محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وغيرهما، بأسانيد مختلفة، في احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام): على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء، وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): عليّ بعاصم بن زياد، فجيء به، فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول: (والأرض وضعها للأنام * فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام) (1)؟ ! أوليس يقول: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ـ إلى قوله ـ يخرج منها اللؤلؤ والمرجان) (2) فباالله، لا بتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عز وجل: (وأما بنعمة ربك فحدث) (3)، فقال عاصم: يا أمير المؤمنين، فعلام اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك، إن الله عز وجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره. فألقى عاصم العباء ولبس الملاء. وراوه الطبرسي في (مجمع البيان) مرسلاً (4)، وكذا الرضي في (نهج البلاغة)، نحوه (5).