ومن كلامه عليه السلام كلّم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا: أن لا حكم إلاّ لله أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ (1)، وَلاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ الشريف الرضي ووجده أصح الوجوه.">(2)، أَبَعْدَ إِيمَاني بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِأَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ! لَقَدْ (ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)! فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ بضلالتكم في زعمكم.">(3)، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الْأَعْقَابِ (4)، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَأَثَرَةً (5) يَتَّخِذُهَا الظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً. قال الشريف: قوله عليه السلام: «ولا بقي منك آبر» يُروى على ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون كما ذكرناه: «آبِرٌ» بالراء، من قولهم للذي يأبر النخلـ أي: يصلحهـ ويروى: «آثِرٌ»، وهو الذي يأثر الحديث ويرويه، أي يحكيه، وهو أصح الوجوه عندي، كأنه عليه السلام قال: لا بقي منكم مُخبر! ويروى: «آبِز» ـ بالزاي معجمة ـ وهو: الواثب، والهالك أيضاً يقال له: آبزٌ.
پاورقي ها
1- الحاصِبُ: ريح شديدة تحمل التراب والحصى، والجملة دعاء عليهم بالهلاك.
2- الآثِر: الذي يأثر الحديث، أي يرويه ويحكيه. والمراد: لابقي منكم مخبر يروي أثراً. وهذا اللفظ «آثر» أقرب إلى السياق هنا من «آبر» و «آبز». وقد اختاره الشريف الرضي ووجده أصح الوجوه.
3- فأوبُوا شرّ مآب: انقلبوا شرّ منقلب بضلالتكم في زعمكم.
4- الاعقاب: جمع عقِب ـ بكسرالقاف ـ وهو مؤخر القدم.