الخطبة ١٣٣: يعظّم الله سبحانه ويذكر القرآن والنبي ويعظ الناس
المسار
الصفحة الرئيسة »
نهج البلاغة »
الخطب »
الخطبة ١٣٣: يعظّم الله سبحانه ويذكر القرآن والنبي ويعظ الناس
البحث
الرقم: 134
المشاهدات: 4774
قائمة المحتويات
ومن خطبة له عليه السلام يعظّم الله سبحانه ويذكر القرآن والنبي ويعظ الناس عظمة الله تعالىوَانْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا، وَقَذَفَتْ إِلَيْهِ السَّماَوَاتُ وَالْأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا (1) ، وَسَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ الْأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ، وَقَدَحَتْ (2) لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ، وَآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الِّثمَارُ الْيَانِعَةُ. القرآن منها: وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطقٌ لاَ يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ. رسول الله منها: أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَتَنَازُعٍ مِنَ الْأَلْسُنِ، فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ، وَخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ، فَجَاهَدَ فِي اللهِ الْمُدْبِرِينَ عَنْهُ، وَالْعَادِلِينَ بِهِ. في الدنيا منها: وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مَنْتَهَى بَصَرِ الْأَعْمَى ، لاَيُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيئاً، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا. فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، وَالْأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ، وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، وَالْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ. في عظة الناس منها: وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ، إِلاَّ الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لاَ يَجِدُ لَهُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً. وَإِنَمَا ذلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ ، وَبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ، وَسَمْعٌ لَلْاُذُنِ الصَّمَّاءِ، وَرِيٌّ لِلظَّمْآنِ، وَفِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَالسَّلاَمَةُ. كِتَابُ اللهِ تُبْصِرُونَ بِهِ، وَتَنْطِقُونَ بِهِ، وَتَسْمَعُونَ بِهِ، وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلى بَعْضٍ، وَلاَ يَخْتَلِفُ فِي اللهِ، وَلاَ يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللهِ. قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ (3) فِيَما بَيْنَكُمْ، وَنَبَتَ الْمرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ (4) ، وَتَصَافَيْتُمْ عَلى حُبِّ الْآمَالَ، وَتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ. لَقَدِ اسْتَهَامَ (5) بِكُمُ الْخَبِيثُ ، وَتَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ.
الهوامش
1- مقاليدها: جمع مِقْلاد، وهو المفتاح.
3- الغِلّ: الحقد، والاصطلاح عليه: الاتفاق على تمكينه في النفوس.
4- «نَبَتَ المرعى على دِمَنِكم»: تأكيد وتوضيح لمعنى الحقد. والدِّمَن ـ بكسر ففتح ـ: جمع دِمْنَة ـ بالكسر ـ وهي الحقد القديم. ونَبْتُ المرعى عليه استتارُهُ بظواهر النفاق. وأصل الدّمَن: السرقين وما يكون من أرواث الماشية وأبوالها. وسُمّيت بها الأحقاد لانّها أشبه شيء بها.
5- استهام: أصله من هام على وجهه، إذا خرج لا يدري أين يذهب.