محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن الحسين الانباري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: كتبت إليه أربع عشرة سنة أستأذنه في عمل السلطان، فلما كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أني أخاف على خيط عنقي، وأن السلطان يقول لي إنك رافضي، ولسنا نشك في أنك تركت العمل للسلطان للرفض فكتب إلى أبوالحسن (عليه السلام): فهمت كتابك (1) وما ذكرت من الخوف على نفسك، فإن كنت تعلم أنك إذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثم تصير أعوانك وكتابك أهل ملتك وإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحدا منهم كان ذا بذا وإلا فلا. محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب نحوه (2).
وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن رجل مسلم وهو في ديوان هؤلاء وهو يحب آل محمد (صلّى الله عليه وآله) ويخرج مع هؤلاء في بعثهم فيقتل تحت رايتهم؟ قال: يبعثه الله على نيته. قال: وسألته عن رجل مسكين خدمهم رجاء أن يصيب معهم شيئا فيغينه الله به فمات في بعثهم؟ قال: هو بمنزلة الاجير إنه إنما يعطي الله العباد على نياتهم.
وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق، عن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) سئل عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال: لا إلا أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة، فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت.
المصادر
التهذيب 6: 330 | 915، وأورده في الحديث 2 من الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس.
محمد بن علي بن الحسين في (العلل) وفي (عيون الاخبار) عن المظفر بن جعفر بن مظفر العلوي، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن محمد بن نصير، عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن الرضا (عليه السلام) أنه قال له رجل: أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه. فقال له أبوالحسن الرضا (عليه السلام): يا هذا أيما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا بل النبي فقال: أيما أفضل مسلم أو مشرك؟ فقال: لا بل مسلم، قال: فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف (عليه السلام) نبيا، وإن المأمون مسلم وأنا وصي، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال: (اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم) (1) وأنا اجبرت على ذلك... الحديث.
وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له: يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا، فقال (عليه السلام): قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل أخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له: (اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم) (1)، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
وعن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة (1)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي قال: إن المأمون قال للرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني، فقال الرضا (عليه السلام): بالعبودية لله عزّوجلّ أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم ارجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّوجلّ. فقال له المأمون: فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك، فقال له الرضا (عليه السلام): إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله، وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك. فقال له المأمون: يا ابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الامر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله، فقال له: إن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي، فقال الرضا (عليه السلام): والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي عليّ ملائكة السماء والارض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون وقال له: يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الاساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا (عليه السلام): أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال المامون يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الامر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا، فقال له الرضا (عليه السلام): والله ما كذبت منذ خلقني الله عزّوجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لاعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الامان على الصدق، قال: لك الامان قال: تريد ان يقول الناس: إن علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، أما ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ قال: فغضب المأمون، ثم قال: انك تتلقاني أبدا بما اكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله اقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك. فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك، وإنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحدا، ولا أعزل احدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الامر من بعيد مشيرا، فرضي بذلك منه وجعله ولي عهده على كراهية منه (عليه السلام) لذلك. وفي كتاب (المجالس) بهذا السند مثله (2)، وكذا الذي قبله.
وفي (عيون الاخبار) عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن محمد بن عرفة قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد؟ قال: ما حمل جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) على الدخول في الشورى.
وعن علي بن عبدالله الوراق، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: والله ما دخل الرضا (عليه السلام) في هذا الامر طائعا ولقد حمل إلى الكوفة مكرها، ثم اشخص منها على طريق البصرة إلى فارس ثم إلى مرو (1).
المصادر
عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 141 | 5.
الهوامش
1- فيه أنه (عليه السلام) حمل إلى مرو مكرها وقد مر في صلاة المسافر أنه كان يقصر في الطريق، (منه قده).
وعن الحسن بن يحيى الحسيني، عن جده يحيى بن الحسن بن جعفر، عن موسى بن سلمة، أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم وهو يقول: واعجبا لقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت، قالوا: وما رأيت أصلحك الله؟ قال: رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأجعله في رقبتك. ورأيت علي بن موسى يقول له: الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة، فما رأيت خلافة كانت أضيع منها، أمير المؤمنين ينفض (1) منها ويعرضها على علي بن موسى، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى.
سعيد بن هبة الله الراوندي في (الخرائج والجرائح) عن محمد بن زيد الرزامي (1)، عن الرضا (عليه السلام) أن رجلا من الخوارج قال له: أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار، وأنت إبن رسول الله، فما حملك على هذا؟ فقال له أبوالحسن (عليه السلام) أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته؟ أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون، وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه؟ ويوسف بن يعقوب نبي إبن نبي إبن نبي، فسأل العزيز وهو كافر فقال: (اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم) (2) وكان يجلس مجلس الفراعنة، وإنما أنا رجل من ولد رسول الله أجبرني على هذا الامر وأكرهني عليه ما الذي أنكرت ونقمت علي؟ فقال: لا عتب عليك أشهد أنك ابن رسول الله، وأنك صادق.