الخطبة ١٩٤: يصف فيها المنافقين
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ١٩٤: يصف فيها المنافقين

 البحث  الرقم: 195  المشاهدات: 7852
قائمة المحتويات ومن خطبة له عليه السلام يصف فيها المنافقين
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَذَادَ (1) عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيةِ، وَنَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً، وَبِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً.
وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ كُلَّ غَمْرَةٍ (2)، وَتَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّةٍ الحلق
.">(3)، وَقَدْ تَلَوَّنَ لَه الْأَدْنَوْنَ (4)، وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْأَقْصَوْنَ (5)، وَخَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا (6)، وَضَرَبَتْ إِلَى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا، حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا، مِنْ أبْعَدِ الدَّارِ، وَأَسْحَقِ (7) الْمَزَارِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ، وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ، فَإِنَّهُمُ، الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ، وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ (8)، يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً، وَيَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً (9)، وَيَعْمِدُونَكُمْ (10) بِكُلِّ عِمَادٍ (11)، وَيَرْصُدُونَكُمْ (12) بِكُلِّ مِرْصَادٍ (13).
قُلوبُهُمْ دَوِيَّةٌ المرض
.">(14)، وَصِفَاحُهُمْ (15) نَقِيَّةٌ. يَمْشُونَ الْخَفَاءَ الخَفاءَ»: يمشون مشي التستر.">(16)، وَيَدِبُّونَ المرض في الجسم.">(17) الضَّرَاءَ. وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ، وَقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ، وَفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ (18). حَسَدَةُ السَعَة.">(19) الرَّخَاءِ، وَمُؤَكِّدُوا الْبَلاَءِ، وَمُقْنِطُوا الرَّجَاءِ.
لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ (20)، وَإلى كُلِّ قَلْبٍ شَفِيعٌ، وَلِكُلِّ شَجْوٍ الحزن، أي يبكون تصنعاً متى أرادوا.">(21) دُمُوعٌ.
يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ (22)، وَيَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ.
إِنْ سَأَلُوا ألْحَفُوا (23)، وَإِنْ عَذَلُوا (24) كَشَفُوا، وَإِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا.
قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلاً، وَلِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلاً، وَلِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلاً، وَلِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً، وَلِكُلِّ لَيْلٍ مِصْبَاحاً.
يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ، وَيُنَفِّقُوا (25) بِهِ أَعْلاَقَهُمْ (26).
يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ بالباطل.">(27)، وَيَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ. قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ، وَأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ فيهلكون.">(28).
فَهُمْ لُمَةُ (29) الشَّيْطَانِ، وَحُمَةُ (30) النِّيرَانِ ﴿أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾

الهوامش

1- ذادَ عنه: حمى عنه وطَرَدَ.
2- الغَمْرة: الشدة، وأصلها ما ازدحم وكثر من الماء.
3- الغصّة: الشجا في الحلق.
4- تَلوّنَ: تقلب له الأدْنَوْن أي الأقربون فلم يثبتوا معه.
5- تَألّبَ عليه الأقْصَوْن: اجتمع عليه الأبعدون.
6- الأعنّة: جمع عِنان، وهو حبل اللجام.
7- أسحق: أقصى.
8- الزّالّون: من زلّ، أي أخطأ، والمُزِلّون: من «أزلّه»: إذا أوقعة في الخطأ.
9- يفتنّون: يأخذون في فنون من القول لا يذهبون مذهباً واحداً.
10- يَعْمِدونكم: يَفْدَحونكم.
11- العِماد: مايُقام عليه البناء.
12- يَرْصُدُونكم: يقعدون لكم بكل طريق ويُعِدّون المكايد لكم.
13- المِرْصاد: محل الارتقاب.
14- دَوِيّة: مريضة، من الدواء ـ بالقصر ـ وهو المرض.
15- الصِفاح: جمع صفحة، والمراد منها صفاح وجوههم، ونقاوتها: صفاؤها من علامات العداوة وقلوبهم ملتهبة بنارها.
16- «يمشون الخَفاءَ»: يمشون مشي التستر.
17- يَدِبّون: أي يمشون على هينة دبيب الضراء: أي كما يسري المرض في الجسم.
18- الداء العَياء ـ بالفتح ـ: الذي أعيا الأطباء ولا يمكن منه الشفاء.
19- حَسَدَة: جمع حاسد، أي يحسدون على السَعَة.
20- الصريع: المطروح على الأرض.
21- الشَجْو: الحزن، أي يبكون تصنعاً متى أرادوا.
22- يتقارضون: كل واحد منهم يثني على الآخر ليثني الآخر عليه، كأن كلاً منهم يسلف الآخر دَيناً ليؤديه إليه.
23- ألحفوا: بالغوا في السؤال وألحّوا.
24- عذلوا: لاموا.
25- ينفقون: يروجون. وأصله الثلاثي «نَفَقَ يَنْفِقٌ» من النفاق ـ بالفتحـ: ضد الكساد.
26- الاعْلاق ـ جمع علق ـ: الشيء النفيس، والمراد ما يزينونه من خدائعهم.
27- «يقولون فيشبّهون»: أي يشبهون الحق بالباطل.
28- يُضْلِعون المضائق: يجعلونها معوجّة يصعب تجاوزها فيهلكون.
29- اللُمَة ـ بضم ففتح ـ: الجماعة من الثلاثة إلى العشرة، والمراد هنا مطلق الجماعة.
30- الحُمَة ـ بالتخفيف ـ: الابرة تلسع بها العقرب ونحوها.



الفهرسة