محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبدالله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف، (وكف البطن) (1) والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر، والزنا، والربا، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وغير ذلك، والدلالة (2) على ذلك كله (أن يكون ساترا) (3) لجميع عيوبه، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس، ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن، وحفظ مواقتيهن بحضور جماعة من المسلمين، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة، فاذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فاذا سئل عنه في قبيله (4) ومحلته قالوا: ما رأينا منه إلا خيراً، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاه، فان ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين، وذلك أن الصلاة ستر وكفّارة للذنوب، وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي، ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح، لأن من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة (5) المسلمين، وقد كان فيهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك، وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عزّ وجلّ ومن رسوله (صلى الله عليه وآله) فيه الحرق في جوف بيته بالنار، وقد كان يقول (6): لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة.
المصادر
الفقيه 3: 24 | 65.
الهوامش
1- في التهذيب والاستبصار: والكف عن البطن (هامش المخطوط).
2- في التهذيب: والدال (هامش المخطوط).
3- في التهذيب: والساتر (هامش المخطوط).
4- في المصدر: قبيلته.
5- في نسخة: في جماعة (هامش المخطوط).
6- في المصدر زيادة: رسول الله (صلى الله عليه واله).
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن موسى، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن علي بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري، عن ابن أبي يعفور نحوه، إلا أنه أسقط قوله: فاذا كان كذلك لازما لمصلاه ـ إلى قوله: ـ ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع، وأسقط قوله: فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم بأن يحرق ـ إلى قوله ـ: بين المسلمين، وزاد: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا غيبة إلا لمن صلى في بيته، ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته، ووجب هجرانه، وإذا رفع إلى إمام المسلمين، أنذره وحذره، فان حضر جماعة المسلمين، وإلا أحرق عليه بيته، ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته، وثبتت عدالته بينهم.
وبإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن البينة إذا اقيمت على الحق، أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات، والمناكح، والذبايح، والشهادات، والأنساب، فاذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا، جازت شهادته، ولا يسأل عن باطنه.
ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى عن يونس، إلا أنه قال: يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم، وترك الأنساب، وذكر بدلها: المواريث. ورواه أيضا بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس (1). ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم (2).
وبإسناده عن عبدالله بن المغيرة، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبين، قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن سلمة، عن الحسن بن يوسف، عن عبدالله بن المغيرة نحوه (1). وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن سلمة مثله (2).
وبإسناده عن العلاء بن سيابة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن شهادة من يلعب بالحمام؟ قال: لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق.. الحديث. ورواه الشيخ كما يأتي (1).
وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس.. الحديث.
وعنه، عن هشام بن سالم، عن عمار بن مروان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في الرجل يشهد لابنه (1)، (والأبن لأبيه) (2)، والرجل لامرأته، فقال: لا بأس بذلك إذا كان خيراً.. الحديث.
وفي (الأمالي) عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمد بن زياد الأزدي ـ يعني: ابن أبي عمير ـ، عن إبراهيم بن زياد الكرخي، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا، وأجيزوا شهادته.
وعن أبيه، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، قال: قال الصادق (عليه السلام) ـ وقد قلت له: ـ يا ابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته ومن لا تقبل؟ فقال: يا علقمة، كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته، قال: فقلت له: تقبل شهادة مقترف بالذنوب؟ فقال: يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)، لأنهم المعصومون دون سائر الخلق، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله، داخل في ولاية الشيطان.
ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا، ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه فقد انقطعت العصمة بينهما، وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير، قال علقمة: فقلت للصادق (عليه السلام): إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الامور، وقد ضاقت بذلك صدورنا، فقال (عليه السلام): إن رضى الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله.. الحديث.
وفي (الخصال) عن أحمد بن إبراهيم بن بكر، عن زيد ابن محمد، عن عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت اخوته، وحرمت غيبته. ورواه في (عيون الأخبار) بأسانيد تقدمت في إسباغ الوضوء مثله (1).
وعن أبيه، عن علي بن موسى الكمنذاني، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ثلاث من كن فيه أوجبت له أربعا على الناس: من إذا حدثهم لم يكذبهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وإذا خالطهم لم يظلمهم: وجب أن يظهروا (1) في الناس عدالته، وتظهر فيهم مروءته، وأن تحرم عليهم غيبته، وأن تجب عليهم اخوته.
محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن حريز، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران، فقال: إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور اجيزت شهادتهم جميعا، واقيم الحد على الذي شهدوا عليه، إنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا، وعلى الوالي أن يجيز شهادتهم، إلا أن يكونوا معروفين بالفسق. وبإسناده عن الحسن بن محبوب مثله (1). ورواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد مثله (2).
وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، أن شهادة الأخ لأخيه تجوز إذا كان مرضيا ومعه شاهد آخر.
وبإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن علي بن عقبة، وذبيان بن حكيم الاودي، عن موسى بن أكيل، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أخيه عبد الكريم بن أبي يعفور، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كن مستورات من أهل البيوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطيعات للأزواج، تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم.
وبإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن السياري، عن عبدالله بن المغيرة، قال: قلت للرضا (عليه السلام): رجل طلق امرأته، وأشهد شاهدين ناصبيين، قال: كل من ولد على الفطرة، وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته. ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن المغيرة (1). ورواه الحميري في (قرب الأسناد) عن أحمد بن محمد، عن البزنطي، عن الرضا (عليه السلام) (2).
الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) في (تفسيره) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) (1) قال (2): ليكونوا من المسلمين منكم، فان الله إنما شرف المسلمين العدول بقبول شهادتهم، وجعل ذلك من الشرف العاجل لهم ومن ثواب دنياهم.
المصادر
تفسير الامام العسكري (عليه السلام) 276.
الهوامش
1- البقرة 2: 282.
2- في المصدر زيادة: قال: احراركم دون عبيدكم، فان الله قد شغل العبيد بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادات وعن ادائها.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله: (ممن ترضون من الشهداء) (1) قال: ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه فيما يشهد به وتحصيله وتمييزه، فما كل صالح مميزا، ولا محصلا، ولا كل محصل مميز صالح. وقد سبق في حديث سلمة بن كهيل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد لم يتب منه، أو معروف بشهادة الزور، أو ظنين. وتقدم ما يدل على ذلك هنا (2) وفي القضاء (3) وفي صلاة الجماعة (4)، ويأتي ما يدل عليه (5).
المصادر
تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 283.
الهوامش
1- البقرة 2: 282.
2- تقدم في الحديث 1 و 3 من الباب 23 وفي الباب 30 من هذه الابواب
3- تقدم في الباب 6 وفي الحديث 6 من الباب 14 وفي الحديث 2. من الباب 15 من ابواب كيفية الحكم.