محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ إن شابا قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا: ما ترك مالا، فقدمتهم إلى شريح، فاستحلفهم، وقد علمت أن أبي خرج ومعه مال كثير، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله لاحكمن بينهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي (عليه السلام)، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم، فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة، ثم نظر إلى وجوههم فقال: ماذا تقولون؟ تقولون: إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟! إني إذا لجاهل، ثم قال: فرقوهم وغطوا رؤوسهم، قال: ففرق بينهم، واُقيم كل رجل منهم إلى اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه، فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) في مجلس القضاء، وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا أنا كبرت فكبروا، ثم قال للناس: اخرجوا، ثم دعا بواحد منهم، فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، ثم قال لعبيد الله: اكتب إقراره وما يقول، ثم أقبل عليه بالسؤال، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): في أي يوم خرجتم من منازلكم، وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل: في يوم كذا وكذا، فقال: وفي أي شهر؟ فقال: في شهر كذا وكذا، قال: في أي سنة؟ فقال: في سنة كذا وكذا، فقال: وإلى اين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى؟ قال: إلى موضع كذا وكذا، قال: وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما كان مرضه؟ قال: كذا وكذا قال: وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا، قال: ففي أي يوم مات؟ ومن غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد، كبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكبر الناس جميعا، فارتاب اولئك الباقون، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثم دعا باخر فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، وقال: كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم؟! فقال: يا أمير المؤمنين، ما أنا إلا واحد من القوم، ولقد كنت كارها لقتله فأقرّ، ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا، فألزمهم المال والدم، ثم ذكر حكم داود (عليه السلام) بمثل ذلك ـ إلى أن قال: ـ ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال أبي الفتى كم كان، فأخذ علي (عليه السلام) خاتمه وجمع خواتيم من عنده، قال: أجيلوا هذه السهام، فأيكم أخرج خاتمي، فهو صادق في دعواه، لأنه سهم الله عزّ وجلّ، وهو لا يخيب.
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن إسحاق بن إبراهيم الكندي، عن خالد النوفلي، عن الأصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) نحوه، إلا أنه قال: فقلت: جعلت فداك، كيف تأخدهم بالمال إن ادعى الغلام أن أباه خلف مائة ألف أو أقل أو أكثر؟ وقال القوم: لا، بل عشرة آلاف أو أقل أو أكثر؟ فلهولاء قول، ولهذا قول، قال: فاني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقاها في مكان واحد، ثم أقول: أجيلوا هذه السهام، فأيكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه، لأنه سهم الله وسهم الله لا يخيب. ورواه الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) نحوه (1). ورواه المفيد في (إرشاده) مرسلا نحوه (2). ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم (3).