محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى وابن أبي عمير جميعا، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): إن دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد، إن دم الاستحاضة (1) بارد، وإن دم الحيض حار.
وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم، فلا تدري حيض (1) هو أو غيره؟ قال: فقال لها: إن دم الحيض حار عبيط (2) أسود، له دفع وحرارة، ودم الاستحاضة أصفر بارد، فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة، قال: فخرجت وهي تقول: والله أن لو كان امرأة ما زاد على هذا. ورواهما الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، مثله (3).
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة منا أن أدخلها على أبي عبدالله (عليه السلام)، فاستأذنت لها، فأذن لها، فدخلت ـ إلى أن قال ـ فقالت له: ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال: إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت (1) بيوم واحد، ثم هي مستحاضة، قالت: فإن الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين، قالت له: إن أيام حيضها تختلف عليها، وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة، ويتأخر مثل ذلك فما علمها (2) به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حار تجد له حرقة، ودم الاستحاضة دم فاسد بارد، قال: فالتفتت إلى مولاتها فقالت: أتراه كان امرأة مرة؟!. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد (3). ورواه ابن إدريس في (السرائر) (4) نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، إلا أنه قال: أترينه كان امرأة؟!.
المصادر
الكافي 3: 91 | 3.
الهوامش
1- الاستظهار: طلب الاحتياط بالشيء، ومنه: تستظهر الحائض (مجمع البحرين 3: 392).
وعن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد سألوا أبا عبدالله (عليه السلام) عن الحائض والسنة في وقته؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سن في الحائض ثلاث سنن ـ إلى أن قال ـ وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة (ثم اختلط) (1) عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر فإن سنتها غير ذلك، وذلك أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: إني أستحاض ولا أطهر؟ فقال لها النبي (صلى الله عليه واله): ليس ذلك بحيض، إنما هو عرق (2)، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي، وكانت تغتسل في (وقت كل صلاة) (3)، وكانت تجلس في مركن (4) لأختها، فكانت صفرة الدم تعلو الماء، قال أبو عبدالله (عليه السلام): أما تسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر هذه بغير ما أمر به تلك؟ الا تراه لم يقل لها دعي الصلاة أيام أقرائك (5)، ولكن قال لها: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي؟! فهذا بين (6) أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها، لم تعرف عددها ولا وقتها، الا تسمعها تقول: إني أستحاض ولا أطهر؟! وكان أبي يقول: إنها استحيضت سبع سنين، ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط، فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره، وتغير لونه من السواد إلى غيره، وذلك أن دم الحيض أسود يعرف، ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم، لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض ـ إذا عرفت ـ حيضا كله أن كان الدم أسود أو غير ذلك، فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيرة أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة، فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه، ثم تدع الصلاة على قدر ذلك، ولا أرى النبي (صلى الله عليه وآله) قال لها: اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة، كما لم يأمر الأولى بذلك، وكذلك أبي (عليه السلام) أفتى في مثل هذا، ـ وذاك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي (عليه السلام) عن ذلك فقال: إذا رأيت الدم البحراني (7) فدعي الصلاة، وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلي، قال أبو عبدالله (عليه السلام): وأرى جواب أبي (عليه السلام) ههنا غير جوابه في المستحاضة الأولى، الا (ترى أنه) (8) قال: تدع الصلاة أيام أقرائها؟! لأنه نظر إلى عدد الأيام، وقال ههنا: إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة؟ فأمرها هنا (9) أن تنظر إلى الدم إذا أقبل وأدبر وتغير، وقوله: البحراني، شبه معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): إن دم الحيض أسود (10) يعرف، وإنما سماه أبي بحرانيا (11) لكثرته ولونه، فهذه سنة النبي (صلى الله عليه وآله) في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها، وإنما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيره ـ إلى أن قال ـ إن اختلطت الأيام عليها وتقدّمت وتأخرت وتغير عليها الدم ألواناً فسنتها إقبال الدم وإدباره وتغيّر حالاته، الحديث. ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم (12).
المصادر
الكافي 3: 83 | 1، وأورد صدره في الحديث 1 من الباب 5، وذيله في الحديث 2 من الباب 7 والحديث 3 من الباب 8 من أبواب الحيض.
4- المركن: الاجانة التي تغسل فيها الثياب. (مجمع البحرين 6: 257).
5- القرء: غد أهل الحجاز: الطهر وعند أهل العراق الحيض. قيل: وكل أصاب لأن القرء خروج من شيء إلى شيء فخرجت المرأة من الحيض إلى الطهر ومن الطهر إلى الحيض. (مجمع البحرين 1: 338).
6- في نسخة: يبين. (هامش المخطوط).
7- الدم البحراني: نسبه إلى بحر الرحم وهذا من بعيدات النسب (المغرب) هامش المخطوط.
8- في التهذيب: تراه (هامش المخطوط).
9- في الهامش عن التهذيب: فامرّ هيهنا.
10- ليس في التهذيب (منه قدّه).
11- ورد في هامش المخطوط ما نصه: هذا يدل على أن البحراني منسوب الى البحر لا إلى بحر الرحم كما قيل (منه قدّه).