الخطبة ١٥٢: في صفات الله جل جلاله، وصفات أئمة الدين
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ١٥٢: في صفات الله جل جلاله، وصفات أئمة الدين

 البحث  الرقم: 153  المشاهدات: 4985
قائمة المحتويات ومن خطبة له عليه السلام في صفات الله جل جلاله، وصفات أئمة الدين
الْحَمْدُ للهِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ.
لاَ تَسْتَلِمُهُ (1) الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، لِإِفْتِرَاِق الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ وَالْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ.
الْأَحَدُ بِلَا تَأْوِيلِ عَدَدٍ، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ (2). وَالسَّمِيعُ لاَ بِأَدَاةٍ (3)، وَالْبَصِيرُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ (4)، وَالشَّاهِدُ لاَ بِمُمَاسَّةٍ، وَالْبَائِنٍ (5) لاَ بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ، وَالظّاهِرُ لاَ بِرُؤيَةٍ. وَالْبَاطِنُ لاَ بِلَطَافَةٍ. بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بَالْقَهْرِ لَهَا، وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بَالْخُضُوعِ لَهُ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ.
مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ (6)، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ: «كَيْفَ»، فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ: «أَيْنَ»، فَقَدْ حَيَّزَهُ.
عَالِمٌ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَرَبٌّ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَقَادِرٌ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ.

في أئمّة الدين


منها: فَقَدْ طَلَعَ طَالِعٌ، وَلَمَعَ لاَمِعٌ، وَلاَحَ (7) لاَئِحٌ، وَاعْتَدَلَ مَائِلٌ، وَاسْتَبْدَلَ اللهُ بِقَوْمٍ قَوْماً، وَبِيَومٍ يَوْماً، وَانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ (8) انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ.
وَإِنَّمَا الْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ منْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ.
إِنَّ اللهَ خَصَّكُمْ بَالْإِسْلاَمِ، وَاسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ، وَذلِكَ لِاَنَّهُ اسْمُ سَلاَمَةٍ، وَجِمَاعُ (9) كَرَامَةٍ، اصْطَفَى اللهُ تَعَالَى مَنْهَجَهُ، وَبَيَّنَ حُجَجَهُ، مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ، وَبَاطِنِ حِكَمٍ.
لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ.
فِيهِ مَرَابِيعُ النِّعَمِ (10)، وَمَصَابِيحُ الظُّلَمِ.
لاَ تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِحِهِ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِحِهِ.
قَدْ أَحْمَى حِمَاهُ (11)، وَأَرْعَى مَرْعَاهُ. فِيهِ شِفَاءُ الْمُسْتَشْفِي، وَكِفَايَةُ الْمُكْتَفِي.

الهوامش

1- لا تستلمه المشاعر: أي لا تصل اليه الحواس.
2- النَصَب ـ محرّكة ـ: التعب.
3- الأداة: الآلة.
4- تفريق الآلة: تفريق الأجفان وفتح بعضها عن بعض.
5- البائن: المنفصل عن خلقه.
6- «من وصفه»: أيّ مَنْ كيفه بكيفيات المحدثين.
7- لاح: بدا.
8- الغِيرَ ـ بكسر ففتح ـ: صُروف الحوادث وتقلباتها.
9- جِماعُ الشيء: مجتمعهُ.
10- مَرَابيع ـ جمع مِرْباع بكسر الميم ـ: المكان ينبت نبته في أول الربيع.
11- «أحْمَى حِماه»: من «أحْمى المكانَ» جعله حِمىً لا يُقْرَب، أي: أعزّ الله الإسلام ومنعه من الأعداء.



الفهرسة