الخطبة ٩٩: في التزهيد من الدنيا
مسير
خانه »
نهج البلاغه »
خطبه ها »
الخطبة ٩٩: في التزهيد من الدنيا
جستجو
شماره: 100
بازديدها: 1113
فهرست
ومن خطبة له عليه السلام في التزهيد من الدنيانَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ، وَنَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنا عَلَى مَا يَكُونُ، وَنَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ في الْأَدْيَانِ، كَمَا نَسَأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَبْدَانِ. أُوصِيكُمْ عِبادَ اللهِ بِالرَّفْضِ لِهذهِ الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ وَإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا، وَالْمُبْلِيَةِ لِأَجْسَامِكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا، فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهَا كَسَفْرٍ (1) سَلَكُوا سَبِيلاً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ، وَأَمُّوا (2) عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ، وَكَمْ عَسَى الْمُجْرِي إِلَى الْغَايَةِ (3) أَنْ يَجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا! وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لاَ يَعْدُوهُ، وَطَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ الْمَوتِ يَحْدُوهُ (4) وَمُزْعِجُ فِي الدُّنُيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا! فَلاَ تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وَفَخْرِهَا، وَلاَ تَعْجَبُوا بَزِينَتِهَا وَنَعِيمِهَا، وَلاَ تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَبُؤْسِهَا، فَإِنَّ عِزَّهَا وَفَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاع، وَزِينَتَهَا وَنَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ، وَضَرَّاءَهَا وَبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ (5) ، وَكُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ، وَكُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ. أَوَ لَيْسَ لَكُمْ في آثَارِ الْأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ (6) ، وَفِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ وَمُعْتَبَرٌ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ! أَوَ لَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لاَ يَرْجِعُونَ، وَإِلَى الْخَلَفِ الباقِينَ لاَ يَبْقَوْنَ! أوَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْيَا يُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى: فَمَيِّتٌ يُبْكَى، وَآخَرُ يُعَزَّى، وَصَرِيعٌ مُبْتَلًى، وَعَائِدٌ يَعُودُ، وَآخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ يجود »: من جاد بنفسه إذا قارب أن يقضي نحبه، كأنه يسخو بها ويُسْلمها إلى خالقها.">(7)، وَطَالِبٌ لِلدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَغَافِلٌ وَليْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ؛ وَعَلَى أَثَرِ الْمَاضِي مَا يَمْضِي الْبَاقِي! أَلاَ فَاذْكُرُوا هَاذِمَ اللَّذَّاتِ، وَمُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ ، وَقَاطِعَ الْأُمْنِيَاتِ، عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ (8) لِلْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ، وَاسْتَعِينُوا اللهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقِّهِ، وَمَا لاَ يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وَ إِحْسَانِهِ.
پاورقي ها
1- السّفْر ـ بفتح فسكون ـ: جماعة المسافرين.
3- المُجْري إلى الغاية: يريد الذي يجري فرسه إلى غاية معلومة، أي مقدار من الجَرْي يلزمه حتى يصل إلى غايته.
6- مُزْدَجَر: مصدر ميمي من ازْدَجَرَ، وَمعناه الارتداع والانزجار.
7- «بنفسه
يجود »: من جاد بنفسه إذا قارب أن يقضي نحبه، كأنه يسخو بها ويُسْلمها إلى خالقها.
8- المُسَاوَرَة: المُوَاثَبَة. كأنه يرى العمل القبيح ـ لبعده عن ملاءمة الطبع الإنساني بالفطرة الإلهية ـ ينفر من مُقْتَرِفه كما ينفر الوحش، فلا يصل إليه المغبون إلا بالوثبة عليه.