الخطبة ٨٣: وهي من الخطب العجيبة تسمّى «الغراء»
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ٨٣: وهي من الخطب العجيبة تسمّى «الغراء»

 البحث  الرقم: 84  المشاهدات: 12358
قائمة المحتويات ومن خطبة له عليه السلام وهي من الخطب العجيبة تسمّى «الغراء»
وفيها نعوت الله جل شأنه، ثمّ الوصية بتقواه، ثمّ التنفير من الدنيا، ثمّ ما يلحق من دخول القيامة، ثمّ تنبيه الخلق إلى ما هم فيه من الاعراض، ثمّ فضله عليه السلام في التذكير صفته جلّ شأنه
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلاَ بِحَوْلِهِ (1)، ودَنَا بِطَوْلِهِ (2)، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَفَضْلٍ، وَكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَ أَزْلٍ (3). أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ (4)، وَأُومِنُ بهَ أَوَّلاً بَادِياً (5)، وَأَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَأَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ ببعثة النبي
.">(6) وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ (7).

الوصية بالتقوى


أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي ضَرَبَ الْأَمْثَالَ (8)، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ (9)، وَأَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ اللباس
.">(10)، وَأَرْفَغَ لَكُمُ المَعَاشَ أوْسعَ، يقال: رَفَغَ عَيْشُهُ ـ بالضم ـ رَفَاغَةً، أي: اتّسعَ.">(11)، وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ (12)، وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ (13)، وَآثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابغِ، وَالرِّفَدِ (14) الرَّوافِغ الواسعة.">(15)، وَأَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ (16)، فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً، ووَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً (17)، فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ (18)، وَدَارِ عِبْرَةٍ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا، وَمُحَاسِبُونَ عَلَيْهَا.

التنفير من الدنيا


فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ (19) مَشْرَبُهَا، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا (20)، يُونِقُ (21) مَنْظَرُهَا، وَيُوبِقُ يهلك.">(22) مَخْبَرُهَا، غُرُورٌ حَائِلٌ (23)، وَضَوْءٌ آفِلٌ (24)، وَظِلٌّ زائِلٌ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ (25)، حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا، وَاطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا (26)، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا ضرب ونصر ـ قَمْصاً وقماصاً أي: استَنّ، وهو أن يرفع يَدَيْهِ ويطرحهما معاً.">(27)، وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا (28)، وَأَقْصَدَتْ قَتَلَتْ مكانها من غير تأخير.">(29) بِأَسْهُمِهَا، وَأَعْلَقَتِ (30) الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ الموت.">(31) قَائِدَةً لَهُ إِلى ضَنْكَ الْمَضْجَعِ القبر.">(32)، وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ، ومُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ (33)، وَثَوَابِ الْعَمَلِ شقاء وسعادة.">(34)، وَكَذلِكَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ (35)، لاَتُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً (36)، وَلاَيَرْعَوِي الْبَاقُونَ (37) اجْتِرَاماً (38)، يَحْتَذُون مِثَالاً (39)، وَيَمْضُونَ أَرْسَالاً (40)، إِلَى غَايَةِ الْإِنْتِهَاءِ، وَصَيُّورِ الْفَنَاءِ. (41)

بعد الموت البعث


حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الْأُمُورُ، وَتَقَضَّتِ الدُّهُورُ، وَأَزِفَ النُّشُورُ البعث.">(42)، أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ القبر.">(43) الْقُبُورِ، وَأَوْكَارِ الطُّيُورِ، وَأَوْجِرَةِ (44) السِّبَاعِ، وَمَطَارِحِ الْمَهَالِكِ، سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ، مُهْطِعِينَ (45) إِلَى مَعَادِهِ، رَعِيلاً صُمُوتاً (46)، قِيَاماً صُفُوفاً، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ (47)، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الْإِسْتِكانَةِ لَبُوسُ الاسْتِكانةِ؛ اللّبُوس ـ بالفتح ـ: ما يلبس، والاستكانة: الخضوع.">(48)، وَضَرَعُ (49) الْإِسْتِسْلاَمِ وَالذِّلَّةِ، قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ، وانْقَطَعَ الْأَمَلُ، وَهَوَتِ الْأَفْئِدَةُ (50) كَاظِمَةً الفزع.">(51)، وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً الخفي.">(52)، وَأَلْجَمَ الْعَرَقُ (53)، وَعَظُمَ الشَّفَقُ الخوف.">(54)، وَأُرْعِدَتِ (55) الْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعِي (56) إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ فَصْل الخِطاب: بتّ الحكومة بين الله وبين عباده في الموقف.">(57)، وَمُقَايَضَةِ (58) الْجَزَاءِ، وَنَكَالِ العذاب.">(59) الْعِقَابِ، وَنَوَالِ الثَّوَابِ.

تنبيه الخلق


عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً (60)، وَمَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً (61)، وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً القبر، واجْتَدَثَ الرجلُ: اتخذ جَدَثاً، ويقال: جَدفَ ـ بالفاء ـ. و «مُضَمّنُونَ الاجداثَ» مجعولون في ضِمْنِها.">(62)، وَكَائِنُونَ رُفَاتاً (63)، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً، وَمَدِينُونَ جَزَاءً يومِ الدّين)">(64)، وَمُمَيَّزُونَ حِسَاباً (65)؛ قَدْ أُمْهِلُوا في طَلَبِ الْمَخْرَجِ، وَهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ المطهرة.">(66)، وَعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ (67)، وَكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ (68)، وَخُلُّوا لمِضْماَرِ الْجِيَادِ (69)، وَرَوِيَّةِ الْإِرْتِيَادِ (70)، وَأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ (71)، فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ، وَمُضْطَرَبِ الْمَهَلِ (72).

فضل التذكير


فَيَالَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً (73)، وَمَوَاعِظَ شَافِيَةً، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زاكِيَةً، وَأَسْمَاعاً وَاعِيَةً، وَآرَاءً عَازِمَةً، وَأَلْبَاباً حَازِمَةً! َاتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ، وَاقْتَرَفَ كسب يكسب، وفي التنزيل: (وَليَقْتَرِفُوا ما هم مُقْتَرِفُون)">(74) فَاعْتَرَفَ، وَوَجِلَ خافَ.">(75) فَعَمِلَ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ (76)، وَأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ، وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ للمجهول مشدد الباء ـ: أي عرضت عليه العِبرُ مراراً كثيرة، فاعتبر، أي اتعظ.">(77)، وَحُذِّرَ فَحَذِرَ، وَزُجِرَ فَازْدَجَرَ (78)، وَأَجَابَ فأَنَابَ (79)، وَرَاجَعَ فَتَابَ، وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى (80)، وَأُرِيَ فَرَأَى، فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَنَجَا هَارِباً، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً (81)، وَأَطَابَ سَرِيرَةً، وَعَمَّرَ مَعَاداً، وَاسْتَظْهَرَ زَاداً (82) لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَوَجْهِ سَبِيلِهِ (83)، وَحَالِ حَاجَتِهِ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ، وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَاسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ (84) لِصِدْقِ مِيعَادِهِ، وَالْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ.

التذكير بضروب النعم


ومنها: جَعَلَ لَكُمْ أسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا (85)، وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ (86) عَنْ عَشَاهَا (87)، وَأَشْلاَءً (88) جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا، مُلاَئِمَةً لِأَحْنَائِهَا (89) في تَرْكِيبِ صُوَرِهَا، وَمُدَدِ عُمُرِهَا، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا (90)، وَقُلُوبٍ رائِدَةٍ (91) لِاَرْزَاقِهَا، فِي مُجَلِّلاَتِ (92) نِعَمِهِ، وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ، وَحَوَاجِزِ (93) عَافِيَتِهِ. وَقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ، وَخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ (94)، وَمُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ (95).
أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَايَا (96) دُونَ الْآمَالِ، وَشَذَّبَهمْ عَنْهَا (97) تَخَرُّمُ الْآجَالِ (98)، لَمْ يَمْهَدُوا (99) فِي سَلاَمَةِ الْأَبْدَانِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ (100) الْأَوَانِ.
فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ (101) الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ الْهَرَمِ؟ وَأَهْلُ غَضَارَةِ والسعة والخصب.">(102) الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ؟ وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ الْفَنَاءِ؟ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ (103)، وَأُزُوفِ (104) الْإِنتِقَالِ، وَعَلَزِ المريض والمُحْتَضر.">(105) الْقَلَقِ، وَأَلَمِ الْمَضَضِ الحزن من القلب.">(106)، وَغُصَصِ الْجَرَضِ (107)، وَتَلَفُّتِ الْإِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَالْأَقْرِبَاءِ، وَالْأَعِزَّةِ وَالْقُرَنَاءِ! فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارَبُ، أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ؟ (108) وَقَدْ غُودِرَ (109) فِي مَحَلَّةِ الْأَمُوَاتِ رَهِيناً (110)، وَفِي ضِيقِ الْمَضْجَعِ وَحِيداً، قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ يقتل.">(111) جِلْدَتَهُ، وَأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ (112) جِدَّتَهُ، وَعَفَتِ (113) الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ، وَمَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ (114)، وَصَارَتِ الْأَجْسَادُ شَحِبَةً (115) بَعْدَ بَضَّتِهَا (116)، وَالْعِظَامُ نَخِرَةً (117) بَعْدَ قُوَّتِهَا، وَالْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا (118) مُوقِنَةً بَغَيْبِ أَنْبَائِهَا، لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا، وَلاَ تُسْتَعْتَبُ (119) مِنْ سَيِّىءِ زَلَلِهَا (120)!
أَوَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَالْآبَاءَ، وَإِخْوَانَهُمْ وَالْأَقْرِبَاءَ؟ تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ، وَتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ (121)، وَتَطَؤُونَ جَادَّتَهُمْ (122)؟! فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا، لاَهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا، سَالِكَةٌ في غَيْرِ مِضْمارِهَا! كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا (123)، وَكَأَنَّ الرُّشْدَ في إحْرَازِ دُنْيَاهَا.

التحذير من هول الصراط


وَاعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ (124) عَلَى الصِّراطِ وَمَزَالِقِ دَحْضِهِ (125)، وَأَهَاوِيلِ زَلَـلِهِ، وَتَارَاتِ أَهْوَالِهِ (126)؛ فَاتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ، وَأَنْصَبَ الخوْفُ بَدَنَهُ: أتعبه.">(127) الْخَوْفُ بَدَنَهُ، وَأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نومه؛ الغِرار بالكسر: القليل من النوم وغيره و «أسهره التهجد» أي: أزال قيامُ الليل نومَهُ القليل، فأذهبه بالمرة.">(128) نَوْمِهِ، وَأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ (129) يَوْمِهِ، وَظَلَفَ (130) الزُّهْدُ شَهَوَاتِه، وَأَوْجَفَ (131) الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ، وَقَدَّمَ الْخَوْفَ لِأَمَانِهِ، وَتَنَكَّبَ (132) الْمَخَالِجَ (133) عَنْ وَضَحِ (134) السَّبِيلِ، وَسَلَكَ أَقْصَدَ المَسَالِكَ (135) إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ؛ وَلَمْ تَفْتِلْهُ (136) فَاتِلاَتُ الْغُرُورِ، وَلَمْ تَعْمَ تَخْفَ عليه الأمورُ المشتبهة.">(137) عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الْأُمُورِ، ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى، وَرَاحَةِ النُّعْمَى سعة العيش ونعيمه.">(138)، في أَنْعَمِ نَوْمِهِ، وَآمَنِ يَوْمِهِ. قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ (139) حَمِيداً، وَقَدَّمَ زَادَ الْآجِلَةِ سَعِيداً، وَبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ خوفاً من لقاء الأهوال.">(140)، وَأَكْمَشَ (141) فِي مَهَلٍ، وَرَغِبَ فِي طَلَبٍ، وَذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ، وَرَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ، وَنَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ (142). فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَنَوَالاً، وَكَفى بَالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالاً! وَكَفَى بِاللهِ مُنْتَقِماً وَنَصِيراً! وَكَفَى بِالكِتَابِ حَجيجاً وَخَصِيماً (143)!
الوصية بالتقوى
أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ، وَاحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ، وَحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً، وَنَفَثَ فِي الْآذَانِ نَجِيّاً (144)، فَأَضَلَّ وَأَرْدَى، وَوَعَدَ فَمَنَّى كذباً.">(145)، وَزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ، وَهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائمِ، حَتَّى إِذَا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ (146)، وَاستَغْلَقَ رَهِينَتَهُ (147)، أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ (148)، وَاسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ، وَحَذَّرَ مَا أَمَّنَ.
ومنها في صفة خلق الانسان
أَمْ هذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ، وَشُغُفِ الْأَسْتَارِ (149)، نُطْفَةً دِهَاقاً (150)، وَعَلَقَةً مِحَاقاً (151)، وَجَنِيناً (152) وَرَاضِعاً، وَوَلِيداً وَيَافِعاً (153).
ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً، وَلِساناً لْافِظاً، وَبَصَراً لْاحِظاً، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً، وَيُقَصِّرَ مُزْدَجِراً؛ حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ، وَاسْتَوَى مِثالُهُ (154)، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً، وَخَبَطَ سَادِراً ضرب بيديه الأرض لا يَتَوَقّى شيئاً، والسادر: المتحيّر والذي لا يهم ولا يبالي ما صنع.">(155)، مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ (156)، كَادِحاً (157) سَعْياً لِدُنْيَاهُ، فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ، وَبَدَوَاتِ (158) أَرَبِهِ؛ لْايَحْتَسِبُ رَزِيَّةً (159)، وَلاَ يَخْشَعُ تَقِيَّةً الخوف من الله تعالى.">(160)؛ فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيراً (161)، وَعَاشَ فِي هَفْوَتِهِ (162) يَسِيراً، لَمْ يُفِدْ (163) عِوَضاً، وَلَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً.
دَهِمَتْهُ (164) فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِهِ (165)، وَسَنَنِ (166) مِرَاحِهِ، فَظَلَّ سَادِراً (167)، وَبَاتَ سَاهِراً فِي غَمَرَاتِ الْآلَامِ، وَطَوَارِقِ الْأَوْجَاعِ والْأَسْقَامِ، بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ، وَوَالِدٍ شَفِيقٍ، وَدَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً، وَلَادِمَةٍ (168) لِلصَّدْرِ قَلَقاً. وَالْمَرءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ، وَغَمْرَةٍ (169) كَارِثَةٍ، وَأَنَّةٍ (170) مُوجِعَةٍ، وَجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ (171) وَسَوْقَةٍ المريض: نفسه عند الموت سوقاً وسياقاً؛ وسيق ـ على المجهول ـ أسرع في نزع الروح.">(172) مُتْعِبَةٍ.
ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً يُبْلِسُ: يئس، فهو مُبْلِس.">(173)، وَجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً (174)، ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الْأَعَوادِ رَجِيعَ وَصِبٍ (175)، وَنِضْوَ (176) سَقَمَ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ (177) الْوِلْدَانِ، وَحَشَدَةُ (178) الْإِخْوَانِ، إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ، وَمُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ (179)؛ وَمُفْرَدِ وَحْشَتِهِ حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ، وَرَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً لِبَهْتَةِ (180) السُّؤَالِ، وَعَثْرَةِ (181) الْإِمْتِحَانِ.
وَأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُلُ الْحَمِيم (182)، وَتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ (183)، وَفَوْرَاتُ السَّعِيرِ، وَسَوْراتُ الزَّفِيرِ (184)، لاَ فَتْرَةٌ العذاب حتى يستريح المعذّب من الألم.">(185) مُرِيحَةٌ، وَلاَ دَعَةٌ (186) مُزِيحَةٌ، وَلاَ قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ، وَلاَ مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ (187)، وَلاَ سِنَةٌ (188) مُسَلِّيَةٌ، بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ العذاب، كأنها موت لشدّتها. وأطوار هذه الموتات: ألوانها، وأنواعها.">(189)، وَعَذَابِ السَّاعَاتِ! إِنَّا بِاللهِ عَائِذُونَ!
عِبَادَ اللهِ، أَيْنَ الَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا (190)، وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا، وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا، وَسُلِّمُوا فَنَسُوا؟ أُمْهِلُوا طَوِيلاً، وَمُنِحُوا جَميِلاً، وَحُذِّرُوا أَلِيماً، وَوُعِدُوا جَسِيماً!
احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ (191)، وَالْعُيُوبَ الْمُسْخِطَةَ.
أُولِي الْأَبْصَارِ وَ الْأَسْمَاعِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْمَتَاعِ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ (192) أَوْ خَلاَصٍ، أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ (193)! أَمْ لاَ؟ ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾(194)! أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ! أَمْ بِمَاذَا تَغْتَرُّونَ؟ وَإِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، قِيدُ قَدِّهِ القبر لانّه بمقدار قامة الانسان.">(195)، مُتَعَفِّراً (196) عَلى خَدِّهِ!
الْآنَ عِبَادَ اللهِ وَالْخِنَاقُ (197) مُهْمَلٌ، وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ، فِي فَيْنَةِ (198) الْإِرْشَادِ، وَرَاحَةِ الْأَجْسَادِ، وَبَاحَةِ الْأَحْتِشَادِ (199)، وَمَهَلِ الْبَقِيَّةِ، وَأُنُفِ الْمَشِيَّةِ (200)، وَإِنْظَارِ التَّوْبَةِ، وَانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ (201) قَبْلَ الضَّنْكِ (202) وَالْمَضِيقِ، وَالرَّوْعِ الخوف.">(203) وَالزُّهُوقِ (204)، وَقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ المُنتَظَرِ الموت.">(205)، وَإِخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ.
قال الشريف الرضي: في الخبر: أنّه عليه السلام لمّا خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود، وبكت العيون، ورجفت القلوب. ومن الناس من يسمي هذه الخطبة: «الغراء».

الهوامش

1- عَلاَ بحَوْلِه: عزّ وارتفع عن جميع ما سواه، لقوته المستعلية بسلطة الإيجاد على كل قوّة.
2- «دَنا بِطَوْلِهِ»: أي إنه مع علوّه سبحانه وارتفاعه في عظمته دنا وقَرُبَ من خلقه بطَوْله أي عطائه وإحسانه.
3- الأزْل ـ بالفتح ـ: الضيق والشدة.
4- سوابِغ النّعَم: كوامِلُها، من سَبَغَ الظلّ: إذا عمّ وشَمِلَ.
5- أوّلاً بادياً: أي سابقاً كلّ شيء من الوجود، ظاهراً بذَاتِهِ مُظْهراً لغيره.
6- إنهاء عُذْرِه: إبلاغه، والعذر هنا كناية عن الحجج العقلية والنقلية التي أقيمت ببعثة النبي.
7- النُّذُر ـ جمع نذير ـ: الأخبار الإلهية المنذرة بالعقاب على سوء الأعمال.
8- ضرَبَ الأمثال: جاء بها في الكلام لإيضاح الحجج، وتقريرها في الأذهان.
9- وَقّتَ الآجالَ: جعلها في أوقات محدودة لا متقدم عنها ولا متأخر.
10- الرّياش: ما ظهر من اللباس.
11- أرْفَغَ لكم المعاشَ: أي أوْسعَ، يقال: رَفَغَ عَيْشُهُ ـ بالضم ـ رَفَاغَةً، أي: اتّسعَ.
12- أحاطكم بالإحصاء: أي جعل إحصاء أعمالكم والعلم بها عملاً كالسّور لا تنفذون منه ولا تتعدّونه.
13- أرصد لكم الجزاءَ: أعدّه لكم فلا محيصَ عنه.
14- الرِّفَد: جمع رفْدة ـ كَكِسرة ـ وهي العطية.
15- الرّوَافِغ: الواسعة.
16- الحجج البَوَالِغ: الظاهرة البيّنة.
17- «وَظّفَ لكم مُدَداً»: أي قَدّرَ لكم، والمدد جمع مدّة، أي: عين لكم أزمنةً تَحْيَوْنَ فيها.
18- «في قرارِ خِبرة»: أي في دار ابتلاء واختبار، وهي دار الدنيا.
19- دَنِقٌ ـ كَفَرِح ـ: كَدِرٌ.
20- رَدِغٌ: كثير الطين والوحل. والمَشرَع: مَوْرِد الشاربة للشرب.
21- يُونِقُ: يُعْجِبُ.
22- يُوبِقُ: يهلك.
23- حائِل: اسم فاعل من «حال» إذا تحوّل وانتقل.
24- «وَضَوْءٌ آفِلٌ»: غائب لا يلبث أن يظهر حتى يغيب.
25- السِّنَاد ـ بالكسر ـ: ما يستند إليه، أودِعامة يُسْنَدُ بها السقف.
26- اطمأنّ ناكرُها؛ ناكرها: اسم فاعل من «نَكِر الشيءَ» من باب علم ـ أي جَهِله فأنكره.
27- قَمَصَ الفرس وغيره يقمص ـ من بابَي ضرب ونصر ـ قَمْصاً وقماصاً أي: استَنّ، وهو أن يرفع يَدَيْهِ ويطرحهما معاً.
28- «قَنَصَتْ بأحْبُلِها»: اصطادت بشباكها وحبالها.
29- أقْصَتْ: قَتَلَتْ مكانها من غير تأخير.
30- أعْلَقَتْ به: رَبَطَتْ بعُنُقِهِ.
31- أوْهاق المنِيّة: جمع وَهَق بالتحريك أوبفتح فسكون كما يقال نهرونهر، أي: حبال الموت.
32- ضَنْك المضْجَع: ضيق المَرْقَد، والمراد القبر.
33- مُعاينة المحَلِّ: مشاهدة مكانه من النعيم والجحيم.
34- ثواب العَمَل: جزاؤه الأعمّ من شقاء وسعادة.
35- الخلَفُ: المتأخرون. والسّلَف: المتقدمون. بِعَقْب ـ بباء الجر وسكون القاف ـ بمعنى بعد. وأصله جرى الفرس بعد جريه، يقال: لهذا الفرس عقب حسن.
36- «لا تُقْلعُ المَنِيّةُ اخْتِراماً»: أي لا تكفّ المنية عن اخترامها، أي استئصالها للأحياء.
37- «لا يرعوي الباقون»: أي لا يرجعون ولا يكُفّون.
38- الاجترام: افتعال من الجرم، أي اقتراف السيئات.
39- «يَحْتَذونَ مِثالاً»: أي يشاكلون بأعمالهم صور أعمال من سبقهم، ويقتدون بهم.
40- «يَمْضُون أرْسالاً»: جمع رَسَل ـ بالتحريك ـ وهو القطيع من الإبل والغنم والخيل.
41- صَيّور الأمر ـ كتنّور ـ: مصيره وما يؤول إليه.
42- «أزِفَ النّشُور»: قرب البعث.
43- الضرائح: جمع ضريح، وهو الشّقّ وسط القبر.
44- الأوْجِرة: جمع وِجار ـ ككتاب وسحاب ـ وهو الحُجْر.
45- مُهْطِعين: أي مسرعين إلى معاده، سبحانه، الذي وعد أن يعيدهم فيه.
46- «رَعيلاً صُموتا» ً؛ الرّعيل: القطعة من الخيل؛ شبههم في تلاحق بعضهم ببعض برعيل الخيل ـ أي الجملة القليلة منها ـ لأن الإسراع لا يدع أحداً منهم ينفرد عن الآخر.
47- «يَنْفُذُهُمُ البَصرُ»: يجاوزهم، أي: يأتي عليهم ويحيط بهم، والمراد لا يَعْزُبُ واحد منهم عن بصر الله.
48- لَبُوسُ الاسْتِكانةِ؛ اللّبُوس ـ بالفتح ـ: ما يلبس، والاستكانة: الخضوع.
49- ضرَعَ ـ بالتحريك ـ: الوَهْن، والضعف، والخشوع.
50- «هَوَتِ الأفْئِدَة»: خَلَتْ من المسرّة والأمل من النجاة.
51- كاظِمة: ساكنة، كاتمة لما يزعجها من الفزع.
52- مُهَيْنِمة: أي متخافية، والهيْنَمة الكلام الخفي.
53- ألْجَمَ العَرَقُ: كثر حتى امتلأت به الأفواه لغزارته فمنعها من النطق، وكان كاللّجام.
54- الشّفق ـ محركة ـ: الخوف.
55- أُرْعِدَت: عَرَتْها الرعدة.
56- زَبْرَة الدّاعي: صوته وصيحته، ولا يقال «زبرة» إلا إذا كان فيها زَجْر وانتهار، فانها واحدة الزبر أي الكلام الشديد.
57- فَصْل الخِطاب: بتّ الحكومة بين الله وبين عباده في الموقف.
58- «مُقايَضَة الجزاء» المقايضة: المعاوضة، أي: مبادلة الجزاء الخير بالخير والشر بالشر.
59- النكال: العذاب.
60- «مربوبون»: مملوكون. والاقتسار: الغَلَبَة والقهر.
61- أصل الاحتضار: حضور الملائكة لقبض الروح.
62- الأجداث: جمع جَدَث ـ بفتحتين ـ وهو القبر، واجْتَدَثَ الرجلُ: اتخذ جَدَثاً، ويقال: جَدفَ ـ بالفاء ـ. و «مُضَمّنُونَ الاجداثَ» مجعولون في ضِمْنِها.
63- الرّفات: الحُطام، ويقال رَفَتَهُ ـ كنصر وضرب ـ أي كسره ودَقّهُ أي: فتّه بيده كما يُفَت المَدَرُ والعظْمُ البالي.
64- مَدِينون: أي مَجْزِيّون، والدّين: الجزاء، قال تعالى: (مالك يومِ الدّين)
65- مُمَيّزُون حساباً: كلّ يحاسب على عمله منفصلاً عمن سواه: (ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَأُخرى)
66- المنهج: الطريقة الواضحة التي دلت عليها الشريعة المطهرة.
67- «وَعُمّرُوا مَهَلَ المُسْتَعْتِب»؛ المُسْتَعْتِب: المسترضي، أي: أُتوا من العمر مُهْلَة مَنْ ينالُ الرضى لو أحسن العمل.
68- سُدَفَ الرّيَب؛ السّدَف: جمع سَدْفة ـ بالفتح ـ وهي الظلمة؛ والرّيَب: جمع رِيبة وهي الشبهة وإبهام الأمر.
69- «خُلّوا لمضمار الجيِاد»؛ خُلّوا: تُرِكوا في مجال يتسابقون فيه إلى الخيرات. والجياد من الخيل: كرامها. والمضمار: المكان الذي تضمّرُ فيه الخيل، والمدة التي تضمر فيها أيضاً.
70- رَوِيّة الارْتِياد: إعمال الفكر في الأمر ليأتي على أسلم وجوهه، والارتياد هنا: طلب ما يراد.
71- وأناة المُقْتَبِس المُرْتاد؛ الإناة: الانتظار والتؤدة، والمقتبس: المرتاد، أي: الذي أخذ بيده مصباحاً ليرتاد في ضوئه شيئاً غاب عنه.
72- المضطَرب: مدّة الاضطراب. أي: الحركة في العمل.
73- صائبة: غير عادلة عن الصواب.
74- اقترف: كتسب، ومثله «قرف يقرف لعياله» أي: كسب يكسب، وفي التنزيل: (وَليَقْتَرِفُوا ما هم مُقْتَرِفُون)
75- وَجِلَ: خافَ.
76- بادر: سارع.
77- «عُبّرَ فاعْتَبَرَ؛ عُبّر» ـ مبني للمجهول مشدد الباء ـ: أي عرضت عليه العِبرُ مراراً كثيرة، فاعتبر، أي اتعظ.
78- ازدجر: أي امتنع عن الشيء وانتهى.
79- أناب الى الله: رجع إليه.
80- احتذى: شاكَلَ بين عمله وعمل مقتداه، أي: أحسنَ القُدْوَةَ.
81- أفاد الذخيرة: استفادها واقتناها وهو من الأضداد.
82- اسْتَظْهَرَ زاداً: حمل زاداً حمّله ظَهْرَ راحلته إلى الآخرة، والكلام تمثيل.
83- وَجْهُ السبيل: المقصد الذي يُرْكبُ السبيل لأجله.
84- تَنَجّزُ الوَعْدِ: طلب وفائه على عجل.
85- تعي ما عناها: تحفظ ما أهمّها.
86- تجلو: تكشف.
87- العَشَا: مقصور، مصدر من عَشِيَ فهو عَش إذا أبصر نهاراً ولم يبصر ليلاً.
88- الأشْلاء: جمع شِلْووهو العضو.
89- الأحْناء ـ جمع حِنْوبالكسر ـ وهو كل ما اعوجّ من البدن، ومُلاءمة الأعضاء لها: تناسبها معها.
90- الأرْفاق: جمع رِفّق ـ بالكسر ـ: المنفعة، أوما يستعان به عليها.
91- رائدة: طالبة.
92- مُجَلِّلات على صيغة اسم الفاعل: من «جلّله» بمعنى غطّاه، أي: غامرات نعمه. يقولون: سحاب مجلّلٌ، أي يطبق الأرض.
93- حواجز: موانع.
94- الخلاق: النصيب الوافر من الخير.
95- الخَنَاق: ـ بالفتح ـ: حبل يخنق به.
96- أرهقتهم: أعجلتهم.
97- شَذّبَهُمْ عنها: قَطّعَهُمْ وَمزّقهم من تشذيب الشجرة وهو تقشيرها.
98- تَخَرّمُ الأجل: استئصاله واقتطاعه.
99- لم يَمْهَدوا في سلامةِ الأبدان: أي لم يمهدوا لأنفسهم بإصلاحها.
100- أُنُف ـ بضمتين ـ يقال: أمر أُنُف، أي مُسْتأنَف لم يَسْبِقْ به قَدَرٌ.
101- البَضَاضَة: رخص الجلد ورقته وامتلاؤه.
102- الغَضَارَة: النعمة والسعة والخصب.
103- الزِّيال: مصدر زَايَلَهُ مُزايَلَةً وزِيالاً: أي فَارَقَهُ.
104- الازُوف: الدنوّ والقرب.
105- العَلَز: قلق وحفة وهلع يصيب المريض والمُحْتَضر.
106- المَضَض: بلوغ الحزن من القلب.
107- الجَرَض: الريق.
108- النّوَاحِب: جمع ناحبة، وهي الرافعة صوتها بالبكاء.
109- غُودِرَ: تُرِك وبقي.
110- رَهيناً: حَبِيساً.
111- «هَتَكَتِ الهَوَامّ جِلْدَتَه»: جذبت جلدته فقطعتها، والهوامّ: الحيّات وكل ذي سم يقتل.
112- النّواهِك: جمع ناهِكة وهي ما يُنْهِكُ البدنَ: أي يُبْليه.
113- عَفَت: دَرَسَتْ.
114- الحدَثانُ: مصدر يدل على الاضطراب بمعنى ما يحدث. والمعالم: جمع مَعْلَم، وهو ما يستدل به.
115- الشَّحِبَةُ ـ بفتح الشين ـ أي: الهالكة.
116- البَضّة ـ هنا ـ: الواحدة من البضّ وهو: مصدر بَضّ الماءُ إذا ترشّحَ قليلاً قليلاً، أي بعد امتلائها حتى كأن الماء يترشح منها.
117- نَخِرة: بالية.
118- الأعْباء: الأثقال، جمع عِبْء، أي: حِمْل.
119- ولا تُسْتَعْتَبُ ـ مبني للمفعول ـ: أي لا يُطْلَبُ منها تقديم العُتْبى، أي: التوبة عن العمل القبيح، أومبني للفاعل، أي لا يمكنها أن تطلب الرضى والإقالة من خطئها السيّىء.
120- زللها: خطئها، وأصله انزلاق القدم.
121- القِدّة ـ بكسر فتشديد ـ: الطريقة.
122- «تَطَأونَ جَادّتَهُم»: تسيرون على سبيلهم بلا انحرف عنهم في شيء.
123- «كأنّ المَعْني» ّ: أي المقصود بالتكاليف الشرعية.
124- مجازكم: مصدر ميمي من جاز يجوز، أي قطع المكان واجتازه.
125- مَزالِق دَحْضِه؛ الدّحْض: هو انقلاب الرِّجْل بغتةً فيسقط المارّ، والمزالق: مواضع الزّلل والانزلاق.
126- التارات: النّوَبُ والدّفَعَات.
127- أنْصَبَ الخوْفُ بَدَنَهُ: أتعبه.
128- أسْهَرَ التّهَجّدُ غِرارَ نومه؛ الغِرار بالكسر: القليل من النوم وغيره و «أسهره التهجد» أي: أزال قيامُ الليل نومَهُ القليل، فأذهبه بالمرة.
129- الهَواجر: جمع هاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر.
130- ظَلَفَ الزّهْدُ شَهَوَاتِه، أي: منعها.
131- «أوْجَفَ الذّكْرُ بِلسانه»: أي أسرع، كأن الذكر لشدة تحريكه اللسان مُوجِفٌ به كما تُوجِفُ الناقةُ براكبها.
132- تَنَكّبَ الشيءَ: مال عَنْه.
133- المخَالج: الأمور المختلجة الجاذبة.
134- الوَضَح ـ محركة ـ: الجادّة.
135- أقْصَد المسالك: أقْوَمُها.
136- لم تَفْتِلْه: لم تردّه ولم تَصرِفْه.
137- «لم تَعْمَ عليه»: من عمي يعمى، أي: لم تَخْفَ عليه الأمورُ المشتبهة.
138- النِعْمى ـ بالضم ـ: سعة العيش ونعيمه.
139- العاجِلة: الدنيا، وسميت مَعْبَراً لأنها طريق يُعْبَرُ منها إلى الآخرة، وهي الآجلة.
140- «بَادَرَ من وَجَل»: أي سبق إلى خير الأعمال خوفاً من لقاء الأهوال.
141- أكْمَشَ: أسرع، ومثله انكمش، وكَمّشْتُهُ تكميشاً: أعْجَلْتُهُ، والمراد جِدّ السير في مُهْلة الحياة.
142- القُدُم ـ بضمتين ـ: المضيّ إلى أمام، أي مضى متقدماً.
143- «حَجِيجاً وخصيما» ً: أي مُقْنِعاً لمن خالفه بأنه قد جلب الهلاكَ على نفسه.
144- النّجِيّ: من تحادثه سراً.
145- «وَعَدَ فَمَنّى»: أي صَوّر الأماني كذباً.
146- اسْتَدْرَج قرينَتَه؛ القرينة: النفس التي يقارنها الشيطان بالوسوسة. واستدرجها: أنزلها من درجة الرّشد إلى درجته من الضلالة.
147- اسْتَغْلَق رَهينتَه: جعله بحيث لا يمكن تخليصه.
148- «أنْكَرَ ما زَيّنَ»: تبرأ الشيطان ممن أغواه.
149- شُغُف الأسْتَار: جمع شَغاف ـ مثل سَحاب وسُحُب ـ وهو في الأصل غِلاف القلب، استعارة لِلْمَشِيمَةِ.
150- دِهَاقاً: متتابعاً «دهقها» صبّها بقوة. وقد تفسر الدّهاق باللممتلئة. أي: ممتلئة من جراثيم الحياة.
151- «عَلَقَةً مِحَاقا» ً: أي خَفِيَ فيها ومُحِقَ كلّ شكلٍ وصورة.
152- الجَنين: الولد بعد تصويره مادام في بطن أُمه.
153- اليافع: الغلام رَاهَقَ العشرين.
154- «استوى مثالُه»: أي بلغت قامته حدّ ما قُدّرَ لها من النماء.
155- «خَبَطَ سادِراً» خَبَطَ البعيرُ: إذا ضرب بيديه الأرض لا يَتَوَقّى شيئاً، والسادر: المتحيّر والذي لا يهم ولا يبالي ما صنع.
156- مَتَحَ الماءَ: نزعه وهو في أعلى البئر؛ والماتح: الذي ينزل البئر إذا قلّ ماؤها فيملا الدلو. والغَرْبُ: الدّلْوُ العظيمة.
157- الكَدْح: شدة السعي.
158- بَدَوَاتُ رَأيِهِ: جمع بَدْأة وهي ما بدا من الرأي، أي ذاهباً فيما يبدو له من رغائبه.
159- «لا يَحْتَسِبُ» رَزِيّة: أي لا يظنها، ولا يفكر في وقوعها.
160- لا يخشع من التّقِيّة: أي الخوف من الله تعالى.
161- غَريراً ـ برَائَيْنِ مهملتين ـ: أي مغروراً.
162- «عاش في هَفْوَته»: عاش في أخطائه وخطيئاته الناشئة عن الخطأ في تقدير العواقب.
163- لم يُفِدْ: أي لم يستفد ثواباً ولم يكتسب.
164- دَهِمته: غَشِيَتْهُ.
165- غُبّر جماحه: بقايا تَعَنّته على الحق.
166- السَّنن ـ بفتح السين ـ: الطريقة.
167- «ظلّ سادراً»: أي حائراً.
168- اللادِمة: الضاربة.
169- الغَمْرة: الشدة تحيط بالعقل والحواس، والكارثة: القاطعة للآمال.
170- الانّة ـ بفتح فتشديد ـ: الواحدة من الأنّ أي التوجّع.
171- «جَذْبَة مُكْرِبة»: أي جذبات الأنفاس عند الاحتضار.
172- السوقة من ساق المريض: نفسه عند الموت سوقاً وسياقاً؛ وسيق ـ على المجهول ـ أسرع في نزع الروح.
173- أبْلَس يُبْلِسُ: يئس، فهو مُبْلِس.
174- «سَلِساً»: أي سهلاً لعدم قدرته على الممانعة.
175- الرّجيع من الدواب: ما رجع به من سفر الى سفر فَكَلّ؛ والوَصَب: التعب.
176- نِضو ـ بكسر النون ـ: مهزول.
177- الحفدة ـ هنا ـ الأعوان.
178- الحشَدَة: المسارعون في التعاون.
179- مُنْقَطَع الزّوْرَة: حيث لا يُزَارُ.
180- بَهْتَةُ السؤال: حَيْرَتُهُ.
181- العثرة: السّقْطة.
182- الحمِيم ـ في الأصل ـ: الماء الحار.
183- التصلية: الإحراق. والمراد هنا دخول جهنم.
184- السّوْرة: الشدّة والزفير: صوت النار عند توقّدها.
185- الفَتْرة: السكون؛ أي لا يَفْتُرُ العذاب حتى يستريح المعذّب من الألم.
186- دَعَة: راحة؛ «مُزيحة»: تزيح ما أصابه من التعب.
187- ناجزة: حاضرة.
188- السِّنَة ـ بالكسر والتخفيف ـ: أوائل النوم.
189- «أطوار المَوْتات»: كلّ نَوْبة من نُوَب العذاب، كأنها موت لشدّتها. وأطوار هذه الموتات: ألوانها، وأنواعها.
190- «عُمّرُوا فَنَعِمُوا»: عاشوا فتنعموا.
191- المُوَرّطة: المُهلكة.
192- مَنَاص: ملجأ ومفرّ.
193- «مَحَار»: أي مرجع الى الدنيا بعد فراقها.
194- تُؤفَكُون: تُقْلَبُون، أي تنقلبون.
195- القِيد ـ بكسر القاف ـ: المقدار. والقيد ـ بكسر القاف وفتحها ـ: القامة، والمراد مضجعه من القبر لانّه بمقدار قامة الانسان.
196- متعفّراً: قد لازم العَفَر أي التراب.
197- الخناق: الحبل الذي يُخْنَقُ به، وإهماله: عدم شدّهِ على العنق مدى الحياة.
198- الفَيْنة ـ بالفتح ـ: الحال والساعة والوقت.
199- باحَةُ الدار: ساحتها.
200- أُنُف ـ بضمتين ـ: مستأنف. والمَشِيّة ـ بتسهيل الهمزة وتشديد الياء ـ: أي المشيئة والارادة.
201- الحَوْبة: الحاجة والأرَب؛ وانفساحها: سَعَتُها.
202- الضّنْك: الشدة.
203- الرّوْع: الخوف.
204- الزّهُوق: الاضمحلال.
205- الغائب المنتظر: الموت.



الفهرسة