أموالهم فأبي الله أن يتقربوا إليه إلا بأطيب ما كسبوا.
المصادر
مستطرفات السرائر: 89 | 41، واورده في الحديث 2، ونحوه في الحديث 1 من الباب 19 من ابواب زكاة الغلات.
محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق (عليه السلام): لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم الله عنه ما قبله منهم، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم، حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق. ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) مثله (1).
وفي (المقنع) عن الحلبي، أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) (1)؟ فقال: كان الناس حين أسلموا عندهم مكاسب من الربا ومن أموال خبيثة، فكان الرجل يتعمدها من بين ماله فيتصدق بها، فنهاهم الله عن ذلك، وإن الصدقة لا تصلح الا من كسب طيب
وفي (معاني الأخبار) عن محمد بن القاسم الاسترابادي، عن يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي العسكري، عن آبائه، عن الصادق (عليه السلام) ـ في حديث طويل ـ قال: إن من اتبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة (1) تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني، فرأيته قد أحدق به خلق كثير من غثاء العامة، فما زال يراوغهم حتى فارقهم ولم يقر، فتبعته فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة، ثم مر بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله وأخذ من عنده رمانتين مسارقه فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة، ثم أقول: وما حاجته إذاً إلى المسارقة؟! ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ـ ثم ذكر أنه سأله عن فعله ـ فقال له: لعلك جعفر بن محمد؟ قلت: بلى، فقال لي: فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك؟! فقلت: وما الذي جهلت منه؟ قال: قول الله عزّ وجلّ: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) (2)، وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين، فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها كان لي أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات وبقى لي ست وثلاثون حسنة، فقلت له: ثكلتك امك، أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين) (3) إنك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت رمانتين كانت أيضا سيئتين، ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات فجعل يلاحظني فانصرفت وتركته، قال الصادق (عليه السلام): بمثل هذا التأويل القبيح المستكره يضلون ويضلون (4). ورواه العسكري (عليه السلام) في (تفسيره) (5). ورواه الطبرسي في (الاحتجاج) مرسلا (6).
المصادر
معاني الاخبار: 33 | 4.
الهوامش
1- في الاحتجاج: الناس (هامش المخطوط).
2- الانعام 6: 160.
3- المائدة 5: 27.
4- فيه ان الحمل على الظاهر تأويل، ولا يخفى ان ذلك مخصوص بحمل العام على الافراد التي ليست بظاهرة الفردية، كما في الصورة المفروضة في الحديث، او على العمل بظواهر القران التي لا يوافقها حديث، ليؤمن به من النسخ والتخصيص والتقييد ونحوها، وذلك قد تواتر النص بالمنع منه وعلى هذا فالحمل على الظاهر في القران واستنباط الاحكام النظرية منه قبل التفحص عن تفسيره وتاويله وتخصيصه وتقييده ونحوها داخل في التأويل المذكور في قوله تعالى (وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) وغير ذلك من الايات والروايات المتواترة الصريحة والله اعلم، ولا يلزم من ذلك الدور لوجود الروايات الصريحة، وانتفاء التقية «منه قده».
5- تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 44 و 45 | 20.
العياشي في (تفسيره) عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) (1) قال: كانت بقايا في أموال الناس أصابوها من الربا ومن المكاسب الخبيثة قبل ذلك، فكان أحدهم يتممها فينفقها ويتصدق بها، فنهاهم الله عن ذلك.