الإمام الحسن عليه السلام المصلح الرسالي والدور المغيب
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » الإمام الحسن عليه السلام المصلح الرسالي والدور المغيب

 البحث  الرقم: 213  التاريخ: 1 ذو الحجّة 1429 هـ  المشاهدات: 7492
قائمة المحتويات

المقدمة

الإمام الحسن عليه السلام - المصلح الرسالي والدور المغيب
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
من الأمور التي لا يمكن التغافل عنها هي أن دور الإمام الحسن (عليه السلام) الرسالي مطابق ومكمل لدور أبيه الإمام علي (عليه السلام) وهو بدوره مكمل ومطابق لدور الإمام الحسين (عليه السلام) وكذا الأئمة جميعاً يقومون بهذا الدور الرسالي كلٌ حسب ظرفه والأمور التي تمر به.
وقد أشاد الرسول (صلى الله عليه وآله) بالإمام الحسن وقال: (ألا أخبركم بخير الناس عمّاً وعمّة: قالوا بلى يا رسول الله قال (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب. وقال أيضاً (صلى الله عليه وآله): ألا أن أباهما في الجنة، وأمهما في الجنة، وجدهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة (1).
إذن وبعد كل تلك المناقب والفضائل لم لا يكون الإمام الحسن (عليه السلام) هو الإمام المرشح لخلافة المسلمين بعد شهادة أبيه (عليه السلام).

مبايعته

وبالفعل فقد بايعه الناس في يوم الواحد والعشرين من شهر رمضان وهو يوم شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) سنة أربعين للهجرة.
وبايعه أهل البصرة والمدائن وأهل العراق كافة، وأهل الحجاز واليمن وفارس وجميع المهاجرين والأنصار وكل المسلمين في البلاد الإسلامية قاطبة ولم يتخلف عن البيعة إلا معاوية ومن معه.
أصبحت الكوفة العاصمة كما كانت في عهد أبيه علي (عليه السلام) وهي من أكبر الأمصار الإسلامية في تلك الفترة، حيث غلب على أهلها وساكنيها التشيع لأمير المؤمنين (عليه السلام) ومن بعده لأبنائه (عليهم السلام)، ولكن بسبب اختلاف الناس الذين توافدوا إلى الكوفة فقد ظهرت اتجاهات وأهواء مختلفة خاصة بسبب دسّ الدسائس وسيطرة الشهوات. وكان الخوارج وهم أشد خطراً ونكالاً من جميع الفئات وهم أداة الكوارث والنكبات وخاصة في خلافة الإمام الحسن (عليه السلام).
ويليهم الشكّاكون وهم طائفة من سكان الكوفة ورعاعها. والفئة الثالثة الحمراء وهم جماعة مسلحة يبلغ تعدادهم عشرون ألفاً من المهجنون من موالٍ وعبيد وأحلافهم وهم شرطة زياد، وكما ترى فان هذا هو وضع دولة الإمام الحسن (عليه السلام)، بالإضافة إلى كل هذا فهناك الحزب الأموي وطرفه الممتد إلى الكوفة. فعمرو بن حريث وعمار بن الوليد بن عقبة وحجر بن أبي موسى الأشعري هم الذين يشكلون هذا الحزب الأموي وقد كتبوا إلى معاوية بالسمع والطاعة سراً ووسوسوا لهُ بسهولة الأخذ بالإمام الحسن (عليه السلام) أو الفتك به، أما الوضع في الخارج فمعاوية الذي يعيث فساداً في الأرض.
ويوم عرف بمبايعة الناس للحسن (عليه السلام) هاج كالثور وجمع أعوانه وجلاوزته وتداول معهم في الأمر. فاستعمل كل قواه وتجاربه لتنظيم المعسكرات وتدبير شؤون الحرب من جانب، وشراء ضمائر المجتمع المنافق الذي شكّل ناصية التمهيد لغايته في الزعامة والتسلط.

الإمام الحسن في كنف الرسول (صلى الله عليه وآله)

عندما سمع الرسول (صلى الله عليه وآله) بنبأ ولادة الزهراء (عليها السلام) لمولودها أسرع إلى بيت ابنته ليهنئها بمولودها الجديد ويبارك به لأخيه أمير المؤمنين ولما وصل (صلى الله عليه وآله) إلى مثوى الإمام نادى: يا أسماء هاتي ابني.
وقام (صلى الله عليه وآله) فسرأه، وألباه بريقه، وضمه إلى صدره ورفع يديه بالدعاء له. وبعدها أذّن له في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، همسة رائعة همس بها خير بني آدم في أذن وليده، ليستقبل عالم الوجود باسمى ما فيه، فأي بداية منح بها الإنسان أفضل من هذه البداية التي منح به السبط الأكبر؟
وبعدها التفت (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: هل سميت الوليد المبارك؟
فأجابه الإمام: ما كنت لأسبقك يا رسول الله.
وانطلق النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: (ما كنت لأسبق ربي).
وما هي إلا لحظات وإذا بالوحي يناجي الرسول ويحمل له (التسمية) من الحق تعالى يقول له جبرئيل: (سِّمه حسناً) (2).
وكنّاه النبي (صلى الله عليه وآله) (أبا محمد) ولا كنية له غيرها. وقد حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمره الشريف أربع سنين الشيء الكثير من الأحاديث منها أنه قال (عليه السلام): علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلمات أقولهن في الوتر: (اللهم، اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت فأنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت) (3).
وروى ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) وقد حمل الحسن على رقبته فلقيه رجل فقال نعم المركب ركبت يا غلام، فقال الرسول (صلى الله عليه وآله) ونعم الراكب هو) (4).
وقال (صلى الله عليه وآله): من سرّه أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن) (5).
وفي رواية أخرى يتبين لنا مدى حب الرسول للإمام الحسن والحسين (عليهما السلام) أنه ذات مرة اعتلى الرسول (صلى الله عليه وآله) أعواد المنبر يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران، وهما يمشيان ويعثران فنزل (صلى الله عليه وآله) عن المنبر فحملهما، ووضعهما بين يديه وقال: صدق الله إذ يقول: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما) (6).
قطع الإمام الحسن (عليه السلام) شوطاً من طفولته مع جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى توسعت مداركه وتمت ملكاته وهو ناعم البال قرير العين يرى من جده (صلى الله عليه وآله) الحنان والعطف ومن الصحابة التعظيم والتكريم ولكن هذا الأمر لم يدم، فقد توفي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ولكن قبل وفاته توّج حياته الكريمة بإعطاء الخلافة إلى الإمام علي (عليه السلام) في غدير خم... وقد أثّر هذا الهول العظيم (وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) والحادث الجلل على قلب الإمام الحسن (عليه السلام) وهو في سنّه المبكر فذبلت منه نضارته وروعته فقد رأى من يفيض عليه من رقيق حنانه يوارى الثرى، ورأى والديه وقد أضناهما الذهول وأحاط بهما الأسى على فقد الرجل العظيم فترك ذلك في نفسه شديد الألم ولاذع الحزن. وقد كان عمر الإمام الحسن (عليه السلام) سبع سنوات.

بلاغة الإمام الحسن (عليه السلام)

وجّه الإمام علي (عليه السلام) إلى الحسن أسئلة تتعلق بأصول الأخلاق والفضائل، فأجابه الحسن (عليه السلام) بما هو عفو البداهة والخاطر فكأن الجواب آية من آيات البلاغة والأعجاز:
ـ الإمام علي: يا بني ما السداد؟
ـ الحسن: يا أبتِ السداد دفع المنكر بالمعروف.
ـ ما الشرف؟
ـ اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.
ـ ما المروءة.
ـ العفاف وإصلاح المرء ماله.
ـ ما الدنيئة.
ـ النظر في اليسير ومنع الحقير.
ـ ما السماحة؟
ـ البذل في العسر واليسر.
ـ ما الشُّح؟
ـ أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً (7).
وهكذا وغير هذه من الأسئلة حتى أن النفس لتقف حائرة أمام هذا الاسترسال العجيب من الإمام الحسن وعدم تكلفه في الجواب.
قال جابر سمعت الحسن (عليه السلام) يقول: مكارم الأخلاق عشرة صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والتذمم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى الضيف ورأسهن الحياء (8).
وجاء شخص إليه فقال: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحسن الناس:
ـ من أشرك الناس في عيشه.
ـ من أشر الناس؟
ـ من لا يعيش في عيشه أحد (9).

الهوامش

1 ـ كشف الغمة ص 147 ـ 148.
2 ـ تاريخ الخميس: ج1 ص470.
3 ـ صحيح الترمذي 1/93. مستدرك الحاكم 3/ 172. تاريخ ابن عساكر 4/20.
4 ـ الصواعق: ص82، حلية الأولياء.
5 ـ فضائل الأصحاب: ص165، والنهاية 8/ 35.
6 ـ صحيح الترمذي 2/ 306. صحيح النسائي 1/ 309.
7 ـ حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، باقر شريف القرشي، مؤسسة الوفاء - بيروت لبنان ج1 ص310-314)
8 ـ تاريخ اليعقوبي 2/201.
9 ـ المصدر نفسه 2/ 202.

الروابط
المقالات: الإمام الحسن (عليه السلام) يجني ثمار الصلح،
صلح الإمام الحسن (عليه السلام) بنود اللاعنف والسلام،
صلح الإمام الحسن (عليه السلام)،
حرص الإمام الحسن (عليه السلام) على مصلحة الإسلام،
إستراتيجية الصلح عند الإمام الحسن (عليه السلام)،
صُلح الإمام الحسن (عليه السلام) *،
...
الأشخاص: الشيخ محمد العبيدان القطيفي [المراسل]
مواقع الإنترنيت: الموقع العالمي للدراسات الشيعية
مفاتيح البحث: اقوال النبي في الحسن والحسين،
معاوية بن أبي سفيان،
الخوارج،
هدنة الامام الحسن،
الكوفة،
النبي محمّد (صلى الله عليه وآله)،
...
المواضيع: تاريخ أهل البيت،
مكارم الأخلاق

الفهرسة