الخطبة ٢٠٥: كلّم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ٢٠٥: كلّم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة

 البحث  الرقم: 206  المشاهدات: 3622
قائمة المحتويات ومن كلام له عليه السلام كلّم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة وقد عتبا من ترك مشورتهما، والاستعانة في الأمور بهما
لَقَدْ نَقَمْتُما (1) يَسِيراً، وَأَرْجَأْتُمَا (2) كَثِيراً، أَلاَ تُخْبِرَانِي، أَيُّ شَيْءٍ لَكُمَا فِيهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ؟ وأَيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِهِ؟ أَمْ أَيُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ، أَمْ جَهِلْتُهُ، أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ!
وَاللهِ مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ، وَلاَ فِي الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ (3)، وَلكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَمَا وَضَعَ لَنَا، وَأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ، وَمَا اسْتَسَنَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ فَاقْتَدَيْتُهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ فِي ذلِكَ إِلَى رَأْيِكُمَا، وَلاَ رَأْيِ غَيْرِكُمَا، وَلاَ وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ، فَأَسْتَشِيرَكُمَا وَإِخْوَانِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَوْ كَانَ ذلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا، وَلاَ عَنْ غَيْرِكُمَا.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ (4)، فَإِنَّ ذلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ بِرَأْيِي، وَلاَ وَلِيتُهُ هَوىً مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَأَنْتُما مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيَما قَدْ فَرَغَ اللهُ مِنْ قَسْمِهِ، وَأَمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمَا، وَاللهِ، عِنْدِي وَلاَ لِغَيْرِكُمَا فِي هذَا عُتْبَى (5). أَخَذَ اللهُ بِقُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَأَلْهَمَنَا وَإِيَّاكُمْ الصَّبْرَ.

ثم قال (عليه السلام): رَحِمَ اللهُ رَجُلاً رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ، أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ، وَكَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ.

الهوامش

1- نَقَمْتما: أي غضبتما.
2- أرجأتما: أي أخرتمامما يرضيكما كثيراً لم تنظرا إليه.
3- الإرْبة ـ بكسر الهمزة ـ: الغرض والطلبة.
4- الأسْوَة ـ ها هنا ـ: التسوية بين المسلمين في قسمة الأموال، وكان ذلك قد أغضب القوم على ما روي.
5- العٌتْبِي: الرجوع عن الاساءة.



الفهرسة